غزليات عبد الامير الحصيري ...اعداد وتقديم الاستاذ عزيز السيد جاسم
......................................................................................................
" مصير شاعر " بهذه العبارة ابتدأ الاستاذ عزيز السيد جاسم رحمه الله تقديم كتاب "غزليات عبد الامير الحصيري " ، والذي طبعته دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة 1988 .وقال انها عبارة ذات معنى مهم ويعني اكثر مما في ظاهره من معان ، فالعبارة هذه تتصل بشكل او باخر بمصير شعب ، ومصير وطن وبمصائر كل الحقائق التي يرتكز عليها التاريخ القومي .ولعل وضوح ذلك في التطبيق خير تاكيد على مصداقية الفهم هذا فشعوب العالم عندما تتحدث عن التاريخ القومي والتراث فانها تذكر بالتحديد اسماء قادتها ، وشعرائها ، وعلمائها ومفكريها وتفرد لهم اوسع واكثر الكتب .وغالبا ما يجري الاهتمام بالعلاقة بين مصير شاعر ومصير امة وشعب في السياق التسجيلي للتاريخ اكثر مما يتم في السياقات المباشرة للواقع ...وان تذكر شاعر بعد موته فقط يعني وجود جزء ميت في عقل (الواقع ) في تعامله مع (التاريخ القومي )...والشاعر عبد الامير الحصيري بلااباليته، وعبثيته ، ومجونه الكلامي البريء تزود خصومه بالسلاح المناسب كما كان يشكل بذلك اغراء كبيرا لاهماله من قبل الدوائر الرسمية وهو حي مع بعض التلطف بذكره بعد مماته ...ولاينكر ان عناده (الشعري ) المدعوم بسند اخلاقي وكبرياء شخصية قد فوت الفرصة على محاولة طمس ذكره ...الحصيري كان يبحث عن الموت فلم يجده ...وما كان غائبا عن النظر .. انه كان يترنح بين الحياة والموت ...فلم تعلم قدماه الى اين المسير ..لقد اتعبهما حداء روحه ، وكان حداء ساحقا ، ومنسحقا ...وثمة انسان معذب ...ذلك الانسان المعذب الذي يلهج بأسم الشاعر حبا ، وحنانا ، ورقة ، وجمالا ...ثم يأخذ الاستاذ عزيز السيد جاسم بتحليل قصائد الحصيري الغزلية ويرى ان جدلية الحب والخجل تكمن فيها ...وكم كان شعره يتدفق بالاسى وان عقدة الموت ظلت ترافقه رغم طفولية ضحكاته وبراءتها الغريزية ...لقد تأبط الحصيري موته وكان يتحدث معه كثيرا ...كان يجعل مرحه - اذا ما مرح -صاخبا وهاهي عشرات القصائد المنشورة في كتاب استغرق 346 صفحة مليئة بحنان الحريق ، وقبضة النهاية ومصابيح النوم واليقظة وقنطرة الحلم الاعمى وكتائب التعاسة ومحراب الماضي وموت اللهفة والنعيم البائس ...في غزلياته كان الحزن هو قدره النهائي وحين كتب قصيدته :
أفرط الليل بالشراب فغيبي
يامحطات عن نهار ذنوبي
مستقر الرحيل قاطرة الحل---
--م ،وموت الوصول عمر الدروب
هي القصيدة التي توزعت اجواؤوها على حياة الشاعر بطولها .
يقول الاستاذ عزيز السيد جاسم ان الكثيرين لربما يجهلون ان الحصيري رثى السياب محبا مخلصا بشعر جميل ...لقد كان يضفي على احساسات قلبه مهابة ...في الشعر يحتمي بصولات التفعيلة وموسيقاها ...من عناوين قصائده الغزلية :" قدح مهجتي وروحي قوافي " ،"حبيبي تدلل كما شئت " ،"رقاد المحبوب " "ياضحى الغرام وداعا " " رجوع الشوق " هلا عرفت الرفق ياطائرا " "بليت بحبك " "ناي الفرات " " شوق الارض " "وفاء الوحشة " " رفيف الشطان " " لؤلؤة الصحو " " لست اهواك غير اني اهواك " .في قصيدة " في انتظار الاقحوان " يقول في مطلعها :
جناحاك عيناي ..اين الفرار ؟
ومن نظراتك قلبي نثار
ومن عذب ثغرك واحة شوقي
يفيض بها الامل المستطار
ومن قبل سعرت فوق ثغري
اشتياقا بخديك نار
كتاب يحتاج الى دراسة مستفيضة .. وتقديم المفكر الكبير الاستاذ عزيز السيد جاسم وحده يحتاج الى دراسة ، ففيه من الرؤى والافكار والتصورات ما لم نجده في مكان اخرى واحسب انه كتب التقديم وهو في اسمى حالات التجرد ، واليقين ، والصدق ، والحب فخرجت قطعة ادبية فلسفية جميلة وجميلة جدا لم تضعنا في قلب وروحية غزليات الحصيري فحسب بل اججت مشاعر "عزيز السيد جاسم " نفسها وألهبتها نارا وحماسة ووطنية ................ا.د.ابراهيم خليل العلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق