ابراهيم عطار باشي ..من رجالات الحركة الوطنية في الموصل
أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
لااعرف الاسباب التي منعت المؤرخين من الكتابة عن هذا الرجل الرائد ،الذي كان له دور كبير في حركة النهوض الوطني والقومي ، التي شهدها العراق قبيل الحرب العالمية الاولى وبعدها . ولاانكر بان الكثير من الباحثين ، قد اشاروا الى دوره- باقتضاب -ومروا بما انجزه مرور الكرام .. ولا اعفي نفسي، فلقد كتبت عن رجالات الحركة الوطنية الموصلية وحفزت طلابي للاهتمام بهم لكني لم اكتب عن ( ابراهيم احمد جلبي عطار باشي) .
المهم ان اسم ( ابراهيم جلبي عطار باشي) قفز الى ذهني وانا اقلب ( قائمة) اعطاني اياها المرحوم الدكتور محمد صديق الجليلي قبل وفاته وفيها يدون تواريخ وفيات بعض الشخصيات الموصلية والغريب ان اسم ابراهيم جلبي عطار باشي يتصدر القائمة واقرأ فيها انه توفي رحمه الله يوم 9 شباط سنة 1963 عن عمر يناهز ال (86) عاما .
ولد في الموصل سنة 1294 هـ (1877م) ودرس العلوم الدينية والعربية ، لكنه
انصرف نحو التجارة والعمل التجاري . وعند اعلان الحرب العالمية الاولى سنة 1914 ودخول الدولة العثمانية فيها الى جانب المانيا وحليفاتها انغمر في السياسة ، واصبح من ابرز المشتغلين فيها وانتسب الى جمعية العلم السرية (1914 ـ 1919) وكان من اعضاء هيئتها الادارية واسمه الحركي ( عدنان) .
في سنة 1998 تسلمت من الاخ الصديق ( الطبيب) الدكتور باسل سليمان فيضي من لندن مذكرات والده سليمان فيضي (الموسعة) . وسليمان فيضي محام موصلي عمل في السياسة الى جانب طالب باشا النقيب ، نقيب اشراف البصرة والمناؤيء للعثمانيين واحد الذين طالبوا بعرش العراق فيما بعد . وقد وجدت صفحات تلك المذكرات ، التي نشر جزءا منها سنة 1952 بعنوان ((في غمرة النضال)) ، ان فيضي يتحدث عن ابراهيم جلبي عطار باشي في صفحات متعددة ، وقال انه عندما جاء الى الموصل سنة 1913 ، لتوحيد النشاط الوطني بين الموصل وبغداد والبصرة وجد بان ابراهيم عطار باشي وسعيد الحاج ثابت هما ابرز المشتغلين بالحركة القومية لذلك اعتمد عليهما في ((تبليغ التعليمات الى المنتسبين للجمعية التي اسسها فيضي ، وفي نقل المطبوعات السرية اليهم ، وفي تهيئته اجتماعات سرية بيني وبينهم في اماكن خفية وفي اقناع الجمهور بوجهة نطرنا)) وعندما علم الوالي في اماكن خفية بهذا النشاط امر باعتقال ابراهيم عطار باشي وسعيد الحاج ثابت لكن احد وجهاء الموصل وهو محمد باشا الصابونجي توسط لدى الوالي وقال بان علاقتهما بسليمان فيضي ليست ذات طابع سياسي وانما هي محض صداقة . وفي كتاب فيضي رسالة من ابراهيم عطار باشي الى سليمان فيضي مؤرخة في 24 ايار سنة 1939 تتضمن معلومات عن هذه الاحداث ، وتكشف عن عقلية ابراهيم عطار باشي الواسعة واخلاصه وعمله من اجل وطنه وامته في تلك الايام الحائكة . عند مطالبة الاتراك بالموصل في العشرينات من القرن الماضي والمعروفة ب( مشكلة الموصل) كان ابراهيم عطارباشي من العاملين البارزين الذين اكدوا ارتباط الموصل بالعراق ، وقد اسسوا حزب الاستقلال الوطني في الموصل في الاول من ايلول 1924 ، وكان ابراهيم عطار باشي من هؤلاء الوطنين . اسهم في تشكيل الدولة العراقية وترسيخ اسسها وقد تبرع بالمال مرات عديدة دعما لمؤسساتها التعليمية والخيرية ولعل من ابرز مآثره بناءه جامع في مصيف صلاح الدين باربيل .
كما انتخب نائبا عن الموصل في البرلمان مرتين الاولى في سنة 1930 والثانية سنة 1941 . وقد شارك في ثورة 1941 التحررية وبعد إخفاقها هرب الى تركيا لكن السفارة البريطانية هناك علمت بذلك وبحثت عنه لاعتقاله فاضطر الى الاختفاء خوفا من ان يقبض عليه ويقدم الى المحاكمة ويعدم شأنه شأن عدد من الذين اسهموا في تلك الثورة كالشهيد محمد يونس السبعاوي والشهيد صلاح الدين الصباغ .
كان ابراهيم عطار باشي على صلة وثيقة بمجموعة من رجالات الموصل الذين بذلوا جهودا عظيمة من اجل وطنهم وامتهم فاستحقوا منا الاحترام والتقدير منهم على سبيل المثال : داؤد الملاح آل زيادة ، ومحمد حبيب العبيدي ، والدكتور داؤود الجلبي ، وسعيد الحاج ثابت ، وعلي جودت الايوبي ، وعبد الله الدليمي ، وسليمان فيضي ، ومحمد علي فاضل آل حافظ رحمهم الله جميعا وجزاهم خيرا .
*الرجاء زيارة(( مدونة الدكتور ابراهيم العلاف))، ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/02/1908-1995.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق