الأحد، 3 يناير 2010

ال الدملوجي ودورهم في التاريخ الحديث


ال الدملوجي ودورهم في التاريخ الحديث

أ. د. إبراهيم خليل العلاف
مركز الدراسات الإقليمية-جامعة الموصل

آل الدملوجي، من الأسر الموصلية العراقية التي كان لها دور متميز على صعيد العمل السياسي والأدبي والديني الطبي والعسكري والثقافي والإداري والدبلوماسي، ليس في العراق وحسب، وإنما في بعض أجزاء الوطن العربي الكبير. والدملوجي نسبة الى قرية دملوج اليمنية، القريبة من مدينة تعز. قدمت الأسرة الى الموصل في النصف الثاني بين القرن السابع عشر الميلادي وظهر منها رجال أكفاء، وأول جد عُرف في الموصل من آل الدملوجي هو (الشيخ سليمان) وكان قائداً لفرقة من فرق الجيش الانكشاري (العثماني)، وكذلك كان ابنه يوسف وقد ترك يوسف ولداً اسمه مصطفى، وكان رئيساً لفرقة انكشارية عثمانية، وقد ورد في تقرير سري بريطاني صادر عن إدارة الاستخبارات البريطانية 1930 أن "سليمان أغا" جد آل دملوجي الأكبر قدم الموصل من جزيرة ابن عمر في القسم الجنوبي من تركيا وكان رئيساً لفرقة انكشارية أيام السلطان مراد الرابع عام 1634 م، وهم ملاّكون واسعوا الثراء يملكون اراضي زراعية شاسعة ومن أولاده (الشيخ عبد الله شمس الدين) والذي كان عالماً، ووصل إلى مرتبة( رئيس للعلماء في الموصل)، له مؤلفات عديدة منها كتابه: " كف المعارض ببراءة ابن عربي وابن الفارض"، فضلاً عن تعليقاته وشروحه وحواشيه على كتب أخرى. توفي الشيخ عبد الله عن ولد اسمه عبد الرحمن الذي خلف ولدين يدعيان (مصطفى) و (سعيد) واشغل مصطفى كوالده (رئاسة أوقاف الموصل)، وتوفي سنة 1879. أما أخوه سعيد فتقلد وظائف عديدة في العهد العثماني، وكان مهتماً بالأدب وتوفي عن خمسة أولاد وهم صديق، وفاروق، ونعمة الله، وعبد الله، وتوفيق.
كتب الأستاذ المؤرخ المرحوم عبد المنعم ألغلامي عن الأسرة الدملوجية مقالة في جريدة صدى الأحرار الموصلية (العدد 167 في 11 تموز 1952). كما كتب الدكتور ابراهيم خليل العلاف مبحثاً عن صديق الدملوجي في موسوعة الموصل الحضارية الجزء (5)، والتي نشرتها جامعة الموصل سنة 1992. وكتب الدكتور عبد الفتاح علي يحيى البوتاني مقالة عنه نشرها في مجلة كاروان (الاربيلية)، نشر بالعددين 73، اذار1989 و74، نيسان1989، وكتب ابنه صباح الدملوجي مقالة عنه في مجلة المؤرخ العربي العدد 56،1998 أشار فيها إلى بحثي المنشور في موسوعة الموصل الحضارية.
كانت دار الدملوجي تقع في منطقة السرجخانة بالموصل، وهي ملاصقة لمسجد زينب خاتون، وقد أزيلت منذ سنوات، ومن هذه الدار ظهر صديق الدملوجي (1880-1958)، وهو الابن الأكبر من بين خمسة أخوة.. هو صديق بن سعيد بن عبد الرحمن الدملوجي، اداري ومؤرخ اتجه نحو العمل الإداري فأصبح قائمقاماً في بعض الاقضية عمل في تلعفر، وسنجار، والنجف، والسماوة، والشطرة، والقرنة، لكنه اختلف مع المفتش الاداري الانكليزي، فعُزل من وظيفته سنة 1926، وتفرغ بعدها للبحث التاريخي، وألف كتباً عن (اليزيدية) و(إمارة بهدينان) و (مدحت باشا) و (الأنقاض). والكتاب الأخير هو عبارة عن مقالات وخواطر في التاريخ والأدب والاجتماع. كما كتب العديد من المقالات والدراسات في العديد من الصحف والمجلات، منها جريدة النجاح ومجلة الجزيرة الموصلية. توفي في 15 نيسان 1958.
أما عبد الله زهدي الدملوجي، فكان صحفياً، اصدر جريدة أسبوعية دينية – اجتماعية بأسم (لواء الحق) وقد برز عددها الأول 18 آذار 1948. وكان فاروق الدملوجي طبيباً بيطرياً شغل منصب مديرية البيطرة العامة. وقد تفرغ بعد تقاعده للتأليف والبحث في الأديان ومن كتبه (اللاهوتية في الديانات السماوية). توفي يوم 24 تموز 1957. وكان فاروق الدملوجي اخو صديق الدملوجي ومن اولاد فاروق: زهير، وفيصل، وسالم، وعصام ونبيل، وقسم من أولاده متخصص بالطب والهندسة والاقتصاد.
كان سالم الدملوجي طبيباً، ولد في الموصل يوم 9 نيسان 1924، وتخرج من كلية الطب ببغداد سنة 1946، وشغل مناصب كثيرة منها منصب مدير المستشفى الملكي ببغداد سنة 1956 وفي أوائل سنة 1918 سافر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أصبح هناك مستشاراً علمياً في وزارة الصحة، ثم رئيساً لقسم الأمراض الباطنية والصدرية وانتخب بين سنتين 1981 و1983 رئيساً لمجلس الطب الباطني التابع لجامعة الدول العربية. وابنته ميسون سالم الدملوجي مهندسة معمارية وتعمل في المنظمات النسوية وتنتمي الى تجمع الديمقراطيين المستقلين بزعامة الدكتور عدنان الباجه جي وقد اصبحت نائبة في البرلمان العراقي بعد الاحتلال كما عينت وكيلة وزارة الثقافة. وينتمي إلى التجمع ذاته الدكتور عمر الفاروق الدملوجي وزير الاعمار والإسكان في حكومة الدكتور اياد علاوي التي تشكلت في 30 حزيران 2004 وكان الدكتور عمر الفاروق يشغل منصب رئيس قسم الهندسة المدنية بكلية الهندسة -جامعة بغداد.
وعَمّ الدكتور سالم هو الدكتور عبد الله الدملوجي، تخرج من كلية الطب في استانبول، وعمل ضابطاً احتياطاً في الجيش العثماني، وشارك في الحركة العربية القومية، ثم ذهب إلى نجد، وتولى فيها مناصب مهمة آبان الحرب العالمية الأولى وبعدها منها عمله مستشاراً للسلطان عبد العزيز آل سعود ثم عين وزيراً للخارجية (السعودية) وعندما عاد الىالعراق عين وزيراً للخارجية كذلك سنة 1930، كما عُيّن بعدها سفيراً للعراق في إيران، ويعد الدكتور عبد الله الدملوجي من الدبلوماسيين المرموقين.وقد عمل بعية الملك عبد العزيز مؤسس الدولة السعودية الثالثة الى جاني دبلوماسيين ومستشارين وخبراء عرب ممن لم يكونوا من السعوديين منهم حافظ وهبة المصري وخير الدين الزركلي سوري كردي ويوسف ياسين سوري وفؤاد حمزة لبناني وخالد ابو الوليد ليبي وبشير السعداوي تونسي ورشدي ملجس فلسطيني ويجد القارئ العزيز صور بعض هؤلاء المستشارين والدبلوماسيين الى جانب هذه السطور .
وكان توفيق سعيد الدملوجي ضابطاً في الجيش العثماني، ولد في مدينة الموصل يوم 25 كانون الأول 1894، والده هو السيد سعيد بن عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله شمس الدين الدملوجي وهو أخ لصديق الدملوجي ولفاروق الدملوجي. تخرج من المدرسة الكلية العسكرية العثمانية سنة 1915 ووقع في الأسر أثناء الحرب العالمية الأولى، ثم التحق بالثورة العربية، واشتغل في الحكومة العربية التي شكلها الملك فيصل بن الشريف حسين في دمشق سنة 1918. وعند تشكيل الدولة العراقية وتولى فيصل عرش العراق وأصبح توفيق من المرافقين له. كتب عنه الأستاذ حارث طه الراوي مقالة في جريدة الاتحاد البغدادية (العدوان 56 و57، 1987). وقد ترك أوراقا شخصية يقوم الآن الصديق الأستاذ ياسين الحسيني بنشرها على حلقات في جريدة المشرق البغدادية وصدرت الحلقة الأولى في العدد الصادر يوم 10 من آذار 2005.
لقد كانت مدينة الموصل ولازالت تزخر بالأسر العلمية والتي لها حضور ديني سياسي وإداري وعسكري واقتصادي وثقافي وعلمي على الساحة العراقية والعربية ومن هذه الأسر الأسرة الدملوجية التي كان لها دور مهم خلال حقب التاريخ العراقي الحديث والمعاصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل قبل أيام نشرت مقالة عن أول مؤتمر ثقافي عربي عقد سنة 1947 ، وعن حضور العلامة المؤرخ العراقي الكبير الاستاذ الدكتور جواد علي وهو من اساتذتي درسني في الصف الاول في كلية التربية -جامعة بغداد سنة 1964 مادة (تاريخ العرب قبل الاسلام) ، وقد علق الاخ الاستاذ شهاب سالار الاثري على ما كتبته ، وقال ان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري اللغوي والمؤرخ والمحقق العراقي الكبير كان من اوائل الحاضرين في هذا المؤتمر وكان يمثل العراق وقد القى كلمة مهمة . يقول الاستاذ شهاب سالار الاثري بعد ان نقل تحيات الاستاذ يسار محمد بهجت الاثري :" الاخ الاستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، بعد ابداء مايليق بالجناب من اعطر التحيات واجملها فأني ارجو ان تكونوا بخير وصحة وعافية . قرأت مقالكم الفخيم حول المؤرخ الدكتور المرحوم جواد علي (رحمه الله). (ومشاركته في المؤتمر الثقافي العربي الأول) الذي انعقد سنة 1947 ويبدو لي ان الاستاذ حسام الساموك قد التبس عليه التاريخ وكتب سنة 1945 بدلاً من سنة 1947 ونشرها في مجلة افاق عربية ولربما أن الخطأ وقع من المطبعة . وتم انتخاب الأستاذ الأثري في هذا المؤتمر رئيساً للجنة اللغة والقواعد. وشارك المرحوم الاستاذ الدكتور جواد علي في القاء محاضرة عنوانها (الثقافة العربية ومقامها من الثقافات العالمية) .. . العراق شارك في اعمال هذا المؤتمر العتيد ..المؤتمر العربي الأول المقام على ارض لبنان برعاية رئيس جمهورية لبنان الشيخ بشاره الخوري في بيت مري للفترة من ٣ إلى ١١ أيلول - سبتمبر سنة ١٩٤٧م ، وعن اوليات عقد المؤتمر قال ان اللجنة الثقافية للجامعة العربية فكّرت بعقد أول مؤتمر عربيّ، وكانت أهم المواضيع المطروحة للبحث في: آداب اللغة العربيّة، والجغرافية والتاريخ، والتربية الوطنيّة. وما أن أُعلن عن المؤتمر حتى تقدّمت إليه الطلبات الكثيرة من شتّى الأقطار العربيّة من رجال ونساء وبلغ عدد المؤتمرين (300) ثلاث مئة شخصٍ. حضرت وفود من الدول العربية التالية : ١- مصر. ٢- لبنان. ٣- سوريا. ٤- العراق. ٥- فلسطين. ٦- المغرب. وضم الوفد العراقي وكان برئاسة العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري عضو المجمع العلمي العربيّ بدمشق وعضو لجنة التأليف والترجمة (كانت نواة للمجمع العلمي العراقي فيما بعد) . كلا من : الدكتور جواد علي سكرتير لجنة التأليف والترجمة. الأستاذ إبراهيم شوكت (الدكتور ابراهيم شوكت استاذ الجغرافية في كلية الاداب جامعة بغداد فيما بعد) الأستاذ المساعد بدار المعلمين العالية. الأستاذ محمد ناصر (الدكتور محمد ناصر التربوي الكبير ووزير التربية السابق ) الملحق الثقافيّ بالمفوضيّة العراقية بالقاهرة. كان من المقرر مشاركة الأستاذ منير القاضي عميد كلية الحقوق وحرمه للمؤتمر، لكنّه تخلّف عن الحضور. وهذه اسماء من شارك من العراقيين : ١- السيدة صبيحة المقدادي شوكت ثانوية الأعظمية للبنات. ٢- السيد عبد الرحمن البزاز (الاستاذ عبد الرحمن البزاز رئيس وزراء العراق فيما بعد) حاكم محكمة بداءة بغداد. ٣- الآنسة بهيجة محمد رؤوف القطان مدرسة متوسطة البتاوين - بغداد ٤- الآنسة جولي متري حاج وزارة المعارف العراقية. ٥- الآنسة مهيبه برباري وزارة المعارف العراقية. ٦- لندا عازر كرم وزارة المعارف العراقية. ٧- السيد خلدون الحصريّ (الدكتور خلدون ساطع الحصري المؤرخ العراقي) ٨- السيدة حرم الأستاذ سعيد فهيم بك ٩- الآنسة فيكتورين ميخائيل خمو طالبة بمعهد الملكة عالية - بغداد. وألقى العلامة الاستاذ محمد بهجة الأثـــريّ كلمة العراق في الحفل الافتتاحي للمؤتمر وأيضاً في ختامه. وقد تم اختيار العلّامة محمد بهجة الاثريّ رئيساً للجنة اللغة والقواعد. من الجميل ان وقائع المؤتمر الثقافي الاول الذي انعقد في بيت مري بلبنان من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر سنة 1947 ، صدرت عن جامعة الدول العربية في كتاب حمل عنوان ( المؤتمر الثقافي العربي الاول المنعقد تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية في بيت مري - لبنان 1947 من 2 الى 12 ايلول - سبتمبر 1947 -القاهرة ) وقد طبع الكتاب سنة 1948 في (مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر ) . مندوب جريدة (الزمان ) البغدادية وكما هو منشور في العدد الصادر يوم 24 ايلول - سبتمبر 1947 ، التقى العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري وسأله عن اهمية المؤتمر فقال الاستاذ الاثري :" أرى ان هذا المؤتمر ،كان الحجر الاساسي الاول لاقامة صرح جديد للثقافة العربية على امتن الاسس واقواها ،والاتجاه بها الى القومية الصحيحة الرصينة وتكوين الفكر العربي المستقل بوعيه والمتميز بخصائصه ..." . كان الاستاذ محمد بهجت الاثري قد القى كلمة ضافية في المؤتمر قال فيها :" تحية العراق الى الوطن العربي الاكبر من البصرة وتخوم طوروس الى ضفاف الاتلنتيك ،والعراق كان ومابرح ولن يبرح الى مايشاء من تلك المراكز العربية الاصيلة الملامح والسمات التي بحمل ابناؤها في الحواضر والقرى والارباض والارياف انبل العواطف واسمى المشاعر لكل قطر عربي حيث كان ولكل ماهو عربي وفي كل زمان ومكان ..." . كان في المؤتمر ، ثمة لجان منها لجنة الادب ، ولجنة اللغة والقواعد وترأس لجنة اللغة والقواعد الاستاذ محمد بهجت الاثري في حين تولى الاستاذ اسحاق موسى الحسيني ومن اعضاء اللجنة الاستاذ خليل السكاكيني والاستاذ عبد الله المشنوق . وفي حفل الافتتاح توالت كلمات الافتتاح وكان العلامة الاستاذ محمد بهجت الاثري من بين الذين القوا كلمات الى جانب رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري والاستاذ حميد فرنجية والاستاذ احمد امين والدكتور قسطنطين والاستاذ اسماعيل القباني . كان مؤتمرا تاريخيا مهما .رحم الله من غادرنا وحفظ الباقين.

العلامة محمد بهجت الاثري ( 1904-1996) في المؤتمر الثقافي العربي الاول 1947 ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...