الأحد، 19 أبريل 2015

زيارة الدكتور حيدر العبادي الى واشنطن : قراءة أولية ا.د.ابراهيم خليل العلاف

زيارة الدكتور حيدر العبادي الى واشنطن : قراءة أولية
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
قام الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء بين 15و17 نيسان الجاري 2015 بزيارة لواشنطن تعد الاولى له بعد تسلمه منصبه رئيسا لوزراء العراق . وقد اجتمع مع الرئيس باراك اوباما ونائبه جو بايدن وعددا من المسؤولين الرئيسيين ، والقى محاضرة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن .. وعاد الى العراق مع الوفد الذي رافقه وضم عددا من الوزراء والنواب منهم وزراء الخارجية والنفط والتعليم العالي ليواجه الكثير من التحديات ، وعلى كافة الصعد ، وكلها تحتاج الى حل .
قبل الزيارة كانت ثمة احاديث عن طلب سيقدمه الدكتور العبادي بشأن شراء اسلحة بالآجل لكن انتهت الزيارة ولم يتمخض شيء بشأن هذا الموضوع .
ومن المؤكد ان الدكتور سمع من الرئيس اوباما ما يجب ان يسمعه والشيء المهم ان اوباما أشار الى النفوذ الايراني المتزايد في العراق والظهور المتكرر للميجر جنرال قاسم سليماني فإضطر الدكتور العبادي لان يظهر امتعاضه من هذا الظهور وقال انه تحدث مع الحكومة الايرانية حول ذلك فأنكروا ان تكون لهم صلة بهذا الموضوع ، وقال العبادي ان ظهور سليماني استفز ليس مشاعر جهات سياسية واجتماعية معينة ، وانما استفزه هو ايضا .
وفي هذا الصدد فأن هذا الوضع سوف لايساعد على استمرار صناع القرار في العراق في سعيهم السابق للموازنة بين النفوذين الاميركي والايراني ، واصبح في ضوء ما تريده واشنطن ان يحدد العراق سياسته من ايران لاسيما وان المنطقة اليوم تشهد تحولات جديدة ابرزها انطلاق [عاصفة الحزم ] في وجه التدخل الايراني في اليمن من خلال دعمهم للحوثيين في السيطرة على مقدرات الدولة اليمنية . ومن المؤكد ان ما سيواجهه الدكتور العبادي من حلفاءه في قوى التحالف الوطني سيكون ليس سهلا خاصة وان ثمة قوى ترفض تحجيم النفوذ الايراني وتعده ضروريا للعراق في هذا الوقت بالذات .
الاميركان قالوا للعبادي انهم لايستطيعون ان يعملوا وميليشيات الحشد الشعبي تصول وتجول مترافقة مع قادة عسكريين ايرانيين وقالوا له ان هذا السبب كان وراء احجامهم عن المساعدة في تكريت ولفتوا نظره الى ما تعرضت اليه تكريت من سلب ونهب وحرق .
كذلك عمل الاميركان على إشعاره بأن لاشيئا تحقق من الوعود التي اطلقها بشأن التوازن .. وبشأن المعتقلين .. وبشأن المصالحة الوطنية .
وقع الدكتور العبادي في خطأ دبلوماسي عندما انتقد التدخل السعودي في اليمن وقال ان الاميركان يشاركونه في هذا الانتقاد وهذا مما دفع الاميركان الى تكذيب ذلك ودافعوا عن انفسهم واستغربوا من اين جاء الدكتور العبادي بهذا الكلام . صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نقلت عن العبادي قوله: " إن القتال في اليمن قد يشعل الحرب في المنطقة بأسرها، وأشار بعد محادثات في واشنطن إلى ان المسؤولين الأمريكيين يشاركونه مخاوفه ويرغبون في وقف هذا الصراع بأسرع ما يمكن" .
الدكتور العبادي ووزير خارجيته الدكتور ابراهيم الجعفري لديهم الرأي نفسه بخصوص انتقاد السعودية .. والسبب واضح انهما لايريدان ان تزعل ايران في ما اذا قالا خلاف ذلك وهذا مما جعل الدكتور العبادي إزاء النفي الاميركي الى التراجع ونفى ان يكون قد قصد السعودية وانما كان يقول ان اي تدخل عسكري في اليمن سيزيد حالة الانقسام فيه ولابد من الجلوس على طاولة المفاوضات وحل الموضوع سلميا وهو الرأي الايراني نفسه . السودية غضبت من تصريح الدكتور العبادي وسارع سفيرها في واشنطن عادل الجبير الى عقد مؤتمر صحفي للرد على الدكتور العبادي قال فيه : " ينبغي على المسؤولين العراقيين ان يشعروا بالقلق مما يجري في بلادهم " .كما قال المتحدث بإسم مجلس الامن القومي الاميركي :" اننا ندعم بالتأكيد العملية السعودية في اليمن، ولهذا نقدم الدعم الاستخباري واللوجستي للضربات الجوية العسكرية السعودية”، وكان يريد من هذا التصريح ان ينفي بصورة مباشرة اي معارضة لبلاده لهذه الضربات.
ومع ان العبادي تراجع عن تصريحه بشأن التدخل السعودي الا انه عاد امام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ليمتح المساعدة الايرانية العسكرية في مواجهة ما يتعرض له العراق لكنه حاول ان يمسك العصا من الوسط ويرضي الاميركان بأن قال ان على ايران وهي تقدم المساعدة العسكرية للعراق ان تحافظ على سيادة بغداد مؤكدا ان اي دعم ايراني يجب ان يمر من خلال الحكومة العراقية .
وهنا لابد ان نتذكر ونضع في بالنا ان مايجري في اليمن سوف لن يكون في نتائجه بعيدا عن العراق خاصة وانه يتم في حالة نشوء هذا الاستقطاب السياسي المغطى بأردية مذهبية بين السعودية وايران .
دعا الدكتور العبادي ومن سافر قبله من وفود شيوخ العشائر وبعض الوجوه والمسؤولين في مجلسي محافظتي الانبار ونينوى الاميركان الى "زيادة الضربات الجوية " . وهذا ما شجع الدكتور العبادي لان يعلن من خلال محاضرته في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بأن الولايات المتحدة أعربت عن استعدادها لتلبية الاحتياجات الامنية استنادا الى اتفاقية "الاطار الاستراتيجي " الموقعة بين الطرفين .
مما لم يقله أحد أن الاميركان خرجوا بإنطباع ان الدكتور العبادي مُكبل بعدة قيود .. ومع انهم ساعدوه من قبل على ان يتسلم رئاسة الوزراء ويمنع المالكي من ان يتولى الحكم ثالثة الا ان الدكتور العبادي يطمح الى ان يكون مطلق اليدين وهو يتشبث لخلق قوة ضاغطة تساعده في ان يكون رئيسا للوزراء وليس موظفا كبيرا بدرجة رئيس وزراء ومن المؤكد ان رؤساء الكتل - وهم من يصنع القرار من خلال من يمثلهم في مجلس النواب - لايريدون رئيسا للوزراء مطلق اليدين لان ذلك يحجم من دورهم المتنامي ، ويعيق تحركاتهم ، ويقينا أن هذا التقييد ينعكس سلبا على وضع البلاد ومن كل النواحي السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية فتعدد مصادر القرار وعدم وجود من يوحد الاراء في هذه المصادر يضر بالبلد ضررا كبيرا وقد اتضح هذا في مناسبات عديدة منها اضطرار رئيس الوزراء اتباع سياسة سلفه في التعيين بالوكالة ، وكذلك عدم قدرته على الجلوس مع رؤساء الكتل وحتى رؤساء الرئاسات الثلاث على طاولة واحدة لمناقشة الاوضاع والى شيء من هذا القبيل ذكر الدكتور اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية ان لا أحدا يدعوه ولا أحدا يقبل ان يجتمع الجميع للنظر في الاوضاع .
واخيرا فإن الايام المقبلة كفيلة بأن تظهر بعض نتائج هذه الزيارة وتقييم مدى نجاحها او فشلها خاصة وان اجتماعا قد تقررللرئاسات الثلاث في العراق للنظر في ما افرزته تلك الزيارة ومدى انعكاساتها على الساحتين العراقية والاقليمية .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...