الثلاثاء، 21 أبريل 2015

قصة قصيرة فقاعة حب بقلم : ثبات نايف

 قصة قصيرة 
فقاعة حب
بقلم : ثبات نايف
اطلق والده عليه اسم مزهر فقد ولد في شهر نيسان الذي تتحول فيه بساتين قريته الجميلة بهرز الى جنة من جنان الله على الأرض ، اشجار الرمان والبرتقال تتزاحم بعضها مع 
بعض فتتشكل لوحة من ظلال وارفة متداخلة ... وكم كان يجنح به خياله إلى حوارات بينها
احيانا مضحكة . فهذه تباهي جارتها كم هي جميلة بازهارها البرتقالية الصارخة وفوائد ثمارها ، والجارة تتباهى بلون ازهارها البيضاء لون النقاء والصفاء ولاتنسى ان تعدد فوائدها .
وهو منذ طفولته كانت عيناه مشدودة الى تلك الأزهار ، يراقب مراحل نضوجها فصولا تتبعها فصول . وما ان اشتد عوده حتى بدأ يتسلق الاغصان العالية منها ويقطف من الأثمار أكبرها وأكثرها اغراءا للعين .
ذات يوم من أيام مراهقته الفتية تسلق شجرة رمان عالية تتدلى أغصانها على مجرى نهر خريسان في نقطة دخوله القرية ينساب رقراقاً فوق كتل الرمال والحصى الملون . كان مع ابن عمه علي .
قفزت ضفدعة من مخبئها فمد يده لالتقاطها ، لكن قدمه انزلقت وتدحرج وهو يحاول يائسا تثبيت نفسه حتى استقرفي ماء النهر . لحظات حرجة مرت عليه قبل أن تنجده يد ابن عمه وتسحبه الى الاعلى مبللا بالماء .. و
- ما هذا ؟
صاح ابن عمه وهو يرى الدم وقد لوث دشداشته البيضاء
مد يده الى فمه ثم نظر اليها وقال
- انكسرت سني !
في القرية مركز طبي صغير فيه طبيب شاب يعالج كل الأمراض ما عدا الاسنان .
قررا الذهاب إلى مركز مدينة بعقوبة فهناك عيادات خاصة للأطباء حسب تخصصاتهم .
قالت له طبيبة الأسنان الشابة :
- هذه السن يجب خلعها ، وكذلك الثانية ، فقد تكسرتا تماماً !
لم يجبها شيئا فقد كان مأخوذا بجمال وجهها ....فجاءها الجواب من علي ابن عمه :
- كما ترين دكتورة .
حقنت في فمه مخدرا موضعيا ثم قلعت السن الاول وهي تقول
- أسنانك تالفة لا أظن أنها ستصمد ضد الزمن ، عد إلي غداً لأقلع السن الأخرى .
ابتسم في وجهها وأراد ان يقول شيئا لكنه سكت .
بعد أسبوع نظر في المراة فرأى وجهها يبتسم له . لابد أن يذهب مرة ثانية لرؤيتها
طلب من أمه نقوداً أكثر مما اعتاد أن يطلبه كل يوم .استقبلته الدكتورة بابتسامة تسللت الى نفسه فجاشت بمشاعر حب رفعته من على الارض وطارت به .
أدمن الذهاب اليها بين حين واخر لتنظر في فمه وترى ان كان هنا في اسنانه ما يستحق القلع أو التداوي او لاشيء من هذا وذاك فتبتسم في وجهه ويسعد بمتعة التحديق في وجهها . أراد نسيانها بعد جلسات تأنيب من ابن عمه :
- ما لذي تأمله من حب من طرف واحد وكل هذه الفروق بينكما ؟!
لم يعرف جوابا للسؤال . حتى كان يوم قرر فيه أن يصارحها بحبه . وعندما ذهب في ذلك اليوم كانت عيادتها مقفلة وعلى الباب قرا لافتة كتب عليها (للإيجار ) .
لقد نقلت الى بغداد قال لابن عمه وعيناه تمتلئ بالدموع . فقهقه علي وهو يطيب خاطره :
- الحمد لله أنها ذهبت قبل أن تقلع كل أسنانك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...