إياد سعيد ثابت 1930-2015 الثائر العروبي الكبير ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                                         إياد سعيد ثابت

                                                                        يسرى سعيد ثابت

   إياد سعيد ثابت 1930-2015 الثائر العروبي الكبير 

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ متمرس -جامعة الموصل

في يوم 8 من كانون الثاني –يناير  2015 رحل المناضل والثائر العروبي الكبير الاستاذ إياد سعيد ثابت عن عمر ناهز ال85 عاما ..وقد تألمتُ كثيرا لفقدانه لانني علمتُ بوفاته والنت كان مقطوعا عنا .. عن الموصل بسبق إصرار وانتظرتُ حتى تمكن الاخوة في بعض  شركات الاتصال من ايجاد حل وربط المنظومة بالاقمار الصطناعية  بدلا من الكيبل الضوئي . تألمتُ لانني لم استطع ان أكتب عنه في حينه ؛ فمثل الاستاذ اياد سعيد ثابت لايمكن الا ان نؤبنه ، ونستذكر نضاله الذين كنا نسمع عنه ونراه ونحن اطفالا في المدرسة الابتدائية .

الاستاذ اياد سعيد ثابت .. من أسرة موصلية عروبية اسلامية عريقة ووالده  سعيد الحاج ثابت ، كان من رجالات الحركة العربية القومية ومن رفاق الملك فيصل الاول . كتبت عنه  في كتابي :" شخصيات موصلية " . واياد سعيد ثابت نشأ في بيئة الموصل العروبية ، وتأثر بجهاد والده وانتمى الى التيار القومي  العربي  ، وأسس  حركة الاشتراكيين العرب وهي حركة ناصرية  كان لها حضور فاعل في منتصف الستينات من القرن الماضي وقد خطط لاغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم 1958 -1963  وكان مسؤولا عن التنفيذ ، بعد ان انحرف بثورة تموز 1958 واطلق العنان للحزب الشيوعي لكي يرتكب ما إرتكب من قتل بحق العناصر القومية في اكثر من مكان في العراق .

 وممن قتل من عائلة الاستاذ اياد سعيد ثابت الشهيد لؤي ، والشهيد باسل ، والشهيد يعرب كما اعتقل النظام  شقيقته يسرى والتي عُذبت  بفظاعة كما عُذب زوجها حميد مرعي في السجن .

وقدم  الاستاذ إياد سعيد ثابت وزوج شقيقته يسرى ويسر نفسها الى المحكمة العسكرية العليا الخاصة وحوكموا  . كان  الاستاذ اياد سعيد ثابت يقف في المحكمة شامخا يدافع عن نفسه وجماعته . وفي مسار أربد من يوم 26 شباط 1960 اصدرت المحكمة العسكرية العليا الخاصة التي عرفت بمحكمة المهداوي الحكم بالاعدام شنقا على اياد سعيد ثابت وحميد مرعي ..وبعدها عفا الزعيم عنهما  .

كان اياد سعيد ثابت بعثيا ثم اختلف مع البعث بعد ان كان نائب أمين سر فرع بغداد ..واختار المنفى وعاش لسنوات في القاهرة ولندن وروما وانتابه المرض والعوز، وعاش حياة صعبة ،وقد عاد الى بغداد بعد حرب الخليج الثانية 1991 وبقى عدة ايام وأبى الا ان يقف  مع اهله وهم يواجهون الموت والحصار الجائر .

المرحوم الاستاذ اياد سعيد ثابت له مقالات كثيرة في الصحف والمجلات العراقية والعربية .. وهو انسان  مثقف ثقافة راقية جدا ومتواضع وصبور وطيب ومحب للاخرين وهادئ ودمث الاخلاق ولايختلف على ذلك اثنان ..

كتب عنه عدد ممن يحبونه واستذكروه طويلا  وأكدوا ان  سيرة حياته هي - بحق - سيرة نضال الشعب العراقي من اجل العدالة والعزة والكرامة .قال عنه الدكتور حميد عبد الله :"كانت العروبة بالنسبة له قدرا، والوطن إسما وهوية، ولذلك اختلف عن جميع الثوار، حينما جعلهما  -  الوطن والامة - أكبر من الانتماء السياسي، وهو السبب نفسه الذي منحه شجاعة وبطولة قل نظيرهما في الاوساط السياسية" .واضاف :" كان الهم الوطني والقومي لديه أكبر من أن يحتضنه إطار حزبي وهياكل تنظيمية، فجموحه لا حد له. حاول صنع إطار سياسي خاص به  كي يحمي العروبة، فتنقل بأكثر من إطار وقطر وسجن ومعتقل، كان من بينها سجون رفاق الامس وحلفاء ما بعد الامس، لكنه لم يكفر بما آمن  به بسبب ما عاناه ، بل كان ذلك  يزيده إصرارا على السير في الطريق نفسه. كانت أكبر صفاته  العودة عن الخطأ والاعتراف به من دون خجل، لان لديه ايمان عميق  بأن النضال طريق وعر وشاق، وقد تهتز قيم المبادئ خلال الرحلة فتلقي بالثوار مجبرين في أحضان أخرى قد يحسبونها فاضلة" .. لقد رحل إياد سعيد ثابت وهو الثائر الذي لم يجلس على كرسي السلطة يوما، على الرغم من أنه بذل أكثر من سبعين عاما من عمره في الحركة السياسية، وكان أحد أبرز الذين دافعوا عن قضايا الأمة في فلسطين والجزائر وسوريا ومصر واليمن والخليج والعراق وبقية الاقطار العربية.

اما الاستاذ شامل عبد القادر فأبنه قائلا :" انتقل اياد إلى رحاب الله ، وهو مؤمن إيماناً عميقاً بأمته العربية وانتصارها الحتمي برغم أشكال التآمر الصهيوني والاستعماري الذي استهدفها لإضعافها وتفتيت قواها أو بالتشنيع على أهدافها ورجالاتها وتشويه الحقائق والتاريخ نزولا لرغبات ومصالح استعمارية وإقليمية وطائفية جائرة بعيدة تماما عن قاموس نضال الأمة" .

 رحم الله  الاستاذ اياد سعيد ثابت وجزاه خيرا على ماقدمه لوطنه وامته . ويقينا انه -وان اختلفنا او اتفقنا مع ما قام به - يظل  تاريخه جزءا من التاريخ العراقي والعربي المعاصر .