الصحفي العراقي الاستاذ يحيى قاسم صاحب جريدة (الشعب)
هذه صورة اخرى ظهر فيها الاستاذ يحيى قاسم صاحب جريدة (الشعب) البغدادية وبجانبه نديم الباجة جي وزير التنمية واصبح فيما بعد الامين العام لمنظمة الاوبك ومن ثم هارولد مكميلان وزير الخارجية البريطاني ومن ثم اصبح رئيسا للوزراء واخيرا وزير الداخلية سعيد قزاز.التقطت الصورة قي مبنى السفارة البريطانية ببغداد في تشرين الثاني عام 1955.
يحيى قاسم المحامي الموصلي وجريدة الشعب(البغدادية )
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
اليس من المؤسف ، ان لانجد الا معلومات شحيحة عن مؤسس جريدة الشعب عن ببغداد الصحفي الموصلي الرائد الاستاذ المحامي يحيى قاسم .لكن مع هذا بذلت مجهودا من اجل ان اجمع عنه ما يساعدني على تقديم صورة متكاملة له قدلر الامكان .
كل ماعرفته ان يحيى بن قاسم بن محمد علي من مدينة الموصل ومن محلة السوق الصغير القريبة من جامع العباس وشارع النجفي في الجانب الايمن سنة 1913 .درس في مدارس الموصل وحصل على الشهادة الثانوية من ثانوية الموصل سنة 1931 ودخل كلية الحقوق ببغداد وتخرج فيها سنة 1934 عمل موظفا في مجلس الوزراء ثم في مجلس النواب وانتقل للعمل في السكك الحديد .أصدر في سنة 1942 " جريدة الشعب " ، وكانت جريدة مؤيدة للسلطة الملكية الحاكمة ، واستمرت بالصدور حتى قيام ثورة 14 تموز سنة 1958 ...توفي في البرازيل سنة 1990 .
كانت جريدة الشعب يومية سياسية ذكرتها السيدة زاهدة ابراهيم في "كشاف الجرائد والمجلات العراقية " الصادر ببغداد سنة 1976 .ومما ذكرته ان التاريخ الصحفي العراقي شهد صدور صحف تحمل اسم الشعب قبل قيام الاستاذ يحيى قاسم باصدار جريدة الشعب وبعده .ففي سنة 1924 كانت هناك في بغداد " جريدة الشعب" لصاحبها محمد عبد الحسين الكاظمي .
وفي سنة 1925 اصدر الصحفي ابراهيم حلمي العمر " جريدة الشعب" ببغداد .وفي سنة 1946 وعندما حصل الانفتاح في العراق اثر انتهاء الحرب العالمية الثانية حاول عزيز شريف ان يؤسس حزب الشعب وان يصدر جريدة بأسم الشعب الا ان وزارة الداخلية رفضت الطلب
وقد تعرض الاستاذ جرجيس فتح الله في كتابه :" رجال ووقائع في الميزان " الذي صدر سنة 2001 الى قصة تسمية جريدة الشعب فقال عندما تحدث عن عزيز شريف وامتدحه وامتدح اسلوبه في الكتابة وامتدح اخلاقه وعزوفه عن غيبة الناس وقال :"مرة ضمنا مجلس اليه وانجر الحديث –والجرح مازال ينزف –الرخيص الذي اقدم عليه يحيى قاسم المحامي بالاستئثار بأسم "الشعب " وخروجه بالاسم الذي اطلقه على جريدته غنيمة فصدرت من بعضنا تعليقلت قاسية وطعون بحقه فأسر الاستاذ عزيز شريف بوقف الحديث بايماءة وتعليق مؤداه ان لم يسلم احد من حالة من حالات الضعف البشري كهذه وان لدينا جريدتنا( الوطن ) وأليس عنوان (الوطن) خير من عنوان( الشعب ) ؟ لانه يشمل الارض وساكنيها " .
وكان في سنة 1960 "جريدة الشعب" أصدرها الاستاذ حامد علوان الجبوري وبعد سبع سنين اصدر شاكر علي التكريتي سنة 1967 مع محمد مهدي الجواد وعوني الجميلي ببغداد جريدة بأسم " جريدة الشعب " .
عمل في جريدة الشعب لصاحبها المحامي يحيى قاسم عدد من الصحفيين البارزين منهم الاستاذ محسن حسين احد مؤسسي وكالة الانباء العراقية (واع ) والذي قال : " أن أول جريدة عمل فيها هي جريدة الشعب لصاحبها يحيى قاسم وكانت من اشهر الصحف ، واوسعها انتشارا وقتذاك .وقد كنت اكتب فيها منذ سنة 1952 كهاو من خلال المقالات التي ارسلها لهم" . ويروي قصة طريفة عن عمله في هذه الجريدة مفادها ان الصحيفة اعلنت عن مسابقة أدبية للقراء، وشاركتٌ في المسابقة بأسم نسائي مستعار هو : (احلام البدري) وارسلتٌ لهم مقالاً حول اهمية اهتمام الصحافة بالمرأة ووقعت المقال باسم (احلام البدري) وفوجئت بنشر مقالي ذاك في العمود الرئيسي في صفحة المراة، مما شجعني ذلك لمواصلة ارسال مقالاتي بأسم (احلام البدري) وكانت جميعها تأخذ طريقها للنشر، في صفحة المراة التي كانت تشرف على تحريرها امراة تدعى (ليلى) حيث اثارت مقالاتي تلك اهتمامات الصحافة لجراتها.. ولقلة النساء الصحفيات آنذاك.
لكن في أحد الأيام فوجئت بمقال في باب القراء في الصحيفة لقارئ أدعى فيه بانه يعرف من هي هذه الكاتبة (احلام) مؤكداً بانها ليست امرأة بل رجلً
وفي الأسبوع الذي تلا ذلك فوجئت بدعوة منشورة في الصحيفة موجهة الى السيدة (احلام البدري) لمراجعة الصحيفة لأمر هام، وقد ترددت كثيراً، لكنني اخيراً حسمت الأمر وتوجهت الى الجريدة واخبرتهم صراحة بانني الذي اكتب بأسم ( احلام البدري) واذا بهم يرحبون بي ويعرضون علي العمل في الجريدة وكنت في ذلك الوقت أعمل في مديرية الصناعة العامة قبل ان تصبح وزارة . ، وكان راتبي(27 ) دينارا .
في حين عرضوا علي راتباً قدره (54) ديناراً وقد وافقت فوراً، واخذوني وعرفوني على مسؤولة صفحة المراة المدعوة (ليلى) واذا بها رجل اصلع، كان من الصحفيين المعروفين آنذاك هو المرحوم (منير رزوق) وهكذا احترفت العمل الصحفي..."
أسهم الاستاذ يحيى قاسم في تأسيس ( جمعية الصحافة العراقية ) ، فلقد شهدت سنة 1944 محاولة جديدة لتأسيس تنظيم نقابي للصحفيين، تحدث عنه بأسهاب ولاول مرة صديقنا الاستاذ الدكتور مليح ابراهيم صالح شكر واشار الى انه عندما أجتمع أصحاب الصحف في 12 كانون الأول سنة 1944 في مقر جريدة ( صوت الأهالي) التي أصدرها كامل الجادرجي.وناقشوا مشروع تأسيس نقابة للصحفيين، ونشرت هذه الصحيفة في اليوم التالي ما تم الاتفاق عليه حول الشروع في تشكيل نقابة الصحفيين في بغداد، ودعوة الحكومة لاصدار النظام المتعلق بتشكيل النقابة وكذلك الاحتجاج لدى الحكومة على تجاوز الرقابة على الصحف حدود سلطاتها القانونية بمذكرة يوقعها أصحاب الصحف.
ووقع على هذا الاتفاق كلا من: نور الدين داود، صاحب صحيفة ( النداء) و يحيى قاسم، صاحب صحيفة ( الشعب وروفائيل بطي صاحب صحيفة البلاد وصدر الدين شرف الدين صاحب صحيفة الساعة ورزوق غنام صاحب جريدة العراق فيما تحفظ كامل الجادرجي صاحب صحيفة( صوت الأهالي)، ومحمد مهدي الجواهري صاحب صحيفة ( الرأي العام) )
على نص الاتفاق لكنهما وافقا على أداء دورهما في التنفيذ، حيث تولى الجواهري وداود إعداد الطلب إلى الحكومة بينما تولى الجواهري والجادرجي إعداد مذكرة الاحتجاج .
وفي اليوم التالي، تم عرض ما تم الاتفاق عليه على أصحاب الصحف الذين لم يحضروا الاجتماع، فوافقوا عليها، ووقعها سليم حسون، صاحب صحيفة(العالم العربي)، وتوفيق السمعاني، صاحب صحيفة الزمان وعادل عوني، صاحب صحيفة ( الحوادث)، لكن المحاولة هذه لم تصل إلى مستوى التنفيذ التام، ولم تأخذ شكل التنظيم النقابي .
وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية دب النشاط في صفوف السياسيين والصحفيين لتشكيل الأحزاب والجمعيات، فنجح الصحفيون في تأسيس أول تنظيم نقابي لهم،أسموه ( جمعية الصحافة العراقية)، روادها اثنان من قادة الأحزاب الوطنية وهما كامل الجادرجي من الحزب الوطني الديمقراطي وأصبح رئيساً للجمعية وسلمان الصفواني من حزب الاستقلال صاحب صحيفة ( اليقظة) واصبح سكرتيراً عاماً لها حيث حصلت عام 1948 على حق الإشراف على توزيع الإعلانات الحكومية والقضائية على الصحف اليومية والأسبوعية مع خصم عمولة للجمعية بنسبة عشرة بالمائة.
الا ان هذه الجمعية لم يكتب لها النجاح وتعطل دورها بعد تشكيلها بفترة قصيرة والمرجح انها تعطلت في تشرين الثاني عام 1952 عندما تولى الفريق نور الدين داود حكومة الطواريء حيث تم تعطيل كل الأحزاب والجمعيات والصحف المعارضة، وأعلنت الأحكام العرفية.
وحين كان سعد صالح وزيرا للداخلية ناصبه الصحفي يحيى قاسم رئيس تحرير جريدة الشعب عداوة ثقيلة فهو يشتم سعدا مرة ويتهمه اخرى ويعرض به ثالثة وقد تواصل التهجم والتجريح شهرين دون ان يكف فرفع سعد صالح سماعة الهاتف وخابر رئيس تحرير جريدة الشعب ، وخلال الحديث الهاديء قال سعد :والله يااستاذ يحيى قاسم الى ان تموت - لاسمح الله - فلن اكسبك شرف اغلاق جريدتك .
ويذكر الاستاذ شكيب كاظم في حديثه عن الشاعر العراقي المبدع محمود البريكان ان " جريدة الشعب" كانت من اوائل الصحف العراقية التي اصدرت ملحقا ادبيا ومما قاله الاستاذ شكيب كاظم ان الشاعر السياب علم بصمت الشاعر البريكان وابتعاده عن الشهرة والاضواء والمتوحد مع شعره وموسيقاه ودنياه الخاصة التي انشأها لذاته بعيدا عن دنيا الناس وهمومهم وما تعارفوا عليه من طرق العيش واللهو ، فتعهد بأخراجه عن صمته ليتبوأ المكانة اللائقة به وان البريكان استجابة لذلك نشر مقالة في الملحق الادبي لجريدة الشعب سنة 1957
اتصلت بالصديق الصحفي الكبير الاستاذ محسن حسين وسألته عن ذكرياته مع الاستاذ يحيى قاسم المحامي بأعتباره قد عمل معه فأجابني بالقول :" اخي الاستاذ ابراهيم العلاف.. شكرا على اهتمامك ومراسلتي. وصلتني رسالتك قبل نحو اسبوعين وحاولت ان أجمع اي معلومات عن يحي قاسم فلم اوفق. نعم لقد علمت في صحيفة الشعب عام 1956 حتى ثورة تموز 1958 وكان ذلك بداية عهدي في الصحافة ولذلك لم تكن لدي معرفة كافية به سوى انه صاحب واحدة من اهم وأوسع الصحف اليومية الاخبارية في العهد الملكي وكل الذي اعرفه انه كان من مؤيدي نوري السعيد وقد اعجبي فيه اننا نحن المحررين نستلم كل صباح الصحيفة وعليها بالقلم الاحمر ملاحظاته وتوجيهاته ثم اثار اعجابي بفسح المجال للصحفيين الجدد مثلي وبعد اشهر قليلة طلب مني ان احضر نيابة عنه حفلات الاستقبال والكوكتيل التي تقيمها الدولة او الهيئات الدبلوماسية واشارك في تحرير صفحة المجتمع التي كان يحررها المرحوم خالد قادر وعن طريق تلك الحفلات كنا نحصل على اخبار للصيحفة. وشجعني ان اكتب عمودا في المحليات هو بمثابة تحليل لما يجري ثم شجعني للعمل محررا رئيسيا في المجلة التي صدرت عن الصحيفة باسم (الاسبوع). كما شجعني عى كتابة التحقيقات في بغداد ومدن اخرى وكان له الفضل في ادخال الصورة الخبرية بفتح قسم للتصوير في الصحيفة بتعيين مصور شاب هو الاستاذ حازم باك وخصص له مكانا في مبنى الصحيفة كاستوديو حيث كان حازم باك يغسل الافلام ويطبع الصور ويقدمها للتحرير. كان اهتمامه بالصورة كبيرا وتلك كانت بداية الصورة الصحفية في العراق اضافة الى انه سعى ان يكون للكاريكاتير مكان متميز في الصحيفة فكان الرسام الشهير غازي عبد الله من أهم واشهر الرسامين. وفي عهده كان هناك باب في الصحيفة للشكاوى يحرره المرحوم حافظ القباني كما شجع المبادرات الصحفية مثل كذبة نيسان عندما نشرنا عن حفل تقيمه الصحيفة لقرائها الذين يحصلون على كوبون قلنا انه منشور في بعض النسخ يوم 1 نيسان لكن الحقيقة انه نشر في كل النسخ وقد حضر الى مكان الحفل مجموعة كبيرة من الناس وسياسيون والسفير السعودي وبعض الفنانين .
عاد الاستاذ محسن حسين فكتب لي :" ان الصحفي يحيى قاسم محام اي انه متخرج من كلية الحقوق وان ولداه الاول يعمل مهندسا في اسبانيا اعتقد اسمه يسار واخر في احدى دول امريكا اللاتينية... وكان يحيى قاسم في البداية من مؤسسي حزب يدعى حزب الشعب مع الشخصية اليسارية عزيز شريف لكنه ترك ذلك الحزب واظن انه كاد ان يقتل في عملية اغتيال عبد الرزاق النايف في لندن عام 1978 اذ كان على موعد مع النايف حسبما سمعت في حينه. واعدك لو توفرت لدي معلومات ساكتبها لك.."
وقد ذكر السيد صباح الحمداني في مقال نشره في موقع :"كتاب من اجل الحرية " بعوان :" اسرار وخفايا التصفيات الجسدية واغتيالات في الخارج لا تنسى" أن الصحفي والمحامي يحيى قاسم صاحب جريدة الشعب( البغدادية ) ، هرب الى لندن بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 واقام هناك ، وانه كان متعاونا في عملية اغتيال المرحوم السيد عبد الرزاق النايف رئيس وزراء العراق الاسبق في لندن يوم 18 -2- 1972 ، وان الشرطة البريطانية -السكوتلانديارد القت القبض على يحيى قاسم وحاكمته وتوفي كما سبق ان قدمنا سنة 1990 .والصورة هذه من ارشيف الاخ الاستاذ حسن محمد طه الفياض فشكرا له .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق