موعدٌ أدركته الرصاصةُ
شعر : ا.د. بشرى البستاني
غامضٌ كشذى الشُّرفاتِ التي كم كذبتُ عليها
وقلتُ لها: أنتَ فيها العبيرُ
وما كنتَ فيها..
ولكن قلبي يشكلُ وجها كوجهكَ..
يُطلق في جسدي شجراً يتفجَّرُ بوحاً
ونخلاً وعطراً ونحلاً
ويمتدُّ بحراً يضمُّ إليه البوادي التي أحرقتني
لماذا ذهبتَ
انتظرتك حين اوى الناس نحو مضاجعهم
كي أداري دماً كان يرسم خطوي اليك،
أداري العذابَ الذي كان يشعل برق الشواطئ،
يفضحني البرقُ،
كان العراقُ جريحا على كتفي،
كان دجلةُ يضفرُ شعري
ويمسح طلَّكَ فوق جبيني،
أقولُ، لماذا ذهبتَ وخلَّيتني
لا تخفْ، لن أقول لهم:
كنتَ سُنبلتي وردائي
وكنتَ الرياحَ التي سجنتني
وصحراءَ عمريَ كنتَ ومائي..
وكنت تشدُّ جراحي،
وتجلو بعطركَ ضوءَ عيوني،
وكان النخيلُ على الضفتينِ يراودني
والمحطاتُ لهفى
ودجلةُ كانَ أسيري، وقلبي أسيرَكَ،
والليلُ يجثمُ فوق المدى.
تقولُ، سآتي.
فينفتح الليلُ عن بهجةٍ وقناديلَ،
عن غُربةٍ ومناديلَ
عن وجعٍ يتلفتُ، عن لهفةٍ واجفةْ.
وتبكي الملاذاتُ، أعرفُ،، لن نلتقي
فالصواري هوتْ، أنتَ أغويتَها ثم غادرتَ
أنت رسمتَ المياهَ مواعيدَ للحبِّ
فارتبك الوقتُ في لحظتينِ
انقسامُهما يزدري خوفَنا، ويضيع الصدى.
الحقائبُ تائهةٌ مثلنا،
مرةً تقتفي خطونا..
مرةً ترتديها عناقيدُ محنتنا
مرةً تتأبط أنهارنا
وتسيرُ على ضفة الحلمِ
تشربُ رغوةَ خيبتنا
والخريفُ يحاصرنا دمعةً، دمعةً
ويراودنا لوعةً، لوعةً
وأقولُ، تعالَ
فلا يتلفَّتُ غيرُ الصدى
أسيرُ إليكَ ولكنّ ظلي حجرْ
أمدُّ يديَّ إليكَ فيهوي قمرْ
وترتبكُ الأرضُ مذعورة بالدوارِ
تدورُ المواعيدُ
ما بين خصري وزندكَ يشتعلُ الأرجوانُ
وتهفو السماءْ.
وما بين خطوي وخطوكَ يشتعلُ الدغلُ أزرقَ
تنهضُ جمرةُ قلبيَ غرّاءَ
تدنو المواسمُ مني فأبكي
وتمسحُ دمعيَ، أصرخُ:
ما للسماء اختفت في نشيجي
هو البحرُ يجمعُ كان شتاتي
ويغفو على سعفةٍ في أريجي
هل البحرُ أحنى من القلبِ
هل كان صوتك أحنى من الموجِ
أم كان دمعيَ أحنى من الكلمات..
هي الكلماتُ التي خاتلتنا
وأغوتْ بنا الليلَ،
ما كان بيني وبينكَ غيرُ جدارٍ
وياقوتةٍ كاذبةْ
وغير مواويلَ عزلاءَ ما ضمدت جرحنا
والسماءُ تنزُّ سلاسلَ من لهَبٍ والرصاصْ
يتصاعدُ، يهوي
قرنفلةٌ تستغيثُ بلؤلؤةٍ من عبيرْ
وقلبيَ حقلٌ لمعركةٍ أنتَ ربّانُها،
الليلُ يغفو على وردةٍ من سعيرْ
***
فرغ السحابُ من العتابِ
وقرَّت الكلماتُ في القاموسِ
مغتربٌ رسولُ الحبِّ ما بيني وبينكَ
لا دليلَ على الدروب
يفترُّ صوتكَ، علميني كي أضيءَ لأشتريكِ
نصفكِ امرأةٌ،
ونصفٌ آخرٌ رمانةٌ جذلى
وحلمٌ يستريبُ
الحربُ تلعننا، المدينة كلما ضاقتْ
تلفتت الجبالُ فيومئُ البحرُ الغريبُ
والغرفةُ انكفأتْ
سريرٌ فارغٌ
وعلى المقاعدِ في الدجى
غارتْ ندوبُ
بغمامةٍ ناريةٍ تلتفُّ
يشتعلُ الحريرُ على منافي الحلمِ
نخلُ من دمٍ، برقٌ يغالبُها، وغزلانٌ تلوبُ
لا تبتعد صاحتْ،
ففزَّ الجلَّنارُ وأيقظ النارنجَ
يبكي الحقلُ، في أدغالهِ ينسابُ ناي.
**
أناديكَ ليلاً
فيصحو اليمامُ ويلتفتُ الأرجوانْ
موعدٌ أدركته الرصاصةُ
إن الحديقة مُرهقةٌ بالذي كانَ
إنَّ المدارَ قصيٌّ
وأنتَ عصيٌّ
وقلبيَ يُطلقُ شارته في الزحامْ
موعدٌ أدركته الرصاصة
المؤرخ العالم الجليل والأديب المبدع الأستاذ الدكتور ابراهيم العلاف ، كم أنا سعيدة بوجودي في حدائقك الغناء الباذخة بثمرها ، والمضيئة بنور فكرك وعلمك ومعارفك ، شكرا لجمال ذوقك وسمو روحك وأنت تعطي للشعر حيزا مهما في مدونتك الزاخرة بقعل القيمة ، دمت أخا رائعا ، وعالما ذا رسالة وطنية نبيلة وصافية المقاصد ، من أجل عراق عربي موحد يلتفُّ حوله شعبنا الأصيل بعيدا عن عوامل الفرقة والحقد والنفس الطائفي المقيت ، وقريبا من الحب والتسامح والغد الأبهى وما ذلك على الله بعسير ... تقبل امتناني معطراً بأجمل التحية والاعتزاز.. أختك ، بشرى البستاني
ردحذفإنهاء الدردشة