الأربعاء، 1 مايو 2013

العراق في السياسة الاميركية المعاصرة ................................................كتاب جديد للدكتور عادل محمد العليان تقديم :ا.د.ابراهيم خليل العلاف

العراق في السياسة الاميركية المعاصرة
................................................كتاب جديد للدكتور عادل محمد العليان
تقديم :ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث-العراق

يخطي من يظن أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية في العراق ، ترتبط بحقبة معينة ، أو حدث معين ، فأية عودة إلى ملفات التاريخ ، تكشف لنا حقيقة مهمة وهي أن هذه المصالح ، ترجع إلى أواخر القرن التاسع عشر . ففي سنة 1889 ، قررت الحكومة الأمريكية تعيين قنصل لها في بغداد . ومنذ ذلك الوقت يحتل العراق مكانة متقدمة في الإستراتيجية الأمريكية حتى انه يعد في الأدبيات السياسية الأمريكية ، بلدا أساسيا ، ومفتاحا مهما ( Key Country ) من مفاتيح الشرق الأوسط . وقد تحقق للأمريكيين وحلفائهم من البريطانيين وغيرهم في التاسع من نيسان 2003 ، احتلال العراق ، وهذا الكتاب الذي هو بالاصل اطروحة دكتوراه قدمت بأشرافي الى مجلس كلية التربية بجامعة الموصل سنة 2011 يعد محاولة لتوضيح موقع العراق في السياسة الأمريكية المعاصرة ابتداء من 1980 وحتى قيام الولايات المتحدة الاميركية بأجتياحه واحتلاله واسقاط نظامه السياسي في التاسع من نيسان –مايو سنة 2003 .
يقينا ان الولايات المتحدة الأمريكية أبدت اهتماما ملحوظا بالعراق منذ سنة 1889 ، حين قررت تعيين أول قنصل لها في ولاية بغداد أبان وجودها تحت السيطرة العثمانية ، بعد أن كانت القنصلية البريطانية في بغداد تتولى الإشراف على الرعايا الأمريكيين في العراق بصفة غير رسمية . وقد استندت الولايات المتحدة في تعيين قنصل لها في بغداد ، إلى معاهدة سنة1830بينها وبين الحكومة العثمانية .وفي سنة 1891 فتحت الإرسالية التبشيرية الأمريكية المعروفة بالإرســالية العربـيـة Arabian Mission أول مركز لها في البصرة ، متخـذة منها قاعـدة لنشاطاتها التبشيرية والتجارية في منطقة الخليج العربي . وبعد الاحتلال البريطاني للبصرة في 22 تشرين الثاني 1914 نجحت سلطات الاحتلال في إزالة العقبات أمام المبشرين الاميركيين واستفادت من رجالهم ونسائهم في الإشراف على التعليم . وقد وقفت الحكومة الأمريكية موقفا مؤيدا لمبشريها ، وعنيت (جون فان ايس) قنصلا لها في البصرة ، وقد حمل هذا التعيين دلالات سياسية عديدة أبرزها أن الولايات المتحدة كانت تأمل من مبشريها الكثير من اجل تثبيت نفوذها والقيام بدور سياسي لصالحها . وفيما يتعلق بالمصالح التجارية الأمريكية ، فان الأسواق الأمريكية ، بعد أن رصدت صادرات العراق نحو الأسواق البريطانية ، حاولت قبيل الحرب العالمية الأولى السيطرة على صادرات ولاية الموصل من المصارين وعرق السوس ، فانشأ الأمريكيون على سبيل المثال شركة لاستخراج وكبس عرق السوس في الموصل وتصديره سنة 1911 ، إلا أن الأسواق الأمريكية لم تستوعب إلا نسبة قليلة من الصادرات العراقية ، والسبب في ذلك يرجع إلى هيمنة الإنكليز على الاقتصاد العراقي في هذه الحقبة . وبالنسبة للنفط ، كانت مصالح الأمريكيين واضحة ، وترجع محاولاتهم الأولى إلى سنة 1908 ، حين قدم الأدميرال جستر كولبي J.Colpy موفدا من قبل مجموعة من المستثمرين الأمريكيين ليقود مفاوضات الحصول على حقوق الأسبقية في نفط الموصل مع المسؤولين العثمانيين في استانبول ، وكذلك للحصول على امتياز مد سكة حديد . وفي 9 من آذار سنة 1910 منح كولبي امتياز البحث عن النفط في مسافة (20) كيلومتر على جانبي سكة الحديد المقترحة المارة بكركوك والموصل وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، رفعت الولايات المتحدة شعار الباب المفتوح Open door polcyفي مجال اقتسام المصالح النفطية الأمريكية المتمثلة آنذاك بـ ( شركة إنماء الشرق الأدنى ) في تموز 1928 على 23,75%من أسهم شركة النفط التركية ، وهي شركة نفط العراق بعد سنة 1929
لقد عارض العراقيون من خلال أحزابهم وصحفهم الوطنية آنذاك الاعتراف بشرعية امتياز شركة النفط التركية ، وأدركوا من خلال متابعتهم للصراعات الدولية على نفط الموصل ، حجم الأطماع الأجنبية ومخاطرها على ثروتهم وسيادة بلدهم وخلال السنوات 1926 ـ 1930 ، حاولت الولايات المتحدة ، تطوير علاقاتها التجارية مع العراق ، في محاولة منها لدمج الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الرأسمالي . . لذلك بلغ معدل ما صدرته الولايات المتحدة إلى العراق للفترة هذه ما قيمته مليون و170 ألف دولار سنويا قبيل نشوب الحرب العالمية الثانية ، بلغت قيمة الصادرات الأمريكية إلى العراق . وخلال السنوات 1937 ـ 1938 قرابة 3,8 مليون دولار سنويا . وسرعان ما اتسعت حركة التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة بعد ذلك .وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية على لسان رئيسها ( وودرو ويلسون) انها تسعى من اجل ضمان حق الشعوب في تقرير مصيرها . وقد اقترح الرئيس الأمريكي ، بشأن القضية العراقية ، إرسال لجنة تحقيق دولية للإطلاع على رغبات السكان ، وقد عرفت اللجنة باسم لجنة كنك ـ كرين نسبة إلى المندوبين الأمريكيين الرئيسيين الذين تتألف منهما البعثة وهما الدكتور هنري كنكHenry King والمستر جارلس كرين Charles Crane . وقد زارت اللجنة العراق ، وقابلت وفودا منه . وفي آب 1919 تسلم الرئيس الأمريكي تقرير اللجنة الذي نص ، فيما يتعلق بالعراق ، على اقتراح بامكان إقامة انتداب أمريكي على العراق . وقد ظل نفوذ الولايات المتحدة خلال السنوات 1919 ـ 1920 ، ضعيفا وغير قادر على انتزاع العراق من بريطانيا التي تدخلت وبالتعاون مع فرنسا ، للحد من أي تأثير كان سيخلفه تقرير لجنة كنك ـ كرين . والجدير بالملاحظة أن المادة (22) من نظام الانتداب الذي اقره مؤتمر الصلح في باريس سنة 1919 كتطبيق مشوه لمبدأ حق تقرير المصير ، لم يكن إلا صورة أخرى لمبدأ الاستعمار الذي مارسه البريطانيون في العراق
بعد ظهور العراق ككيان سياسي سنة 1920 ، لم تعترف الولايات المتحدة الأمريكية رسميا به إلا بعد عشر سنوات . ففي 9 كانون الثاني 1930 تم التوقيع على الميثاق العراقي ـ البريطاني ـ الأمريكي الذي ضمن للرعايا الأمريكيين في العراق ، المصالح والامتيازات الممنوحة للدول الأعضاء في عصبة الأمم ، ومن ضمنها حقوق الملكية والنشاط الديني والثقافي والتربوي . وكما هو معروف فان المبشرين الأمريكيين قد أسسوا منذ سنة 1925 مدرسة ثانوية للبنين في بغداد باسم مدرسة الأمريكان كما حاولوا تأسيس جامعة أمريكية في الموصل ولكنهم لم ينجحوا في ذلك حيث أحبط الموصليون المشروع .وقبيل صدور قانون المعارف العامة رقم 28 لسنة 1929 ، أظهرت الحكومة الأمريكية قلقها على مؤسساتها التبشيرية والتعليمية خاصة بعد إصرار الحكومة العراقية على مبدأ تفتيش المدارس التبشيرية ، وإلزامها بتدريس اللغة العربية وتاريخ العراق وجغرافيته وقد أخر هذا الموقف الاعتراف الأمريكي بالدولة العراقية . وفي مجال الآثار والتنقيب كان للأميركان نشاط واضح ، حيث شارك المنقبون الأمريكيون زملائهم الإنكليز والفرنسيين في الاستحواذ على الكثير من آثار العراق .
أنشأت الحكومة الأمريكية مفوضية لها في بغداد اثر دخول العراق عصبة الأمم في 3 تشرين الأول 1932 ، وأرسلت بول نابنشو Paul Knabensh أول وزير مفوض لها . كما تدخلت في شؤون التعليم في العراق ، وأرسلت بعثة برئاسة الدكتور بول مونرو الذي قدم تقريرا عارض فيه إنشاء جامعة وطنية عراقية لما يمكن أن تخلقه من مشاكل على صعيد تنمية الوعي السياسي . وكان من نتائج زيارة هذه البعثة ، حصول الأمريكيين على رخصة لتأسيس مدرسة ثانوية باسم ( كلية بغداد في حزيران 1932 ) وكذلك على جامعة باسم ( جامعة الحكمة ) . وقد فتحت كلية بغداد أبوابها في 26 أيلول 1932 وضمت صفوفا ابتدائية وثانوية ، وكانت باجور سنوية مرتفعة لذلك اقتصرت على أبناء الأغنياء . أما جامعة الحكمة ، التي أدارها الآباء اليسوعيين ، فقد كانت تقبل في صفوفها خريجي كلية بغداد . وثمة إحصائية تتعلق بالمدارس الأمريكية ترجع إلى سنة 1960 تشير إلى أن عدد طلبة كلية بغداد ، وثانوية بغداد الأمريكية ، وثانوية الرجاء العالي في البصرة بلغ (1487) طالبا وطالبة يدرسهم (121) مدرسا ومدرسة
وبعد أن تولى رشيد عالي الكيلاني رئاسة الوزارة العراقية في آذار 1940 ، وإصداره قانونا جديدا للمعارف ( التعليم) ، اعترض الأمريكيون على هذا القانون ، بحجة انه يتيح للحكومة العراقية فرض رقابة على المدارس التبشيرية الأمريكية التي أريد لها أن تكون أداة لنشر الأفكار والفلسفات الأمريكية وقد علق الأمريكيون الأمل على تأجيل عبد الإله الوصي (1939 ـ 1953) على العرش ، التصديق على القانون ، لكن العقداء الأربعة ( صلاح الدين الصباغ ومحمود سلمان وكامل شبيب وفهمي سعيد ) ، الذين قادوا ثورة مايس 1941 ، اضطروه للتصديق على القانون المذكور رغم استمرار معارضة الولايات المتحدة له .
خلال الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945 ) ازداد الاهتمام الأمريكي بالعراق . ومن ذلك أن الحكومة الأمريكية أوعزت لوزيرها المفوض ( بول نابشو) في مايس /أيار 1940 ، أن يقوم بجولة في المنطقتين الشمالية والغربية من العراق لدراسة ما سمي آنذاك بـ (الوضع العسكري هناك) في أعقاب اجتياح القوات الألمانية للأراضي الفرنسية في هذه الحقبة ، وطلبت منه تقديم تقرير بذلك ، فقد جاء ذلك بعد أن شعر الأمريكيون بان مصالحهم النفطية ، باتت مهددة ، لذلك استقر رأيهم على ضرورة ( دعم مركز بريطانيا في العراق) بأي ثمن .
لقد شهدت السنوات 1942 ـ 1945 ، تحولا في السياسة الأمريكية باتجاه الدخول مباشرة في العمليات العسكرية ضد المحور ، بعد أن أدرك الأمريكيون أن النفط العراقي أصبح مسألة تخص الأمن القومي الأمريكي ، لذلك أقدموا على الغـاء( قيادة خدمات الخليج العربي ) ، الأمريكية بغية وضع الخطط مع البريطانيين لإنشاء وصيانة الطرق والموانيء في المنطقة الممتدة من بغداد إلى الهند ، ومن أم قصر في البصرة حتى طهران في إيران كما أقامت القيادة الأمريكية ، في ظل وجود النظام الملكي الموالي للغرب في بغداد ، مراكز لتجميع الطائرات في الشعيبة والحبانية
تشير الحقائق إلى أن الولايات المتحدة ، وقفت موقفا مناوئا لثورة مايس 1941 ، وأيدت القيادة البريطانية والعائلة الملكية الحاكمة في تصديها لهذه الثورة . لذلك شملت الحكومة الأمريكية ، في الأول من نيسان 1943 ، العراق ، بمساعدات ما كان يسمى بـ ( الإعارة والتأجير) بحجة أن دفاعه حيوي لدفاع الولايات المتحدة . كما وجه الرئيس الأمريكي روزفلت دعوة رسمية إلى الوصي على عرش العراق الأمير عبد الإله في مايس 1945 لزيارة واشنطن . ووافق الأمريكيون على بيع العراق أسلحة أمريكية . وقد أعرب الأمريكيون عن رغبتهم في مشاركة البريطانيين ، في دعم وتقوية النظام الملكي أولا ، والإبقاء على القواعد الجوية ثانيا ، وقمع القوى الوطنية ثالثا ، لضمان استمرار تدفق النفط بانتظام إلى الولايات المتحدة وأوربا الغربية .
في أواسط عقد الخمسينات من القرن العشرين ، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تنتهج سياسة تطويق الاتحاد السوفيتي ( السابق) بسلسلة من الأحلاف العسكرية . وقد أعلن جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكية عن ذلك وقال انه لابد من إقامة حلف عسكري للدفاع عن الشرق الأوسط ضد السوفييت . وأخذت الولايات المتحدة تعمل لترشيح العراق لكي يكون حلقة مهمة في منظومة الأحلاف الغربية . وقد وقعت مع العراق سنة 1954 اتفاقية تعاون عسكري . كما أعدت برنامجا متكاملا لتقديم مساعدات للعراق . وتسارعت الأحداث بقوة ، ليوقع العراق اتفاقية مع تركيا في شباط 1955 واتفاق مع البريطانيين بعد شهرين وقد انضمت الباكستان إلى الاتفاق في تموز 1955 . وفي 3 تشرين الثاني 1955 التحقت به إيران كذلك فأصبح الحلف يدعى بحلف بغداد ولم تشأ الولايات المتحدة ، الانضمام إلى الحلف ، لكنها رغبت في تأسيس لجنة ارتباط سياسية وعسكرية دائمة لها معه . وفي سنة 1957 انضمت إلى لجنة الحلف العسكرية . وقد اتضح للمراقبين والمحللين السياسيين أن العراق ، ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية ، أصبح يمثل موقعا استراتيجيا في السياسة الأمريكية المعاصرة . وقد حاولت الولايات المتحدة اتخاذ العراق قاعدة لمواجهة (المد القومي) الذي قاده الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر (1952 ـ 1970) خاصة بعد نجاحه في إقامة كتلة عدم الانحياز اثر مؤتمر باندونغ في نيسان 1955 وضم سوريا إلى مصر وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة في شباط 1958 .
جاءت ثورة 14 تموز 1958 في العراق التي قادها تنظيم الضباط الأحرار بالتعاون مع جبهة الاتحاد الوطني ، لتنهي توجهات العراق الملكي نحو الغرب . فلقد خرج العراق من حلف بغداد ومن المنطقة الإسترلينية . وكانت الثورة ، حسبما أشار احد المؤرخين الأمريكيين ، ((مفاجأة عنيفة للولايات المتحدة الأمريكية )) ، و ((دليلا على فشل المخابرات المركزية الأمريكية ، وعجزها عن التكهن بما قام به خصوم الغرب )) من العراقيين .
كتب السفير الأمريكي في بغداد (ولدمار غولمن) يقول أن قيام ثورة 14 تموز 1958 يعد فشلا ذريعا للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط (16) ، لذلك تحول مركز الثقل الأمريكي الى ايران ، التي استمرت عضويتها في حلف المعاهدة المركزية ( السنتو) ، وهو الاسم الجديد لحلف بغداد بعد خروج العراق منه . وقد تزايدت ضراوة الخصومة بين العراق والولايات المتحدة نتيجة التحالف الأمريكي ـ الإيراني . إذ اندفعت الولايات المتحدة ، بكل ثقلها ، لتسليح إيران على نحو كبير ، كما ان الرأي العام العراقي بدأ يظهر عداءه للولايات المتحدة بشكل واضح ، فضلا عن التخريب الذي تعرضت له السفارة الأمريكية بعد نجاح الثورة صبيحة يوم 14 تموز 1958 ، فان الجماهير استقبلت (روانتري ) وكيل وزارة الخارجية الأمريكية الذي زار بغداد (17) ، وبعد تلك الإحداث مباشرة بالهتافات المعادية للولايات المتحدة وقد أشار ( اندرو تولي) في كتابه ( وكالة المخابرات الأمريكية) ، وطبع سنة 1961 إلى أن الأمريكيين في مواجهة ذلك اخذوا يعملون على إشاعة الاضطرابات في العراق ، فبدأت مرحلة جديدة من تاريخ العلاقات بين العراق والولايات المتحدة ، اتسمت بالسلبية خاصة بعد أن أعلن الزعيم ( العميد) الركن عبد الكريم قاسم ، رئيس الوزراء العراقي ( انه يريد إعادة الكويت إلى العراق : الوطن الأم ) .
في عقد الستينيات من القرن العشرين ، وإزاء الصراعات السياسية بين القوى السياسية والحزبية العراقية المختلفة ، بدأت تظهر بعض المحاولات لتنشيط العلاقات مع الولايات المتحدة، وابتدأت هذه المحاولات في كانون الثاني 1963 عندما بدأ ترتيب مشروع الأغذية سنة 1963 وقرض بنك الاستيراد والتصدير المدفوع إلى العراق سنة 1965 . ثم بدأت مفاوضات لعقد اتفاقية السلع الزراعية في شهر كانون الأول 1966 . ولقد جرت محاولات لتجديد الروابط الاقتصادية والتجارية أبان حكومة عبد الرحمن البزاز (1966 ـ1967) ، الذي زار بريطانيا والولايات المتحدة زيارة رسمية رغبة منه في فتح صفحة جديدة وتوثيق علاقات العراق بالغرب . ولكن حرب حزيران 1967 بين الدول العربية وإسرائيل ، أدت إلى إقدام العراق على قطع علاقاته مع الولايات المتحدة ، وتهديده باستخدام النفط سلاحا ضدها لموقفها المضاد للدول العربية ، وتحالفها مع إسرائيل .
بعد قيام العراق بتأميم نفطه سنة 1972، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية ، بمواجهة هذا الإجراء من خلال وضع معايير تحدد ما سمي آنذاك بـ ( الخطر المهدد للمصالح الحيوية للولايات المتحدة ) . وقد أوصى (وليم بيري) وزير الدفاع الأمريكي الأسبق في مقدمة تقرير أعدته وزارة الدفاع ((باعتبار خيار التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة قائما لحفظ مصالح أمريكا من جهة ، ولمواجهة أي متغيرات تهدد امن واستقرار المنطقة من جهة أخرى)) وقد حدد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر (1976 ـ1980) ، ذلك فيما عرف بـ ( مبدأ كارتر) حيث ((تعد الولايات المتحدة أي محاولة تستهدف السيطرة على منطقة الخليج اعتداء على مصالحها الحيوية ، وستقوم بالرد على مثل هذا العدوان بشتى الوسائل المتوفرة لديها بما في ذلك القوة المسلحة )) . وقد دفع هذا الولايات المتحدة إلى إنشاء ما سمي آنذاك بـ (قوات التدخل السريع ) . ويشير تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية ، الى تطوير القدرة القتالية الأمريكية من ناحية سرعة الانتشار من الحاجة إلى ثلاثة شهور سنة 1980 إلى ثلاثة أيام سنة 1994 .
تقدم الاخ الدكتور عادل محمد حسين العليان وهو من تلاميذي الجادين المجتهدين النجباء لولوج هذا الموضوع الشائك والخطير والحساس وكتب اطروحته في ظروف صعبة واحتاج الامر منه ومني الكثير من الجرأة والشجاعة في متابعة السياسة الأمريكية تجاه العراق منذ اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية وحتى انتهاءها خاصة وان القطيعة بين الطرفين قد ازدادت طيلة سنوات امتدت بين سنتي 1968 و1984 ولاسباب كثيرة ذكرت في الكتاب .
حسنا فعل الدكتور عادل العليان عندما وضع خطته في تناول هذا الموضوع من خلال الوقوف عند الموقف الاميركي من الحرب بين العراق وايران ولاشك ان ذلك كان مرتبطا بقضايا المنطقة وخاصة قضايا فلسطين والارهاب والخليج العربي فضلا عن الاهتمام بالعلاقات الاقتصادية والثقافية بين العراق والولايات المتحدة وكان لاندفاع العراق بأتجاه احتلال الكويت في الثاني من اب سنة 1990 واقدام الولايات المتحدة على اقامة التحالف الدولي ضد العراق والذي كان من نتائجه اندلاع حرب الخليج الثانية 1991 وتداعياتها السياسية والاقتصادية والعسكرية وعندما شعرت الولايات المتحدة الاميركية ان العراق –حسب اعتقادها –قد اصبح بسبب الحصار والعزلة ضعيفا ، قامت بأحتلاله ، وترتيب اوضاعه واوضاع المنطقة برمتها وفقا لمصالحها ومصالح حلفائها السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والنفطية والامنية .
عرفت الاخ الدكتور عادل العليان باحثا جادا مجتهدا ، دؤوبا ، وفيا لاستاذه المشرف ولاساتذته الاخرين ، صادقا في وطنيته وحبه للعراق وعاملا من أجله .كما وقفت عند اسلوبه الجميل في الكتابة ، والتزامه بمنهجية المدرسة التاريخية العراقية المعاصرة وخاصة في مجال العودة الى الاصول من المصادر والوثائق ، وتحليلها ، ومحاكمتها ، وعرضها للقارئ لذلك أتمنى له التقدم في مسيرته العلمية والنجاح في حياته العملية ..ومن الله التوفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...