الثلاثاء، 27 يناير 2015

فصول من مجزرة الموصل الدامية في آذار 1959 ..حتى لاننسى ا.د.ابراهيم خليل العلاف

فصول من مجزرة الموصل الدامية  في آذار 1959 ..حتى لاننسى
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل
قبل أيام إستعار مني أحد الاصدقاء ، كتاب الاستاذ المرحوم هلال ناجي الموسوم : "حتى لاننسى : فصول من مجزرة الموصل الدامية التي أعقبت فشل ثورة الشواف في 8 آذار سنة 1959 ، فوجدتها بعد ان أعاد  لي الكتاب  فرصة لتقليب صفحاته مرة اخرى بعد انقطاع طويل عنه وعن الحدث الدامي .
والكتاب بمثابة "وثيقة تاريخية " قيمة ، وقد طبع مرتان الاولى في دار الكرنك بالقاهرة سنة 1962 والثانية في المكتبة العصرية سنة 1963 .وكما هو معروف فإن مجزرة الموصل الدامية تُعد نقطة تحول كبيرة ليس في تاريخ العراق فقط ، وانما في الشرق الاوسط  ، ذلك أنها وضعت نهاية مأساوية للحركة الشيوعية العربية التي ارتكب ممثليها في الموصل جرائم يندى لها جبين الانسانية .
ولم تقتصر تلك الجرائم على القتل فحسب بل اتسعت لتأخذ صيغ السحل والتمثيل ، وتعليق الجثث على اعمدة الكهرباء وحرقها . وللاسف فإن الشيوعيين كانوا مصممين – منذ ان افسح لهم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة - المجال لارسال قطار ما اسموه :"قطار السلام " الى الموصل .. كانوا مصممين كما كتبت جريدتهم :"إتحاد الشعب " قبل الاحداث "على كسر شوكة القوى القومية " .لذلك ما ان وصل قطارهم قطار الحرب الا وبدأ استفزازهم للسكان وقيامهم بتنظيم مظاهرات وحرقهم المقاهي والمكتبات العائدة للقوميين بقصد تصفية  "قلاع القومية العربية في الحدباء الباسلة " هكذا كتب الاستاذ هلال ناجي ، وحتى يتاح لهم اختبار عملي لمدى نجاح اساليبهم الدموية فيما لو طبقت على نطاق واسع يشمل العراق كله ، وحتى تكون مساهمتهم تظاهرا عمليا بالاخلاص والولاء للزعيم يقفزون عن طريقه الى الحكم ، بعد أن ينجحوا في بث الرعب في قلوب كل خصومهم .
والواقع ان ثورة الموصل او كما سميت ثورة الشواف  او حركة الشواف ، قد منحت الفرصة للشيوعيين ليعتقلوا جل القوى القوى القومية في العراق ويودعوها السجون والمعتقلات . فضلا عن قيامهم بسفك دماء المئات من خيرة المناضلين الوحدويين الاحرار .كما منحهم فشل الثورة الفرصة للسيطرة التامة على كل النقابات المهنية والعمالية بالاكراه والتزوير والارهاب الذي اباحته لهم ظروف مابعد الحركة المسلحة بإعتبارهم موالين للحكم القاسمي ، بالاضافة الى سيطرتهم التامة على تنظيم "المقاومة الشعبية " عن طريق تصفية وطرد واعتقال جميع العناصر غير الشيوعية وقد صارت لهم في بعض الاماكن محاكم بروليتارية مزيفة تتهم وتحاكم وتشكل حكومة داخل الحكومة .
يقينا ان احداث ما بعد فشل حركة الشواف في 8 اذار سنة 1959 عرت الوجه الحقيقي للشيوعيين ، وأبانت خطرهم على مستقبل العراق .
مما يتضمنه الكتاب من وثائق نصوص قرارات تجريم العناصر الشيوعية في المجالس العرفية العسكرية التي تشكلت بعد ان اتهم الزعيم عبد الكريم قاسم الشيوعيين بأن مافعلوه في الموصل وكركوك لم يفعله المغول من قبلهم،  فلم يمض وقت طويل حتى تنبه الزعيم عبد الكريم قاسم الى ما يقوم به الشيوعيين ، فشكل المجلس العرفي العسكري الاول ببغداد بتاريخ 26 كانون الاول سنة 1960 برئاسة الزعيم (العميد ) شمس الدين عبد الله ليحاكم من أحالهم الحاكم العسكري العام اليه ، وهكذا بدأ القصاص وأوقف وحوكم عدد كبير من الشيوعيين منهم : الرئيس مهدي حميد وعدنان حمدي جليميران وشاكر محمود اللهيبي واسماعيل حامد الشخيتم وهاني هبونة وعصمت بيروزيني وشموئيل ملك بكو واحمد محمود العبد الله وغيرهم وكانت التهم قتل الشهداء اسماعيل الحجار وهاشم الشكرة وشيت كشمولة ونوري الفيصل وعبد السنجري وادريس عمر كشمولة واخرين .
كما تشكل المجلس العرفي الثاني في معسكر الرشيد بتاريخ 26 نيسان 1961  برئاسة العقيد شاكر مدحت السعود والذي حاكم مجاميع اخرى من الشيوعيين الذين كانوا وراء احداث دهوك وغيرها والتي راح ضحيتها عدد من الشهداء منهم الدكتور  الطبيب سعد الدين ابراهيم الجلبي والاستاذ قاسم الخشاب  مأمور المركز والاستاذ عبد الله الجبوري قائمقام قضاء دهوك .
قدمت في المحاكم خلاصة للاحداث، واستمعت للشهود وقدرت الادلة...الاستاذ هلال ناجي قدم في كتابه نصوص المحاكمات وارفق بذلك صورا لمن تم قتلهم وسحلهم كما نشر صورا للشهداء الضباط الذين اعدمهم الزعيم عبد الكريم قاسم وفي مقدمتهم الزعيم الركن ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري واخوانهم كما نشر وصاياهم وكل ما يتعلق بذيول هذه المأساة الدامية .
وفي الكتاب "شهادة تفصيلية قدمها الاستاذ اياد رشاد البناء " من سجون نظام الزعيم عبد الكريم قاسم وبعنوان :" من مآسي التعذيب كما رآها لنا أياد البناء " منذ اعتقاله في 12 آذار سنة 1959 .كما تضمن الكتاب مآسي عوائل موصلية من قبيل عائلة اليامور وعائلة كشمولة وعائلة المفتي وآل عموري وغيرهم .

كتاب وثائقي مهم وجدير بأن يقرأ ، وتؤخذ منه العبرة لكي نتجنب مستقبلا  كل ما يمكن ان يؤدي الى إحداث الفرقة بين ابناء الشعب الواحد . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....