الجمعة، 30 يناير 2015

نصوص وصور مع الشاعرة العراقية نضال القاضي

نصوص وصور  مع الشاعرة العراقية  نضال القاضي



تاريخ النشر: 2015-01-27 06:50:21

قاسم محمد مجيد..

رقة وجمال وحسّ تخبّئه في داخلها
حين سُئِل اليوت عن المستقبل الذي يتوقعهُ لحضارتنا قال: "القتال المميت... حيث يقتل أحدهم الآخر في الشوارع". وهي نبوءة شاعر قُدّر له إن يبصر حيثيات مستقبل مثخن بالصراعات والحروب وهو ما انعكس على المشهد الشعري باعتباره جزءًا من الحياة التي افتقدت بهجتها وصار السلام أمنية تبدو شبه مستحيلة!
وفي المجموعة الشعرية "بينالي عواء وبسكويت" للشاعرة العراقية نضال القاضي، التي اختارت عنوانا مثيرا، ليس لإثارة انتباه القارئ بل أيضا للمحتوى والمضامين وعمق الرؤية في تلك النصوص والصور ذات الملمح المميز، إذ تشابه النصوص سيرة ذاتية خططت لكتابتها بعناية من العالم المشحون بصور المحنة والاضطراب وتكشف عن رقة وجمال وحسّ تخبّئه في داخلها من الحزن حتى أنّ صباحنا لا يشابه أي صباح آخر في المعمورة:
"يتراكمني الصباح الذي مرة / ابتكرنا له جسما / كان كبيرا عليه / فحشوناه بالملابس القديمة / وقصاصات الجرائد / ثم شتاء تلو شتاء / نسي الناس ام سكتوا / صارت الأزقة لا مكترثة وسكنني الحنين".
فظاهرة النسيان / السكوت بإزاء هذه الصباحات معادل موضوعي للمشهد العراقي بكل غرابته وفجائعهِ. ولأنّ نصوص القاضي متوافقة مع مقولة الكاتب خيري منصور "من بوسعه ان يبدأ بالشعر دون ان يشعر بالأسى" فإنها تغالب شعور الحنين بتلك الصور القديمة عن مدينتها: الحلة / الولادة, المكان, المشهد, والقلب الخاسر:
"هنا يتفرع النسيان / في الإنصاف المغلقة / بالأصابع المفَكّر بها / وقد عادت / تغمض مغارته / قلبي / الخاسر الذي في العشب".

ترتقي نضال القاضي بنصوصها إلى صتع وثيقة وشاهدا على تاريخ بكل أحداثه العاصفة كما في هذا المقطع:
"أحيانا / بجذعِ شجرة .. / استعرْتُهُ مرّةً / في مواجهة ٍمع المحيط / وصلتْ حدّ الضرْبِ بالأيدي / مذ ذاك وهو ينزل الى الأعماق سرّا: تلك إذاً.. / البلادُ التي / عبرتْ كلّ ُسُفنِ الدنيا / كي تحتلَّها".
ولأن الشاعرة عاشت سخونة الإحداث وانغمست في تفاصيلها اليومية عبّرت بشفافية عن الليل الجامد والنجوم الأكثر موتا "والنوق المؤجل ومحنة الفقر المتعدد الجنسية / فالفقر متعدد الجنسية / والعيد أرجوحة ونخلتان".
والإشارة واضحة عن ملاعب الأطفال وأراجيحها الخشبية حيث البراءة والنقاء في مقابل شناعة الحرب حين تكون الهوية المرارة ذاتها فتمنح لنصوصها الحرية في المضي صوب الإنسان المسلوب الإرادة حين يرسم الساسة وراء دهاليز مظلمة مصيره المفجع ويتكشّف الزيف فالديمقراطية شرعنة لنشر قيم الجهل والتخلف وتحديث لواقع الشتات الذي يتعدّى الجغرافيا ليحط طائر خرابه في النفس البشرية فنجد الشاعرة تناجي حمد بطل مظفر النواب:
"يا حمد/ وحمد / شعب يمزق أوراقه في المطارات / ومر بينا مثل مامرينا / ويسكب على زجاج الواجهات اسمه القديم".
وكما ظلت أسئلة الشاعرة بلا جواب في ظل أحداث لا تزال تضرب بقوة يطالعنا نص عن "كنيسة سيدة النجاة" كنداء الى مسيحيينا بالبقاء والتمسك بوجودهم:
"ماذا كتم الظلام / وفي نهارات مكشوفة / عراقيون لا ظهر لهم / كفلسطيني في بغداد".
إنّ تجربة الشاعرة نضال القاضي تزداد وعيا بصناعة القصيدة سيما وان أولى مجاميعها الشعرية الموسومة "ودائع المعول عليه" قد صدرت في عام 2001 عن مطبعة المدى ببغداد.
ديوان "بينالي عواء وبسكويت" صرخة شاعرة بوجه الظلم والمصير الإنساني المنحدر بقوة نحو الهاوية.

*http://www.alsabaah.iq/ArticleShow.aspx?ID=57568

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة

  عبد الستار ناصر وطقوس الكتابة -ابراهيم العلاف ولا اكتمكم سرا ، في أنني احب القاص والروائي العراقي الراحل عبدالستار ناصر 1947-2013 ، واقرأ ...