الجمعة، 6 فبراير 2015

مشروع (مور ) للطريق الموحد من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي ا.د.ابراهيم خليل العلاف







مشروع (مور ) للطريق الموحد من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل

قلة من الناس من يعرف بأن ثمة مشروعا لربط الاقطار العربية الممتدة من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي  بطريق واحد قد ظهر في الخمسينات من القرن الماضي تبنته جامعة الدول العربية وهو مشروع (مور)  للطريق العربي الواحد .
والمستر (مور)هو أحد مديري شركة التابلاين .. ويتلخص المشروع الذي أقترحه المستر (مور)  بأنشاء طريق بين سوريا ولبنان والعراق والاردن والعربية السعودية والكويت على ان تتم إدارته بواسطة إدارة دولية ، وعلى ان يكون مشروعا استثماريا فتفرض رسوم على كل سيارة تمشي فوقه ..واقترح مور ان يكون الطريق منطقة حرة يربط مينائي بيروت وطرابلس في لبنان واللاذقية في سوريا بمدينة عمان بالاردن والمنطقة الساحلية الواقعة على الخليج العربي –وهي الدمام في السعودية ثم الكويت ثم البصرة في العراق ...ثم اقترح مور ان يتسع الطريق بحيث يصلح لان يكون مهبطا للطائرات في حالة تحرك الجيوش مثلا فيصبح للطريق قاعدة عسكرية .. واقترح ان يقوم على حدود هذه الدول فيصبح كفاصل واضح المعالم بينها ..مما يجنبها التنازع على الحدود ..
أحيل مشروع مور الى المجلس الاقتصادي لجامعة الدول العربية في دور انعقاده الاول –ديسمبر 1953 .. واجريت –كما يقول الاستاذ فوميل لبيب الصحفي المصري  المعروف في مجلة المصور العدد السنوي الخاص  الذي صدر في كانون الثاني –يناير 1964 –دراسة مستفيضة للمشروع وعدل الخبراء العرب فيه ، واقترحوا أن يبدأ الطريق العربي من بيروت ويسير نحو دمشق فالرطبة فالرمادي فبغداد ويتفرع عنه طريقان رئيسان أحدهما من دمشق نحو عمان،  فمعان،  فالمدينة المنورة .أما الطريق الثاني فيبدأ من الرطبة الى الرفحاء بإتجاه الدمام ..ومن الدمام يتفرع طريقان آخران الى البصرة والكويت .
وفي أيار –مايو سنة 1957 عُرضت نتيجة الدراسة السالفة على المجلس الاقتصادي  العربي ؛ فقرر تكليف الامانة العامة بتكوين لجنة من الفنيين والعسكريين تضيف الى التخطيط السابق ان خليج العقبة يمكن الاستفادة منه لربط الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا بعد الوحدة في شباط 1958 ) بالعربية السعودية والاردن وان تضيف وصلة لطريق يصل شاطئ البحر المتوسط بالخليج العربي .
وهكذا  اتضحت معالم الطريق العربي ولم تبق الا صياغته حتى يصبح مشروعا حقيقيا وكانت أسس التصميم قائمة على :
·      ربط شرق البحر المتوسط بالخليج العربي ابتداء من بيروت .
·      ربط اقصى نقطة من شمال البلاد العربية قرب الحدود التركية بأقصى الجنوب العربي في اليمن .
·      ربط هاتين الشبكتين بمصر واقطار المغرب العربي في شمال افريقيا  وحتى شواطئ  المحيط الاطلسي .. ثم ربط مصر بالسودان .
  يبدو ان المعوقات وقفت أمام إنشاء "الطريق العربي الواحد " . ومن هذه المعوقات ( التمويل ) حيث لوحظ ان ذلك يكلف ميزانيات هائلة لاقبل للدول العربية بها انذاك .وقد تقرر أن تحصر الطرق القائمة ويعاد تأثيثها لتكون أساسا للطريق الطويل المقترح .
وهكذا عدت مجموعة من الطرق القائمة هي الاساس ومنها على سبيل المثال طريق اللاذقية –طرابلس-بيروت –صيدا –صور وطريق بيروت –دمشق –بغداد –البصرة –الكويت –الرياض-جدة وطريق حلب –حمص-دمشق – عمان –معان تبوك –المدينة وطريق تبوك –الشيخ حميد- شرم الشيخ –طور سيناء –السويس –القاهرة –الاسكندرية وطريق الاسكندرية –بنغازي –طرابلس –تونس- الجزائر – طنجة وطريق القاهرة –الخرطوم وطريق عمان-بغداد –البصرة –الكويت .
وقد أوصى المجلس الاقتصادي بإصلاح هذه الطرق ، وربط البلاد العربية في أقصر وقت مستطاع ، وترك لكل دولة عربية ان تقوم بما عليها بشرط الالتزام بالمواصفات العالمية من فنية وهندسية ومن علامات موحدة على سطح الطرق ثم قواعد المرور والحمولات المحددة للسيارات . ومن الطبيعي ان تلك المواصفات ستكون الاساس لاستكمال الطرق القائم وشق الطرق الجديدة التي سوف تستحدث مستقبلا .
في شهر تشرين الثاني –نوفمبر 1964 عقد مؤتمر لوزراء المواصلات العرب وكان محور المؤتمر مشروع الطريق العربي الموحد .. وقد ناشد المؤتمر الدول العربية للدخول في مفاوضات من شأنها الاتفاق على أنسب الطرق لربط المدن العربية بعضها بالبعض الاخر وأوصى المؤتمر الدول الاعضاء بالبدء فورا في تحسين الطرق داخلها وأن تعطى الاولوية لانشاء طرق الشبكة العربية على أي طرق عداها داخل كل دولة ثم تحدد آخر كانون الاول –ديسمبر 1970 موعدا للانتهاء من الطريق العربي الطويل  وفقا للمواصفات الدولية .
كان الطموح العربي من وراء الاهتمام بالطريق الطويل أن يكون طريقا سياحيا تقام على جنباته دور الاستراحة والفنادق ، والاسواق ، والمتاحف ، والمساحات الخضراء التي يستريح فيها المسافرون والسياح .
ومن الطبيعي ان ينعكس ذلك كله على الدول العربية ويضمن تدفق ملايين السائحين الذين يستخدمون السيارات .كما ان الطريق سيساعد - عند استكماله في كل مفاصله - على ربط العرب ببعضهم ويقينا انه سيزيد من تفاهمهم ويساعد في توحدهم خاصة إذا أزيلت العقبات من أمامهم في الانتقال من بلد الى بلد بدون جوازات سفر وبالهوية الشخصية .

ان الدراسات والتجارب الدولية اثبتت ان للطرق السهلة  دور كبير في تسهيل التواصل بين الناس ؛ فالطريق ليست إلا شرايين مهمة في حياة الشعوب والذي يرجع الى التاريخ يجد ان الدول الحية اهتمت بشق الطرق ، وربط اجزاء بلدها بعضها بالبعض الاخر .. وهذه تجربة الرئيس الاميركي الاسبق فرانكلين روزفلت الذي بدأ خطته لاقالة بلده من عثرتها الاقتصادية في الثلاثينات من القرن الماضي بشق الطرق في طول القارة الاميركية وعرضها فإمتص هذا المشروع كل الايدي العاطلة ، وربطت مناطق الانتاج بأسواق التصريف ولم تمض سنوات الا واستعادت الولايات المتحدة عافيتها الاقتصادية .. وكذلك فعل لينين في الاتحاد السوفيتي السابق عندما اهتم بالطرق لبناء بلده .. وها هي تجربة دول الاتحاد الاوربي ماثلة للعيان فضلا عن تجارب اليابان وماليزيا وفي كل هذه الدول يستطيع المرء أن يخترقها  من اي طرف فيها الى أي طرف آخر دون أية عقبات أو عراقيل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مقدمات العلاف

   مقدمات العلاف خلال سنوات طويلة، تشرفتُ بكتابة مقدمات لكتب ، اصدرها كتاب ومؤرخون واساتذة اجلاء .. ومراكز بحثية رصينة صدرت تتعلق بموضوع...