الرجل الأسطورة يحيى قاف --- ابو سعد
بقلم : حكمت شناوه السليم
- نشر بتاريخ الجمعة, 05 تموز/يوليو 2013 17:20
التقيته بعد انقلاب 8 شباط الأسود عام 1963 في سجن نقرة السلمان ، وكنت آنذاك في العشرينيات من عمري وهو في منتصف السبعنيات، كنت اعاني من الانكسار النفسي لحد الكآبة حيث لم اصدق ان تسقط ا ثورة 14 تموز، ويمثل بجسد رفيقنا سلام عادل وبقية الرفاق الذين نقدسهم أحيانا اكثر من المقدس . ويستولي حزب الرعاع على السلطة وينتقمون منا بكل اساليبهم البربرية كالوحوش و يتلذذون في تعذيبنا ، كنت في الحقيقة اعيش حالة من القلق وخيبة الأمل لما حدث الذي كان يفوق طاقتي وثقافتي السياسية. بقيت أياما في قاووش رقم عشرة في سجن السلمان وانا في مرارة لا توصف ، والذي خفف من كآبتي انشغالي بحانوت قاووش رقم عشرة بعد ان تسلمت ادارته من تنظيم الحزب في السجن . كنا نحن نزلاء السجن نتجول في اكثر اوقاتنا في ساحة السجن الكبيرة وكان عددنا في سجن القلعة والقواويش الجديدة يفوق الألفين نزيل.
في يوم من الأيام جر انتباهي رجل يمتاز بضخامة جسده وكبر سنه ولمعان شعره الأبيض يتجول بيننا في باحة السجن و كان يحوز على احترام الجميع ، فعندما كان يسير في الساحة بقامته المنتصبة يتكلم بصوت عال يشجع الجميع على الثبات ويصح بصوته الجهوري انا يحيى قاف اتكلم ولا اخاف ، كنا نشعر بالخوف أحيانا من الحرس القومي الذي كان ينزل الى باحة السجن ويندس بيننا مع كبيرهم المجرم سليم الزيبق لاستفزازنا عندما يأتي بزياراته المستمرة الى السجن، وكنت اترك ساحة السجن خوفا من الاحتكاك مع المجرم سليم الزئبق وحرسه، كنت الحظ يحيى قاف يردهم ويتوعدهم بصوته العالي ويردد بان مصيرهم عن قريب سينتهي ، بدأت اتقرب الى هذه الشخصية فعندما الاحظه يسير في ساحة السجن اترك قاووشي واتجه مهرولا صوبه ، وهكذا بدأت العلاقات بين وبينه ، عندما اراه اسير بجانبه كان ينتابني شعور بالاطمئنان والراحة النفسية ، اصغي اليه بكل جوارحي وهو يحدثني عن نضالاته ايام الشباب وكيف كان يساهم في جميع نضالات شعبنا وتعرضه للمطاردة والتوقيف والسجن ايام العهد الملكي بسبب نشاطه السياسي وايمانه الذي لا يتزعزع بوطن حر وشعب سعيد.
كان يحدثنا عندما نجتمع حوله كيف تم القاء القبض عليه بعد انقلاب البعث المجرم بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي وكيف سلمه ضابط التحقيق ورقة وقلم وطلب منه الاعتراف على تنظيمه الحزبي وكيف صرخ بوجه المحقق الا تعرفني انني يحيى قاف انا الذي احكي ولا اخاف، وكيف تحدث للمحققين عن نضاله منذ العهد الملكي، ويضيف كيف تعرض للتعذيب وكيف تحمل صنوفه من قبل الحرس القومي في مدينته الموصل ومساهماته في وثبة كانون وانتفاضة تشرين كان قصده رفع معنوياتنا بوجه الفاشست البعثيين.
لقد تجاوزت منتصف السبعين من عمري ولازالت اتذكر واقدس هذا الرجل العظيم الذي اثر في مسيره حياتي.
اعتزازي بالبطل يحيى قاف.
* http://www.iraqicp.com/index.php/2013-03-22-11-04-13/2013-03-06-11-59-33/2036-2013-07-05-17-20-45
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق