الجمعة، 5 يوليو 2013

شخصيات عراقية وبغدادية عاصرتها: - محمد مهدي كبة.. واحد من الرموز الوطنية العراقية .. بقلم :الاستاذ الدكتور حسين أمين (رحمه الله )

شخصيات عراقية وبغدادية عاصرتها: - محمد مهدي كبة.. واحد من الرموز الوطنية العراقية ..
بقلم :الاستاذ الدكتور حسين أمين (رحمه الله )
http://www.daraddustour.com/
الشيخ محمد مهدي كبة من الشخصيات العربية العراقية الأصيلة، ولد في سامراء سنة 1900م- 1317هـ وكان والده المرحوم الحاج محمد حسن كبة يقيم فيها طالباً للعلم بعد انتقاله إليها من النجف الأشرف عام 1305هـ ونشأ والده نشأة أدبية علمية وعاصر المرحوم والده أدباء وشعراء ذلك العهد أمثال السيد محمد سعيد الحبوبي والسيد حيدر الحلي والشيخ جعفر الشروقي وغيرهم من الأعلام.ومن الجدير بالذكر أن سامراء بناها الخليفة العباسي المعتصم سنة 221 هـ-836م وذلك بعد حدوث اعمال عدوانية من قبل جند المعتصم الأتراك، فاختار موقع سامراء الحالي وابتنى له قصراً كما أمر كل رجل من قادته وكبار رجال دولته أن يبتني كل واحد منهم قصراً، واعتنى المعتصم بمدينته عناية فائقة فقسمها الى قطائع كل قطيعة لجماعة معينة،
وامتدت الشوارع المستقيمة والمنظمة وكان أكبر شوارع المدينة في ايام المعتصم الشارع الأعظم، وسار الخلفاء من بعد المعتصم الى تطوير وتوسيع معالم المدينة وقد أنشأ الواثق بن المعتصم قصره المعروف بالهاروني، على اسمه هرون الواثق، وهو على دجلة وبازائه بالجانب الغربي قصر المعشوق، ويعتبر المتوكل بن المعتصم اكثر الخلفاء عناية بمدينة سامراء ومن أشهر بناؤه المسجد الجامع ومئذنته الشهيرة بالملوية، كما قصره المعروف بالجعفري وغيرها من الأبنية التي أعطت لسامراء مزية واضحة بين المدن الإسلامية، واستمرت بغدا عاصمة للعباسيين حتى سنة 279هـ عندما قرر الخليفة المعتمد ترك سامراء واتخذ بغداد من جديد عاصمة للدولة العباسية.
وبانتقال الخلافة الى بغداد أصاب الخراب مدينة سامراء وتقلصت حتى اصبحت أشبه بقرية صغيرة ولكنها صارت تستعيد عافيتها بعد الحرب العالمية الأولى وقيام دولة العراق 1921م. يقول محمد مهدي كبة، درست ايام طفولتي في الكتاتيب بمدينة سامراء، ومن ثم دخلت مدرسة أهلية حديثة كانت قد\ أنشئت فيها سنة 1910، الى جانب مدرسة عثمانية، وكنت ادرس العلوم العربية الدينية على أساتذة خصوصيين الى أن سقطت سامراء ىبأيدي الانگليز، ومنذ طفولة كبة كما يذكر كان يناقش بجدة بعض الأساتذة من غير العرب، وقد كان هذا بداية الشعور القومي عند الأستاذ محمد مهدي كبة، وبعد سقوط سامراء بأشهر قليلة إنتقلت عائلة كبة من سامراء الى الكاظمية كما انتقل الى الكاظمية المرجع الديني محمد تقي الشيرازي زعيم الثورة العراقية /1920م.
مكث محمد مهدي كبةفي الكاظمية قرابة خمسة أعوام حتى سنة 1924م وتكونت له علاقات وثيقة بآل الخالصي وكان عميد الأسرة الشيخ محمد مهدي الخالصي الذي كان معنياً اضافة الى الشؤون الدينية بالقضايا الوطنية والسياسية لاعتقاده بأنها من أولى واجبات رجال الدين لاسيما في مكافحة المستعمرين وكان بيت الخالصي في الكاظمية مقصداً لمختلف الشخصيات السياسية ورمكزاً مهماً من مراكز الحركات الوطنية، وكان محمد مهدي كبة ونخبة من شباب الكاظمية يسهمون في تلك الحركات الوطنية، وكان كبير أنجال الخالصي الكبير الشيخ محمد الخالصي من الذين يسهمون في تلك الحركات والنشاطات السياسية والوطنية.
هذه هي بواكير تكوين شخصية السياسي محمد مهدي كبة السياسية وفي التربية القومية والروح الوطنية، وصار له دور كبير في بعث الحماس في نفوس الجماهير ضد المحتلين الإنگليز، والتحريض بالثورة عليهم، وكان يلقي خطبه الحماسية على جماهير العراقيين يحثهم فيها على الجهاد ضد المحتلين الطامعين، كما كان يسهم بكتابة المناشير التحريضية ضد المستعمرين، فكان والحق لسان الثورة العراقية سنة 1920 في بغداد والكاظمية وكان لنشاطه الوطني بالغ الأثر في نفوس العراقيين التواقين للتحرر.
في سنة 1924 جرى إنتخاب الهيئة الإدارية للمدرسة الجعفرية فانتخب عضواً في الهيئة المذكورة، وصار يعمل مع أعضاء الهيئة الإدارية على توسيع وتطوير بناية المدرسة ومناهجها التعليمية بنشاط واسع، وكان من جملة اعضاء الهيئة الإدارية للمدرسة الحاج محمد جعفر أبو التمن مما أتاح الفرصة لمحمد مهدي كبة توطيد وتوثيق علاقته به. وتقدم الشيخ كبة مع بعض رفاقه: صادق البصام وعبد الغفور البدري وعلي محمود الشيخ علي وعلاء الدين النائب وعبد العزيز ماجد وصادق حبه، بطلب إجازة حزب باسم الجمعية الوطنية سنة 1928 فوافقت وزارة الدجاخلية على إجازة الحزب، وعمل السيد كبه على دمج الجمعية الوطنية بالحزب الوطني الذي أسسه الحاج محمد جعفر أبو التمن، وصار الحزب الوطني يجمع مختلف طبقات الشعب من تجار وملاك وأصحاب الأعمال وفلاحين وعمال، وقد عارض الحزب الوطني معاهدة 30/حزيران /1930 لاعتبارها معاهدة لا تنفع الشعب بل انها أرست الوجود البريطاني في العراق، وصار الحزب يقاوم المعاهدة ويدعو الى الغائها.كان محمد مهدي كبةعربياً قومياً يؤمن بوطنيته للعراق وانتمائه للعروبة فكان من المبادرين من الشباب القومي الى تأسيس نادي المثنى، وكان أول رئيس للنادي هو الدكتور صائب شوكت الطبيب والجراح المشهور، وكان للشيخ محمد مهدي كبة النشاط الواسع في هذا النادي الذي صودرت محتوياته واُلغي وجوده بعد حركة مايس/ 1941. وكان للشيخ كبة نشاط قومي واضح وواسع في جميع المنتديات والجمعيات الوطنية التي شارك فيها كجمعية الجوال العربي وجمعية الدفاع عن فلسطين ونادي القلم وغيرها من الجمعيات التي تعنى بالقضايا العربية.
أسس حزب الإستقلال مع رفاقه من العاملين بالقضايا العربية والقومية في أواخر عام 1945 ومن أبرز اعضائه: فائق السامرائي وابراهيم الراوي وداود السعدي وخليل كنه، وعبد الرزاق الظاهر، واسماعيل الغانم، وعبد الرحمن الخضر وسلمان الصفواني وصديق شنشل وقاسم حمودي وعبد الرزاق شبيب وغيرهم من اعضاء الحزب وانتخب محمد مهدي كبة رئيساً له، وأمير اللواء الركن ابراهيم الراوي نائباً للرئيس وفائق السامرائي أميناً عاماً للحزب. وأصدر الحزب جريدة باسم (الإستقلال) كان رئيس تحريرها عبد الغفور البدري. وقد كان لحزب الاستقلال دوره الكبير في اتخاذ موقف المعارض لسياسات الحكومات العراقية المختلفة وكان نهجه الواضحج هو الاتجاه القومي العربي.
وانتخب محمد مهدي كبة سنة 1937 نائباً في المجلس النيابي وكان صوته مدوياً في قاعة البرلمان يطالب بالإصلاحات وأن تنتهج الحكومة السياسة السليمة لخدمة العراق وتقديم الخدمات للشعب العراقي، ولما قامت ثورة تموز/1958 اختير عضواً في مجلس السيادة الذي تشكل من رئيس وعضوين ليكون بمثابة بديلاً لرئاسة الجمهورية ولكن الشيخ مهدي كبة الذي كان منذ شبابه يؤمن بالعمل الجدي وبالاتجاه العربي الصحيح السليم رأى في هذا المجلس مجرد هيئة لا نفوذ ولا رأي لها فآثر الإستقالة فقدم استقالته وبقي في بيته بعيجاً عن السياسة ومجرياتها ومشاكلها وأخذ في كتابة مذكراته بأسلوب موضوعي. منذ الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي كنت أتابع محمد مهدي كبة وكنت أستمع الى خطبه وتوجيهاته في نادي المثنى قبل اغلاقه كما التقيت به مرة أو مرتين في جريدة الإستقلال التي كانت في منطقة الميدان خلف جدائرة البريد المركزي، وأتذكر أننا قدمنا لسيادته ونحن مجموعة من الشباب طلب الكتابة بجريدة الاستقلال بضرورة تطوير الدراسة في المدارس العراقية والعمل على العناية بالمعلم والمدرس، وأتذكر أنه رحمه الله شكرني على رعايتي لكريمته (نوار) التي كانت إحدى طالباتي بقسم التاريخ بكلية التربية والتي تخرجت سنة 1967-1968 على ما أتذكر وكانت طالبة مُجدّة على اخلاق سامية وسيرة حميدة وتوفي في بغداد عام/1984م.
هذه نبذة تاريخية من حياة رجل نذر نفسه للعراق ولشعب العراق وعاش كريماً أبياً نزيهاً لا تغرّهُ المناصب ووقف دائماً الى صف الشعب والى الدفاع عن مصالحه وسجل له التاريخ صفحات ناصعة. تبين مآثره وأعماله وكفاحه من أجل الوطن ورعاية ابنائه النجباء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...