الشعر العراقي في العصر العثماني
- ابراهيم خليل العلاف*
كتاب جديد للاخ والصديق الاستاذ الدكتور شريف بشير أحمد بعنوان ( الشعر العراقي في العصر الوسيط والعثماني :حيوية الرؤية والمصطلح ) صدر عن دار تموز ديموزي للطباعة والنشر والتوزيع بدمشق الشام - الجمهورية العربية السورية 2021 ووصلتني نسخة من الكتاب مشفوعة بعبارات من المؤلف افخر بها وانا اشكره على ذلك على جهده الطيب الذي تعودناه منها .والاستاذ الدكتور شريف بشير أحمد استاذ واكاديمي وكاتب كبير يعمل استاذا للادب العربي الحديث في كلية الاداب بجامعة الموصل ، وقد عرفته باحثا اصيلا ، وكاتبا متميزا يمتلك رؤية واضحة ، وفكر فذ ، وله القدرة على الاجتهاد في التوصيف ، وصياغة المصطلح ، والمفهوم يقرأ التراث الشعري والادبي العراقي ليس بعقلية القارئ العادي بل بعقلية الناقد المتجدد لهذا تأتي اجتهاداته واحكامه متوافقة مع عمق ثقافتنا العربية الاسلامية ومنجزاتها الحضارية عبر العصور .
في هذا الكتاب ، نجد ان المؤلف ، وبجهد كبير ، استطاع ان يثبت ان الامة بالرغم مما واجهته من نكبات سياسية اثر سقوط عاصمة العباسيين بغداد على يد المغول 1258 ميلادية ، لم تخمد حركة الادب ، والثقافة فيها ، ولم تكن الفترات التي اعقبت 1258 ميلادية (مظلمة) بل كما اسميها انا (مظلومة ) ...مظلومة لانها لم تدرس كما يجب .
وأنا اقرأ ما كتبه الاخ الاستاذ الدكتور شريف في هذا الكتاب ، تذكرت شيخي واستاذي قبل خمسين سنة الاستاذ الدكتور جعفر حسين خصباك ، وهو يسقرئ هذه الفترة ويدرسنا ما كانت عليه من حيوية ثقافية وادبية عوضت عن الجمود السياسي فالانهيار السياسي والتمزق السياسي لايعني دوما اضمحلال الفكر وغياب الادب وفقدان الشعر .. بالعكس قد يكون الانهيار والتمزق السياسيين حافزا لأجتهاد الادب والشعر الذي يساعد نهوضه على نهوض الامة كلها وهو ما حدث والثمار كانت يانعة فما احتكت الامة بالغرب حتى بدأت رياح التغيير تهب علينا متمثلة بنهضة القرن 19 المعروفة بمعالمها وملامحها المعروفة ، وارجو من المؤلف ان يتواصل في كتاب آخر جديد مع هذا النهوض .
الكتاب اذا يقلب الموازين ، ويصحح المفاهيم ، ويضع حدا للتعميات الادبية ، والتشويهات الثقافية التي كانت تشطب على سبعة قرون من تاريخ هذه الامة بدعاوى غير علمية لابل اقول بدعاوى كيدية عن سبق اصرار وترصد ولكي يجعلوا من هذه الفترات سوداء .
وهنا لابد ان اتذكر اننا ونحن ندرس مادة (الدويلات الاسلامية ) قبل خمسين كنا نشعر ان ثمة بؤرا ثقافية وأدبية ناشطة في العديد من مناطق الامة ، تنوعت فيها المرجعيات ، واللغات ، واللهجات ، والاقوام ، والعناصر ، والشعوب كانت - اقصد هذه البؤر- فاعلة ، وقوية التأثير .
في المقدمة التي وسمها بعبارة ( نبض الحقيقة وحضور الثقافية ) ثم جاء التفصيل عبر عناوين ذات معنى : سلطوية الثقافة في العصر العباسي - الادب العربي في العصر العثماني - سيرة المصطلح واشكالية التوصيف وعقدة التسمية في آثار الدارسين - المرأة :الواقع والمثال قراءة في شعر شهاب الدين التلعفري - الشعر المحبوط الطرفين في القرن 14 الميلادي صفي الدين الحلي انوذجا - نونية صفي الدين الحلي قراءة نقدية في السياق والتشكيل الصوري - الصورة البصرية والرؤية الموضوعية في شعر شهاب الدين الموسوي - البطل في شعر علي بن خلف الحويزي - حركية الصورة في شعر عثمان بكتاش الموصلي - جماليات الطبيعة في الشعر الموصلي في القرن الثامن عشر الميلادي - مقدمة القصيدة في الشعر المموصلي في القرن الثامن عشر الميلادي الثاني عشر الهجري .
الكتاب - بحق - يُسهم في تقديم رؤية تأويلية - مصطلحاتية معاصرة لتراثنا الشعري العراقي في العصر العثماني ، والذي امتد لدينا عبر اربعة قرون من مطلع القرن 16 الى مطلع القرن العشرين الميلادي أربعة قرون ، لم تكن الامة فيها خاملة ، ولم يكن العراق بولاياته العثمانية الثلاث الموصل - بغداد - البصرة خاملا ، واية قراءة ضمن هذه الرؤية وكما فعل المؤلف ونجح ايما نجاح ستساعد في استيعاب حركية الصورة ، وحيوية الفكر ، وجماليات التشكيل الشعري العراقي في العصر العثماني .كما سوف تتيح الفرصة لمحاورة جادة مع هذا الشعر لتظهر من خلال هذه المحاورة القيمة اللغوية ، التركيبية ، والجمالية له . فضلا عن انها ستُظهر الشاعر العراقي مُتحكما بوعيه ، وموهبته ، وابداعه وكفاءته التصويرية التي اقام بها كيانه الثقافي .. ونستطيع الاتيان باسماء العديد من الشعراء العراقيين الذين كان لهم الدور الفاعل في ابقاء شعلة الاداب في العراق ، متقدة مضيئة ، وهذه الشعلة هي نفسها التي التقطها شعراء من نسميهم (شعراء النهوض الجديد) . ومما يفرح حقا ان كل العراقيين بمختلف اطيافهم ، وتنوعاتهم، وتشعباتهم القومية واللغوية ، اسهموا في هذا النهوض .
ابارك للاخ الاستاذ الدكتور شريف بشير أحمد استاذ الادب العربي في العصر العثماني بجامعة الموصل - العراق هذا الجهد الاكاديمي المتميزة واعود لاردد الكلمة التي قلتها له وهو يناولني نسخة كتابه :" انظر اليك رمزا في الجامعة " فهنيئا لك وانت من الرموز القلة وليس من الارقام وهم كثر .
*اكاديمي متمرس كاتب ومؤرخ عراقي من الموصل 7-4-2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق