المؤرخ الاستاذ عبد المنعم الغلامي 1904- 1967
أ .د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
حظيت مدينة الموصل، مطلع القرن العشرين، بطليعة طيبة من الرجال الذين وضعوا الوطن والامة فوق كل اعتبار من اعتبارات الحياة ، وقد عرف هؤلاء بجهادهم السياسي والثقافي من خلال سعيهم للتخلص من النفوذ الاستعماري ، وتأكيد حق العراق في الاستقلال الناجز وتكوين دولته الوطنية القوية . ولعل من أبرز اولئك الرجال ( عبد المنعم الغلامي ) ، الذي ينتمي الى اسرة السادة الغلامية التغلبية الموصلية ، وهي اسرة معروفة بالعلم والادب . وقد ظهر منها شعراء ومؤرخون منهم الشيخ محمد بن مصطفى الغلامي (ت 1772 ) صاحب كتاب ( شمامة العنبر والزهر المعنبر ) والذي يترجم لخمسين شاعراً وادبياً من رجال القرن الثامن عشر ، اربعين منهم من اهل الموصل ، فمن هو عبد المنعم الغلامي ؟ ولد سنة 1904 في الموصل ، واكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والاعدادية فيها . دخل دار المعلمين خلال العام الدراسي 1915ـ 1916 وبعد تخرجه منها عمل في مهنة التعليم حتى تقاعد سنة 1958 . وكانت ( مدرسة النجاح ) أول مدرسة مارس التعليم فيها ثم نقل الى المدرسة العراقية . وفي 15 ايلول 1924 ، تزوج من السيدة بتول بنت السيد قاسم اغا العريبي الاعرجي الحسيني ، وقد توفيت بعد سنوات قليلة وعمرها لم يكن يتجاوز الـ ( 38 ) سنة ، كما توفي ابنه وائل وهو في عمر الشباب وقد ترك هذان الحدثان اثرهما على الغلامي ، اذ لم تبق له سوى ابنته ( وائلة ) ، فانصرف الى البحث والتأليف والكتابة في الصحف والمجلات ، الموصلية والبغدادية ، وكان لأسرته ، وخاصة أخاه محمد رؤوف الغلامي دور كبير في توجهه نحو العمل السياسي الوطني
والقومي ، فاسهم مع اخيه وعدد من رفاقه في تأسيس جمعيتي العلم والعهد العراقي فرع الموصل واللتين قامتا بدور سياسي خلال الاحتلالين العثماني والبريطاني . تولى عبد المنعم الغلامي إدارة مكتبة الخضراء في نيسان 1922 وتعود ملكية هذه المكتبة الى الحاج ابراهيم العزو وتقع في شارع نينوى وعند مكان قريب من محلة السراجخانة . وكانت هذه المكتبة بمثابة واجهة للعمل السياسي ، حيث ان مؤسسيها ، ومنهم محمد رؤوف الغلامي ، حرصوا على ان تضم امهات الكتب والنشريات التي تروج للفكرة القومية العربية وتعمل على نشرها بين الشباب آنذاك 0 وبالفعل فقد قامت منذ تأسيسها في 4 من كانون الثاني 1919 بتوفير الكتب والمجلات والصحف وذلك من اماكن كثيرة ، لذلك شددت سلطات الاحتلال الرقابة عليها وطلبت من ادارتها تقديم قائمة بما يصل اليها من كتب الى ( ناظر المعارف ) الكابتن فارل لاستحصال موافقته على بيعها 0 وقد ظلت المكتبة تمارس دورها حتى سنة 1946 ففي العدد (408) من جريدة نصير الحق الصادرة في 24 حزيران 1946 نشرت مقالة بعنوان ( مكتبة الخضراء واهدافها ) جاء فيها ان المكتبة ، مكتبة علم وادب وفضيلة . وكان لعبد المنعم الغلامي اسهام في تأسيس مدرسة اهلية بأسم ( دار النجاح مع مجموعة طيبة من المربين منهم : محمد سعيد الجليلي ، وعبد المجيد شوقي البكري ) وقد افتتحت في 10 شوال 1337 ( 1921م ) وذلك في بناية مدرسة آل الخياط الدينية الواقعة في محلة الامام ابراهيم ثم انتقلت الى بناية اوسع تعود ملكيتها الى مصطفى الصابونجي في محلة باب النبي جرجيس وقد اتجهت المدرسة اتجاهاً وطنياً اقلق السلطة البريطانية المحتلة التي قامت بالحاق المدرسة بمديرية المعارف ( التربية ) . ولم يهدأ للوطنيين بال ، اذ انهم سارعوا الى تأسيس تنظيمات ثقافية كمواجهة للعمل السياسي ، ومن هذه التنظيمات ( مقهى الحمراء المؤسس في 29 حزيران 1921 ) ، والنادي الادبي الذي قام بحملة لمحو الامية واول صف فتحه لهذا الغرض كان في يوم 2 كانون الاول 1921 0 انضم الى حزب الاحرار / فرع الموصل وعمل في صحافته كاتباً ومحرراً . ألف عبد المنعم الغلامي كثيراً من الكتب التي تتناول تاريخ الموصل المعاصر ، ومن اوائل كتبه : ( السوانح في الاحداث الوطنية ) الذي اصدره سنة 1932 ، وهو يضم بعض المقالات عن الحركة القومية العربية في الموصل قبيل الحرب العالمية الاولى وبعدها ، اما كتابه الثاني فهو ( اسرار الكفاح الوطني في الموصل 1908ـ 1925 ) بعدة اجزاء صدر الجزء الاول منه ببغداد سنة 1958 . وله كتب اخرى منها ( ثورتنا في شمال العراق ) و ( خروج العرب من الاندلس ) و ( بقايا الفرق الباطنية في لواء الموصل ) و ( الضحايا الثلاث ) و ( جغرافية جزيرة العرب ) و ( الانتساب والاسر ) وله كتب غير منشورة منها : ( التآمر على وحدة العراق ما بين 1918ـ 1933 ) ، و ( معارف الموصل في زمن الاحتلال وما بعده ) ، و ( تراجم معاصرة ) . هذا فضلاً عن مئات المقالات التي نشرها في صحف ومجلات الموصل وبغداد . كان عبد المنعم الغلامي في مقدمة الذين عملوا في النشاط السياسي الوطني والقومي في الموصل منذ اواخر العهد العثماني وقد انعكس توجهه هذا في كتاباته وقد حرص على توثيق الاحداث والعمل على احكام الربط بينها وبين الاشخاص الذين قاموا بدور مهم في صنع الاحداث ، وكثيراً ما كان ( يتجاوب مع الحوادث ، ويتبادل مع عقول العاملين فيها بفكر عربي اسلامي ) على حد قول الاستاذ المرحوم ( معن العجيلي ) : وكان من أبرز ما اكد عليه كتاباته قدرة هذه المدينة : الموصل على مواجهة المحن والنكبات ، والمخاطر التي تعرضت اليها وآخرها محنة الموصل اثر فشل ثورتها في آذار 1959 ضد حكم عبد الكريم قاسم ، وكذلك فان كتاباته اصطبغت بالصبغة الوطنية والقومية ، وكان كثيراً ما يلجأ الى النشر باسم مستعار ، خوفاً من الملاحقة ، ومن الاسماء التي استعارها ( مؤرخ ) في جريدة صدى الاحرار و( موصلي ملاحظ ) في جريدة المزمار و( تغلبي ) في جريدة العراق و( ابو وائل ) في جريدة نصير الحق و( مكاتبكم ) في جريدة البلاد ، و( الخميس ) في جريدة الاستقلال و( الحافظ ) في صحف جمعية الهداية الاسلامية . ومن المجلات التي نشر فيها ( مجلة الميثاق ) البغدادية ومجلة ( المجلة ) الموصلية ومجلة ( المعرفة ) البغدادية . اننا نعتقد ، بان عبد المنعم الغلامي ونشاطه التربوي والسياسي والثقافي يستحق اهتمام الباحثين والمؤرخين . توفي في 23 تشرين الثاني سنة 1967 رحمه الله وجزاه خيراً عن كل ما عمله.
السلام عليكم على كل من لدية وثيقة او معرفة بعائلة ( ال قلقلو) نشرها وايضاحها مع التقدير
ردحذفعنوان الكتاب: الأنساب والأسر .
ردحذفالمؤلف: الأستاذ عبد المنعم الغلامي التغلبي .
هل يتوفر هذا الكتاب pdf