الجمعة، 27 فبراير 2015

روحي الخماش.. إعداد : الباحثة فاطمة الظاهر موقع :" نبراس الذاكرة"

روحي الخماش..إعداد : الباحثة فاطمة الظاهر
 موقع :" نبراس الذاكرة"  



ولد روحي الخماش عام 1923 م في مدينة نابلس في فلسطين المحتلة ، وفيها ترعرع وبلغ سن الدراسة حيث دخل المدرسه الأبتدائيه عام 1928/1929 ثم انتقل الى مدرسة النجاح حتى تخرج فيها .

كان "روحي" مولعاً بالفن منذ نعومة أظفاره محباً للموسيقى حيث كانت تسري في عروقه ، فكان يؤدي الترانيم والمعزوفات وأناشيد الصباح بأجادة تامة أمام أساتذته وزملائه في المدرسه ، ومن هذه الأناشيد " وطني أنت لي والخصم راغم" ونشيد "موطني" وغيرها من الأناشيد السائده في ذلك الوقت.

كان أبوه ينمي موهبته ويصقل ذكاءه ويشجعه على ولعه بالفن والغناء، فقد أشترى له آلة عود صغيرة وهو لم يبلغ من العمر سوى 6 سنوات ليتمكن من العزف والتدرب عليها بصورة تليق به أنذاك وبالفعل تعلق بعوده تعلقاً ملحوظاً وبدأ يترجم كل ما يجول بخاطره من موسيقى على عوده بشوق وولع كبيرين ،وكان أحد أقربائه يشرف على عزفه ويتابعه فنياً لما رأى أمارات الذكاء بادية وظاهرة في أعماله وكان هذا الأخير هو أحمد عبد الواحد الخماش الذي درس الموسيقى في تركيا.لقد تمكن "روحي" خلال عام واحد من أجادة عزف ( بشرف عاصم بيك) وبشرف (رست لطاتيوس أفندي) وبعض الدواليب القديمة وسماعي بيات قديم لسامي الشوا وعندما أكمل الأبتدائيه ذاع صيته في كل نواحي وأرجاء مدينته وعرف بأقتداره وأشتهر بذكائه.

في عام 1932 م أقيم المعرض العربي في مدينة القدس وكانت فرقة الأستاذ سامي الشوا من بين الفرق الفنية المدعوة لهذا المعرض وقد كانت المصادفه أن أستمع الفنان سامي الشوا الى غناء روحي الخماش في دور " أحب أشوفك" للفنان محمد عبد الوهاب ، فأكبر فنه وشجعه على مواصلة التدريب وممارسه العروض الموسيقيه إذ كان فوزاً معنوياً له ونصراً كبيراً في ميدان الفن والموسيقى آنذاك  ، وتوالت مشاركاته الفنية بعد ذلك فأدى ذلك الى تعزيز خطواته الفنية وتوثيقها وشهرته بين الفرق.

في عام 1933 م قدمة والده عازفاً على العود أمام جمهور غفير من المدن الفلسطينيه والعربيه فكان مؤثراً في الأسماع أخذاً بمجاميع القلوب ومسيطراً على إعجاب المهتمين بالموسيقى حائزاً على أستحسانهم حيث أدى بعض المقطوعات الموسيقيه الغنائيه لعبد الوهاب وأم كلثوم . ومما ينبغي أن يذكر أن الفنان عبدالوهاب كان قد قدم الى فلسطين آنذاك فكان من حسن حظ روحي الخماش أن غنى أمامه وكشف عن موهبته الموسيقيه في عزفه وغنائه ، فأعجب الفنان محمد عبد الوهاب ببراعته وموهبته الكبيرة فأهدى اليه هدية رمزيه عبرت عن عظيم أعجابه بهذا الطفل الموهوب ، وكما حصل له مع محمد عبد الوهاب حصل له مع الفنانه القديرة أم كلثوم التي جاءت هي الأخرى الى فلسطين لأحياء حفلة على مسرح " أبي شاكوش" في يافا حيث أستقبلت الفنان الصغير ( روحي الخماش) وأجلسته في حضنها تعبيراً عن أهتمامها به وأكباراً وأجلالها لموهبته وهو في هذه السن الصغير ، وطلبت منه أن يغني فغنى مونولوج ( سكت والدمع تكلم ) للموسيقار القصبجي فأعجبت به كثيراً وتنبأت له بمستقبل فني زاهر.

