عندما كان ساسون حسقيل عضوا في مجلس النواب 1925 - 1932
نور محمود العبدلي
تجدد انتخاب ساسون حسقيل نائباً عن لواء بغداد في الدورة الانتخابية الثانية عام 1928 و الدورة الانتخابية الثالثة 1930 – 1932 حتى وفاته , و قد ترأس مراراً اللجان الاقتصادية والحقوقية ، وصار عضواً في لجنة خطاب العرش ولجنة المكتبة وكان على الدوام جريئاً في إعلان رأيه , قويّ الحجة , حريصاً على العمل البرلماني ، وكانت خبرته في الشؤون البريطانية واسعة اكتسبها في أثناء نيابته في مجلس المبعوثان العثماني وفي أثناء وجود ساسون حسقيل في مجلس النواب أبدى اراء مهمة في القضايا التي كانت تعرض على المجلس وهي على النحو الآتي :
ذمواقفه من القضايا الاقتصادية :
ابدى ساسون حسقيل اهتماماً كبيراً بالقضايا الاقتصادية و كان لترؤسه اللجنة الاقتصادية في المجلس الاثر الكبير في جعل اهتمامه ينصب على القضايا الاقتصادية اكثر من غيرها، و مما ساعده على ذلك خبرته في المجال الاقتصادي التي صقلتها السنوات التي عمل فيها ساسون وزيراً للمالية .
وفي أثناء ترؤس ساسون حسقيل للجنة الاقتصادية درست اللجنة وبحثت الكثير من القضايا المختلفة , ففي (29 كانون الاول 1925) درست اللجنة المذكورة اللائحة القانونية المتعلقة بتحديد مدة خزن التبغ في مستودعات الكمرك وأجرت اللجنة التعديل عليها، كما نظرت اللجنة في لائحة (قانون غرف التجارة لسنة 1926) فأجري التعديل على هذه اللائحة و الموافقة على قانون غرف التجارة لسنة 1926 ، كما نظرت اللجنة في لائحة قانون انضمام دولة العراق الى اتفاقية ونظام حرية الانترازيت ونظرت اللجنة في قانون تعديل قانون تعديل الطوابع العراقي لسنة 1925 .
ونظرآ لادراك ساسون حسقيل لأهمية الزراعة في البلد فقد كان من بين النواب الذين قدّموا طلبا الى رئيس المجلس للمطالبة بضرورة تأليف غرفة زراعية تسعى لحماية الزراعة و تطوّرها و قد بحثت اللجنة الاقتصادية برئاسة ساسون حسقيل في لائحة تعديل ( قانون الاتجار بالاجزاء الطبية لسنة 1924) إذ قررت الجنة :» لا يجوز لغير الصيدلي ان يحفظ اجزاء طبية او مواد كيميائية أوأن يبيع او يتعاطى باجزاء و مواد كهذه بالجملة» و نظرت اللجنة في لائحة ( قانون ذيل قانون الاثار القديمة لسنة 1924) فدرست اللجنة اللائحة و قررت تغيير عنوان القانون الى ( قانون منع تهريب الاثار القديمة) و كان ساسون حسقيل يرى أنه من الضروري وضع قانون لتشجيع تربية دود الحرير (دودة القز) في العراق الذي اشتهر منذ عهد بعيد بجودة الحرير المنتج منه؛ لذلك اقترح اعفاء دود القز من الرسوم الكمركية لمدة عشر سنوات وفي أثناء اجتماعات مجلس النواب حصل جدال بشأن مسألة قانون جباية رسوم الذبيحة و بهذا الصدد ذكر ساسون حسقيل : « ان رسوم الذبيحة نعم كانت موجودة في القديم و كانت تجبى وتقسم الى قسمين نصف للبلديات و نصف للمحاسبات الخصوصية، و حين الاحتلال البريطاني لم تكن هناك محاسبات خصوصية فاعطيت كل الواردات الى الحكومة ومن ضمنها الذبيحة لذلك تعدّ هذه الضريبة قانونية ، وعن شمول القرى بهذه الضريبة فقد أيد ساسون حسقيل طلب بعض الأعضاء بأن لا يشمل رسم الضريبة القرى» ولدى مناقشة موضوع انشاء جسر الفلوجة والفوائد المالية المتوخاة منه أيد ساسون حسقيل هذه الفكرة وقال : « أنا لأ اظنّ أنّه عند انشاء جسر يجب ان تفكر الحكومة في امكان تحصيل واردات اكثر من المصرف» وأشار الى فوائد جسر الفلوجة وقال : « ما عدا تأميين المواصلات بين الشرق والغرب فهو يأمن لنا طريق مواصلات تجارية جديدة « .
ومن يطلع على محاضر مجلس النواب ، ولاسيما أثناء بحث القضايا الاقتصادية ومناقشتها يرى أن لساسون حسقيل الأثر الكبير في مناقشة هذه القضايا إذ لم يترك أي قضية اقتصادية مهما صغرت إلا وأبدى رأياً فيها ، مما يدل على سعة معرفته بالأمور الاقتصادية، وحرصه على موارد الدولة ومصالح المواطنين عامةً .
موقفه من القضايا الإدارية واللوائح القانونية:
أهتم ساسون حسقيل بالقضايا الإدارية والمواضيع القانونية ، وهذا شيء طبيعي ، لكونه من أقدم الحقوقيين في العراق ، وله باع طويل به ، وقد ترأس ساسون حسقيل اللجنة الحقوقية في المجلس فكان لهذا الأثرالكبير في زيادة أهتمامه بالقضايا القانونية والإدارية التي تعرض على المجلس ، فمن طريق متابعة أحاديثه في مجلس النواب يلاحظ أن ساسون حسقيل يعقب، ويبدي أراء سديدة بشأن اللوائح القانونية وكان حريصاً على قراءة ما بين السطور للقانون فيحلل القانون تحليلاً جذرياً ويبيّن سلبياته وأخطائه . يفسر بعض المفاهيم القانونية تفسيراً علمياً ، فلدى مناقشة ( لائحة قانون فتح اعتماد أضافي في ميزانية سنة1926المالية ) جاء في المادة (25) منها عبارة « المتصرف مسؤول على تأمين الاقتصاد ... وتخمين وتحصيل الواردات ... « فعقب ساسون على هذه العبارة فذكر : « أظن أنّ العبارة ناقصة في هذه المادة فوظيفة المتصرف لا تكمل بالتخمين في كل وقت وأظن توجد ضرائب لا تجبى بطريقة التخمين ، فلذلك كلمة (تحقق) أعم « ، وفي أثناء بحث ( لائحة قانون وسام الرافدين لسنة 1927 ) بين ساسون حسقيل أنه يجب أن توضح الحكومة، وتبين السبب لدى منح الوسام .
ولدى بحث ( قانون الحكام والقضاة لسنة 1929) ومناقشة الباب السادس منه ( المحاكمة أمام المحاكم الجزائية ) أعرب ساسون عن رأيه : « حسب قانون محاكمة الموظفين – ما عدا الحكام – لا يمكن أرسال أي موظف الى محكمة جزائية بلا أذن من الدائرة العليا ، كذلك الحاكم ينبغي أن لا يذهب الى المحكمة بدون أذن من الوزير ، وذلك محافظة على حقوقه» . وبصدد القانون نفسه حدث جدل في المجلس بشأن مدة التجربة للحكام ومدتها لمعرفة مدى اقتداره .. فأبدى ساسون رأيه في ذلك : « اعطي للحكام ضمان في هذا القانون اكثر مما هو لسائر الموظفين ، فسائر الموظفين اذا لم يثبت اقتدارهم بعد (6) أشهر فيمكن تحويلهم او نقلهم . ولكن الحاكم اذا لم يثبت اقتداره خلال سنة فيعزل بقرار اللجنة .. ورايت قوانين الدول فوجدت أن مدة التجربة فيها أكثر من سنة والعراق اخذ بأقل مدة « .
وفي أثناء مناقشة المجلس (لائحة قانون انضباط الموظفين) بين ساسون حسقيل : « أن قانون الاستخدام أذا شرط في دخول الموظف أن يبقى هذا الموظف طول مدة التجربة غير حائز على الضمانات التي يحوزها سائر الموظفين .. ولذلك لا تبطق بحقه جميع العقوبات التي تطبق على غيره من الموظفين كأنقاص الراتب أو تنزيل الدرجة . وان لرئيس الدائرة الحق في أن يجازيه كما له الحق أن يوبخه ويطبق الغرامة عليه..» ، وبشأن هذا القانون أستفسر النائب ناجي السويدي على ما جاء في المادة الثالثة : « على الموظف أن يكتم الأمور التي أطلع عليها بمقتضى وظيفته .. حتى بعد انتهاء خدمته « فأجابه ساسون حسقيل: « الموظف مكلف بحفظ السر الى مماته وحتى كما ترون في الجرائد أن الذين ينشرون مذكراتهم لا ينشرون الأمور المتعلقة بالدولة إلابعد وفاتهم فالذي يفشي سر وظيفته بعد خروجه منها يعاقب بالغرامة وتقطع من راتب تقاعده أو من راتب معزوليته اذا كان يأخذ هذا الراتب وهذه القاعدة متبعة في كل البلدان الأخرى» .
ولدى مناقشة المادة (37) من القانون ذاته ذكر ساسون حسقيل : « اذا أفتكرنا وتصورنا تطبيقات هذه المادة نرى أن العقوبات التي تجري بحق المتصرفين والرؤساء هي ليست الغرامة أو تنزيل الدرجة، بل على الأكثر أما لجرم طفيف يستوجبه الأنذار أو جرم كبير يقتضي العزل ولذلك ما أعطي الى لجنة انضباط الموظفين حق معاقبة كبار الموظفين بل اعطى هذا الحق الى المجلس العام ... أما اذا أردنا أن نجعل عقوبتهم تمر بدرجتين فلنترك التحقيقات عن المتصرفين ورؤساء الدوائر للجنة وهذا غير موافق للمصلحة فالاصوب هو ما عرضته على المجلس « .
أمّا بشأن المادة الأولى والتي أعفت الوزراء والسفراء من أحكام هذا القانون ... قال ساسون حسقيل : « لا يخفى أن المقصد من أستثناء الموظفين الذين ذكرتهم المادة الأولى ليس معناه أن لا يكونوا خاضعين لقوانين أخرى كالوزراء فهم خاضعون للقانون الاساسي ... وأفتكر أن المادة الثالثة التي تعين واجبات جميع الموظفين يسري تنفيذها على جميع الموظفين فأقترح على المجلس أن تعدل المادة على النحو الآتي : « لا يسري أحكام هذا القانون بأستثناء المادة الثالثة على الوزراء ..» فقبل اقتراحه باتفاق الآراء .
*http://www.almutmar.com/index.php?id=20145555
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق