الجمعة، 19 نوفمبر 2021

أوراقا تكاد أن تكون رواية موصلية ....الرسو التحضري الحلقة ( 18)


 


أوراقا تكاد أن تكون رواية موصلية ....الرسو التحضري الحلقة ( 18)

بقلم : الاستاذ محمد مناف ياسين

الرسو التحضري ٠٠
حين تسير بين دروب الموصل تشعر وكانك قد وجدت تاريخ لايعلمه غيرك ! ولايراه ! احسدهم واتساءل هل يعرفون حين يتبادلون عباراتهم ؛ بكلمات حروفها متخصصة بها ؟ مدى عذوبتها
في رواية اصرت ان تحكيها لنا جهينة ونحن نحيط بها وتلتمع عيوننا في انتظار بدء الحديث ؛ تزين الليل اضواء منارة النبي يونس كانها تشارك اضواء النجوم وهي تبتسم وتعبث بشعر راس احدنا هل تعرفون سفينة النبي نوح ؟ كل منا يزحف خطوة الى جهينة ٠٠؟ كان فيها من كل خلق اثنين ٠٠
جاء الله بهم الى هنا يتعاندون مع الصخر فتلين الحجارة بين ايديهم وتتكون البيوت ٠٠ اذكر جهينة وهي تحكي ايضا عن رواسب الماء والطين ٠٠ وعند. باب بيت جميل يقف ( الحب ) محمولا على كرسي خشبي خاص وينقط منه الماء الى ( حب ) اصغر مغطى بعنايه واسمع الماء ينزل نقاطا منتظمة من الكبير الى الصغير ليصبح الماء اكثر نقاء واكثر برودة ٠٠ واعرف تماما لم يقول الموصلي عن العطاء الاقل انه مثل ( ناقوط الحب ) والتفت الى من معي هل يستطيع قراءة الحب كما يتلفظها الموصلي الا ان يقرنها تلك المحبة التي تجمع ببن الناس ٠! وماهو اكثر جمالا من تعطي الماء البارد من الحب ( تسكين الحاء والباء ) وفي الحب تضع الضمة فوق الحاء ٠٠
انها لهجة تختزن المحبة وتعطيك ماء باردا ونقيا ٠٠صناعة الحب ومعه الشغبي / ويعود هنا تحدي الغين من جديد فالشغبي هي ذاتها انية الماء التي تحفظه وتجعله في الصيف باردا ٠٠! ولا استطيع ٠٠اللحظة استبدال الغين بالراء ٠٠؟ لانها ستفقد لحنها الموسيقي الحلو ٠٠!
اعجبني وانا صغير ان احتفظ بالريال وهو عملة معدنية كانت تصل قيمته الى اربعة دراهم وعليه صورة بارزة للملك فيصل الاول ٠٠ مؤسس المملكة العراقية ٠٠ كم كان ذلك الريال عزيزا على قلبي حاولت ما ان حصلت عليه ان ادخله في فتحة ( القاصة = الحصالة ) ولكن تلك الفتحة في القاصة لم
تكن مناسبه فالريال كبير والفتحة تتسع للدرهم او العشرة فلوس فقط قال لي ابي ساشتري منك الريال بخمس دراهم تضعها في القاصة ٠٠ فاشترطت عليه ان يجعلني ارى الريال في الوقت الذي اريد : نعم او ان نشتري حصالة اكبر ٠٠ ومع محاولات اقناع صانع الشغبات والحبوب والقاصات وهي من فخار وكانها ببضه كبيره مع فتحة صغيرة الى اعلى البيضة اياها و حين راى بائع الحبوب والقاصات ذلك الاصرار قال لأمي ( هذا ابنكي موصلي عنيد ٠٠) كدت ابكي عنده لولا خجلي من البكاء امام غريب ٠٠وحين عدت الى البيت اقنعتني جهينة بقبول الدراهم الخمسة اولا وعدم الاصرار ٠٠
تتكاثر المصنوعات الخزفية وحسب حاجة البيت فهناك الاباريق التي يملؤها من ينوي الصلاة على الاغلب ومن يحتاج الى اقل الماء ٠٠
واحدة من اهم ممارسات التحضر هو الاعتناء بالماء ٠٠ ولو قدر لك ان تجلس في دكان بائع الشغبات والقاصات وحبوب الماء لعرفت تنوع طلبات الناس واهتمامهم بهذه الصناعة الاولية وهي من مقدمات التصنيع الخزفي والابتكارات التي كان ( الكوازين ) ٠٠

يصح ان الامور تغيرت اليوم ولكن التذكر مهم لانه يدل على براعة الناس وتواصلهم الكفء٠٠وبقدر ما كان هناك غزاة يدمرون كانت الموصل والمدن العراقية تستوعب الغزاة وتعلمهم الكثير ليصبحوا كما يحكى عن سفينة نوح التي رست الى الموصل فكانت ميناء حضريا يستوعب واقوى من كل الغزاة انه شعب عنيد يعلم الناس ويتعلم ٠٠


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق