ولد الهـدى
أمير الشعراء أحمد شوقي
ولد الهـدى فالكائنات ضياء وفـم الزمان تبـسم وثـناء
الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنـيا به بشـراء
والعرش يزهووالحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العـصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالتـرجمان شـذية غـناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم الرفيـع رواء
نظمت أسامي الرسل فهي صحيفة في اللوح واسم محمد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه ألف هنالك واسم ( طه ) الباء
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبـين الذي لا يلتـقي الا الحنـائف فيـه والحنـفاء
خير الأبوة حازهم لـك آدم دون الأنـام وأحرزت حـواء
هـم أدركوا عز النبوة وانتهت فيهـا اليـك العـزة القـعساء
خلقت لبيتك وهو مخلوق لها أن العظائـم كفـوها العـظماء
بك بشر اللـه السماء فزينت وتضوعت مسكا بـك الغـبراء
وبـدا محـياك الذي قسماتـه حـق وغرتـه هـدى وحـياء
وعليه من نور النبوة رونـق ومن الخـليل وهـديه سيـماء
أثنى المسيح عليه خلف سمائه وتهلـلت واهتـزت العـذراء
يوم يتيه على الزمان صباحه ومـساؤه بـمحمـد وضـاء
الحق عالي الركن فيه مظفـر في الملك لا يعلو عليه لـواء
ذعرت عروش الظالمين فزلزلت وعـلت على تيجاتهـم أصداء
والنار خاوية الجوانب حـولهم خمدت ذوائـبها وغاض الـماء
والآي تـترى والخوارق جـمة جـبريل رواح بـها غـداء
نعم اليتيم بدت مخايل فـضله واليتـيم رزق بعـضه وذكاء
في المهد يستقى الحيا برجائه وبـقصده تستـدفع البـأسـاء
بسوى الأمانة في الصبا والصدق لم يعرفـه أهل الصدق والأمـناء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا منهـا ومـا يتعـشق الكبـراء
لو لم تقم دينا لقامت وحـدها ديـنا تـضيء بـنوره الآنـاء
زانتك في الخلق العظيم شـمائل يغـرى بهـن ويـولع الكـرماء
والحسن من كرم الوجـوه وخيره مـا أوتـي القـواد والزعـماء
فاذا سخوت بلغت بالجود المـدى وفعـلت ما لا تفـعل الأنـواء
واذا عفوت فـقادروا ومقـدرا لا يستهـين بعـفوك الجـهلاء
واذا غضبت فانـما هي غضبـة في الحق لا ضغن ولا بغضاء
واذا رضيت فذاك في مرضاته ورضى الكثير تحـلم وريـاء
واذا خطبـت فلـلمنابر هـزة تعـرو النـدي ولـلقلوب بكاء
واذا قضيـت فلا ارتياب كأنـما جاء الخصوم من السماء قضاء
واذا حميت الماء لم يورد ولو أن القـياصر والملـوك طـماء
واذا أجرت فأنت بيت اللـه لم يـدخل عليه المستجـير عداء
واذا ملكت النفس قمت بـبرها ولو أن ما ملكت يداك الشاء
واذا بنيت فخير زوج عشـرة واذا ابتليـت فدونـك الآبـاء
واذا صحبت رأى الوفاء مجسما في بردك الأصحاب والخلطـاء
واذا أخذت العهد أو أعطيتـه فجميـع عهـدك ذمة ووفـاء
واذا مشيت الى العدا فغضنـفر واذا جـريـت فانـك النكـباء
وتمـد حلمـك للسفيـه مداريـا حتى يضيق بعـرضك السفـهاء
في كل نفس من سطاك مهابـة ولكـل نفـس في نداك رجـاء
والرأي لم ينض المهنـد دونـه كالسيف لم تـضرب بـه الآراء
يا أيـها الأمـي حسـبك رتـبة في العـلم أن دانـت بك العـلماء
الذكر آية ربـك الكبـرى التـي فيـها لباغـي المـعجزات غناء
صدر البيان له اذا التقت اللغى وتقـدم البلـغـاء والفـصحـاء
نسخت به التوراة وهي وضيئة وتخـلف الانجـيل وهو ذكاء
لما تمشي في الحجاز حكيـمة فـضت عكـاظ به وقام حـراء
أزري بمنـطق أهلـه وبيانـهم وحـي يقـصر دونـه البلغـاء
قد نال بالهادي الكريم وبالهـدى ما لم تـنل من سؤدد سيـناء
ديـن يشـيد آيـة فـي آيـة لبـناتـه السـورات والأضـواء
الحق فيه هو الأساس وكيف لا واللـه جـل جلالـه البـناء
أما حديثك في العقول فـمشرح والعـلم والحـكم الغـوالي الماء
هو صبغة الفرقان نفحة قـدسه والسيـن من سوراتـه والـراء
جرت الفصاحة من ينابيع النهى مـن دوحـة وتفـجر الانـشاء
في بحـره للسابحـين به على أدب الحـياة وعلمـها ارسـاء
يا أيها المسرى به شرفـا الى ما لا تنال الشـمس والجوزاء
يتساءلون وأنت أطهـر هيـكل بالروح أم بالهايـكل الاسـراء
بهما سموت مطهرين كلاهـما نـور وروحـانـية وبـهـاء
فضل عليك لذي الجلال ومنه واللـه يفـعل ما يرى ويشاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما طويـت سـماء قلـدتك سماء
في كل منطقة حواشي نورها نون وأنت النقطة الزهـراء
أنت الجمال بها وأنت المجتلى والكـف والمـرآة والحـسناء
اللـه هيأ من حظيرة قدسـه نزلا لذاتك لم يجـزه علاء
العرش تحتك سدة وقوائـما وماكب الروح الأميـن وطاء
والرسل دون العرش لم يؤذن لهم حاشـا لغـيرك موعـد ولقاء
أمير الشعراء أحمد شوقي
ولد الهـدى فالكائنات ضياء وفـم الزمان تبـسم وثـناء
الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنـيا به بشـراء
والعرش يزهووالحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العـصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالتـرجمان شـذية غـناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم الرفيـع رواء
نظمت أسامي الرسل فهي صحيفة في اللوح واسم محمد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه ألف هنالك واسم ( طه ) الباء
يا خير من جاء الوجود تحية من مرسلين الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبـين الذي لا يلتـقي الا الحنـائف فيـه والحنـفاء
خير الأبوة حازهم لـك آدم دون الأنـام وأحرزت حـواء
هـم أدركوا عز النبوة وانتهت فيهـا اليـك العـزة القـعساء
خلقت لبيتك وهو مخلوق لها أن العظائـم كفـوها العـظماء
بك بشر اللـه السماء فزينت وتضوعت مسكا بـك الغـبراء
وبـدا محـياك الذي قسماتـه حـق وغرتـه هـدى وحـياء
وعليه من نور النبوة رونـق ومن الخـليل وهـديه سيـماء
أثنى المسيح عليه خلف سمائه وتهلـلت واهتـزت العـذراء
يوم يتيه على الزمان صباحه ومـساؤه بـمحمـد وضـاء
الحق عالي الركن فيه مظفـر في الملك لا يعلو عليه لـواء
ذعرت عروش الظالمين فزلزلت وعـلت على تيجاتهـم أصداء
والنار خاوية الجوانب حـولهم خمدت ذوائـبها وغاض الـماء
والآي تـترى والخوارق جـمة جـبريل رواح بـها غـداء
نعم اليتيم بدت مخايل فـضله واليتـيم رزق بعـضه وذكاء
في المهد يستقى الحيا برجائه وبـقصده تستـدفع البـأسـاء
بسوى الأمانة في الصبا والصدق لم يعرفـه أهل الصدق والأمـناء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا منهـا ومـا يتعـشق الكبـراء
لو لم تقم دينا لقامت وحـدها ديـنا تـضيء بـنوره الآنـاء
زانتك في الخلق العظيم شـمائل يغـرى بهـن ويـولع الكـرماء
والحسن من كرم الوجـوه وخيره مـا أوتـي القـواد والزعـماء
فاذا سخوت بلغت بالجود المـدى وفعـلت ما لا تفـعل الأنـواء
واذا عفوت فـقادروا ومقـدرا لا يستهـين بعـفوك الجـهلاء
واذا غضبت فانـما هي غضبـة في الحق لا ضغن ولا بغضاء
واذا رضيت فذاك في مرضاته ورضى الكثير تحـلم وريـاء
واذا خطبـت فلـلمنابر هـزة تعـرو النـدي ولـلقلوب بكاء
واذا قضيـت فلا ارتياب كأنـما جاء الخصوم من السماء قضاء
واذا حميت الماء لم يورد ولو أن القـياصر والملـوك طـماء
واذا أجرت فأنت بيت اللـه لم يـدخل عليه المستجـير عداء
واذا ملكت النفس قمت بـبرها ولو أن ما ملكت يداك الشاء
واذا بنيت فخير زوج عشـرة واذا ابتليـت فدونـك الآبـاء
واذا صحبت رأى الوفاء مجسما في بردك الأصحاب والخلطـاء
واذا أخذت العهد أو أعطيتـه فجميـع عهـدك ذمة ووفـاء
واذا مشيت الى العدا فغضنـفر واذا جـريـت فانـك النكـباء
وتمـد حلمـك للسفيـه مداريـا حتى يضيق بعـرضك السفـهاء
في كل نفس من سطاك مهابـة ولكـل نفـس في نداك رجـاء
والرأي لم ينض المهنـد دونـه كالسيف لم تـضرب بـه الآراء
يا أيـها الأمـي حسـبك رتـبة في العـلم أن دانـت بك العـلماء
الذكر آية ربـك الكبـرى التـي فيـها لباغـي المـعجزات غناء
صدر البيان له اذا التقت اللغى وتقـدم البلـغـاء والفـصحـاء
نسخت به التوراة وهي وضيئة وتخـلف الانجـيل وهو ذكاء
لما تمشي في الحجاز حكيـمة فـضت عكـاظ به وقام حـراء
أزري بمنـطق أهلـه وبيانـهم وحـي يقـصر دونـه البلغـاء
قد نال بالهادي الكريم وبالهـدى ما لم تـنل من سؤدد سيـناء
ديـن يشـيد آيـة فـي آيـة لبـناتـه السـورات والأضـواء
الحق فيه هو الأساس وكيف لا واللـه جـل جلالـه البـناء
أما حديثك في العقول فـمشرح والعـلم والحـكم الغـوالي الماء
هو صبغة الفرقان نفحة قـدسه والسيـن من سوراتـه والـراء
جرت الفصاحة من ينابيع النهى مـن دوحـة وتفـجر الانـشاء
في بحـره للسابحـين به على أدب الحـياة وعلمـها ارسـاء
يا أيها المسرى به شرفـا الى ما لا تنال الشـمس والجوزاء
يتساءلون وأنت أطهـر هيـكل بالروح أم بالهايـكل الاسـراء
بهما سموت مطهرين كلاهـما نـور وروحـانـية وبـهـاء
فضل عليك لذي الجلال ومنه واللـه يفـعل ما يرى ويشاء
تغشى الغيوب من العوالم كلما طويـت سـماء قلـدتك سماء
في كل منطقة حواشي نورها نون وأنت النقطة الزهـراء
أنت الجمال بها وأنت المجتلى والكـف والمـرآة والحـسناء
اللـه هيأ من حظيرة قدسـه نزلا لذاتك لم يجـزه علاء
العرش تحتك سدة وقوائـما وماكب الروح الأميـن وطاء
والرسل دون العرش لم يؤذن لهم حاشـا لغـيرك موعـد ولقاء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق