ابن اللباد الموصلي 1161-1231ميلادية الطبيب الموصلي مكتشف مرض السكر
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
ويعرفه المؤرخون على انه أبو محمد موفق الدين البغدادي أو موفق الدين عبد اللطيف البغدادي 1161 -1231 ميلادية ،ويعرف ايضا ب(ابن اللباد الموصلي) كما يعرف ايضا ب(ابن ابي العز الموصلي ) ، فهو موصلي المحتد ، مع انه ولد ببغداد .
وابن اللباد الموصلي ،الطبيب الفيلسوف اول من وضع يده على مرض السكر ، وقال ان من يعانيه يشعر باسترسال البول ، وكثرته ، والعطش الدائم ، والهزال ، وجفاف البدن ، وجعل علاجه في الحمية ، والتغذية المقننة، والهدوء، وراحة البال ، والنفس.
كان عالما موسوعيا ، ويُعد كما يقول الاستاذ عبد الحميد الدجيلي في كتابه (منتخبات الجمان من بحر المرجان ) أنه من اهم الشخصيات العلمية العربية الاسلامية ، واوسعها أثرا في الفنون والعلوم الفلسفية والطبية اواخر القرن 12 واوائل القرن 13 الميلادي ، وينتمي الى اسرة عُرفت بانها بيت علم وحديث وفقه وكان والده من كبار العلماء والمحدثين بارعا في علوم القرآن وقراءته مجيدا في المذاهب الفقهية وعلم الخلاف والاصوليين ، واشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بالتدريس في الازهر ، واقبل عليه الطلاب يقرأون عليه انواع العلوم .
وكان موفق الدين اعظم شخصية فلسفية عربية كتب عنه كثيرون قال عنه السبكي في (الطبقات ) هو " لغوي ، متكلم ، طبيب ، خبير بالفلسفة " .وقال السيوطي عنه في كتابه ( حسن المحاضرة ) "كان عالما بأصول الدين والنحو واللغة والطب والفلسفة والتاريخ وتفقه على ابن فضلان مدرس النظامية ببغداد .ترجمته في عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن ابي اصيبعة :" موفق الدين عبد اللطيف البغدادي هو الشيخ الإمام الفاضل موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي بن أبي سعد ويعرف بابن اللباد، موصلي الأصل بغدادي المولد، كان مشهوراً بالعلوم، متحلياً بالفضائل، مليح العبارة، كثير التصنيف، وكان متميزاً في النحو واللغة العربية، عارفاً بعلم الكلام والطب. وكان قد اعتنى كثيراً بصناعة الطب لما كان بدمشق واشتهر بعلمها، وكان يتردد إليه جماعة من التلاميذ وغيرهم من الأطباء للقراءة عليه؛ كان والده قد أشغله بسماع الحديث في صباه من جماعة منهم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبو زرعة طاهر بن محمد القدسي، وأبو القاسم يحيى بن ثابت الوكيل وغيرهم. وكان يوسف والد الشيخ موفق الدين مشتغلاً بعلم الحديث بارعاً في علوم القرآن والقراءات، مجيداً في المذهب والخلاف والأصوليين، وكان متطرفاً من العلوم العقلية" .
ذكرته كتب التراجم ، والسير ، والموسوعات والانسكلوبيديات ومنها ( انسكلوبيديا ويكيبيديا ) الالكترونية . ومما ذكرته ان عدد مؤلفاته يزيد عن ( 173) مؤلفًا في اللغة ، والفقه ، والطب ، وعلم الحيوان ، والرياضيات ، والرحلات. لم يصل إلينا منها سوى عشرون مؤلفا. ويُعد كتاب ( الإفادة والإعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر) ، من أنفس آثاره ، وهو في الأصل مستخلص من كتاب أكبر عنوانه ( أخبار مصر) يضم معلومات واسعة عن مصر، غير أنه لم يصلنا .
يقول الاستاذ عبد الحميد الدجيلي ان كتبه الفلسفية بلغت (30) كتابا ، وفي الرياضيات والمنطق (20) كتابا ، وفي الطب عشرات ، وفي التفسير والحديث ثماني مجلدات وفي التاريخ سبع مجلدات ، وله في اللغة والنحو واللاغة والادب (20) كتابا ، وله في السياسة ، وله في علم الكلام ، والمناظرة ، والاديان ، والنبات ، والتشريح والادوية وغيرها كثير من الكتب وله رسائل ادبية ومكاتبات ومناجاة وشعر .
ومن نصائحه التربوية الجميلة لطلبته : " اوصيك ان لا تأخذ العلوم من الكتب وان وثقت من نفسك بقوة الفهم ، واياك ان تشتغل بعلمين دفعة واحدة ، ومن لم يعرق جبينه الى ابواب العلماء لم يعرق في الفضيلة . واياك والغلظة في الخطاب والجفاء في المناظرة ، فان ذلك يذهب ببهجة الكلام ، ويسقط فائدته ويجلب الضغائن ، ويصير القائل مستثقلا وسكوته احب الى السامع من كلامه وعليك بالأستاذين في كل علم ؛ تطلب اكتسابه ولو كان الاستاذ ناقصا فخذ منه حتى تجد أكمل منه ، وعليك بتعظيمه وان قدرت ان تفيده من دنياك، فافعل والا فبلسانك " .
وبهذه الطريقة ، وبهذا الاسلوب كان يقدم دروسه ، وينشر آراءه بين تلاميذه .قال " ولما كان في سنة خمس وثمانين وخمسمائة حيث لم يبق ببغداد من يأخذ بقلبي ويملأ عيني، ويحل ما يشكل عليّ، دخلت الموصل ، فلم أجد فيها بغيتي، لكن وجدت كمال بن يونس جيداً في الرياضيات والفقه متطرفاً من باقي أجزاء الحكمة، قد استغرق عقله ووقته حب الكيمياء وعملها، حتى صار يستخف بكل ما عداها، واجتمع إلى جماعة كثيرة، وعُرضت علي مناصب ، فاخترت منها مدرسة ابن مهاجر المعلقة ودار الحديث التي تحتها، وأقمت بالموصل سنة في اشتغال دائم متواصل ليلاً ونهاراً، وزعم أهل الموصل أنهم لمن يروا من أحد قبلي ما رأوا مني من سعة المحفوظ، وسرعة وسكون الطائر، وسمعت الناس يهرجون في حديث الشهاب السهروردي المتفلسف ، ويعتقدون أنه قد فاق الأولين والآخرين، وإن تصانيفه فوق تصانيف القدماء. فهممت لقصده ثم أدركني التوفيق فطلبت من ابن يونس شيئاً من تصانيفه ، وكان أيضاً معتقداً فيها فوقعت على التلويحات، واللمحة، والمعارج، فصادفتُ فيها ما يدل على جهل أهل الزمان، ووجدت لي تعاليق كثيرة لا أرتضيها هي خير من كلام هذا الأنوك، وفي أثناء كلامه يثبت حروفاً مقطعة يوهم بها أمثاله أنها أسرار إلهية" .
ثم يتحدث عن زياراته للشام ، ولمصر ، ولبلاد الروم ولبلاد أخرى واحتكاكه بالعلماء .ومن كلامه أيضاً :" اجعل كلامك في الغالب بصفات أن يكون وجيزاً ، فصيحاً في معنى مهم أو مستحسن فيه إلغاز تام، وإيهام كثير أو قليل، ولا تجعله مهملاً ككلام الجمهور، بل ارفعه عنه، ولا تباعده عليهم جداً، وقال إياك والهذر، والكلام فيما لا يعني، وإياك والسكوت في محل الحاجة، ورجوع النوبة إليك إما لاستخراج حق، أو اجتلاب مودة، أو تنبيه على فضيلة، وإياك والضحك مع كلامك، وكثرة الكلام، وتبتير الكلام، بل اجعل كلامك سرداً بسكون، بحيث يستشعر منك أن وراءه أكثر منه، وأنه عن خميرة سابقة، ونظر متقدم " ..وأضاف يقول : " تجنب الوقيعة في الناس ، وثلب الملوك، والغلظة على المعاشر، وكثرة الغضب، وتجاوز الحد فيه... واستكثر من حفظ الأشعار الأمثالية والنوادر الحكمية والمعاني المستغربة " .
ومن مؤلفاته : كتاب ( غريب الحديث) ، وكتاب( الواضحة في إعراب الفاتحة) ، ، وكتاب ( كشف الظلامة عن قدامة) ، وكتاب ( قوانين البلاغة) ، وكتاب (حواش على كتاب الخصائص) لابن جني، وكتاب ( الإنصاف، بين ابن بري وابن الخشاب على المقامات للحريري ) ، وكتاب ( اختصار كتاب الحيوان) لأرسطوطاليس، وكتاب (اختصار كتاب الحيوان للجاحظ) ،وكتاب ( اختصار كتاب الحميات ) للإسرائيلي، و( اختصار كتاب البول) للإسرائيلي ،و( مقالة في العطش) ، و( مقالة في الماء) ، وكتاب (مختصر في الحميات) ، و( مقالة في ميزان الأدوية) ، و( مقالتان في المدينة الفاضلة) ، و( اختصار القولنج ) لابن أبي الأشعث، و( مقالة في السرسام ) ( التهاب السحايا) ، وله (الكتاب الجامع الكبير في المنطق والعلم الطبيعي والعلم الإلهي) ويقع في عشر مجلدات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق