الباحث حيدر حنون يكتب عن دور ناجي طالب السياسي والعسكري في رسالته للماجستير
الأحد 14 2011
نوقشت في كلية الاداب جامعة
ذي قار اول رسالة جامعية للماجستير بعنوان : (ناجي طالب ودوره العسكري
والسياسي حتى عام 1968)، تقدم بها الطالب حيدر حنون علي ونال عليها درجة
الامتياز. ونظرا لاهمية الموضوع، وحيوية المناقشة التي استمرت لاكثر من أربع ساعات، وجدنا من المفيد ان نسلط الضوء على اهم المحاور التي تناولها
الباحث، وهو يتتبع شخصية (ناجي طالب). الذي يٌعد من اهم الاسماء التي اسهمت
في الاعداد والاسهام في تغيير النظام الملكي في تموز عام 1958 ، عبر تنظيم
الضباط الاحرار. ثم دوره في الاحداث التي اعقبت ذلك الحدث، حتى عام 1968.
فكان هذا الحوار مع السيد حيدر حنون علي:
* في البدء هل يمكنكم توضيح الاسباب التي دعتكم الى اختيار هذه الشخصية موضوعا للدراسة؟
- نعم، استطيع ان الخص الدوافع التي حفزتني للبحث في هذا الموضوع، اولها، اهتمامي بدراسة تاريخ العراق الحديث. ولان ناجي طالب شخصية اثرت في تاريخ العراق. واسهمت في تشكيل احداثه. ولدوره المتميز في تنظيم الضباط الاحرار، انا مؤمن كذلك بان الاشخاص لهم حصة في تكوين الحدث التاريخي. فضلا عن ان هذا النوع من الدراسات لايقتصر على السيرة الذاتية لهذه الشخصيات فحسب بل يتناول الاحداث التاريخية والتطورات السياسية التي شاركت فيها، والامر يتعدى في اغلب الاحيان ليصل الى دراسة تلك الاحداث التي ترتب عليها تأثير في الشخصية موضوع الدراسة. والاهم من ذلك ان شخص ناجي طالب لم يحظ بقدر كافٍ من الدراسة والبحث في حقل الدراسات العليا. واقول باعتزاز ان هذه الدراسة تعد الاولى من نوعها في الجامعات العراقية التي تناولت شخصية ناجي طالب. من هذا المنطلقات جاء الاختيار على شخصية ناجي طالب تحديدا، لوسع دوره في تاريخ العراق ماقبل وبعد تموز 1958.
*ماهي اهم المحاور التي تناولتها في بحثك؟
- توزعت الدراسة على اربعة فصول وخاتمة ومجموعة من الملاحق، جاء الفصل الاول مهتماً بولادة ونشأة ناجي طالب. وحياته الدراسية والاسرية. فضلاً عن مواقفه السياسية والعسكرية الاولى. اما الفصل الثاني، فتناول نشاطه السياسي خلال فترة حكم عبدالكريم قاسم بعد 14 تموز 1958، وتقلده منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية. واختص الفصل الثالث بدوره السياسي بعد انقلاب 8 شباط 1963، وكرس الفصل الرابع لدوره في رئاسة الوزارة ونشاطه السياسي منذ آب 1966- لغاية 17 تموز 1968.
* من خلال دراستكم التفصيلية لدور ناجي طالب السياسي والعسكري. هل يمكننا القول ان ناجي طالب يمتلك حصافة سياسية، وحنكة أو حكمة في معالجة الاحداث وادارتها. ام انه كان شخصية قلقة غير منسجمة مع الواقع. بعبارة ادق، هل كان مؤمناً بمبادئة، ومدافعاً عنها بثبات. ام ميالاً لمصلحة شخصية ضيقة؟
- استطيع القول: ان ناجي طالب. عاش في كنف اسرة ميسورة الحال، وتعد من الطبقة العليا ماديا. كونها تمتلك اراض وبساتين واسعة. والده الحاج طالب شخصية معروفة في الناصرية، امتهن التجارة، وشغل عضوية مجلس ادارة المدينة. ثم رئاسة البلدية بعد 1921، ونائبا للواء المنتفك (محافظة) (المنتفك) (ذي قار حاليا). لعدة دورات انتخابية. وله دور واضح في الحياة السياسية قبل تموز 1958. وناجي طالب ينتمي الى اسرة عربية هي قبيلة (الدهامشة) التي يرجع اصلها الى قبائل العرب في شبه جزيرة العرب.
تشير الوثائق البريطانية اليه بالوصف انه: قوي الشخصية، ذكيا، خشنا وعزوما، وضابط ركن كفوء. ويصفه رجب عبدالمجيد رفيقه الاقرب اليه: انه كان من الضباط الوطنيين الممتازين. أعجبت به لصراحته، وهدوئه. كان اجتماعيا، يحسن مجاملة الاخرين، وديعاً صادقاً، غير حقود، ويتعامل مع الناس بحسن نية. ولهذه المواصفات. حظي بمحبة الاخرين من زملائه وتقديرهم واحترامهم له. لذا اختير ضمن تشكيل الضباط الاحرار، واسهم في لملمة صفوف التنظيم بعد انكشاف أمره بعد (اجتماع الكاظمية) المعروف عام 56. وعرف بدبلوماسية كونه شغل منصب الملحق العسكري للسفارة العراقية في لندن للاعوام 54/55. وبسبب هذا التكوين اكاد اقول ان ناجي طالب كان مؤمنا بمبادئه.. وظل وفياً لاهداف ثورة 14 تموز 1958 حتى وان اختلف مع عبدالكريم قاسم. لذ صرح لي ان لم يكن لديه خلاف مع الاشخاص بل كان ضد المسار الخاطىء للحكومة. ولعبدالكريم قاسم. لذا نأى ناجي طالب بنفسه من اية محاولة لاسقاط حكومة قاسم. كان يعتقد ان عبدالسلام عارف هو اساس انحراف الثورة. وحاول ان يلتقي مع قاسم في وضع برنامج حكومي لابعاد الاحزاب من التدخل بعمل الحكومة. وبدليل اخر وقف ناجي طالب الى جانب قاسم ايام ازمته مع الكويت. حتى انه قال: انني قاسمي تجاه قضية الكويت. وبعد ان قدم استقالته من الحكومة وغادر العراق الى فيينا نهاية عام 59. ظل بعيدا عن اية مشاركة او محاولة للاطاحة بنظام الحكم. فهو لايحمل عقلية المتآمر وكما يصفه محسن الشيخ راضي: وجدته شخصية فذة، يفرض وجوده في أي محفل مقبول لدى الجميع، يتكلم بدقة، يدعو الى بناء علاقات مع جميع الاطراف السياسية. وهو رمز كبير في الوطنية والاخلاص، شجاعاً في طرح ارائه وافكاره بعقلانية ووضوح. ولايقبل ان يكون ظلاً لاحد.
* ماتفسيرك اذن من مشاركته في وزارة اول حكومة جاءت بعد انقلاب شباط 1963؟
- تقلد ناجي طالب حقيبة وزارة الصناعة بعد هذا الانقلاب. وتعددت الاراء واختلفت حول ترشيحه لهذا المنصب وقبوله له. علماً ان سبق ان اعلن رفضه المشاركة في انقلاب للوصول الى السلطة. هناك من يتهمه بانه اصطف الى جانب القوى المناهضة لثورة تموز 58. لاسيما بعد استقالته من وزاراتها الاولى عام 59. وعد اصطفافه هذا بمثابة نقطة تحول في مسيرته السياسية. هيأته للانقلاب. والا ماكان وزيراً للصناعة بعد 8 شباط 63. ومنهم من يرى ان توجهات الانقلابيين كانت تسعى الى اشراك العناصر القومية الكفوءة في الوزارة. وقد رشح لاكثر من منصب وزاري منها (الداخلية والخارجية).
والبعض يعتقد ان تحول الى واجهته لحكومة غيرمعروفة التوجه. ومحاولة لاقناع الرأي العام بهوية الانقلابيين وحكومتهم. فهو واجهة مرغوبة او مطلوبة بسبب ثقله السياسي والعسكري بين الضباط القوميين والقوى الاخرى المنتسبة لهذا التيار. ومقبولاً من قبل الاكراد، ومن عبدالناصر ايضاً.
واستطيع ان اضيف لكل هذه الاسباب خبرته في المجال السياسي والاداري في ظل حكومة جديدة، اغلب وزرائها لايمتلكون تجربة ادارية.. ويذكر البعض انه استجاب لرغبة اصدقائه رجب عبدالمجيد، ومحسن حسين الحبيب وبتأثير من احمد حسن البكر، فقبل بمنصب وزير الصناعة، بعد ان رفض دعوة سابقة لعلي صالح السعدي (امين سر تنظيم حزب البعث) من ان يقبل منصب رئاسة الجمهورية. كمنصب شكلي مجرد من السلطة الفعلية.
...
ولابد من التنويه الى ان ناجي طالب عمل بوطنية واخلاص. رغم الفترة القصيرة التي استوزر فيها اذ قدم استقالته من الحكومة في 2/10/1963. اذ تشير الوثائق الحكومية الى دوره المؤثر والفاعل في تأسيس مشاريع صناعية عديدة. والعمل ععلى تطويرها. واحياء مشاريع اخرى مؤجلة لم تنفذ ضمن اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني مع السوفيت انذاك. واسهم في تطوير الجهاز الاداري واساليب العمل. وكان مشاركاً في العديد من اللجان في حقول التربية والتعليم. وتقديم الخدمات للمواطنين. ولم يبعده هذا الانشغال عن اداء مهماته السياسية. فكان عضوا في لجنة وزارية لدراسة مشروع الوحدة الاتحادية (مصر، العراق، سوريا) التي انتهت باعلان اتفاقية نيسان 1963. لما عرف عنه من ميول وحدوية.
* مع كل هذه الانجازات التي حققها ناجي طالب. لماذا اقدم على الاستقالة من الوزارة كما اسلفت؟
تقف وراء استقالته عوامل عدة، منها: شعوره بتخلي عبدالسلام عارف وحزب البعث عن هدف تحقيق الوحدة العربية. تذمره من سياسة علي صالح السعدي، واعمال الحرس القومي وتجاوزاته التي فاقت سلطات الجيش والحكومة، اعلان الوحدة العسكرية بين العراق وسورية. خلافا لتصريحات حزب البعث عن تمسكه باتفاق نيسان. واشتراك قوات سورية في الحرب ضد الاكراد. فيما رجح صبحي عبدالحميد، شعور الوزراء القوميين لاسيما ناجي طالب بانهم ينفذون سياسية لم يشتركوا بوضعها، فضلا عن عدم الانسجام داخل مجلس الوزراء. فيما ارجح ناجي طالب سبب استقالته الى اعتراف الحكومة بالكويت في 4/10/1963 مقابل حصولهم على منحة مالية قدرها 30 مليون دينار. وجاء في كتاب استقالته قوله: ان النهج السياسي والافكار الحزبية الضيقة التي تعتمدونها في ادارة الحكم ستجعل سيطرتكم على العراق صعبة.
وقدم افكار ومقترحات عديدة بهذا الصدد.
* اقدمت سلطة البعث الى اعتقال قادة حركة القوميين العرب في حزيران 63. ومن هذه اللحظة بدأت القطيعة بين الاثنين. واخذت مسارات نحو اعلان اتهام القوميين العرب بالتآمر على سلطة الحزب. لماذا لم يقدم ناجي طالب استقالته من الوزارة في ذلك التاريخ؟
- لم يكن ناجي طالب ضمن تنظيم حركة القوميين العرب. بل كان قومي الاتجاه وحدويا. يؤكد دائما استقلاليته، وفلسفته ونمط تفكيره.. وهويته التي تميزه عن غيره. كان يعتقد ان البعث يسعى الى تكريس السلطة والانفراد بها. ولجأ الى انتهاج سياسة اتسمت بالعنف وتصفية قوى سياسية اخرى. وهو اتجاه خاطىء في ادارة الدولة. لذا فانه اتخذ القرار لوحده حين شعر ان الظروف السياسية. لاتسمح له بالبقاء في الحكومة، استقلاليته تلك، تتمثل في التنبيه لخطورة النهج الذي نهجه البعث في الاقتراب من الامريكان. حينما جرت محاولات لكشف اسرار الاسلحة. الروسية، واعتبره مساسا بسيادة العراق.
وبحسب تعبير محسن الشيخ راضي. في لقاء خاص معه يقول: كان البعثيون صغارا على السياسة لايعون مايفعلون، وغالبا مايتعاملون مع الاحداث بصورة عاطفية في اتخاذ القرارات دون تقدير لما ستؤول اليه النتائج لذلك وقف ناجي طالب ضد هذه القرارات الانفعالية وغير المسوغة.
* ماموقف ناجي طالب من القضية الكردية.؟
كان ناجي طالب من بين اعضاء لجنة مشتركة من خمسة وزراء في حكومة 8شباط، شكلها قرار مجلس الوزراء في آيار 1963. الى جانب خمسة من السياسيين العراقيين هم محمد رضا الشبيبي، وفائق السامرائي، وعبدالعزيز الدوري، وعلي حيدر سليمان، اما اعضاء اللجنة من الوزراء فكانوا: صالح مهدي عماش، ومحمود شيت خطاب، وحازم جواد، ومهدي الدولعي. للتفاوض مع الاكراد وفق مشروع (اللامركزية). واعداد نظام لادارته، وصادق مجلس الوزراء على هذا المشروع في حزيران 1963. بعد اصرار الوفد الكردي على مطالب تفوق تصورات الحكومة، وعدم منطقيتها بنظرها وبسبب الخلاف حول هذه المطالب قررت الحكومة تبني خطة ادارية اوسع تشمل العراق كله، ووضع برنامج خاص بكردستان، بالمحصلة النهائية لم يوافق الجانب الكردي على المشروع، باعتباره مشروعا فضفاضا لا اهمية له.
شارك ناجي طالب في وضع بنود مشروع اللامركزية. الا انه لم يكن حياديا تجاه مطالب الاكراد وتحقيق اهدافهم في الحكم الذاتي، لأيمانه بان هدفهم هو اقامة دولة كردية تمتد من الاسكندرية في تركيا، الى مناطق واسعة من العراق. وظل ناجي يسعى الى البحث عن مخرج يضمن استقرار الاوضاع في العراق. ومنع قيام الحرب التي بدت تلوح في الافق بين الجانبين. ولغرض التوفيق بين الطرفيق سعى الى حصر الاجتماعات في ديوان وزارته الصناعة. الا انه وجميع اعضاء اللجنة فشلوا امام اصرار الوفدين على مطالبهما. وبسبب المواقف المتزمتة للطرفين، تجدد القتال بين الحكومة والاكراد في حزيران 1963.
* هل كان لناجي طالب دور في اسقاط حكومة البعث في 18 تشرين الثاني 1963 او المشاركة في الاعداد للانقلاب؟ الذي قاده عبدالسلام عارف؟
- كلا بالطبع، فبعد ان قدم استقالة من الوزارة ، ظل بعيدا عن العمل السياسي بدليل انه رشح لمنصب وزاري في وزارة طاهر يحيى الاولى، باقتراح من صديقه صبحي عبدالحميد. ورفض المقترح من قبل عارف بحجة ان ناجي طالب لايؤمن بالوحدة الفورية مع العربية المتحدة. وباعتقادي ان السبب يعود الى موقف ناجي طالب المعارض لرغبة عبدالسلام عارف في اقامة وحدة بين سورية والعراق يكون هو رئيسها. وكما يذكر ذلك صبحي عبدالحميد في مذكراته. لذلك استبعد طالب من اول تشكيل للوزارة بعد انقلاب 18 تشرين.
الا ان سياسة عبدالسلام عارف نهجت الى التقرب من العربية المتحدة، بعد زيارة الاخير الى مصر وحضور حفل افتتاح مشروع السد العالي. وتم عقد اتفاق سياسي في ايار 1964 لتشكيل مجلس رئاسة مشترك. لحاجة عبدالسلام عارف الى دعم عبدالناصر، بعد ان ادرك ان حكومته لاتحظى بتأييد شعبي. فكان ناجي طالب واديب الجادر وعبدالسلام علي الحسين، اعضاء في المجلس من العراق. وقد اسهم وزملاؤه بوضع برنامج لاسس الوحدة بين الدولتين. ووضع ستراتيجية للوحدة العسكرية. اسهم ناجي طالب بصياغة مبادئها.. تستمر لمدة 3 سنوات، لحين الاندماج الكلي.
بعد سلسلة من الاجتماعات والمفاوضات، تبين للرأي العام في البلدين، عدم مصداقية الرئيسين (ناصر وعارف) في تحقيق الوحدة بينهما. من خلال عدم موافقتهما على المشروع. وكان لناجي طالب موقف مميز من المشروع. إذ اكد لي انه مع الوحدة الفدرالية التي تمر عبر مراحل مدروسة، ورفض التسرع في اعلان الوحدة الفورية. فضلا عن مخاوف عبدالسلام عارف من ضياع منصبه الرئاسي. وبالغاء مجلس الرئاسة بعد اعلان اتفاقية القيادة السياسية الموحدة. عاد ناجي طالب الى العراق، ووجد نفسه مرشحا قويا لاحدى الوزارات الفاعلة (الداخلية او الخارجية) في وزارة طاهر يحيى الثانية.ورضخ عبدالسلام عارف لشروط ناجي طالب في تسنم وزارة الخارجية. ليعيد للعراق مكانته، بعد ان فقدها نتيجة لسياسة عبدالسلام عارف التي اضحت غير مقبولة على المستويين العربي والعالمي. اما شروطه بقبول منصب الخارجية فكانت: اعادة الحياة الدستورية واقامة الحياة النيابية لمدة لاتتجاوز السنة. والاسراع في اعادة اعمار العراق، وحل القضايا المتعلقة بما يضمن الوحدة الوطنية، واقامة مجلس للشورى والاهتمام ببناء الجيش وابعاده كليا عن السياسة والزم طاهر يحيى بتنفيذها.
* وماهي برأيكم اهم الانجازات التي تحققت على الصعيد الخارجي. في فترة تسنمه منصب وزارة الخارجية؟
لقد سعى ناجي طالب بوصفه وزيرا للخارجية الى توطيد العلاقات السياسية العراقية عربيا ودوليا. الا ان اهم موقفين يمكن الاشارة اليهما. الاول: يتمثل برفض سياسة المانيا الغربية في دعمها التسليحي لاسرائيل. واتخاذ موقف دبلوماسي حازم منها. والثاني هو الموقف من ايران ودعوته الى ايقاف تدخلها في شؤون العراق الداخلية. وايقاف مساندتها للاكراد. واستجابت الحكومة الامريكية المساندة لايران حينذاك، اذ شددت على سفيرها في طهران ان ينقل رغبة واشنطن في الحفاظ على علاقات جيدة ومتوازنة مع العراق. والكف عن التدخل في شؤون العراق الداخلية. فاستجابت ايران لرأي السفارة الامريكية وانهت الازمة.
*ومادام الحديث عن الموقف من السياسة الامريكية، كيف تصف العلاقات العراقية- الامريكية انذاك؟
- عموما كانت العلاقات متوترة.. وازدادت توترا بعد اعتقال احد موظفي السفارة الامريكية (يعقوب خان) العراقي الجنسية في بغداد. وسبب الاعتقال احراجاً لناصر الحاني سفير العراق في واشنطن التقى ناجي طالب مع وزير خارجية امريكا (دين راسك) على هامش اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة في كانون اول 1964. وشرح موقف حكومته من القضية الكردية. واكد راسك احترام سيادة العراق واستقلاله. وفي مطلع عام 1965 اصبحت السياسة الامريكية عرضة لانتقادات ناجي طالب بعد لقاء الرئيس الامريكي جونسون ورئيس وزراء بريطانيا هارولد ولسن. لانه لاينطوي على مقاصد حسنة مع القضايا العربية.
لم يعد امام ناجي طالب سوى الاستقالة من الوزارة بعد ان تأكد له عدم تنفيذ شروطه من قبل الحكومة. وهذا ماحصل في 2 ايلول 1965. ترك العراق مغادرا الى انكلترا. الا انه عاد بعد فشل محاولة الانقلاب التي قادها عارف عبدالرزاق. وتشكيل وزارة عبدالرحمن البزاز.
* ماموقفه من التطورات السياسية الداخلية بعد مصرع عبدالسلام عارف في حادث غامض يوم 13 نيسان 1966؟
- سادت بين الاوساط السياسية احتمالات نشوب صراع حاد على السلطة داخل الجيش بغياب عبدالسلام عارف عن المسرح السياسي. وهذا ماحدث فعلا. حيث ظهر الخلاف بين المدنيين والعسكريين حول اختيار الشخصية المناسبة لرئاسة الجمهورية، وكان لناجي طالب موقف مغاير يتمثل في تشكيل مجلس رئاسة يتكون من خمسة اعضاء يساعده مجلس قيادة ثورة مكون من 25 عضوا من العسكريين فقط، يأخذون على عاتقهم سن دستور جديد. وقانون انتخابات لمجلس نيابي واعادة المؤسسات الديمقراطية. لتسليم السلطة باسلوب ديمقراطي حر الى رئيس دولة منتخب وفق الدستور الجديد.
الان ان حضور عبدالرحمن عارف من موسكو. ووصول وفد مصري برئاسة المشير عبدالحكيم عامر الى بغداد لحضور مراسيم التشييع، قلبت الموازين نحو انتخاب عبدالرحمن عارف رئيسا للجمهورية في 17 نيسان 1966، بعد جولات من الصراع مع المنافس الاخر له عبدالرحمن البزاز الذي كلف لرئاسة الوزارة اشبه بصفقة سياسية خضعت لعدد من التنازلات.
*هل كانت علاقته بالبزاز ودية؟
الجواب طبعا لا: على الرغم من زيارة البزاز له في منزله عارضا عليه المشاركة في الوزارة الا انه رفض العرض. داعيا الى وزارة يشكلها احد ضباط ثورة تموز 1958. ووجه له اتهامات عديدة كونه يجهل الحقائق ويسير على هامش الاحداث. ويعده مغتصبا للسلطة بالتفافه على الدستور. واستقطب هذا الموقف، العديد من العسكريين الى جانبه ضد البزاز. انتهت الى اقناع عبدالرحمن عارف باعفاء البزاز حكومته. ورضح عارف لهذه الارادة وطلب من الحكومة تقديم استقالتها في 6 اب عام 1966.
وتم تكليف ناجي طالب بتشكيل الوزارة، كونه اقوى المرشحين لتولي هذا المنصب والاقرب الى نيل موافقة الكتل العسكرية والقومية، واشترط ناجي منحه الحرية الكاملة في اختيار اعضاء حكومته. رغبة منه في تحقيق شراكة وطنية حقيقية في تحمل المسؤولة.
*وهل تمكن من تحقيق اشتراطاته؟
- رحبت الصحافة العربية والقوى القومية الوطنية بالاختيار.
وعمل ناجي طالب كرئيس للوزارة على صيانة الوحدة الوطنية والالتزام باتفاق 29 حزيران 1966 الهادف الى توطيد السلام في كردستان، واعادة اعماره وتطويره فضلا عن اقرار حقوق الاكراد القومية ضمن الوطن الواحد، والاهتمام بالقوات المسلحة. وفي السياسة النفطية: الالتزام بقانون رقم 80 لعام 1961 ودعم شركة النفط الوطنية.
وفي ميدان السياسة الخارجية. اكد منهاج وزارته على التزام العراق باتفاقياتها مع الدول العربية والصديقة وتمسكه بمبادىء ميثاق الامم المتحدة.
*هل ثمة صعوبات واجهها طالب كرئيس للوزراء؟
- نعم: امام اختلاف الرؤى بين الاوساط السياسية. لم يتمكن ناجي من ايجاد الصيغة المناسبة التي تمكنه من جمع شتات الفرقاء في اطار العمل الموحد. وظلت صراعاتها اقوى من الجهود التي بذلها ناجي طالب، الامر الذي ادى الى فراغ سياسي حال دون تجمع قومي يؤمن بالاستقرار ويعمل على توطيد جبهته الداخلية، بعد تعرض هذه الجبهة منذ 14 تموز 58 الى ازمات فرقت صفوفها. بصراعات داخلية لذا محاولات ايضا حاول بعث الحياة في الاتحاد الاشتراكي العربي. لكنه لم يفلح في النهاية في اعادة بناء الكيان المهزوز والزائف.
كما لم تفلح حكومة طالب في تحقيق برنامجها لاصلاح الوضع الاقتصادي ومعالجة التدهور المالي. واصطدمت سياسته النفطية الرامية الى زيادة واردات العراق من نفطه، بالموقف السوري من شركة نفط العراق حول رسوم مرور النفط العراقي عبر الانابيب النفطية المارة في ارضي سوريا. وكانت له جهود كبيرة في تسوية الازمة لضمان حقوق البلدين. وبعد جهود مضية تمخضت عن اعتراف سوريا بحقوق العراق.
*ماالذي دعا ناجي طالب الى تقديم استقالته من رئاسة الوزارة؟
- يبدو لي ان تباين المواقف والاراء بينه وبين رئيس الجمهورية حول جملة من القضايا الاساسية، قد دفع موضوع استقالته الى الامام من جديد وعمل عبد الرحمن عارف كان يتحرك بشكل خفي لعقد عدة اجتماعات مع مجموعة الضباط في القصر الجمهوري أعتبرها ناجي بعد أن أنكشف سرها اهانة للحكومة، وبعيدة عن الاعراف والتقاليد الاخلاقية. فقدم طالب أستقالته في 6 أب من عام 1967. ولم تمر سوى اسابيع قليلة على الاستقالة حتى واجهت الامة مشكلة جديدة، تمثلت بعدوان 5 حزيران عام 1967 عاد بعدها ناجي طالب لقبول التكليف برئاسة الوزارة من جديد ادراكا منه للمخاطر التي تتعرض لها الامة العربية بعد الهزيمة وكان قد عرض على احمد حسن البكر وحردان التكريتي المشاركة في الوزارة وبعد جولة من الاتصالات اعتذر عن تشكيل الوزارة لاصطدامه بالنوايا الحقيقية للسياسيين.
* في عودة لاحداث مابعد حزيران 67 شهد العراق تصاعداً في نهوض حركات سياسية معارضة ممثلة بالبعثيين الموالين لسوريا والشيوعيين، والقومين المتياسرين شكل تهديداً حقيقياً لنظام عارف. كيف تعامل ناجي مع تلك الحركات؟
- لم تكن لناجي طالب علاقات مع المدنيين في أغلب نشاطات السياسية، كان يميل دائماً الى زملائه من العسكر. وهو يعتقد ان الاصلاح السياسي يتم عبرهم. كان بعيداً عن الاحزاب والحركات السياسية غير مؤمن بمبادئها ومناهجها. كان يخشى وصول الاحزاب للسلطة، لانه يعتقد انها لاتعمل وفق مباديء تموز التي ظل ينادي بها على الدوام انها الطريق الوحيد لبناء عراق متطور اقتصادياً واجتماعيا.ً لم يكن طالب مدني النزعة والتفكير، بل ظل وفياً لمبادئه العسكرية ومخلصاً لها. وربما كان هذا سبب عدم قبوله لعبد الرحمن البزاز وخلافه معه، ولقد اشار في اللقاء الخاص معه، انه وجود البكر في احدى اللجان التي شكلها قبل تموز 68 كان سبباً في اختراقها من قبل حزب البعث وافشال مخطط اللجنة في اصلاح النظام والاتفاق مع النايف والداود لاسقاط عارف في انقلاب تموز 1968.
* هل كانت لناجي صلات طيبة مع الشيوعيين؟
- ابداً كانت العلاقة متشنجة على الدوام بسبب اتهامه من قبل الحزب الشيوعي بالتآمر على على عبد الكريم قاسم، ولانه وقف حائلاً دون اجازة النقابات والمنظمات والجمعيات طيلة فترة تسنمه وزارة الشؤون الاجتماعية لانها ستخضع لسيطرة الحزب الشيوعي وتسيسها لمشاريعه الخاصة.
*حاول انقلابيو تموز 68 بأقناعه في الاشتراك بالوزارة؟
- نعم: ومن خلال حردان التكريتي عرض عليه اكثر من منصب وزاري بما فيها رئاسة الوزارة. إلا انه رفض تلك العروض. بناء على موقفه من حزب البعث. وبسبب هذا الموقف وضع تحت الاقامة الجبرية. وخضوع منزله للرقابة. لانه كان موضع شك وارتياب خشية ان يعود للعمل السياسي. وقدرته في استقطاب الضباط من جديد لمواجهة الانقلاب.
* هل وجدتم اثناء لقائكم به انه مازال يؤمن باهداف تموز 58 وكأنها ازلية تصلح لكل العهود؟
- هناك ثمة تغيير ربما في الاسلوب، لكنه مؤمن بالعسكر لحد هذه اللحظة كأداة للتغيير لكن بأنتقال سلمي للسلطة وبوجود برلمان، ومازال مؤمناً ببرنامج الثورة، مبادئها السامية التي خدمت الشعب العراقي
*وهل مازال وحدوياً؟
- نعم هو مؤمن بذلك لكنه واجه صعوبات عديدة لتحقيق هذا المشروع.
*هل من كلمة اخيرة تقولها؟
-اقول ان ناجي طالب شخصية وطنية مرموقة وحدوية لايؤمن بسياسة القتل والارهاب معارض للدكتاتورية والتسلط ضد كل اشكال القمع والاستبداد يرى ان الاصلح هو من يخدم الشعب. واختتم القول بالدعوة للأخوة الباحثين ان يكملوا مابدأناه، في الدراسة لالقاء المزيد من الضوء على هذه الشخصية. لان البداية، خطوة اولى نحو دراسات اكثر عمقاً وشمولية في تاريخ العراق المعاصر...
* في البدء هل يمكنكم توضيح الاسباب التي دعتكم الى اختيار هذه الشخصية موضوعا للدراسة؟
- نعم، استطيع ان الخص الدوافع التي حفزتني للبحث في هذا الموضوع، اولها، اهتمامي بدراسة تاريخ العراق الحديث. ولان ناجي طالب شخصية اثرت في تاريخ العراق. واسهمت في تشكيل احداثه. ولدوره المتميز في تنظيم الضباط الاحرار، انا مؤمن كذلك بان الاشخاص لهم حصة في تكوين الحدث التاريخي. فضلا عن ان هذا النوع من الدراسات لايقتصر على السيرة الذاتية لهذه الشخصيات فحسب بل يتناول الاحداث التاريخية والتطورات السياسية التي شاركت فيها، والامر يتعدى في اغلب الاحيان ليصل الى دراسة تلك الاحداث التي ترتب عليها تأثير في الشخصية موضوع الدراسة. والاهم من ذلك ان شخص ناجي طالب لم يحظ بقدر كافٍ من الدراسة والبحث في حقل الدراسات العليا. واقول باعتزاز ان هذه الدراسة تعد الاولى من نوعها في الجامعات العراقية التي تناولت شخصية ناجي طالب. من هذا المنطلقات جاء الاختيار على شخصية ناجي طالب تحديدا، لوسع دوره في تاريخ العراق ماقبل وبعد تموز 1958.
*ماهي اهم المحاور التي تناولتها في بحثك؟
- توزعت الدراسة على اربعة فصول وخاتمة ومجموعة من الملاحق، جاء الفصل الاول مهتماً بولادة ونشأة ناجي طالب. وحياته الدراسية والاسرية. فضلاً عن مواقفه السياسية والعسكرية الاولى. اما الفصل الثاني، فتناول نشاطه السياسي خلال فترة حكم عبدالكريم قاسم بعد 14 تموز 1958، وتقلده منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية. واختص الفصل الثالث بدوره السياسي بعد انقلاب 8 شباط 1963، وكرس الفصل الرابع لدوره في رئاسة الوزارة ونشاطه السياسي منذ آب 1966- لغاية 17 تموز 1968.
* من خلال دراستكم التفصيلية لدور ناجي طالب السياسي والعسكري. هل يمكننا القول ان ناجي طالب يمتلك حصافة سياسية، وحنكة أو حكمة في معالجة الاحداث وادارتها. ام انه كان شخصية قلقة غير منسجمة مع الواقع. بعبارة ادق، هل كان مؤمناً بمبادئة، ومدافعاً عنها بثبات. ام ميالاً لمصلحة شخصية ضيقة؟
- استطيع القول: ان ناجي طالب. عاش في كنف اسرة ميسورة الحال، وتعد من الطبقة العليا ماديا. كونها تمتلك اراض وبساتين واسعة. والده الحاج طالب شخصية معروفة في الناصرية، امتهن التجارة، وشغل عضوية مجلس ادارة المدينة. ثم رئاسة البلدية بعد 1921، ونائبا للواء المنتفك (محافظة) (المنتفك) (ذي قار حاليا). لعدة دورات انتخابية. وله دور واضح في الحياة السياسية قبل تموز 1958. وناجي طالب ينتمي الى اسرة عربية هي قبيلة (الدهامشة) التي يرجع اصلها الى قبائل العرب في شبه جزيرة العرب.
تشير الوثائق البريطانية اليه بالوصف انه: قوي الشخصية، ذكيا، خشنا وعزوما، وضابط ركن كفوء. ويصفه رجب عبدالمجيد رفيقه الاقرب اليه: انه كان من الضباط الوطنيين الممتازين. أعجبت به لصراحته، وهدوئه. كان اجتماعيا، يحسن مجاملة الاخرين، وديعاً صادقاً، غير حقود، ويتعامل مع الناس بحسن نية. ولهذه المواصفات. حظي بمحبة الاخرين من زملائه وتقديرهم واحترامهم له. لذا اختير ضمن تشكيل الضباط الاحرار، واسهم في لملمة صفوف التنظيم بعد انكشاف أمره بعد (اجتماع الكاظمية) المعروف عام 56. وعرف بدبلوماسية كونه شغل منصب الملحق العسكري للسفارة العراقية في لندن للاعوام 54/55. وبسبب هذا التكوين اكاد اقول ان ناجي طالب كان مؤمنا بمبادئه.. وظل وفياً لاهداف ثورة 14 تموز 1958 حتى وان اختلف مع عبدالكريم قاسم. لذ صرح لي ان لم يكن لديه خلاف مع الاشخاص بل كان ضد المسار الخاطىء للحكومة. ولعبدالكريم قاسم. لذا نأى ناجي طالب بنفسه من اية محاولة لاسقاط حكومة قاسم. كان يعتقد ان عبدالسلام عارف هو اساس انحراف الثورة. وحاول ان يلتقي مع قاسم في وضع برنامج حكومي لابعاد الاحزاب من التدخل بعمل الحكومة. وبدليل اخر وقف ناجي طالب الى جانب قاسم ايام ازمته مع الكويت. حتى انه قال: انني قاسمي تجاه قضية الكويت. وبعد ان قدم استقالته من الحكومة وغادر العراق الى فيينا نهاية عام 59. ظل بعيدا عن اية مشاركة او محاولة للاطاحة بنظام الحكم. فهو لايحمل عقلية المتآمر وكما يصفه محسن الشيخ راضي: وجدته شخصية فذة، يفرض وجوده في أي محفل مقبول لدى الجميع، يتكلم بدقة، يدعو الى بناء علاقات مع جميع الاطراف السياسية. وهو رمز كبير في الوطنية والاخلاص، شجاعاً في طرح ارائه وافكاره بعقلانية ووضوح. ولايقبل ان يكون ظلاً لاحد.
* ماتفسيرك اذن من مشاركته في وزارة اول حكومة جاءت بعد انقلاب شباط 1963؟
- تقلد ناجي طالب حقيبة وزارة الصناعة بعد هذا الانقلاب. وتعددت الاراء واختلفت حول ترشيحه لهذا المنصب وقبوله له. علماً ان سبق ان اعلن رفضه المشاركة في انقلاب للوصول الى السلطة. هناك من يتهمه بانه اصطف الى جانب القوى المناهضة لثورة تموز 58. لاسيما بعد استقالته من وزاراتها الاولى عام 59. وعد اصطفافه هذا بمثابة نقطة تحول في مسيرته السياسية. هيأته للانقلاب. والا ماكان وزيراً للصناعة بعد 8 شباط 63. ومنهم من يرى ان توجهات الانقلابيين كانت تسعى الى اشراك العناصر القومية الكفوءة في الوزارة. وقد رشح لاكثر من منصب وزاري منها (الداخلية والخارجية).
والبعض يعتقد ان تحول الى واجهته لحكومة غيرمعروفة التوجه. ومحاولة لاقناع الرأي العام بهوية الانقلابيين وحكومتهم. فهو واجهة مرغوبة او مطلوبة بسبب ثقله السياسي والعسكري بين الضباط القوميين والقوى الاخرى المنتسبة لهذا التيار. ومقبولاً من قبل الاكراد، ومن عبدالناصر ايضاً.
واستطيع ان اضيف لكل هذه الاسباب خبرته في المجال السياسي والاداري في ظل حكومة جديدة، اغلب وزرائها لايمتلكون تجربة ادارية.. ويذكر البعض انه استجاب لرغبة اصدقائه رجب عبدالمجيد، ومحسن حسين الحبيب وبتأثير من احمد حسن البكر، فقبل بمنصب وزير الصناعة، بعد ان رفض دعوة سابقة لعلي صالح السعدي (امين سر تنظيم حزب البعث) من ان يقبل منصب رئاسة الجمهورية. كمنصب شكلي مجرد من السلطة الفعلية.
...
ولابد من التنويه الى ان ناجي طالب عمل بوطنية واخلاص. رغم الفترة القصيرة التي استوزر فيها اذ قدم استقالته من الحكومة في 2/10/1963. اذ تشير الوثائق الحكومية الى دوره المؤثر والفاعل في تأسيس مشاريع صناعية عديدة. والعمل ععلى تطويرها. واحياء مشاريع اخرى مؤجلة لم تنفذ ضمن اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني مع السوفيت انذاك. واسهم في تطوير الجهاز الاداري واساليب العمل. وكان مشاركاً في العديد من اللجان في حقول التربية والتعليم. وتقديم الخدمات للمواطنين. ولم يبعده هذا الانشغال عن اداء مهماته السياسية. فكان عضوا في لجنة وزارية لدراسة مشروع الوحدة الاتحادية (مصر، العراق، سوريا) التي انتهت باعلان اتفاقية نيسان 1963. لما عرف عنه من ميول وحدوية.
* مع كل هذه الانجازات التي حققها ناجي طالب. لماذا اقدم على الاستقالة من الوزارة كما اسلفت؟
تقف وراء استقالته عوامل عدة، منها: شعوره بتخلي عبدالسلام عارف وحزب البعث عن هدف تحقيق الوحدة العربية. تذمره من سياسة علي صالح السعدي، واعمال الحرس القومي وتجاوزاته التي فاقت سلطات الجيش والحكومة، اعلان الوحدة العسكرية بين العراق وسورية. خلافا لتصريحات حزب البعث عن تمسكه باتفاق نيسان. واشتراك قوات سورية في الحرب ضد الاكراد. فيما رجح صبحي عبدالحميد، شعور الوزراء القوميين لاسيما ناجي طالب بانهم ينفذون سياسية لم يشتركوا بوضعها، فضلا عن عدم الانسجام داخل مجلس الوزراء. فيما ارجح ناجي طالب سبب استقالته الى اعتراف الحكومة بالكويت في 4/10/1963 مقابل حصولهم على منحة مالية قدرها 30 مليون دينار. وجاء في كتاب استقالته قوله: ان النهج السياسي والافكار الحزبية الضيقة التي تعتمدونها في ادارة الحكم ستجعل سيطرتكم على العراق صعبة.
وقدم افكار ومقترحات عديدة بهذا الصدد.
* اقدمت سلطة البعث الى اعتقال قادة حركة القوميين العرب في حزيران 63. ومن هذه اللحظة بدأت القطيعة بين الاثنين. واخذت مسارات نحو اعلان اتهام القوميين العرب بالتآمر على سلطة الحزب. لماذا لم يقدم ناجي طالب استقالته من الوزارة في ذلك التاريخ؟
- لم يكن ناجي طالب ضمن تنظيم حركة القوميين العرب. بل كان قومي الاتجاه وحدويا. يؤكد دائما استقلاليته، وفلسفته ونمط تفكيره.. وهويته التي تميزه عن غيره. كان يعتقد ان البعث يسعى الى تكريس السلطة والانفراد بها. ولجأ الى انتهاج سياسة اتسمت بالعنف وتصفية قوى سياسية اخرى. وهو اتجاه خاطىء في ادارة الدولة. لذا فانه اتخذ القرار لوحده حين شعر ان الظروف السياسية. لاتسمح له بالبقاء في الحكومة، استقلاليته تلك، تتمثل في التنبيه لخطورة النهج الذي نهجه البعث في الاقتراب من الامريكان. حينما جرت محاولات لكشف اسرار الاسلحة. الروسية، واعتبره مساسا بسيادة العراق.
وبحسب تعبير محسن الشيخ راضي. في لقاء خاص معه يقول: كان البعثيون صغارا على السياسة لايعون مايفعلون، وغالبا مايتعاملون مع الاحداث بصورة عاطفية في اتخاذ القرارات دون تقدير لما ستؤول اليه النتائج لذلك وقف ناجي طالب ضد هذه القرارات الانفعالية وغير المسوغة.
* ماموقف ناجي طالب من القضية الكردية.؟
كان ناجي طالب من بين اعضاء لجنة مشتركة من خمسة وزراء في حكومة 8شباط، شكلها قرار مجلس الوزراء في آيار 1963. الى جانب خمسة من السياسيين العراقيين هم محمد رضا الشبيبي، وفائق السامرائي، وعبدالعزيز الدوري، وعلي حيدر سليمان، اما اعضاء اللجنة من الوزراء فكانوا: صالح مهدي عماش، ومحمود شيت خطاب، وحازم جواد، ومهدي الدولعي. للتفاوض مع الاكراد وفق مشروع (اللامركزية). واعداد نظام لادارته، وصادق مجلس الوزراء على هذا المشروع في حزيران 1963. بعد اصرار الوفد الكردي على مطالب تفوق تصورات الحكومة، وعدم منطقيتها بنظرها وبسبب الخلاف حول هذه المطالب قررت الحكومة تبني خطة ادارية اوسع تشمل العراق كله، ووضع برنامج خاص بكردستان، بالمحصلة النهائية لم يوافق الجانب الكردي على المشروع، باعتباره مشروعا فضفاضا لا اهمية له.
شارك ناجي طالب في وضع بنود مشروع اللامركزية. الا انه لم يكن حياديا تجاه مطالب الاكراد وتحقيق اهدافهم في الحكم الذاتي، لأيمانه بان هدفهم هو اقامة دولة كردية تمتد من الاسكندرية في تركيا، الى مناطق واسعة من العراق. وظل ناجي يسعى الى البحث عن مخرج يضمن استقرار الاوضاع في العراق. ومنع قيام الحرب التي بدت تلوح في الافق بين الجانبين. ولغرض التوفيق بين الطرفيق سعى الى حصر الاجتماعات في ديوان وزارته الصناعة. الا انه وجميع اعضاء اللجنة فشلوا امام اصرار الوفدين على مطالبهما. وبسبب المواقف المتزمتة للطرفين، تجدد القتال بين الحكومة والاكراد في حزيران 1963.
* هل كان لناجي طالب دور في اسقاط حكومة البعث في 18 تشرين الثاني 1963 او المشاركة في الاعداد للانقلاب؟ الذي قاده عبدالسلام عارف؟
- كلا بالطبع، فبعد ان قدم استقالة من الوزارة ، ظل بعيدا عن العمل السياسي بدليل انه رشح لمنصب وزاري في وزارة طاهر يحيى الاولى، باقتراح من صديقه صبحي عبدالحميد. ورفض المقترح من قبل عارف بحجة ان ناجي طالب لايؤمن بالوحدة الفورية مع العربية المتحدة. وباعتقادي ان السبب يعود الى موقف ناجي طالب المعارض لرغبة عبدالسلام عارف في اقامة وحدة بين سورية والعراق يكون هو رئيسها. وكما يذكر ذلك صبحي عبدالحميد في مذكراته. لذلك استبعد طالب من اول تشكيل للوزارة بعد انقلاب 18 تشرين.
الا ان سياسة عبدالسلام عارف نهجت الى التقرب من العربية المتحدة، بعد زيارة الاخير الى مصر وحضور حفل افتتاح مشروع السد العالي. وتم عقد اتفاق سياسي في ايار 1964 لتشكيل مجلس رئاسة مشترك. لحاجة عبدالسلام عارف الى دعم عبدالناصر، بعد ان ادرك ان حكومته لاتحظى بتأييد شعبي. فكان ناجي طالب واديب الجادر وعبدالسلام علي الحسين، اعضاء في المجلس من العراق. وقد اسهم وزملاؤه بوضع برنامج لاسس الوحدة بين الدولتين. ووضع ستراتيجية للوحدة العسكرية. اسهم ناجي طالب بصياغة مبادئها.. تستمر لمدة 3 سنوات، لحين الاندماج الكلي.
بعد سلسلة من الاجتماعات والمفاوضات، تبين للرأي العام في البلدين، عدم مصداقية الرئيسين (ناصر وعارف) في تحقيق الوحدة بينهما. من خلال عدم موافقتهما على المشروع. وكان لناجي طالب موقف مميز من المشروع. إذ اكد لي انه مع الوحدة الفدرالية التي تمر عبر مراحل مدروسة، ورفض التسرع في اعلان الوحدة الفورية. فضلا عن مخاوف عبدالسلام عارف من ضياع منصبه الرئاسي. وبالغاء مجلس الرئاسة بعد اعلان اتفاقية القيادة السياسية الموحدة. عاد ناجي طالب الى العراق، ووجد نفسه مرشحا قويا لاحدى الوزارات الفاعلة (الداخلية او الخارجية) في وزارة طاهر يحيى الثانية.ورضخ عبدالسلام عارف لشروط ناجي طالب في تسنم وزارة الخارجية. ليعيد للعراق مكانته، بعد ان فقدها نتيجة لسياسة عبدالسلام عارف التي اضحت غير مقبولة على المستويين العربي والعالمي. اما شروطه بقبول منصب الخارجية فكانت: اعادة الحياة الدستورية واقامة الحياة النيابية لمدة لاتتجاوز السنة. والاسراع في اعادة اعمار العراق، وحل القضايا المتعلقة بما يضمن الوحدة الوطنية، واقامة مجلس للشورى والاهتمام ببناء الجيش وابعاده كليا عن السياسة والزم طاهر يحيى بتنفيذها.
* وماهي برأيكم اهم الانجازات التي تحققت على الصعيد الخارجي. في فترة تسنمه منصب وزارة الخارجية؟
لقد سعى ناجي طالب بوصفه وزيرا للخارجية الى توطيد العلاقات السياسية العراقية عربيا ودوليا. الا ان اهم موقفين يمكن الاشارة اليهما. الاول: يتمثل برفض سياسة المانيا الغربية في دعمها التسليحي لاسرائيل. واتخاذ موقف دبلوماسي حازم منها. والثاني هو الموقف من ايران ودعوته الى ايقاف تدخلها في شؤون العراق الداخلية. وايقاف مساندتها للاكراد. واستجابت الحكومة الامريكية المساندة لايران حينذاك، اذ شددت على سفيرها في طهران ان ينقل رغبة واشنطن في الحفاظ على علاقات جيدة ومتوازنة مع العراق. والكف عن التدخل في شؤون العراق الداخلية. فاستجابت ايران لرأي السفارة الامريكية وانهت الازمة.
*ومادام الحديث عن الموقف من السياسة الامريكية، كيف تصف العلاقات العراقية- الامريكية انذاك؟
- عموما كانت العلاقات متوترة.. وازدادت توترا بعد اعتقال احد موظفي السفارة الامريكية (يعقوب خان) العراقي الجنسية في بغداد. وسبب الاعتقال احراجاً لناصر الحاني سفير العراق في واشنطن التقى ناجي طالب مع وزير خارجية امريكا (دين راسك) على هامش اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة في كانون اول 1964. وشرح موقف حكومته من القضية الكردية. واكد راسك احترام سيادة العراق واستقلاله. وفي مطلع عام 1965 اصبحت السياسة الامريكية عرضة لانتقادات ناجي طالب بعد لقاء الرئيس الامريكي جونسون ورئيس وزراء بريطانيا هارولد ولسن. لانه لاينطوي على مقاصد حسنة مع القضايا العربية.
لم يعد امام ناجي طالب سوى الاستقالة من الوزارة بعد ان تأكد له عدم تنفيذ شروطه من قبل الحكومة. وهذا ماحصل في 2 ايلول 1965. ترك العراق مغادرا الى انكلترا. الا انه عاد بعد فشل محاولة الانقلاب التي قادها عارف عبدالرزاق. وتشكيل وزارة عبدالرحمن البزاز.
* ماموقفه من التطورات السياسية الداخلية بعد مصرع عبدالسلام عارف في حادث غامض يوم 13 نيسان 1966؟
- سادت بين الاوساط السياسية احتمالات نشوب صراع حاد على السلطة داخل الجيش بغياب عبدالسلام عارف عن المسرح السياسي. وهذا ماحدث فعلا. حيث ظهر الخلاف بين المدنيين والعسكريين حول اختيار الشخصية المناسبة لرئاسة الجمهورية، وكان لناجي طالب موقف مغاير يتمثل في تشكيل مجلس رئاسة يتكون من خمسة اعضاء يساعده مجلس قيادة ثورة مكون من 25 عضوا من العسكريين فقط، يأخذون على عاتقهم سن دستور جديد. وقانون انتخابات لمجلس نيابي واعادة المؤسسات الديمقراطية. لتسليم السلطة باسلوب ديمقراطي حر الى رئيس دولة منتخب وفق الدستور الجديد.
الان ان حضور عبدالرحمن عارف من موسكو. ووصول وفد مصري برئاسة المشير عبدالحكيم عامر الى بغداد لحضور مراسيم التشييع، قلبت الموازين نحو انتخاب عبدالرحمن عارف رئيسا للجمهورية في 17 نيسان 1966، بعد جولات من الصراع مع المنافس الاخر له عبدالرحمن البزاز الذي كلف لرئاسة الوزارة اشبه بصفقة سياسية خضعت لعدد من التنازلات.
*هل كانت علاقته بالبزاز ودية؟
الجواب طبعا لا: على الرغم من زيارة البزاز له في منزله عارضا عليه المشاركة في الوزارة الا انه رفض العرض. داعيا الى وزارة يشكلها احد ضباط ثورة تموز 1958. ووجه له اتهامات عديدة كونه يجهل الحقائق ويسير على هامش الاحداث. ويعده مغتصبا للسلطة بالتفافه على الدستور. واستقطب هذا الموقف، العديد من العسكريين الى جانبه ضد البزاز. انتهت الى اقناع عبدالرحمن عارف باعفاء البزاز حكومته. ورضح عارف لهذه الارادة وطلب من الحكومة تقديم استقالتها في 6 اب عام 1966.
وتم تكليف ناجي طالب بتشكيل الوزارة، كونه اقوى المرشحين لتولي هذا المنصب والاقرب الى نيل موافقة الكتل العسكرية والقومية، واشترط ناجي منحه الحرية الكاملة في اختيار اعضاء حكومته. رغبة منه في تحقيق شراكة وطنية حقيقية في تحمل المسؤولة.
*وهل تمكن من تحقيق اشتراطاته؟
- رحبت الصحافة العربية والقوى القومية الوطنية بالاختيار.
وعمل ناجي طالب كرئيس للوزارة على صيانة الوحدة الوطنية والالتزام باتفاق 29 حزيران 1966 الهادف الى توطيد السلام في كردستان، واعادة اعماره وتطويره فضلا عن اقرار حقوق الاكراد القومية ضمن الوطن الواحد، والاهتمام بالقوات المسلحة. وفي السياسة النفطية: الالتزام بقانون رقم 80 لعام 1961 ودعم شركة النفط الوطنية.
وفي ميدان السياسة الخارجية. اكد منهاج وزارته على التزام العراق باتفاقياتها مع الدول العربية والصديقة وتمسكه بمبادىء ميثاق الامم المتحدة.
*هل ثمة صعوبات واجهها طالب كرئيس للوزراء؟
- نعم: امام اختلاف الرؤى بين الاوساط السياسية. لم يتمكن ناجي من ايجاد الصيغة المناسبة التي تمكنه من جمع شتات الفرقاء في اطار العمل الموحد. وظلت صراعاتها اقوى من الجهود التي بذلها ناجي طالب، الامر الذي ادى الى فراغ سياسي حال دون تجمع قومي يؤمن بالاستقرار ويعمل على توطيد جبهته الداخلية، بعد تعرض هذه الجبهة منذ 14 تموز 58 الى ازمات فرقت صفوفها. بصراعات داخلية لذا محاولات ايضا حاول بعث الحياة في الاتحاد الاشتراكي العربي. لكنه لم يفلح في النهاية في اعادة بناء الكيان المهزوز والزائف.
كما لم تفلح حكومة طالب في تحقيق برنامجها لاصلاح الوضع الاقتصادي ومعالجة التدهور المالي. واصطدمت سياسته النفطية الرامية الى زيادة واردات العراق من نفطه، بالموقف السوري من شركة نفط العراق حول رسوم مرور النفط العراقي عبر الانابيب النفطية المارة في ارضي سوريا. وكانت له جهود كبيرة في تسوية الازمة لضمان حقوق البلدين. وبعد جهود مضية تمخضت عن اعتراف سوريا بحقوق العراق.
*ماالذي دعا ناجي طالب الى تقديم استقالته من رئاسة الوزارة؟
- يبدو لي ان تباين المواقف والاراء بينه وبين رئيس الجمهورية حول جملة من القضايا الاساسية، قد دفع موضوع استقالته الى الامام من جديد وعمل عبد الرحمن عارف كان يتحرك بشكل خفي لعقد عدة اجتماعات مع مجموعة الضباط في القصر الجمهوري أعتبرها ناجي بعد أن أنكشف سرها اهانة للحكومة، وبعيدة عن الاعراف والتقاليد الاخلاقية. فقدم طالب أستقالته في 6 أب من عام 1967. ولم تمر سوى اسابيع قليلة على الاستقالة حتى واجهت الامة مشكلة جديدة، تمثلت بعدوان 5 حزيران عام 1967 عاد بعدها ناجي طالب لقبول التكليف برئاسة الوزارة من جديد ادراكا منه للمخاطر التي تتعرض لها الامة العربية بعد الهزيمة وكان قد عرض على احمد حسن البكر وحردان التكريتي المشاركة في الوزارة وبعد جولة من الاتصالات اعتذر عن تشكيل الوزارة لاصطدامه بالنوايا الحقيقية للسياسيين.
* في عودة لاحداث مابعد حزيران 67 شهد العراق تصاعداً في نهوض حركات سياسية معارضة ممثلة بالبعثيين الموالين لسوريا والشيوعيين، والقومين المتياسرين شكل تهديداً حقيقياً لنظام عارف. كيف تعامل ناجي مع تلك الحركات؟
- لم تكن لناجي طالب علاقات مع المدنيين في أغلب نشاطات السياسية، كان يميل دائماً الى زملائه من العسكر. وهو يعتقد ان الاصلاح السياسي يتم عبرهم. كان بعيداً عن الاحزاب والحركات السياسية غير مؤمن بمبادئها ومناهجها. كان يخشى وصول الاحزاب للسلطة، لانه يعتقد انها لاتعمل وفق مباديء تموز التي ظل ينادي بها على الدوام انها الطريق الوحيد لبناء عراق متطور اقتصادياً واجتماعيا.ً لم يكن طالب مدني النزعة والتفكير، بل ظل وفياً لمبادئه العسكرية ومخلصاً لها. وربما كان هذا سبب عدم قبوله لعبد الرحمن البزاز وخلافه معه، ولقد اشار في اللقاء الخاص معه، انه وجود البكر في احدى اللجان التي شكلها قبل تموز 68 كان سبباً في اختراقها من قبل حزب البعث وافشال مخطط اللجنة في اصلاح النظام والاتفاق مع النايف والداود لاسقاط عارف في انقلاب تموز 1968.
* هل كانت لناجي صلات طيبة مع الشيوعيين؟
- ابداً كانت العلاقة متشنجة على الدوام بسبب اتهامه من قبل الحزب الشيوعي بالتآمر على على عبد الكريم قاسم، ولانه وقف حائلاً دون اجازة النقابات والمنظمات والجمعيات طيلة فترة تسنمه وزارة الشؤون الاجتماعية لانها ستخضع لسيطرة الحزب الشيوعي وتسيسها لمشاريعه الخاصة.
*حاول انقلابيو تموز 68 بأقناعه في الاشتراك بالوزارة؟
- نعم: ومن خلال حردان التكريتي عرض عليه اكثر من منصب وزاري بما فيها رئاسة الوزارة. إلا انه رفض تلك العروض. بناء على موقفه من حزب البعث. وبسبب هذا الموقف وضع تحت الاقامة الجبرية. وخضوع منزله للرقابة. لانه كان موضع شك وارتياب خشية ان يعود للعمل السياسي. وقدرته في استقطاب الضباط من جديد لمواجهة الانقلاب.
* هل وجدتم اثناء لقائكم به انه مازال يؤمن باهداف تموز 58 وكأنها ازلية تصلح لكل العهود؟
- هناك ثمة تغيير ربما في الاسلوب، لكنه مؤمن بالعسكر لحد هذه اللحظة كأداة للتغيير لكن بأنتقال سلمي للسلطة وبوجود برلمان، ومازال مؤمناً ببرنامج الثورة، مبادئها السامية التي خدمت الشعب العراقي
*وهل مازال وحدوياً؟
- نعم هو مؤمن بذلك لكنه واجه صعوبات عديدة لتحقيق هذا المشروع.
*هل من كلمة اخيرة تقولها؟
-اقول ان ناجي طالب شخصية وطنية مرموقة وحدوية لايؤمن بسياسة القتل والارهاب معارض للدكتاتورية والتسلط ضد كل اشكال القمع والاستبداد يرى ان الاصلح هو من يخدم الشعب. واختتم القول بالدعوة للأخوة الباحثين ان يكملوا مابدأناه، في الدراسة لالقاء المزيد من الضوء على هذه الشخصية. لان البداية، خطوة اولى نحو دراسات اكثر عمقاً وشمولية في تاريخ العراق المعاصر...
*توفي الاستاذ ناجي طالب في 24-3-2012 رحمه الله
*http://www.akhbaar.org/home/2011/08/115301.html?print
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق