الجمعة، 5 مارس 2010

جعفر خصباك والتأريخ للفترة المظلمة من تاريخ العراق

جعفر خصباك والتأريخ للفترة المظلمة من تاريخ العراق
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

في صباح يوم الأربعاء 19 كانون الثاني 1994 ،فقدت المدرسة التاريخية العراقية علما من أعلامها البارزين
وأستاذا فاضلا كان له فضل كبير في رفد الدراسات التاريخية بالكثير من البحوث والآراء .
هذا فضلا عن تخرج أجيال عديدة من المؤرخين ودارسي التاريخ في العراق على يديه. وجعفر خصباك من مواليد
الحلة1920 تخرج في دار المعلمين العالية (كلية التربية حاليا) ببغداد سنة 1946 وأصبح بعد تخرجه مدرسا
للاجتماعيات في ثانوية الحلة لفترة قصيرة سافر بعدها إلى القاهرة حيث التحق بجامعة فؤاد الاول وهي جامعة
القاهرة حاليا لبضعة اشهر لكنه انضم الى البعثة العلمية العراقية التي غادرت الى الولايات المتحدة الاميركية.
حصل على الماجستير في التاريخ من جامعة كاليفورنيا ثم درس في بركلي وبعدها انتقل الى جامعة شيكاغو ليحصل
منها على الدكتوراه في التاريخ الحديث سنة 1952 وذلك عن رسالته الموسومة (بريطانيا والحركة القومية في
مصر 1918 -1924(.

وفي سنة 1952 عاد الى العراق وعين مدرسا في كلية الاداب والعلوم ببغداد وبدا بتدريس مواد دراسية منها تاريخ
العصور الوسطى والتاريخ الاوربي الحديث وتاريخ الشرق الادنى الحديث.
اتجه الدكتور خصباك في مطلع الستينات من القرن الماضى لدراسة واستكشاف فترة مهمة من تاريخ العراق
الحديث ظلت بعيدة عن اهتمام المؤرخين تلك هي الفترة المحصورة بين سقوط بغداد على يد المغول سنة 1258
وسقوط بغداد بايدي العثمانيين سنة 1534، فبدا بحصر المصادر والمراجع مع طلبته وكنت منهم عن هذه الفترة
واسرع في توجيه طلبته نحو الاهتمام
بها لقد كان من ثمار ذلك اصداره كتاب "العراق في عهد المغول الايلخانيين والذي طبع ببغداد سنة 1968، ولم يكتف
الدكتور خصباك بدراسة التاريخ السياسي لهذه الفترة وانما اهتم بالتارخ الاجتماعي والاقتصادي ويعد هذا فتحا
جديدا في التوجهات الحديثة للمدرسة العراقية في التاريخ
لقد كانت هذه الفترة ضائعة بين المؤرخين المختصين منهم بالتاريخ الاسلامى والمختصين بالتاريخ الحديث وقد
حسم الدكتور خصباك الامر بان ادخل الفترة المظلمة او كما اسميها الفترة المظلومة ضمن اهتمامات المختصين
بالتاريخ الحديث .
ومما ساعد الدكتور خصباك على ذلك ظهور جيل من المؤرخين العراقيين الشباب الذين توجهوا لدراسة هذه الفترة
فحققوا المخطوطات التي تعود لهذه الفترة وقدمو رسائل ماجستير ودكتوراه تناولت مواضيع تبحث في تاريخ
العراق ابان عهد الايلخانيين والجلائريين والقره قوينلو والاق قوينلو والصفويين وغيرهم.
كان منهج الدكتور خصباك بقوم على اساس ان التاريخ هو محاولة للكشف عن الحقيقة دون تحزب لاية جهة او ف
كرة مسبقة وحين اختط له هذا المنهج فقد كان على قناعة بان معرفة الماضى معرفة علمية هي اقوم سبيل يتعرف
بها الانسان على ذاته كما هي وادراك امكاناته وتفهم مشاكله .
وكان يرى ان المبالغة في وصف الماضى او الانتقاص منه مضيعة للوقت تدفع الانسان الحاضر في سبيل
معوج ملتو لايوصله الا الى متاهات وضلالات وخير الامة التي تسعى الى غد افضل ان تعرف ماضيها على حقيقته .
لقد اعتقد الدكتور خصباك ان التاريخ ليس وصفا بسيطا للماضى بترتيب حوادثه ترتيبا زمنيا بل
محاولة لاستقصاء الجذور واستيعاب الاحوال والتعمق في الامور وتقديم احكام وتفسيرات توضحها وتزيل
اللبس والغموض عنها .
انتقد الدكتور خصباك اولئك الذين حاولوا تفسير التاريخ العربي والاسلامى وفق النظرية الماركسية وقال ان هذه
النظرية تخضع الانسان لقوى عمياء هي قوى الانتاج ،فتلغى بذلك الدور الذي تلعبه الارادة الانسانية.
كما اكد بان الماركسية تجعل التاريخ وكانه حربا اهلية مستمرة وسفكا دائما للدماء.
الف الدكتور خصباك كتبا لم ينشر بعضها باللغة العربية منها كتابه (روسيا السوفيتية والشرق
الاوسط 1917 -1939) باللغة الانكليزية .
ترجم كتبا عديدة منها كتاب (تاريخ اوربا الحديث) لبالمر وكتاب ( القومية بين الاسطورة والواقع ( لبويد تشيفر .
كما ترك بحوثا كثيرة منشورة في مجلات عراقية وعربية واجنبية واشرف على رسائل الماجستير والدكتوراه
ولم يتوقف عن التدريس في الدراسات الاولية والعليا فقد كان قبيل وفاته (1994) استاذا في الجامعة الاسلامية ببغداد.
كان المرحوم الاستاذ الدكتور جعفر خصباك مؤرخا ثبتا وانسانا رائعا ووطنيا مخلصا وعالما جهبذا ونحن
بحاجة الى دراسة منهجه .
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور ابراهيم العلاف ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/02/1908-1995.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ابراهيم العلاف في بيروت قبل 13 سنة في شارع الحمرا ببيروت وامام كشك للصحف والمجلات يوم 15-12-2011.....بيروت ما أجملها حماها الله .........................................ابراهيم العلاف

  ابراهيم العلاف في بيروت قبل 13 سنة في شارع الحمرا ببيروت وامام كشك للصحف والمجلات يوم 15-12-2011.....بيروت ما أجملها حماها الله .............