الأربعاء، 15 أبريل 2015

الصحفي المخضرم شاكر علي التكريتي في مواجهة الصحفي ليث الحمداني ا.د.ابراهيم خليل العلاف

الصحفي المخضرم شاكر علي التكريتي في مواجهة الصحفي ليث الحمداني
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس-جامعة الموصل
في مجلة "الحضارة " البغدادية ، العدد الخامس الصادر في تشرين الثاني سنة 1988 أجرى الصحفي المتميز الصديق الاستاذ ليث الحمداني حوارا موسعا مع الصحفي المخضرم المرحوم الاستاذ شاكر التكريتي صاحب جريدة "الشعب " ، ومدير الرقابة والكاتب المعروف .. وقال الحمداني لو قدر للصحفي شاكر التكريتي ان يولد وينشأ صحفيا في لبنان لكان له شأن عظيم لايقل عن شأن سليم اللوزي وسعيد فريحة .
ومهما يكن من أمر ؛ فالاستاذ شاكر علي التكريتي إنموذج من جيل من الصحفيين العراقيين الذين آمنوا بإن الصحافة هي التزام بالوطن وقضيته ..كتب مقالات في صحف كثيرة منها :" الاهالي " و"الشعب " و"القادسية " و"الكحلاء " في العمارة والتي كان يصدرها المرحوم عبد المطلب الهاشمي ، وكان معلما ، وقد نقل خدماته الى " مديرية الدعاية والمطبوعات " بوزارة الداخلية في سنة 1942 وقال انه تأثر بالصحفي ابراهيم صالح شكر وبمدير الدعاية في وزارة جميل المدفعي التي تسلمت الحكم بعد فشل ثورة مايس 1941 ، نور الدين داؤد ، وبالصحفي ناجي القشطيني ، وبالكاتب فهمي المدرس .
قال انه عندما كان مسؤولا في مديرية الدعاية العامة لم يتورع عن ان يجيز أعنف المقالات التي كانت تنشرها صحف المعارضة كالاهالي والبلاد والرأي العام ولواء الاستقلال ، ورد على من قال :" انه عندما كان رقيبا سام الصحافة سوء العذاب" ، بأنه لم يكن صادقا في قوله وقال انه كان واحدا من أربعة رقباء ، وفي نظام كانت المعارضة تتصيد كل ما يحذفه الرقيب ان وجد وتوجه الاسئلة الى وزير الداخلية او رئيس الوزراء ، وكان كامل الجادرجي بنفسه يجلب مسودات جريدته : "الاهالي " فكيف اسمح للقلم الاحمر ان يراقب ما يكتبه الجادرجي وزملاؤه في الحزب الوطني الديموقراطي ويقول : " ياما كنت اجيز مقالات الاهالي دون ان اقرأها كنت اخجل يومها من المرحوم الجادرجي وكان الرجل مستعدا لاعادة النظر في مقالاته التي يعترض عليها الرقيب"" كنت اعمل في الرقابة صحفيا ومن الطريف انني كنت اكتب باليمنى مقالا وارد غليه باليسرى وليس ذلك عيبا في الموظف والصحفي في آن واحد كما اعتقد" .
وقال انه تعرف على الكثير من الصحفيين العرب امثال محمد حسنين هيكل والبرت الريحاني ووديع فلسطين والتوأم مصطفى امين وعلي امين وعن ذكرياته مع جريدته :"الشعب " قال انه اصدرها سنة 1967 مع بعض الزملاء من دون اجازة رسمية وقد عمل في الجريدة فلاح العماري ، ونديم احمد الياسين لكن الجريدة اممت وختم حواره بإنتقاد تأميم الصحافة .. واكد اهمية ان يكون للقطاع الخاص صحفه فالصحافة اقوى من الحكومات وكان يرى بأن الامة العربية واحدة جغرافيا وسكانيا وتاريخيا ويجب ان تؤدي رسالتها الحضارية الانسانية للعالم ، وان الحياة ليست الا مسرح كبير .
