الثلاثاء، 27 أبريل 2021

أفران الموصل في رمضان المبارك


 

 

افران الموصل في رمضان المبارك 

ا.د.ابراهيم خليل العلاف *

ورمضان شهر الخير شهر القرآن شهر الكرم يحظى في الموصل باهتمام واستعداد كبير من لدن اهالي الموصل . وقد ادركت ومنذ عقود احوال الموصل سواء في جانبها الايمن او الايسر كيف كان ابناء الموصل يحسبون لرمضان حسابا ويحتفون بقدومه ويستعدون له استعدادا بحيث كانت الموصل تتحول الى ورشة عمل وترى الافران ترتب اوضاعها لشي الكليجة وعروق الموصل والبقلاوة والحجي بادة وغير ذلك مما كان الموصليون يهيئونه استعدادا  لرمضان فالمؤمنون حلويون كما يردد اهل الموصل .  

ولم تكن البيوت  في الموصل كما هو الحال اليوم تضم  افرانا تعمل على الغاز او على الكهرباء ، وانما كانت هناك افران عامة في معظم محاليل الموصل واصحاب الافران معروفون عند اهل الموصل فهذا ابو سمير وذاك ابو عامر  وهذا ابو مصطفى  وهذا ابو طلال  وهكذا .

وكان صاحب الفرن يستعد ويأتي احيانا بالمزيد من العمال لتلبية متطلبات العمل وكثيرا ما نلاحظ الازدحام على الافران وغالبا ما تتخصص الافران بعمل الصمون او بعمل الخبز او بشي البقلاوة  والشكرلمة  والسودة  والحجي بادة والعروق .

ويأتي الاطفال اطفال الاسر وهم يحملون على رؤوسهم صينية البقلاوة او الكليجة مع عدد من البيض ويسلمها الى الفران أي صاحب الفرن بعد ان يترك عليها بضعة بيضات مع ورقة تحمل اسم رب البيت الذي تعود اليه هذه الصينية ويأخذ موعدا يجيئ ليتسلمها بعد استكمال شيها وتسليم الاجور وترى الناس تتزاحم على ابواب الافران وكل ينادي ان يأخذ دوره في شي ما قد جلبه وبالسرعة الممكنة واحيانا يجري لغط عندما يقوم الفران بتقديم صينية على صينية ولاعتبارات تتعلق بالقرابة او الصداقة مع صاحبها وهكذا تتحول العملية الى جدل ومماحكات لكنها تنتهي  بالسلام والمحبة والضحك عندما تنجز المهام ويقوم صاحب الفرن بتلبية متطلبات البيوت كما يجب وكنت دائما اشعر ان الصائمين يجدون لذة في هذه الامور كما كانوا يقضون وقتا الى ان يحين موعد الافطار .

حقا كانت الساعات التي يقضيها الشاب او تقضيها الفتاة امام الافران في المحلة فرصة طيبة للتعارف ولقضاء الوقت في ايام رمضان وخاصة تلك التي تكون في شهر الصيف حيث تطول ساعات الصيام لتصل الى اكثر من 12 ساعة .

اتذكر فرن ابو سمير في باب عراق كان رجلا طيبا متواضعا سمحا ودودا يتعامل هو واولاده مع الناس بكل طيبة وخلق وكلام لين ويطيب خاطرهم ويعدهم بان ما جاؤوا به سيكون موضع تقدير واهتمام ....ذكريات رمضانية اليوم نستطعم دقائقها وساعات ونتلذذ بها فقد كانت اياما طيبة وحقا كانت تلك الايام ضمن ما نطلق عليه اليوم ب(الزمن الجميل ) .

_______________________-

*كاتب ومؤرخ موصلي من الموصل 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...