السبت، 6 مارس 2010

احمد سامي الجلبي يؤرخ لجريدة فتى العراق



احمد سامي الجلبي يؤرخ لجريدة فتى العراق
أ.د. إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

في كل عيد للصحافة العراقية .. وفي كل عيد للصحافة الموصلية .. كان شيخ الصحفيين الموصليين ، أستاذنا احمد سامي الجلبي ( رحمه الله ) يشحذ هممنا للكتابة عن المناسبتين وكثيرا ما كنا نصدر عددا خاصا من الجريدة .. واليوم تمر الذكرى (140) لتأسيس الصحافة العراقية والذكرى (124) لتأسيس الصحافة الموصلية ، وأستاذنا ( أبو صميم ) غير موجود بيننا ..
واحياء لذكراه وشعوراً منا بأنه لا يزال يعيش بيننا ، وجدنا من المناسب ان ارجع قليلاً الى أوراقي الخاصة ، ومما وجدته مقال له نشره في جريدة الحدبــاء ( الموصلية ) الغراء ، العدد 578 في الخامس من حزيران 1993 بعنوان : (( في عيد الصحافة العراقية .. فتى العراق .. سجل تاريخ الموصل الحديث ))..
وقد كان على حق حينما عد ( جريدة فتى العراق ) بمثابة السجل الأمين لتاريخ الموصل الحديث ، ولهذا فقج كلفت احد تلاميذي وهو ( الدكتور منهل عبدال ) ان يكتب رسالة حولها .. وقد كتب ونال شهادة الماجستير من كلية التربية _ جامعة الموصل ..
في مقالته ، قال الاستاذ احمد سامي الجلبي ان اسم جريدة فتى العراق التصق بفترة زمينة طويلة في مدينة الموصل .. امتد بها العمر عقودا من السنين أسهمت خلالها في عكس جملة من الأحداث عاصرتها الجريدة وعاشتها الموصل .. وفتى العراق أطول الصحف الموصلية عمراً لهذا أصبحت سجلاً حافلاً لتاريخ الموصل الحديث يرجع اليها المؤرخون والكتاب والباحثون .. هذا السجل الحافل يضم بين زمنية أحداث عقود الثلاثينات وحتى الوقت الحاضر ..ومما قاله : (( ان جريدة فتى العراق واكبت عصوراً مختلفة تتباين في مناهجها وطبيعة مساراتها وتوجهاتها )) ..
أيدت جريدة فتى العراق ثورة مايس 1941 ضد الإنكليز والسلطة الملكية واعتقل مديرها المسؤول آنذاك إبراهيم وصفي رفيق رحمه الله بعد انتكاسة الثورة وفرضت الرقابة عليها طيلة ايام الحرب العالمية الثانية .. واستنكرت معاهدة بور تسموث الجائرة 1948 وناصرت ( الوثبة ) ورحبت بثورة 14 تموز 1958 وشاركت فتى العراق في عكس وجهات نظر أهالي الموصل إزاء الظروف والأحداث السياسية والاجتماعية بل وسطرت كل وقائع وأخبار نشاطات الموصل والعراق فضلا عن اهتماماتها العربية والإقليمية .. حيث تبنت النهضة ا لفلسطينية وساندت حركات التحرر العربي في الجزائر والخليج العربي ..
ولدت جريدة فتى العراق لأول مرة في 15 آذار-مارس 1930 وكان مديرها المسؤول المحامي احمد سعد الدين زيادة وبعد صدور (50) عددا منها صدر قرار بتعطيلها فعوضت عنها صدى الجمهور .. وبعد مسيرة (4) سنوات ولدت فتى العراق سنة 1934 بمسؤولية المحامي سعد الدين زيادة ومدير ادارتها إبراهيم الجلبي وكانت جريدة يومية سياسية عامة تصدر في الأسبوع مرتين .
انتهجت جريدة فتى العراق كما يقول الأستاذ ( أبو صميم ) سياسة وطنية عروبية. و أولت قضايا الموصل ومشاكلها الاقتصادية والاجتماعية اهتماماً كبيرا وقد أصبح صاحب امتيازها منذ آب 1940 الأستاذ إبراهيم الجلبي وواكبت الجريدة تأسيس الأحزاب العراقية سنة 1946 .. ثم تولى مسؤوليتها ورئاسة تحريرها الأستاذ محمود الجلبي ليمدها بروح جديدة من الشباب والفتوة والاندفاع وليخطط لها اتجاهها الوطني والقومي ، فأخذت تنشر مقالات افتتاحية اتسمت بالقوة والجرأة .. كما أصبحت مفتوحة أمام الكتاب الأمر الذي أدى إلى تعطيلها ومن ثم إيقافها عن الصدور ..
وفي شباط1951 خط فتى العرب لم يكن يختلف عن خط شقيقتها ، إذ الغي امتيازها بعد اقل من سنة من صدورها ليحصل صاحب الفتى مرة أخرى على امتياز أخر وباسم فتى العراق ثم توقفت عدة أشهر بعد انتكاسة ثورة الموصل في آذار 1959 لكنها عادت للصدور بعد شباط 1959 وفي سنة 1963 الغي صدورها وتقدم صاحبها بطلب لإصدارها فتمت الموافقة في الثامن من كانون الأول 1963 وفي أواسط سنة 1968 توقفت مع توقف صحف القطاع الخاص لكنها عادت للصدور بعد نيسان 2003 ولا تزال تصدر والحمد لله ..
يقول الأستاذ احمد سامي الجلبي ، أن جريدة فتى العراق لم تكن في كل مراحل تاريخها ، جريدة سياسية فحسب ، وإنما كانت منبراً للفكر والأدب والثقافة .. وقد فتحت صفحاتها للكتاب والشعراء والمؤرخين والسياسيين وذوي الفكر والعاملين في الحقل الوطني ، واحتضنت الأقلام الشابة والبراعم الأدبية ، واسهم في تحريرها عدد كبير من المثقفين الموصليين والعراقيين والعرب .. وتبنت النشاطات الرياضية ،وأصدرت صفحات خاصة بذلك وشجعت النشاط المدرسي وتنقلت في الأوساط الجامعية ودعت إلى إنشاء جامعة في الموصل وناصرت حركة مشاركة المرأة في كل نواحي ومناحي الحياة واهتمت بالأسرة ونشرت البحوث والدراسات الدينية والتاريخية والجغرافية والفلسفية والأدبية ، وكان من تقاليدها عقد ندوة كل سنة تناقش فيها موضوعاً يهم الناس .. كان من أبوابها : نحو أدب جديد ، صحيفة الأسرة ، الفتى الرياضية ، حصاد الأسبوع ، الأدب والاجتماع ، الفكر الحر ، مع القارئ ، صحافتنا المدرسية ، الجيل الجديد ، الندوة الأدبية ، الأدب والاجتماع ، الأجواء الجامعية . تحية لجريدتنا ، جريدة فتى العراق ودعاءنا أن يرحم الله الأستاذ احمد سامي الجلبي وكل الذين فارقونا من كتابها ومحرريها ..
*صورة تجمع كاتب هذه السطور مع الأستاذ احمد سامي الجلبي وولده صميم (أبو احمد ) في الوسط .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...