وقد روى قصة عن الزعيم عبد الكريم قاسم والصحافة وقال انه حضر مؤتمرا صحفيا عقده الزعيم في مقره بوزارة الدفاع وكان من اخطر المؤتمرات وفيه تحدث الزعيم بإسهاب عن الثورة والصحافة العراقية بالذات وانتقص منها لانها - كما قال - ماتزال دون مستوى الثورة ، وقال انها مدعوة الى تحمل مسؤوليتها على الوجه السليم ، وهنا نهض الحاج طه الفياض صاحب جريدة "الفجر الجديد " وطلب السماح بالتعليق فقال :" ياسيادة الزعيم ..كيف تطالبنا بالمزيد من الكتابات والتعليقات والابداع والرقيب على الصحافة غير مختص بهذه [ الشغلة ] . فضلا عن كونه منحازا ، وغير محايد وانه يحذف الكثير مما تكتبه الصحف القومية والصحف ذات الروح الاسلامية ".. وعرض على الزعيم العديد من المقالات المحذوفة ، فما كان من الزعيم بعد استماعه هذا التعليق الا ان صرخ في وجه الرقيب وهو يرتدي بزته العسكرية وكان حاضرا في المؤتمر ووبخه امام الحاضرين وقال لقد قررت ُ الغاء الرقابة على الصحف ولارقيب عليكم بعد الان إلا ضمائركم " .
بقي ان نذكر القارئ الكريم بأن الاستاذ شاكر علي التكريتي 1911-2001 كاتب وصحفي تميزت كتاباته الصحفية بروح الدعابة والسخرية - كما يقول الاستاذ حميد المطبعي في "موسوعة اعلام وعلماء العراق " - ولد في ناحية العلم - تكريت (محافظة صلاح الدين ) سنة 1911 وتخرج في دار المعلمين الابتدائية سنة 1930 وعمل في التعليم لفترة قبل ان ينقل خدماته من وزارة المعارف (التربية ) الى وزارة الداخلية ليعمل في مديرية الدعاية وعين رقيبا على المطبوعات والنشر ورقيبا على الاذاعة في الثلاثينات والاربعينات ، وقد اشترك في معارك صحفية مع صحفيين اخرين ومع مؤسسات ثقافية واجتماعية عبر عهود ثلاثة :الملكي والقاسمي ومابعد انلاب 1963.. وهو يحمل وسام "الرواد الاوائل للصحافة " .. وقد اشتهر بكتابة العمود والزاوية والتحقيق والخبر المثير لكنه انفرد بالمقالة السياسية ذات الطابع الساخر .
له مؤلفات عديدة منها :
*ثورة الطلبة 1963
*مذكرات مديحة السلمان (زوجة الشهيد محمود سلمان أحد ابطال ثورة مايس 1941
) 1989
وله كتب مخطوطة لم تتيسر له الفرصة لطبعها .هذا فضلا عن كم كبير من المقالات المبثوثة في الصحف والمجلات العراقية ولعقود عديدة تمتد منذ الثلاثينات وحتى وفاته حيث ان القلم لم يسقط من هذا الرجل الذي ظل مواظبا على الكتابة حتى توفاه الله .
رحم الله الاستاذ شاكر علي التكريتي وجزاه خيرا على ماقدم لوطنه ولامته .
__________________
* الصورة :الاستاذ شاكر علي التكريتي في الوسط ومن اليمين الاستاذ حارث طه الراوي الكاتب والشاعر المعروف ومن اليسار الاستاذ الدكتور صفاء خلوصي الاكاديمي والمحقق والكاتب المعروف رحمهم الله جميعا .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفلسفة والاخلاق والعلاقة بينهما

  الفلسفة والاخلاق والعلاقة بينهما -ابراهيم العلاف واشد ما يؤلمني ، هو تعليق البعض بأن لافائدة من الكلام ، وليس ثمة من يسمع أو يتعلم ، مع ان...