وفي بداية عام 1935 م وصلت أنباءه الى سمع الأمير " عبدالله " الذي طلب من الملك غازي أن يدعوه الى بغداد حيث الحضارة الأصيله والفن والأبداع العظيمتين ، فأستقبله الملك غازي فغنى له كما غنى للأمير عبدالله من قبل وزاد عليها من الأناشيد الوطنيه المشهورة التي أثارت أعجاب الملك وحركت عواطفه تجاهه ودفعته الى أهداءه ساعته الشخصيه ومبلغ من المال عنواناً لأعجابه به وتقديراً لموهبته الثاقبه وبالطبع كان لذلك الأثر الواضح في شخصية ذلك الطفل المبدع . وأثناء وحوده في العراق آنذاك أقام عدة حفلات لطلبة المدارس مجاناً إيماناً منه بقوة الروابط بين بلاد العرب وترسيخاً لدافع المحبة الذي يربط كل عربي بأخية العربي ، وبقي سته أشهر يتفيأ ظلال نخيل العراق الوارفه ويتطيب بشمائل أخلاق سكانه.

وفي سنة 1936 م السنه التي تم فيها أفتتاح دار الأذاعه الفلسطينيه عاد ثانية للمشاركة في بلاده حيث شارك فناناً مبدعاً ومنتجاً ومقدماً لبرنامج يؤدي فيه حفلاته الغنائيه لمدة سنة ، وفي عام 1937/1938 م سافر في بعثة دراسية الى القاهرة في معهد الملك فؤاد الأول للموسيقى العربيه من أجل أن يصقل موهبته ويقومها بالتجربه والمران والخبرة الدراسية المطلوبه وقد أجرى له الأختبار الخاص بالقبول في المعهد وكانت اللجنه مؤلفه من الأساتذه درويش الحريري وصفر بك علي المعاون الفني والدكتور محمود أحمد الحفني المعاون الأداري والمسيو كوسناكس مدرس النوطه الموسيقيه (الصولفيج ) ونظريات الموسيقى وفؤاد الأسكندراني مدرس الغناء.كان "روحي" قد أسمعهم دوراً للأستاذ محمد عبد الوهاب " حبيب القلب" عزفاً وأداءً فكان إندهاشهم به واعجابهم بموهبته أيذاناً منهم بقبوله على الفور في المعهد المذكور ، ففي السنه الاولى في المعهد قام بدراسة ثلاث مراحل دراسيه ( التمهيدية – الأولى – والثانيه ) ، وتلقى المناهج الخاصه بها . وفي السنه اللاحقه تلقى دروس المراحل ( الثالثه – الرابعه – والخامسه ) ودخل الأمتحان النهائي لكل المراحل الدراسيه للمعهد عام 1939 م متفوقاً على أقرانه ومتميزاً في مده التعبير عن موهبته وعصامية فذه حققت له حضوراً في مدة زمنية قصيرة إذ قلما تأتي لغيره من المبدعين فيتميز في مجاله بالزمن القصير الذي أتيح للخماش أن يتفوق فيه.ومما يحسب له أن الأختبار الذي أجري له كان فريداً من نوعه ، إذ طلب منه أن يقوم بتلحين قصيده على شكل موشح خلال ساعتين من الزمن ، وتدوينها وغناءها ، كما طلب منه أن يقوم بتدريس بعض المواد الخاصه بالموسيقى بدلاً من الأساتذه المكلفين بذلك عادهً ، وقد حصل في نهاية الأمر على زمالة دراسيه ليدرس على مقاعد جامعات إيطاليا ، إلا أن ضروف الحرب العالمية حالت دون أتمام هذه الدراسة التي أضطر على أثرها العوده الى القدس عام 1939 م ، وعيّن رئيساً للفرقه الموسيقيه الحديثه في الأذاعه الفلسطينية ليستمر في عمله حتى عام 1948 م منشغلاً خلال ذلك بتقديم الأعمال الفنية الأبداعية غناءً وعزفاً وأشرافاً ، كما أثر عنه ذلك وعرف به في شهرة لائقه بفنان مبدع وأصيل .وفي تموز سنة 1948 م حل الفنان روحي الخماش ضيفاً على العراق للمرة الثانية ، وكان حلوله هذا بتصريح عسكري من قيادة الجيش العراقي في مدينة نابلس آنذاك ، وكان قدومه هذا محطة أستقرار ، وعمل في وطن جديد زاخر بالمعارف والفنون والتراث ، وأستطاع الخماش من خلاله فعلاً أن يعمل ويبدع ويحتل موقعاً فنياً متميزاً في جميع أرجاء الحركة الموسيقيه ، إذ عيّن حال وصوله العراق 1948 م رئيساً للفرقه الموسيقيه المسائيه في الأذاعه العراقيه. وقام بتنظيم هذه الفرقه وأستقطاب عناصر أخرى كفوءه إذ قدم من خلال هذه الفرقه العديد من الحفلات الموسيقيه والغنائيه على الهواء مباشرة ، وخلال هذه الفترة ذاع صيته بين أرجاء الحركة الموسيقيه في القطر حتى عام 1953 م حيث عيّن مدرساً في معهد الفنون الجميلة وبعدها أتسع نشاطه الفني عندما أسس الفرق الأنشادية والموسيقيه والى غير ذلك من العطاءات ، وبقي الخماش مدرساً وقائداً موسيقياً ومؤسساً وخبيراً لمؤسساتنا الموسيقيه .ومما يذكر أن الفنان روحي الخماش ينحدر من طبقة ريفية إذ كان والده حمدي عباس الخماش يملك أرض زراعية في فلسطين (نابلس) تقدر بمائه وخمسين دونما زراعياً ما زالت قائمة لورثته حتى الآن ولما جاء الخماش الى بغداد تهيأت له فرصه لشراء أرض زراعية في محافظة بغداد قضاء المحموديه – ناحية اللطيفية بجانب نهر ( أبو رميل) وفعلاً أشترى تلك الأرض التي تقدر مساحتها بمائه وخمسين دونما زراعياً تحقيقاً لدواخله القرويه وتنفيذاً لهوايته وأستمراراً لنهج عائلته ، وبعد حين أتخذ من هذه الأرض مزرعة واسعه شيد عليها حقولاً لتربيه الدواجن والأبقار والطيور فضلاً عن أستغلالها زراعياً للمحاصيل الزراعية التي تناسب طبيعة الأرض هناك وبذلك أتخذ منها محطة فنية ثانية يزورها بين الحين والأخر وبمرور الزمن استهوته هذه الأرض حيث انتقل ليسكن فيها وذلك في عام 1986 م ولتكون فيما بعد مصدر رزقه مبتعداً بعض الشئ عن الوسط الموسيقي لأنشغاله في أمور أرضه الزراعيه وما يترتب عليها . وبقى على هذه الحال حتى منتصف 1998 م ، أذ فوجئ بأعراض مرض يصعب الشفاء منه ، رقد على أثره في المستشفى وبقي فيها حتى وافاه الأجل في يوم الثلاثاء العاشر من جمادي الأول سنة 1418 للهجرة الموافق لليوم الثلاثين من أغسطس/آب سنة 1998 ، وقد أقامت له نقابة الفنانين العراقيين تشييعاً يليق بالفنان الكبير وبعدها تم دفنه في مقبرة الكرخ الواقعه غرب مدينة بغداد .

كانت وفاته خسارة فادحه لجميع الذين نهلوا من عطائه الثر.

لقد أحبه العراقيين وهو أحب العراق وأهل العراق فجمع بين بلديه فلسطين والعراق .. فاعتبره العراقيون إبنهم الفلسطيني فيما كان دائماً في نظر الفلسطينيين أخيهم العراقي ..
من المكتبة الموسيقية للموسيقار روحي الخماش


 *http://www.nbraas.com/inp/view.asp?ID=707

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....