امير اللواء عباس علي غالب مدير الشرطة العام 5-9-1956الى 13-7-1958
امير اللواء الركن عباس علي غالب مدير الشرطة العام
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وسألني عنه احد الاخوان عن ما اذا كانت لدي مقالة عن" اللواء الركن عباس علي غالب مدير شرطة بغداد للمدة 1956-1958 " فقلت له ان امير اللواء الركن عباس علي غالب كان مديرا للشرطة العام من 5 ايلول سنة 1956 الى 13 تموز سنة 1958 وقد خلفه في ادارة الشرطة العقيد طاهر يحيى التكريتي بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 .وكان امير اللواء عباس علي غالب ضابطا للجيش لكنه نسب للعمل في جهاز الشرطة وكان مرشحا لتولي منصب رئيس اركان الجيش لولا قيام ثورة 14 تموز 1958 وانه كان من الضباط القياديين الكفوئين المخلصين للعرش الملكي وترون الى جانب هذه السطور امير اللواء الركن عباس علي غالب مع الملك يصل الثاني ملك العراق السابق 1953-1958 وضيفه ابن عمه ملك المملكة الاردنية الهاشمية الحسين بن طالب وكان معروفا بشدته وانضباطه وكانوا يسمونه (عباس حرشة ) حتى ان الاستاذ شاكر العاني وهو من ضباط الشرطة العراقيين الكبار كتب مقالة في جريدة (الزمان) اللندنية عدد 13 شباط -فبراير سنة 2015 تحدث فيها عن علاقته باللواء الركن عباس علي غالب فقال :" كان شديداً في سلوكه لذلك لقبه مرؤوسيه بـ (عباس حرشة).واضرب مثل لتلك (التحرشات) فقد ذهب يوماً لتفتيش قطعة من الجيش العراقي مرابطة في اج 4 وجد كل شيء على احسن مايكون نضافة ونظام وعزت عليه نفسه ان يعود ولايجد نقص وقام بتفتيش المعاطف الشتوية المركونة في الخيم ووجد في معطف المقدم عبد الهادي الراوي الذي روى لي هذه الحكاية وجد اللواء الركن عباس ان احد ازرار المعطف الذي عليه شعار الدولة العراقية (تاج ملكي) مقلوب اي ان اعلى التاج كان في الاسفل وعاقب الضابط (قطع راتب) ومما ذكره ان اللواء الركن عباس علي غالب اصدر اوامر عديدة بعد توليه المنصب منها انه لايجوز الجمع بين الدراسة والوظيفة .اذ كان عدد من مفوضي وضباط الشرطة يدرسون القانون في كلية الحقوق في الدوام الصباحي ويكثرون من اخذ الاجازات . ومما تحدث عنه ايضا ان هذا اللواء الركن القادم من الجيش لكي يعرف احوال المسلك مسلك الشرطة من العاملين على الساحه مباشرة اصدر تعميماً يسمح لكل صاحب مشكلة او اقتراح ان يقدم طلباً له مباشرة ويحضر يوم الخميس في الاسبوع التالي . وكان هذا جواز للكثيرين من منتسبي الشرطة لكي يعرضوا عليه مشاكلهم ومنها يقول الاستاذ شاكر العاني مدير الجنسية العراقية السابق :" اقول انني اديت خدمة لهذا القائد عندما كنت في شرطة النجف وكان هو قائداً للفرقة الاولى في الديوانية لايتسع المجال لذكر تفاصيله واضاف :"في يوم اللقاء تجمعنا 12 مفوض وضابط شرطة في الممرر الضيق لمكاتب مديرية الشرطة العامة ومنها مكتب اللواء الركن . خرج علينا العقيد يوسف كزير مدير ادارة الشرطة وادخل ثلاثة منا وكنت انا واحداً ممن دخل عليه. ورغم علمي بشدة تعامل مع هذا اللواء الا انني وضعت في اعتباري لقائي في النجف علهُ يكون شفيع لنا عند عرض مشكلتنا وفعلا ورفع رأسه ووجدني امامهُ. بادرنا القول ان ما اصدرتهُ بخصوص عدم الجمع بين الدراسة و الوظيفة امراً يجب تنفيذه بادرت انا القول ان دراستنا للقانون هو فائدة للمسلك لأننا نطبق القانون بادرنا يوسف بالقول- استعد الى اليمين در عادةً سر – وهذا اعادنا نحن الثلاثة الى ذلك الممر الذين ينتظر فيه الزملاء البشائر .كان نصيبي انا وحدي قطع راتب والباقين نقل الى خارج المكان وانا الى شرطة الحلة" ومرت السنين وفي .
صباح يوم 14 تموز 1958 كنت امراً لدورة احصاء وطالباً في دورة ضباط الشرطة العالية وبت تلك اليلة مناوباً لضابط الخفر الذي انشغل بشأن خاص وجيئ باللواء الركن عباس علي غالب مدير الشرطة العام مقبوضاً عليه واندفع نحوهُ ضابط شرطة يريد نزع رتبته عن كتفيه ولكن تصديت لهُ و منعتهُ وامسكت به من يدة واخذتهُ الى نادي الضباط واتيت له بفطور صباحي دون ان اقول كلمة ولم يفعلها هو ولم يلبث الا ساعات وصدر قرار احالتهُ على التقاعد واخلاء سبيله ولم احاول مشاهدته .ومضت السنين وكنت يومها مديراً للجنسية العراقية ووجدت اثناء مراقبة سير العمل رجلا قصير القامة يقف في صف (سره) امام احد الضباط وعرفته عباس مدير الشرطة العام الاسبق . سلمت عليه قلت سيدي اما كان عليك ان تدخل الى مدير هذه الدائرة وتعرفهُ بنفسك ليسهل عليك ساعات الانتظار امسكت بيده ورجوتهُ ان يتبعني الى مكتبي وصحبهُ اولادهُ الثلاثة وانجزت له عمله وهو جالس معي وحدهُ لانه طلب الى اولادهُ الانتظار خارج الغرفة " .
لقد اديت لهُ واجبا رسميا اوديه يومياً لمئات المراجعين ولم انبس بكلمة وعندما اراد الخروج نهض وقال شكراً " .
خلال المدة التي تولى فيها اللواء الركن عباس علي غالب مديرية الشرطة العامة وقعت في العراق الكثير من الاحداث ومنها اعتصامات الطلاب وتظاهراتهم وقيام جبهة الاتحاد الوطني 1957 وكان الشارع العراقي يغلي ضد السلطة الحاكمة ويقينا ان الشرطة في عهده وهذا امر معروف استخدمت كل وسائل القوة ضد المعادين للنظام .كان تتصدى للمتظاهرين بالحديد والنار وكان وزير الداخلية سعيد قزاز وقد مثل امام المحكمة العسكرية العليا الخاصة في كانون الثاني 1959 وحكم عليه بالاعدام ونفذ الحكم به .
وبعد ثورة 14 تموز سنة 1958 صدر مرسوم جمهوري يوم 14 تموز 1958 برقم (6) احال فيه (44) من الضباط على التقاعد وكان الاول هو الفريق الركن محمد رفيق عارف رئيس اركان الجيش والثاني هو امير اللواء الركن عباس علي غالب مدير الشرطة العام .
في 10 نيسان 2022 كنت قد كتبت عنه مقالة في صفحتي في الفيسبوك قلت فيها :
اللواء الركن عباس علي غالب 1915-1991 ....جوانب من حياته ومواقفه
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
سألني عنه الاخ غسان عدنان وهو احد طلبة الدراسات العليا وقلت له ان يصلح ان يكون موضوعا لرسالة ماجستير ان توفرت عنه المعلومات والوثائق وابرزها ملفته التقاعدية في وزارة الدفاع العراقية ، وما يتوفر عنه في وزارة الداخلية حيث عمل مديرا عاما للشرطة في العراق بين الخامس من ايلول سنة 1956 و14 تموز سنة 1958 حيث خلفه العقيد طاهر يحيى التكريتي كأول مدير عام للشرطة في العراق بعد ثورة 14 تموز سنة 1958 ، وكان العقيد الركن نوري السعيد اول مدير للشرطة العراقية في العهد الملكي .
في كتاب الاستاذ جميل ابو طبيخ ( بغداد ) وحسبما جاء في موقع مجلة الكاردينيا الالكترونية ورابطها التالي :
https://www.algardenia.com/.../33418-2017-12-28-22-22-02...
حديث المرحوم الدكتور كمال السامرائي عن ما نقله له المرحوم اللواء الركن عباس علي غالب عن العلاقة بين نوري السعيد رئيس الوزراء المزمن في العهد الملكي والزعيم عبد الكريم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 وبعنوان (اللقاء الاخير بين نوري السعيد وعبد الكريم قاسم ) ، نقل الدكتور كمال السامرائي عن صديقه اللواء الركن عباس علي غالب الذي توفي في اليوم السادس عشر من تموز سنة 1991 اثر اصابته بنوبة حادة في امعائه لم تمهله الا يومين فقط عن عمر بلغ السادسة والسبعين وهو من خريجي المدرسة (الكلية) العسكرية في بغداد وكلية الاركان فيها ودرس العسكرية في لندن، وكان من المتقدمين بين اقرانه الانكليز ، وتدرج في المراتب العسكرية حتى وصل الى رتبة ( لواء ركن) وانيطت اليه قيادة الفرقة الاولى في الديوانية ،وكان في غاية النشاط وملم بتاريخ الحروب القديمة والحديثة وموهوب بالرسم واقتناء التحف القيمة.
وفي سنة 1958 ولاه نوري السعيد رئيس الوزراء مديرية الشرطة العامة اعارة من الجيش لمدة سنتين فكانت آخر ايامه في هذه الوظيفة قريبة جدا من ثورة 14 تموز من السنة نفسها ، فاوقفه قادة الثورة من الضباط الاحرار بعد قيام الثورة رهن التحقيق مع من اوقف من رجال العهد الملكي وافرج عنه بعد بضعة اشهر لعدم ثبوت ما يستوجب حبسه فانعزل في داره الا في بعض الزيارات التي كان يتبادلها مع اصدقائه الخلص، روى الى بعض اصدقائه بعد ان اطلق سراحه من التوقيف قال له:
في حوالي منتصف شهر مايس – ايار سنة 1958 كلمني رئيس الوزراء للاتحاد الهاشمي نوري السعيد.. وطلب مني ان اتحرى حركات بعض ضباط الجيش ومنهم عبد الكريم قاسم فقد بلغه (على حد قوله) ان مجموعة من الضباط يخططون لانقلاب عسكري، ثم اضاف نوري السعيد وانا استغرب ان يكون منهم عبد الكريم قاسم الذي حظي باهتمامي اكثر مما حظى مني اي ضابط اخر، وختم كلامه وهو يقول بغضب، اريد ان ارى عبد الكريم قاسم بأسرع وقت.
قال عباس علي غالب: اتصلت بالحال بعبد الكريم قاسم في المقدادية ليحضر الى دائرتي في بغداد، وجاءني في اليوم التالي الى مديرية الشرطة العامة وبعد ان ادى التحية العسكرية لي طلبت منه ان يجلس قريبا مني فقلت له الباشا نوري السعيد ساخط عليك بتورطك في تحركات سرية ضد الدولة، فاحذر ياكريم ان تتورط في مثل هذه الامور.
فاجابني عبد الكريم: انا ياسيدي لايمكن ان أتآمر ضد الباشا وما سمعه عني محض افتراء ولاصحة له باي قدر .
قلت له على كل حال الباشا يريد مقابلتك .
تناول عباس علي غالب الهاتف وكلم نوري السعيد قائلا:
باشا عبد الكريم قاسم في دائرتي وقاطعني نوري السعيد قائلا يجيني الان واغلقت الهاتف وتحولت نحو عبد الكريم قاسم وقلت له الباشا ينتظرك ثم قلت له، وعد الي بعد مقابلتك له لاعرف جلية الامر..
وبعد ساعة دخل عبد الكريم قاسم غرفتي بمديرية الشرطة العامة، وهو يبتسم ويقول الباشا واهم وغاضب علي دون سبب فلا انا ولا احد في لوائي له الافكار التي يتكلم عنها الباشا قلت له، ياكريم خبرني بتفاصيل المقابلة قال ماكدت ادخل غرفة الباشا حتى سألني وهو ينهض من كرسية.. كريم انا مقصر معاك!! الم ابعثك الى لندن مرتين دون مبرر؟ وهل رفضت لك طلب؟
واردت ان اتكلم فاسكتني بحدة قائلا، اسمعني والله اذا قبضت عليكم فسأعلقكم واحدا واحدا على طول شارع الرشيد واجعل اهلكم يلبسون الاسود طول اعمارهم. فقلت له باشا اسمح لي: فقاطعني بقوله: ولاكلمة.. تنكر؟
فقلت له نعم ياباشا انفي كل ما سمعته عني.
قال: تقسم بالشرف العسكري؟
قلت له: اقسم بالشرف العسكري ان لاصحة لما وصلك عني فانا لايمكن ان اخونك ياباشا.
عندها تبدلت اسارير وجهه وهو يقول لي:
اقتنعت في الامان يالله وغادرت غرفته بعد ان لمست رضاه عني.
وفي فجر يوم 14 تموز حدثت الثورة وكان الزعيم عبد الكريم قاسم احد ابرز قادتها مع العقيد الركن عبد السلام محمد عارف .
تحدث الاخ والصديق الاستاذ وسام قاسم الشالجي عن والده ( الملازم الاول قاسم الشالجي ) الذي حارب مع الجيش العراقي في فلسطين سنة 1948 في مدونته ورابطها التالي
http://ayamuna.blogspot.com/2019/07/blog-post.html
وقال :" وحين اندلعت حرب فلسطين سنة 1948 ، صدرت الأوامر لجحفل اللواء الأول الذي كان بوقتها بأمرة العقيد الركن عباس علي غالب ، ومعه الفوج الأول من اللواء 15 بالتحرك الى فلسطين ليشارك في معركة تحرير فلسطين . تحرك جحفل لواء المشاة الاول مع الفوج المتجحفل معه من مقره في منطقة المسيب متجها الى مدينة المفرق بالأردن في العاشر من مايس – ايار سنة 1948 . ولان الملازم الأول قاسم الشالجي كان أمر مفرزة التصليح فقد تعين عليه ان يتحرك في نهاية رتل اللواء والفوج المتجحفل معه لتصليح اي عجلة او ألية تتخلف على الطريق بسبب عطل او خلل فني .
وصلت طلائع اللواء الأول الى منطقة المفرق فجر يوم الخامس عشر من مايس ، وبناء على أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية فقد طلب من اللواء عدم التعسكر والانتظار في منطقة المفرق بل مواصلة التقدم مع بقية القوات العراقية المندفعة الى داخل فلسطين . وكانت القوات العراقية قد استلمت الاوامر بالتقدم الى داخل فلسطين وكانت بذلك اول قوة عربية تدخل اليها من بين جميع القوات العربية المتوجهة لتحرير فلسطين . وجه قائد القوة العراقية الزعيم طاهر الزبيدي الاوامر الى الفوج الاول للواء الاول الذي كان بإمرة المقدم الركن عبد الكريم قاسم بالتقدم نحو مستعمرة كيشر لاحتلال قلعتها بينما وجه امرا أخرا الى الفوج الاول اللواء 15 لمسك مرتفعات تطل على منطقة كوكب الهوى . وبعد معارك شرسة اشتملت على قصف مدفعي وبالهاونات واستخدام الطائرات فشلت القوات العراقية باقتحام المستعمرة واحتلال قلعة كيشر . من ناحية اخرى فقد بقيت القوات العراقية تمسك المرتفعات المطلة على كوكب الهوى حتى السابع عشر من ايار لكنهم انسحبوا منها بعد ان تعرضوا لهجوم شديد فقدوا من جرائه خسائر لا باس بها . وعلى ضوء هذه المعارك صدرت الاوامر للقوات العراقية بالتقدم شمالا نحو نابلس حيث تغيرت الخطة العراقية وأصبحت تتضمن الاندفاع باتجاه منطقة طولكرم نحو كفر يونا لبلوغ ميناء ناثانيا على البحر الابيض المتوسط ..." .
وتحدث الصديق والاخ العميد الركن الدكتور صبحي ناظم توفيق عن ذكرياته في حرب فلسطين وقد مر عليها (73) سنة في الموقع التالي ورابطه :
https://barq-rs.com
وقال ان العقيد الركن عباس علي غالب كان يشغل آمر جحفل لواء المشاة الاول من الفرقة الاولى وهو ثاني الوية الجيش العراقي التي تعاقبت في الوصول الى الاراضي الاردنية قبيل اندلاع حرب فلسطين 1948 .
قد اعود ثانية لاستكمال المقال عن هذه الشخصية العسكرية العراقية التي للاسف لم تحظ بالاهتمام المطلوب مع انها عملت في مواقع مهمة في الجيش العراقي والشرطة ولسنوات رحم الله اللواء الركن عباس علي غالب وطيب ثراه وجزاه خيرا على ماقدم .
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
سألني عنه الاخ غسان عدنان وهو احد طلبة الدراسات العليا وقلت له ان يصلح ان يكون موضوعا لرسالة ماجستير ان توفرت عنه المعلومات والوثائق وابرزها ملفته التقاعدية في وزارة الدفاع العراقية ، وما يتوفر عنه في وزارة الداخلية حيث عمل مديرا عاما للشرطة في العراق بين الخامس من ايلول سنة 1956 و14 تموز سنة 1958 حيث خلفه العقيد طاهر يحيى التكريتي كأول مدير عام للشرطة في العراق بعد ثورة 14 تموز سنة 1958 ، وكان العقيد الركن نوري السعيد اول مدير للشرطة العراقية في العهد الملكي .
في كتاب الاستاذ جميل ابو طبيخ ( بغداد ) وحسبما جاء في موقع مجلة الكاردينيا الالكترونية ورابطها التالي :
https://www.algardenia.com/.../33418-2017-12-28-22-22-02...
حديث المرحوم الدكتور كمال السامرائي عن ما نقله له المرحوم اللواء الركن عباس علي غالب عن العلاقة بين نوري السعيد رئيس الوزراء المزمن في العهد الملكي والزعيم عبد الكريم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 وبعنوان (اللقاء الاخير بين نوري السعيد وعبد الكريم قاسم ) ، نقل الدكتور كمال السامرائي عن صديقه اللواء الركن عباس علي غالب الذي توفي في اليوم السادس عشر من تموز سنة 1991 اثر اصابته بنوبة حادة في امعائه لم تمهله الا يومين فقط عن عمر بلغ السادسة والسبعين وهو من خريجي المدرسة (الكلية) العسكرية في بغداد وكلية الاركان فيها ودرس العسكرية في لندن، وكان من المتقدمين بين اقرانه الانكليز ، وتدرج في المراتب العسكرية حتى وصل الى رتبة ( لواء ركن) وانيطت اليه قيادة الفرقة الاولى في الديوانية ،وكان في غاية النشاط وملم بتاريخ الحروب القديمة والحديثة وموهوب بالرسم واقتناء التحف القيمة.
وفي سنة 1958 ولاه نوري السعيد رئيس الوزراء مديرية الشرطة العامة اعارة من الجيش لمدة سنتين فكانت آخر ايامه في هذه الوظيفة قريبة جدا من ثورة 14 تموز من السنة نفسها ، فاوقفه قادة الثورة من الضباط الاحرار بعد قيام الثورة رهن التحقيق مع من اوقف من رجال العهد الملكي وافرج عنه بعد بضعة اشهر لعدم ثبوت ما يستوجب حبسه فانعزل في داره الا في بعض الزيارات التي كان يتبادلها مع اصدقائه الخلص، روى الى بعض اصدقائه بعد ان اطلق سراحه من التوقيف قال له:
في حوالي منتصف شهر مايس – ايار سنة 1958 كلمني رئيس الوزراء للاتحاد الهاشمي نوري السعيد.. وطلب مني ان اتحرى حركات بعض ضباط الجيش ومنهم عبد الكريم قاسم فقد بلغه (على حد قوله) ان مجموعة من الضباط يخططون لانقلاب عسكري، ثم اضاف نوري السعيد وانا استغرب ان يكون منهم عبد الكريم قاسم الذي حظي باهتمامي اكثر مما حظى مني اي ضابط اخر، وختم كلامه وهو يقول بغضب، اريد ان ارى عبد الكريم قاسم بأسرع وقت.
قال عباس علي غالب: اتصلت بالحال بعبد الكريم قاسم في المقدادية ليحضر الى دائرتي في بغداد، وجاءني في اليوم التالي الى مديرية الشرطة العامة وبعد ان ادى التحية العسكرية لي طلبت منه ان يجلس قريبا مني فقلت له الباشا نوري السعيد ساخط عليك بتورطك في تحركات سرية ضد الدولة، فاحذر ياكريم ان تتورط في مثل هذه الامور.
فاجابني عبد الكريم: انا ياسيدي لايمكن ان أتآمر ضد الباشا وما سمعه عني محض افتراء ولاصحة له باي قدر .
قلت له على كل حال الباشا يريد مقابلتك .
تناول عباس علي غالب الهاتف وكلم نوري السعيد قائلا:
باشا عبد الكريم قاسم في دائرتي وقاطعني نوري السعيد قائلا يجيني الان واغلقت الهاتف وتحولت نحو عبد الكريم قاسم وقلت له الباشا ينتظرك ثم قلت له، وعد الي بعد مقابلتك له لاعرف جلية الامر..
وبعد ساعة دخل عبد الكريم قاسم غرفتي بمديرية الشرطة العامة، وهو يبتسم ويقول الباشا واهم وغاضب علي دون سبب فلا انا ولا احد في لوائي له الافكار التي يتكلم عنها الباشا قلت له، ياكريم خبرني بتفاصيل المقابلة قال ماكدت ادخل غرفة الباشا حتى سألني وهو ينهض من كرسية.. كريم انا مقصر معاك!! الم ابعثك الى لندن مرتين دون مبرر؟ وهل رفضت لك طلب؟
واردت ان اتكلم فاسكتني بحدة قائلا، اسمعني والله اذا قبضت عليكم فسأعلقكم واحدا واحدا على طول شارع الرشيد واجعل اهلكم يلبسون الاسود طول اعمارهم. فقلت له باشا اسمح لي: فقاطعني بقوله: ولاكلمة.. تنكر؟
فقلت له نعم ياباشا انفي كل ما سمعته عني.
قال: تقسم بالشرف العسكري؟
قلت له: اقسم بالشرف العسكري ان لاصحة لما وصلك عني فانا لايمكن ان اخونك ياباشا.
عندها تبدلت اسارير وجهه وهو يقول لي:
اقتنعت في الامان يالله وغادرت غرفته بعد ان لمست رضاه عني.
وفي فجر يوم 14 تموز حدثت الثورة وكان الزعيم عبد الكريم قاسم احد ابرز قادتها مع العقيد الركن عبد السلام محمد عارف .
تحدث الاخ والصديق الاستاذ وسام قاسم الشالجي عن والده ( الملازم الاول قاسم الشالجي ) الذي حارب مع الجيش العراقي في فلسطين سنة 1948 في مدونته ورابطها التالي
http://ayamuna.blogspot.com/2019/07/blog-post.html
وقال :" وحين اندلعت حرب فلسطين سنة 1948 ، صدرت الأوامر لجحفل اللواء الأول الذي كان بوقتها بأمرة العقيد الركن عباس علي غالب ، ومعه الفوج الأول من اللواء 15 بالتحرك الى فلسطين ليشارك في معركة تحرير فلسطين . تحرك جحفل لواء المشاة الاول مع الفوج المتجحفل معه من مقره في منطقة المسيب متجها الى مدينة المفرق بالأردن في العاشر من مايس – ايار سنة 1948 . ولان الملازم الأول قاسم الشالجي كان أمر مفرزة التصليح فقد تعين عليه ان يتحرك في نهاية رتل اللواء والفوج المتجحفل معه لتصليح اي عجلة او ألية تتخلف على الطريق بسبب عطل او خلل فني .
وصلت طلائع اللواء الأول الى منطقة المفرق فجر يوم الخامس عشر من مايس ، وبناء على أوامر القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية فقد طلب من اللواء عدم التعسكر والانتظار في منطقة المفرق بل مواصلة التقدم مع بقية القوات العراقية المندفعة الى داخل فلسطين . وكانت القوات العراقية قد استلمت الاوامر بالتقدم الى داخل فلسطين وكانت بذلك اول قوة عربية تدخل اليها من بين جميع القوات العربية المتوجهة لتحرير فلسطين . وجه قائد القوة العراقية الزعيم طاهر الزبيدي الاوامر الى الفوج الاول للواء الاول الذي كان بإمرة المقدم الركن عبد الكريم قاسم بالتقدم نحو مستعمرة كيشر لاحتلال قلعتها بينما وجه امرا أخرا الى الفوج الاول اللواء 15 لمسك مرتفعات تطل على منطقة كوكب الهوى . وبعد معارك شرسة اشتملت على قصف مدفعي وبالهاونات واستخدام الطائرات فشلت القوات العراقية باقتحام المستعمرة واحتلال قلعة كيشر . من ناحية اخرى فقد بقيت القوات العراقية تمسك المرتفعات المطلة على كوكب الهوى حتى السابع عشر من ايار لكنهم انسحبوا منها بعد ان تعرضوا لهجوم شديد فقدوا من جرائه خسائر لا باس بها . وعلى ضوء هذه المعارك صدرت الاوامر للقوات العراقية بالتقدم شمالا نحو نابلس حيث تغيرت الخطة العراقية وأصبحت تتضمن الاندفاع باتجاه منطقة طولكرم نحو كفر يونا لبلوغ ميناء ناثانيا على البحر الابيض المتوسط ..." .
وتحدث الصديق والاخ العميد الركن الدكتور صبحي ناظم توفيق عن ذكرياته في حرب فلسطين وقد مر عليها (73) سنة في الموقع التالي ورابطه :
https://barq-rs.com
وقال ان العقيد الركن عباس علي غالب كان يشغل آمر جحفل لواء المشاة الاول من الفرقة الاولى وهو ثاني الوية الجيش العراقي التي تعاقبت في الوصول الى الاراضي الاردنية قبيل اندلاع حرب فلسطين 1948 .
قد اعود ثانية لاستكمال المقال عن هذه الشخصية العسكرية العراقية التي للاسف لم تحظ بالاهتمام المطلوب مع انها عملت في مواقع مهمة في الجيش العراقي والشرطة ولسنوات رحم الله اللواء الركن عباس علي غالب وطيب ثراه وجزاه خيرا على ماقدم .
https://www.facebook.com/photo/?fbid=10227352284329805&set=a.1661700019326
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق