جريدة (صدى الجمهور) ودورها في الحياة الصحافية العراقية
أ. د. سيّار الجَميل
يرجى الضغط هنا لمشاهدة صورة الجريدة بحجم كبير
اضغط هنا لمشاهدة جريدة صدى الجمهور العدد 26 صفحة أولى
الصفحة الخامسة من جريدة صدى الجمهور
احدى الصفحات الداخلية لصدى الجمهور
الصفحة السابعة من صدى الجمهور
المؤسس والمشاركون
تعتبر جريدة صدى الجمهور ، واحدة من اهم الصحف العراقية التي صدرت في الموصل منذ العام 1927 على عهد الملك فيصل الاول ، والتي أسسها الاستاذ علي الجميل 1989- 1928 م ، وترأس تحريرها حتى وفاته يوم 1 أكتوبر / تشرين الاول 1928 . . وهو احد اعلام الموصل ، اديبا ورائدا من رواد صحافتها الاولى . وكان صاحب امتيازها الاستاذ المعروف عيسى محفوظ الذي كان يمتلك اقدم مطبعة في الموصل والكائنة في مدخل شارع غازي ، تلك التي كانت قد أسسها الآباء الدومينيكان في القرن التاسع عشر . اما مدير الجريدة المسؤول فهو المحامي عبد الله فائق ، وهو شخصية قانونية قديرة اذ كان خريج السوربون بباريس ، ويحمل ثقافة تجديدية وتحديثية مغايرة .. كان ناجحا وبارعا في اختصاصه وفكره ، فحقد عليه المتعصبون من الغلاة ، وهو من مسيحيي مدينة الموصل القدماء ، ودفع حياته ثمنا لفكره ومواقفه نتيجة لاحقاد شخصية ضده ، اذ اتهم بتهم باطلة رفقة عبد الكريم قره كله وحوكما امام المجلس العرفي برئاسة السيد عبد الله النعساني في سنجار ، واعدما بتهم واهية . وحدثني الاستاذ بهنام حبابه بأن هناك من تأّلب عليه نظرا لنجاحه وقوة حججه الفكرية في المجتمع ، واتهموه بتهم باطلة ، واعدم بسرعة عام 1936 .. ويقال ان برقية سريعة قد وردت من الملك غازي لانقاذ رأسه ، ولكن اختفت لمدة ساعات حتى تم تنفيذ الاعدام ، ولم يؤخذ بها وقيل انها وردت متأخرة ! وسنتوقف في مقال خاص على نهاية المحامي عبد الله فائق المأساوية والتي دفع الرجل حياته من خلالها ثمنا لافكاره . لقد كنت قبل سنين قد اطلعّت على بعض مقالات الرجل في السياسة الاقتصادية ، فاعجبت بها اعجابا كبيرا .. ولا يمكننا تصّور ان الاعدام يمارس ضد الافكار والمواقف مهما بلغ الخلاف ضدها ؟
فلسفة صدى الجمهور ومهامها
لقد كانت جريدة صدى الجمهور صحيفة يومية سياسية ادبية اخلاقية عامة ، صدرت بداية في الاسبوع مرتين .. وكان رئيس تحريرها يكتب مقالته الافتتاحية على صفحتها الاولى الى جانب مقالات اخرى يكتبها في السياسة الدولية او الاقليمية او العربية .. كما كانت الصفحة الثانية للاخبار المحلية والعراقية والدولية .. وهناك اكثر من صفحة لنصوص ادبية وثقافية ونقدية وحوارية وصفحات اخرى للاعلانات المختلفة .. اما الصفحة النهائية ، فهي للطرائف والاخبار السريعة والدعايات . وكان مقر الجريدة في شارع نينوى ، ويعمل فيها طاقم عمل . اما مشروع الجريدة برمته ، فكان ينفق عليه رئيس تحريرها الاستاذ علي الجميل من جيبه .
نشرت صدى الجمهور مقالات سياسية ساخنة ، وبقيت مستقلة في شخصيتها ، اذ لم تكن تابعة الى اي سلطة او حزب ، وقد اعلن صاحبها ورئيس تحريرها استقالته عن الحزب الوطني العراقي الذي اراد ان يستخدم الصحيفة لاغراضه السياسية .. كما وكانت صدى الجمهور بالمرصاد للادارة والبلدية ، وعينا على كل الانحرافات وكل التجاوزات وكل ما تحتاجه المدينة واطرافها من الاقضية والنواحي والقرى من حاجات وضرورات .. ولقد وجدنا ، كم اهتمت الصحيفة بالحياة الاقتصادية ، ومتابعتها لكل الازمات والكوارث والنكبات وآفات الجراد والحرائق التي تلم بالحقول والقرى الزراعية وحياة الفلاحين البؤساء .. لقد نشرت الصحيفة مواد مهمة جدا في الاقتصادات ، وتابعت حركة العمال والمصانع الاهلية ومدرسة الصنائع وغرفة التجارة وحركة الاسواق وانشطة التجار وخصوصا بما اشتهرت به الموصل من اصواف واقمشة وجلود واغنام وحنطة وشعير .. الخ .. كانت تتابع المدارس ومديرية المعارف وتسعى الى تطوير التربية والتعليم .. فضلا عن متابعتها لدائرة الصحة واحوال المجتمع وتعرية المفاسد التي تنتشر هنا وهناك .. اهتمت ايضا بالسلطة التشريعية ، ونشرت مقالات عن المجلس النيابي وعن السادة النواب وكفاءاتهم وعن الوزراء وانشطتهم .. اهتمت بالادب ، ونشرت العديد من الروائع الادبية والمقطوعات الشعرية لادباء وشعراء من العراقيين والعرب .. اهتمت باخبار الادب والاصدارات المختلفة .. لقد نجحت جريدة صدى الجمهور بتقديم عدة مشروعات الى الادارة والمجلس النيابي والوزارة ، وقد اخذ بعدد من مشروعاتها ، اذ كانت تتابع وترصد عملية تطور اي مشروع محلي او وطني ..
الدور الريادي
لقد وقف وراء هذا الزخم كله صاحبها ورئيس تحريرها الاستاذ علي الجميل ، وقد استفادت الصحيفة من قوة علاقاته باغلب المثقفين ورجال السياسة العراقيين .. وبلغت الاشتراكات درجة كبيرة حتى لعدد كبير من المشتركين في خارج العراق . ولعل اهم ما يسجل لصالح صدى الجمهور استقلاليتها السياسية ، وانفتاحها الكامل على كل ابناء المجتمع مهما كان دينهم او عرقهم او ملتهم .. فكان ان سحبت هذه الجريدة البساط من تحت ارجل جريدة ( الموصل ) التي تركها رئيس تحريرها الاستاذ يونان عبو اليونان ، وهو صحفي قدير وصاحب فكر سياسي متجدد .. ليذهب الى بغداد ومن ثمّ تتلاشى من بعده صحيفة ( الموصل ) . انني اعتقد ان صدى الجمهور كانت هي الام المجددة للصحافة العراقية ، فمنها برزت عدة صحف قوية في كل من الموصل وبغداد وعلى ايدي ابناء مدرسة علي الجميل الذي رحل قبل الاوان بعد ان خدم الصحافة العراقية خدمة لا تضاهى ، وسينصفه المستقبل والاجيال كثيرا ، بعد ان نساه التاريخ طويلا ..
[http://www.sayyaraljamil.com] موقع الدكتور سيار الجميل
أ. د. سيّار الجَميل
يرجى الضغط هنا لمشاهدة صورة الجريدة بحجم كبير
اضغط هنا لمشاهدة جريدة صدى الجمهور العدد 26 صفحة أولى
الصفحة الخامسة من جريدة صدى الجمهور
احدى الصفحات الداخلية لصدى الجمهور
الصفحة السابعة من صدى الجمهور
تعتبر جريدة صدى الجمهور ، واحدة من اهم الصحف العراقية التي صدرت في الموصل منذ العام 1927 على عهد الملك فيصل الاول ، والتي أسسها الاستاذ علي الجميل 1989- 1928 م ، وترأس تحريرها حتى وفاته يوم 1 أكتوبر / تشرين الاول 1928 . . وهو احد اعلام الموصل ، اديبا ورائدا من رواد صحافتها الاولى . وكان صاحب امتيازها الاستاذ المعروف عيسى محفوظ الذي كان يمتلك اقدم مطبعة في الموصل والكائنة في مدخل شارع غازي ، تلك التي كانت قد أسسها الآباء الدومينيكان في القرن التاسع عشر . اما مدير الجريدة المسؤول فهو المحامي عبد الله فائق ، وهو شخصية قانونية قديرة اذ كان خريج السوربون بباريس ، ويحمل ثقافة تجديدية وتحديثية مغايرة .. كان ناجحا وبارعا في اختصاصه وفكره ، فحقد عليه المتعصبون من الغلاة ، وهو من مسيحيي مدينة الموصل القدماء ، ودفع حياته ثمنا لفكره ومواقفه نتيجة لاحقاد شخصية ضده ، اذ اتهم بتهم باطلة رفقة عبد الكريم قره كله وحوكما امام المجلس العرفي برئاسة السيد عبد الله النعساني في سنجار ، واعدما بتهم واهية . وحدثني الاستاذ بهنام حبابه بأن هناك من تأّلب عليه نظرا لنجاحه وقوة حججه الفكرية في المجتمع ، واتهموه بتهم باطلة ، واعدم بسرعة عام 1936 .. ويقال ان برقية سريعة قد وردت من الملك غازي لانقاذ رأسه ، ولكن اختفت لمدة ساعات حتى تم تنفيذ الاعدام ، ولم يؤخذ بها وقيل انها وردت متأخرة ! وسنتوقف في مقال خاص على نهاية المحامي عبد الله فائق المأساوية والتي دفع الرجل حياته من خلالها ثمنا لافكاره . لقد كنت قبل سنين قد اطلعّت على بعض مقالات الرجل في السياسة الاقتصادية ، فاعجبت بها اعجابا كبيرا .. ولا يمكننا تصّور ان الاعدام يمارس ضد الافكار والمواقف مهما بلغ الخلاف ضدها ؟
فلسفة صدى الجمهور ومهامها
لقد كانت جريدة صدى الجمهور صحيفة يومية سياسية ادبية اخلاقية عامة ، صدرت بداية في الاسبوع مرتين .. وكان رئيس تحريرها يكتب مقالته الافتتاحية على صفحتها الاولى الى جانب مقالات اخرى يكتبها في السياسة الدولية او الاقليمية او العربية .. كما كانت الصفحة الثانية للاخبار المحلية والعراقية والدولية .. وهناك اكثر من صفحة لنصوص ادبية وثقافية ونقدية وحوارية وصفحات اخرى للاعلانات المختلفة .. اما الصفحة النهائية ، فهي للطرائف والاخبار السريعة والدعايات . وكان مقر الجريدة في شارع نينوى ، ويعمل فيها طاقم عمل . اما مشروع الجريدة برمته ، فكان ينفق عليه رئيس تحريرها الاستاذ علي الجميل من جيبه .
نشرت صدى الجمهور مقالات سياسية ساخنة ، وبقيت مستقلة في شخصيتها ، اذ لم تكن تابعة الى اي سلطة او حزب ، وقد اعلن صاحبها ورئيس تحريرها استقالته عن الحزب الوطني العراقي الذي اراد ان يستخدم الصحيفة لاغراضه السياسية .. كما وكانت صدى الجمهور بالمرصاد للادارة والبلدية ، وعينا على كل الانحرافات وكل التجاوزات وكل ما تحتاجه المدينة واطرافها من الاقضية والنواحي والقرى من حاجات وضرورات .. ولقد وجدنا ، كم اهتمت الصحيفة بالحياة الاقتصادية ، ومتابعتها لكل الازمات والكوارث والنكبات وآفات الجراد والحرائق التي تلم بالحقول والقرى الزراعية وحياة الفلاحين البؤساء .. لقد نشرت الصحيفة مواد مهمة جدا في الاقتصادات ، وتابعت حركة العمال والمصانع الاهلية ومدرسة الصنائع وغرفة التجارة وحركة الاسواق وانشطة التجار وخصوصا بما اشتهرت به الموصل من اصواف واقمشة وجلود واغنام وحنطة وشعير .. الخ .. كانت تتابع المدارس ومديرية المعارف وتسعى الى تطوير التربية والتعليم .. فضلا عن متابعتها لدائرة الصحة واحوال المجتمع وتعرية المفاسد التي تنتشر هنا وهناك .. اهتمت ايضا بالسلطة التشريعية ، ونشرت مقالات عن المجلس النيابي وعن السادة النواب وكفاءاتهم وعن الوزراء وانشطتهم .. اهتمت بالادب ، ونشرت العديد من الروائع الادبية والمقطوعات الشعرية لادباء وشعراء من العراقيين والعرب .. اهتمت باخبار الادب والاصدارات المختلفة .. لقد نجحت جريدة صدى الجمهور بتقديم عدة مشروعات الى الادارة والمجلس النيابي والوزارة ، وقد اخذ بعدد من مشروعاتها ، اذ كانت تتابع وترصد عملية تطور اي مشروع محلي او وطني ..
الدور الريادي
لقد وقف وراء هذا الزخم كله صاحبها ورئيس تحريرها الاستاذ علي الجميل ، وقد استفادت الصحيفة من قوة علاقاته باغلب المثقفين ورجال السياسة العراقيين .. وبلغت الاشتراكات درجة كبيرة حتى لعدد كبير من المشتركين في خارج العراق . ولعل اهم ما يسجل لصالح صدى الجمهور استقلاليتها السياسية ، وانفتاحها الكامل على كل ابناء المجتمع مهما كان دينهم او عرقهم او ملتهم .. فكان ان سحبت هذه الجريدة البساط من تحت ارجل جريدة ( الموصل ) التي تركها رئيس تحريرها الاستاذ يونان عبو اليونان ، وهو صحفي قدير وصاحب فكر سياسي متجدد .. ليذهب الى بغداد ومن ثمّ تتلاشى من بعده صحيفة ( الموصل ) . انني اعتقد ان صدى الجمهور كانت هي الام المجددة للصحافة العراقية ، فمنها برزت عدة صحف قوية في كل من الموصل وبغداد وعلى ايدي ابناء مدرسة علي الجميل الذي رحل قبل الاوان بعد ان خدم الصحافة العراقية خدمة لا تضاهى ، وسينصفه المستقبل والاجيال كثيرا ، بعد ان نساه التاريخ طويلا ..
[http://www.sayyaraljamil.com] موقع الدكتور سيار الجميل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق