"الانقلاب الدامي
"..كتاب للدكتور حامد البياتي
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
كتاب :" الانقلاب الدامي " THE
BLOODY COUP للدكتور حامد البياتي له عنوان فرعي هو
"الخفايا الداخلية ،اوضاع السياسة الاقليمية ،ودور المخابرات الغربية "
وقد صدر في لندن سنة 1996 وظهرت له طبعة ثانية سنة 2000 عن دار الرافد ، وللكتاب
ترجمة عربية في تموز سنة 2000..
وقد قال مؤلفه ان كتابه يتناول"
انقلاب 8 شباط 1963 في العراق في الوثائق السرية البريطانية "
.ويضيف إن من اسباب إهتمامه بالموضوع هو كثرة مراجعاته لدائرة السجلات البريطانية
ايام كان يحضر لموضوعة الدكتوراه التي كان يكتب عنها سنة 1986 وهي عن "إقليم عربستان والصراع
الحدودي بين العراق وايران والصراع الدولي في منطقة الخليج العربي " .. وكيف أن أستاذه المشرف الذي لم يذكر إسمه ولا اسم الجامعة التي تقدم بإطروحته اليها ،طلب منه
ان يرجع الى دار الوثائق البريطانية التي هي في الحقيقة " دائرة السجلات العامة"
BUBLIC RECORD
OFFICE والمعروفة إختصارا ب"B.R.O "
للاطلاع على الوثائق السرية لوزارة الخارجية البريطانية والسفارات والقنصليات
البريطانية في المنطقة .
وبعد الانتهاء من دراسته ظل يتردد على
مايسميه :"دار الوثائق " ومراجعة الوثائق المتعلقة بتاريخ العراق
المعاصر ..وكان من الطبيعي ان يواجه صعوبات في الترجمة وفي قراءة الوثائق المكتوبة
بخط اليد شأنه شأن أي باحث عمل في هذه الدائرة الواقعة في كيو غاردنز بلندن .
يقول المؤلف انه بدأ بمطالعة الوثائق
المتعلقة بإنقلاب 8 شباط 1963 في كانون الثاني 1994 بعد أن سمح بالاطلاع على هذه
الوثائق لمرور ثلاثين عاما على وقوع الانقلاب .ولكنه يعود وبعد سطر واحد ليتحدث عن
قصة حصوله على كتاب "المنحرفون " الذي اصدرته حكومة المشير الركن عبد
السلام محمد عارف بعد انقلاب 18 تشرين الثاني 1963 . ويعود ليقول أن اهمية الوثائق
البريطانية حول انقلاب 8 شباط 1963 تكمن في اعطاء صورة عن موقف بريطانيا من
الانقلاب وتقييم مسؤوليها عنه ، وموقفها من سقوط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم
1958-1963 .
والنقطة المهمة التي يثيرها المؤلف الدكتور
حامد البياتي –وهي صحيحة جدا – ان المكشوف " من هذه الوثائق يعكس فهم
الدبلوماسيين البريطانيين والحكومة البريطانية للاحداث من خلال المراقبة المباشرة
او من خلال ما ينقل لهم عن طريق الوكلاء والمتعاملين مع السفارة وهو ليس بالضرورة
ما يحدث على أرض الواقع " .
ويعود ليؤكد حقيقة أخرى يدركها كل المتعاملين
مع الوثائق البريطانية من الباحثين وطلبة الدراسات العليا وهي :" ان ما
سنطرحه من آراء يعكس وجهة نظر البريطانيين والدول الاخرى ذات العلاقة بالاحداث
وليس وجهة نظرنا ولغرض البحث العلمي فإننا لن نطرح رأينا حول الاحداث كما أننا لن
نطرح آراء الباحثين الاخرين والسياسيين والكتاب لكي نعطي صورة واضحة للاحداث من
خلال الوثائق البريطانية فقط " . ويقينا انه، ومنذ البدء ، قرر حقيقة مهمة وهي ان ماهو مكتوب
في الوثائق البريطانية قد يمثل آراء واجتهادات وافكار الموظفين البريطانيين ابتداء
من السفير وانتهاء بوزير الخارجية وحتى رئيس الوزراء فالوثائق قد تعكس اراءهم وقد
تعبر عن آمالهم او قد تظهر مدى حبهم او كراهيتهم لمن يكتبون عنه فما يكتبونه ليس
للنشر العام بل لتداول المعلومات بين صناع السياسة وأدواتها ومن هنا قد يتفق معي
الدكتور حامد البياتي وانا مثله تعاملت مع الوثائق البريطانية في ان الوثائق
البريطانية ينبغي ان تؤخذ من الباحثين بحذر وان تقارن معلوماتها بما يتوفر لدينا
من مصادر اخرى كالاوراق الخاصة والكتب
الرسمية والمذكرات الشخصية والصحف .كما ان من الوثائق ماهو سري للغاية وقد لايفصح
عن بعضها الا بعد مرور خمسين عاما ومعنى هذا اننا يجب ان ننتظر لكي تتكامل لدينا
الصورة عن ما حدث في 8 شباط عشرين سنة اخرى .
الكتاب يقف عند البرقيات التي ارسلها السفير
البريطاني ببغداد حول احداث الانقلاب وشخوصه ومواقفه وتوجهاته وتكاد نصوص الوثائق
تشغل الصفحات من 23 الى الصفحة الاخيرة من
الكتاب وهي الصفحة 287 .. وال23 صفحة
الاولى من الكتاب هي عبارة عن عنوان الكتاب باللغتين العربية والانكليزية ، وفهرست
المحتويات ، ومقدمة الطبعتين الاولى والثانية والملاحظات على الوثائق وكل جهد المؤلف انصب على إيراد نصوص برقيات العاملين في السفارة البريطانية وفي
مقدمتهم السفير البريطاني وكلها تشرح وضع العراق قبل الانقلاب وبعده سواء فيما
يتعلق بسياسات الزعيم عبد الكريم قاسم
وموقفه من القضية الكردية ومن قضية النفط ومن قضية الكويت والقضايا الداخلية الاخرى او ما يتعلق بمظاهرات
الطلبة واضرابهم ومواقف القوى السياسية القومية وكل ما يمكن الخروج به من استنتاج
ان الاميركان والبريطانيين كانوا مستعدين ”لدعم أية حركة انقلابية ضد قاسم "
.(ص79 )
كتاب مهم والكاتب سهل على الباحثين أمر جمع
الوثائق المتعلقة بإنقلاب 8 شباط 1963 وترجمتها
تمهيدا لدراستها والافادة منها ويقينا انه جهد يشكر عليه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق