الأربعاء، 8 مايو 2013

حريم السلطان بين التاريخ والدراما ....للدكتور ابراهيم العلاف

حريم السلطان بين التاريخ والدراما
.............................يسألني عدد من الاصدقاء والصديقات عن مسلسل "حريم السلطان " التركي الذي يعرض حاليا من بعض القنوات الفضائية ، وهل له نصيب في الذكرة التاريخية الحقيقية فأقول انه ظهرت في عهد السلطان سليمان القانوني 1520-1566 وهو الذي تولى السلطنة وعمره 26 سنة ظاهرة خطيرة، وهي تدخل نساء القصر في السياسة الداخلية وخاصة في وراثة العرش وتعيين الولاة والوزراء ولقد لعبت زوجته "روسلينا " وهي في المسلسل التلفزيوني "هيام " دورا خطيرا في عهده .وقد اشار الى ذلك المؤرخ التركي كوجي بك الذي ارخ حوادث سنة 1623 وقال ان الامبراطورية العثمانية بدأت بالضعف في عهد السلطان القانوني واورد اسبابا كثيرة منها ما اسماه "تسلط نساء القصر وتدخلهن في السياسة العامة " مما ادى الى ارتباك الوضع في الدولة .كما كان من العوامل التي اضعفت الدولة انقطاع السلطان عن حضور اجتماعات مجلس الوزراء وقيامه بأسناد المناصب المهمة لرجال لامؤهلات لهم ومنهم خادمه في القصر ابراهيم باشا واسناد منصب رئيس الوزراء -الصدر الاعظم له وتزويجه اخته خديجة .

وفي التاريخ العثماني فترة ندرسها لطلبة قسم التاريخ في الجامعة بأسم "فترة حكم نساء القصر" وامتدت بين 1578-1656 وتتميز هذه الفترة بسيطرة النساء اي الحريم بلغة ذلك الزمن على مقدرات الدولة وحبكهن المؤامرات بعضهن على البعض الاخر ومن اشهر نساء القصر اللواتي لعبن دورا مهما في تلك الفترة بافو Baffo وهذه جارية من البندقية صار لها نفوذ في عهد السلطان مراد الثالث واستمر التدخل حتى جاء السلطان مراد الرابع 1623-1640 الذي وضع حدا لذلك .نعود الى فترة السلطان سليمان القانوني واعتمادا على كتاب "سلطنة الحسان في قصور ال عثمان " الذي يخالطه شيء من المبالغة والاساطير وقد نشر في الثلاثينات من القرن الماضي لنجد ان النساء الحسان لعبن دورا في قصور ال عثمان وكان لهن الشأن الاعظم في تسيير شؤون الدولة حتى قيل ان جميع الوزراء ورجال الدولة الذين تولوا المناصب العالية بعد وفاة السلطان سليمان القانوني سنة 1566 كانوا تحت نفوذ الحريم اي نساء القصر .لقد انفق السلطان سليمان القانوني خزائن الدولة على نساءه، ومع شدة بأسه اظهر خنوعا للنساء ومن ايامه بدأت حياة الحريم في القصر تتجه اتجاها جديدا واخذت القصور العثمانية تعج بالعبيد والاغوات والخصيان والجواري الحسان ..ومن المفارقات ان السلطان سليمان القانوني عاصر كل من ملك انكلترا هنري الثامن وفرانسوا الاول ملك فرنسا وشارل الخامس ملك اسبانيا وامبراطور الامبراطورية الرومانية المقدسة وان الدولة او الامبراطورية العثمانية التي كانت تمتد على ثلاث قارات هي اسيا واوربا وافريقيا بلغت في عهده اوجها في الداخل والخارج اي انها بلغت الذروة ولكن نجد ان السلطان سليمان القانوني وكان يعرف في الغرب بالعظيم والذي هز الشرق والغرب وافتتح كثيرا من القلاع والحصون والمدن وانتزع كثيرا من التيجان وحطم كثيرا من العروش انهزم زتقهقر وخضع للسلطانة "روسلينا " او "خرم " او "هيام " زوجته المحبوبة التي ملكت عقله وسلبت فؤاده .كانت هذه روسية وقد جلبت الى القصر جارية وكانت ذات شخصية قوية وصعب عليها ان تكون مجرد جارية واخذت تتمرد على القائمين على حراستها وعرضوا امرها على السلطان فأعجب بها وبقامتها الممشوقة وجمالها الفتان ودلعها وبراءتها فسحرته بمنطقها وبذبول عينيها وبشجاعتها وكان اسمها روكزلان وسرعان ما ضمها الى حريمه وانجبت له ولدا وصارت تتدخل في شؤون الدولة وتحيك الدسائس وعملت على قتل الامير مصطفى ابن ضرتها واوغرت صدر السلطان سليمان على صهره ابراهيم زوج اخته خديجة ..الذي خُنق في ليلة سوداء في قصره وجاءت بصهرها رستم باشا الى الصدارة اي صار صدرا اعظما اي رئيسا للوزراء واخيرا ماتت روسلينا او خرم او هيام بين يدي السلطان سليمان القانوني فبكاها ورثاها وتوجع لفقدها وانتقلت سيادة القصر في عهد ابنها سليم الثاني الى السلطانة نوربانو اليهودية الحسناء زوجة السلطان سليم الثاني 1566-1574 .
وفي عهد السلطان مراد الثالث1574-1595 سيطرت زوجته السلطانة صافية على مقدرات القصر وفي عهد السلطان محمد الاول 1603-1617 كانت السلطانة كوسم والتي قتلت بيد كنتها السلطانة ترخان .وقد زاد عدد الجواري في عهد السلطان ابراهيم1610-1648 وفي عهد السلطان عبد العزيز 1861-1876 بلغ عدد نساء القصر على ما يقال ال900 امرأة وكانت والدة السلطان تتمتع بمكانة كبيرة بين النساء والتاريخ العثماني حافل بالاحداث التي تدل على تدخلهن المضر في شؤون الدولة وتلي والدة السلطان في مراتب مؤسسة الحريم رئيسة خزينة الحرم "خزينة داراوسته " فزوجات السلطان الشرعيات اللواتي يعقد عليهن ويعرفن ب"قادين " ومرتبة قادين - كما جاء في كتاب "سلطنة الحسان في قصور ال عثمان " وقد وجدنا ملخصا له في مجلة مصورة صدرت بعنوان "عصر السلطان عبد الحميد وأثره في الاقطار العربية 1876-1909 ونقلته مجلة تاريخ العرب والعالم المصورة عدد نيسان 1980 -في سلسلة مراتب سيدات الفصر تنقسم الى اربع درجات فهناك القادين الاولى والثانية والثالثة والرابعة .والقادين تنتخب عادة من اللواتي هن بمرتبة "اقبال خصكي " بعد ان يصبحن امهات .ويأتي بعد اقبال خصكي في المنزلة السيدات اللواتي هن بدرجة "اقبال " واللواتي لم يصبحن امهات بعد ثم المرشحات للدخول على السلطان ويعرفن ب" كوزده " اي المنظورة وعلى هذا فالجارية التي يؤتى بها للقصر وهي صغيرة عليها ان تجتاز المراتب التالية : وهي كوزدة واقبال واقبال خاصكي وقادين افندي وخزينة داراوسته ووالدة سلطان .
ويقال ان للسلطان عبد الحميد الثاني 1876-1909 " 12 " زوجة بدرجة اقبال ومن بيت هؤلاء صافيناز التي كان يفضلها على الاخريات .. ومهما يكن من امر فأن الحريم لعبن دورا مهما في صنع القرار في الدولة العثمانية ولكن يقينا ان ما يعرضه مسلسل حريم السلطان قد اخذ بعضه مما اشرنا اليه وهو كتاب "سلطنة الحسان في قصور ال عثمان "مع الكثير من العمل الدرامي الذي يتطلبه العمل الفني وانا شخصيا معجب بهذا المسلسل فكرة وموضوعا واخراجا وتمثيلا ولااجد اي مسوغ لان يمنع او يوقف انتاج القسم الاخر منه .....ا.د.ابراهيم خليل العلاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...