ابراهيم خليل العلاف في الجزيرة نت https://www.aljazeera.net
والموضوع مرور 37 عاما على حرب الناقلات
حرب الناقلات بين العراق وايران خلال الحرب العراقية – الايرانية 1980-1988
- ا.د. ابراهيم خليل العلاف
- استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل – العراق
شيء جميل هو ان نجد بين ايدينا كتاب رائع للكاتب والباحث الامريكي ( لي ألن زاتاريان) صدر في مطلع سنة 2009 بعنوان : ( حرب الناقلات) . كما نجد ايضا كتاب رائع آخر للواء الركن علاء حسين مكي خماس بعنوان ( حرب الناقلات في الخليج العربي 1980 – 1988) صدر عن دار نشر الاكاديميون للنشر والتوزيع ببيروت . ومناسبة كتابة هذا المقال هو ان اليوم 26-4 تمر الذكرى ال (37) لما سمي في التاريخ الحديث وتاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر ب(حرب الناقلات ) اذ دمرت اليوم ناقلة النفط السعودية (سفينة العرب ) وهكذا ابتدأت حرب الناقلات التي استمرت حتى انتهاء الحرب العراقية - الايرانية .
وكما هو معروف فان حرب الناقلات التي شهدتها ايام الحرب العراقية –الايرانية بين سنتي 1984-1988 كانت حربا بحرية ضروسا وكانت سابقة لم يشهدها العالم من قبل ، اسهمت فيها الولايات المتحدة الامريكية بدور لايزال غير واضح للباحثين والمراقبين والمهتمين بالتاريخ الحديث ؛ فايران كانت تريد ان تدمر العراق وتمنعه من الاستفادة من عائدات نفطه وكذلك الامر بالنسبة للعراق الذي كان يريد ان يدمر ايران اقتصاديا ويحرمها من ان تصدر نفطها وطبيعي ان هذه اساليب متعارف عليها في الحروب .
وكما هو معروف تاريخيا فان حرب الناقلات التي شهدها الخليج العربي خلال الحرب العراقية –الايرانية 1980-1988 لها علاقة بما كان يسمى حرب المضائق وحجز السفن ( امبارجو) فحجز السفن كما في حرب المضائق اساليب معروفة خلال الحروب وكل دولة تحاول ان تثبت للدولة الاخرى نفوذها وتهديدات ايران بحجز السفن وغلق مضيق هرمز معروفة خاصة عندما كانت ايران تشعر ان بعض مجريات الحرب ليست في صالحها وان اطرافا اقليمية ودولية بدأت بالتأثير والتدخل لصالح عدوها العراق .
واذا ما عدنا الى السنوات 1984-1988 نجد ان كلا من الطرفين المتحاربين العراق وايران هاجما الموانئ النفطية لكليهما في الخليج وفي احصائية كتبت عنها بعض الصحف وجدنا ان مجموع ما اغرق يصل الى ( 250) ناقلة نفط عملاقة خلال اربع سنوات من الحرب أي بين 1984 سنتي 1984 -1988 . ويقينا ان تلك الحرب اثرت سلبا على اقتصاد العراق وايران بشكل لم تعهده الدول سابقا في حروبها .
من الوجهة التاريخية ،واستنادا لما هو متوفر من المدونات التاريخية استطيع القول ان ايران ابتدأت حرب الناقلات عندما شعرت ان دول الخليج العربي تساعد العراق ، وتسهم في دفع نفقات الحرب الباهضة لذلك ابتدأت باستهداف ناقلات النفط الكويتية ، لذلك سارعت دولة الكويت الى طلب الحماية من دول الغرب وفي المقدمة منها الولايات المتحدة الامريكية التي سارعت في نشر سفنها الحربية في مياه الخليج العربي لحماية ومتابعة حاملات النفط الكويتية ، وضمان استمرارية تدفق النفط نحو الغرب وهو ما يحرص عليه الغرب منذ اكثر من (100) سنة .
لكن الكاتب الاستاذ سراج عاصي يقول في مقالة له ان شرارة البداية بداية حرب الناقلات كانت في 27 شباط سنة 1984، عندما قامت الطائرات العراقية بشنّ غاراتٍ جويةٍ على سبع سفن إيرانية قرب جزيرة خرج الإيرانية، في شمال الخليج العربي، والتي كان يُصدَّر منها أكثر من مليوني برميل نفط يومياً. في أيار من السنة ذاتها ، وقد ردَّت طهران بمهاجمة ناقلات نفط خليجية مُحمَّلة بالنفط العراقي، وتشمل ناقلة نفط سعودية، وناقلة نفط كويتية قرب البحرين.
ولازلنا نتذكر كيف ان الفرقاطة الامريكية ( ستارك ) ، وكانت تبحر في مياه الخليج ، قد تعرضت في ايار سنة 1987 الى صاروخ اكسوزيت عراقي بالخطأ ، فالقوات البحرية العراقية كانت تظن انها فرقاطة تابعة لايران وكان من نتائج هذا الحادث المأسوي قتل عدد من طاقم السفينة وأصيب كثيرون آخرون. اذا حادث الفرقاطة الامريكية ستارك كان بمثابة الشرارة الاولى لحرب قاسية سميت في التاريخ الحديث ( حرب الناقلات ) .
وحرب الناقلات النفطية هذه ، وقعت والحرب العراقية –الايرانية في ذروتها 1984-1988 وارتبطت هذه الحرب بقرار ايران (غلق الخليج العربي أمام السفن المحملة بالنفط العراقي ) ، وهذا يعني دولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة واكد الامام الخميني ان ايران سوف لن تدع طرق الملاحة البحرية في الخليج العربي آمنة اذا ما بقي الطريق إلى مينائها النفطي في جزيرة خرج مهدداً.
ومن متابعة ما كان ينشر في وسائل الاعلام العراقية والعربية والايرانية والعالمية ؛ فان ربيع سنة 1984 شهد مهاجمة ايران للسفن والناقلات الكويتية والسعودية. ففي 13- 14 مايو (أيار) قصفت الناقلتان الكويتيتان (أم القصبة) و(بحرة)، وفي 16 مايو (أيار)، قُصفت الناقلة السعودية (مفخرة ينبع) في ميناء "راس تنورة" السعودي. وبعدها طلب الكويتيون المساعدة من الولايات المتحدة الامريكية التي سارعت الى ارسال عدد من السفن وطلبت رفع العلم الامريكي على الناقلات التجارية الكويتية ضمانا لعدم الاعتداء عليها من قبل الايرانيين .
يقول الكاتب الأميركي ( لي ألن زاتاريان) في كتابه الذي اشرت اليه آنفا وهو كتاب (حرب الناقلات: أول حرب لأميركا ضد إيران 1987-1988)، إن هذا التدخل أدى إلى ساحة صراع مفتوحة، حيث زرع الإيرانيون الألغام في مضيق هرمز وأطلقوا قوارب هجومية ضد كل من الناقلات والسفن الحربية الأميركية. وبالفعل اصطدمت سادس أكبر سفينة في العالم، الناقلة الأميركية (إس إس بريدجستون) ، في 24 تموز سنة 1987، بلغم إيراني وغرقت. وخاضت بعدها القوات البحرية الأميركية أكبر معركة منذ الحرب العالمية الثانية ضد السفن والزوارق الحربية الايرانية .
في هذه الأثناء، وصلت قوات البحرية الأميركية "سيلز" إلى الخليج لمحاربة الإيرانيين. ويقول الكاتب الأميركي " جلس صدام حسين، الذي حرّض على الصراع، يشاهد إطلاق إيران صواريخ (دودة القز-Silkworm) ضد السفن الأميركية، وهي أعمال، لو تم الإعلان عنها في ذلك الوقت، فسيتطلب من الكونغرس إعلان حرب ضد إيران" ، بحسب زاتاريان. ويقول "في يوليو (تموز) 1988، أطلق البحارة على متن السفينة الحربية (يو إس إس فينسنس) النار على طائرة إيرانية تحلّق في الجو، مما أسفر عن مقتل 300 مدني. جاء هذا الحادث قبل شهر واحد من نهاية الحرب، وربما كان هذا العمل ما اجبر ايران على القبول بوقف اطلاق النار وانهاء الحرب في اب سنة 1988 ولاننسى تهديد العراق ايران يانها ستكون هدفا لحرب كيمياوية .
تقول الصحفية انجي مجدي في مقال لها في الاندبندت العربية ان حرب الناقلات والحرب البحرية بين إيران والعراق شملت نوعين من الصراع البحري المُعقّد: فمن جهة محاولات العراق لإضعاف إيران من خلال تدمير قدرتها على استخدام ناقلات النفط لتصدير النفط، ومن الناحية الأخرى، الوجود البحري الغربي بقيادة الولايات المتحدة في الخليج الذي كان يهدف إلى ضمان حرية مرور الناقلات إلى الكويت وتوفير الأمن العام لسفن الشحن من وإلى دول الخليج المحايدة. كل أشكال الصراع هذه أدت إلى تصعيد كبير. ويقول أنتوني كوردسمان الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية CSIS الأميركي، في بحث أعده في مايو (أيار) 1990، إن "(حرب الناقلات) اكتسبت أهمية حقيقية فقط في السنة الرابعة من الحرب. في الوقت الذي تبادل فيه الجانبان استهداف السفن في بداية الصراع، بدأ التصعيد إلى ضربات واسعة النطاق على الملاحة في دولة ثالثة في سنة 1984. بعد ذلك، أصبحت (حرب الناقلات) حربا حاول فيها العراق مرارا وتكرارا استخدام الضربات الجوية ضد الناقلات والمنشآت النفطية لإجبار إيران على التسوية. وإيران، بدورها، حاولت الردّ بضربات جوية وبحرية على سفن حاويات وناقلات تتحرك إلى دول تدعم العراق".
ومن ثم يرى كوردسمان أن"من المهم التأكيد على أن معظم الدروس المستقاة من هذا الجانب من الحرب كانت دروساً في التصعيد وإدارة الصراع، وليست دروساً في التكتيكات والتكنولوجيا فحسب. قدمت بدايات حرب الناقلات بعض الأفكار المهمة في عملية التصعيد التي ساعدت في تشكيل القتال البحري. فبعد سنة 1985، أصبحت (حرب الناقلات) مدمجة بشكل كبير في الهيكل العام للصراع في الخليج، بحيث أصبح من المستحيل فصل القتال البحري عن الأنماط العامة في القتال. غير أن تاريخ حرب الناقلات من 1980 إلى 1984 مختلف، ويقدم مثالا ًمثيراً للاهتمام على كيفية ظهور جانب ثانوي في الصراع، في العالم الثالث، من شأنه أن يغير فجأة تأثيره الاستراتيجي ومعناه بالنسبة إلى الغرب".
من الطريف الاشارة الى ان الكاتب الامريكي (لي ألن زاتاريان) في كتابه المشار اليه آنفا والموسوم (حرب الناقلات: أول حرب أميركية ضدّ إيران 1987-1988) : يؤكد ان حرب الناقلات ، كانت حربا امريكية بامتياز وان تدخل الولايات المتحدة في تلك الحرب "أدّى إلى ساحةِ صراعٍ مفتوحة". وان المواجهة احتدمت في ايلول سنة 1987، حين رصدت الطائرات الأميركية سفينة (إيران أجر) وهي تزرع الألغام في مياه الخليج، ففتحت مُحاربات الهليكوبتر النار واستولت على السفينة بعد أن قتلت أربعة بحارة إيرانيين.
في كتاب اللواء الركن علاء الدين مكي خماس المشار اليه انفا والموسوم ( حرب الناقلات في الخليج العربي 1980 – 1988) تأكيد لكل ما مر ذكره ؛ فالمؤلف تناول حرب الناقلات من خلال عمل طائرات الميراج العراقية واعتبر ذلك هو المشهد الاخير من الحرب ومؤشره وصول الطائرات العراقية الى ابعد نقطة في الخليج العربي وقصف الميناء العام في جزيرة لاراك وضرب الاهداف البحرية النفطية الايرانية واغراق الناقلة الضخمة سيوايز جانيت Seawise Giant وكان ذلك بداية النهاية لحرب دامت ثمان سنوات كان لها اثارها ونتائجها الوخيمة على كلا البلدين الجارين وعلى العالم كذلك .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق