الاثنين، 2 فبراير 2015

ساعة بلا فيسبوك بقلم :الدكتور صبري صيدم

ساعة بلا فيسبوك 
بقلم :الدكتور صبري صيدم 
http://www.alquds.co.uk/?p=286847
لم أصدق نفسي عندما رأيت تلك الشابة اليافعة تندب حظها وذاك الشاب المحتد الذي قابلته بمحض الصدفة، الذي برزت شرايين الغضب من رقبته الطويلة، مطلقا صرخة مدوية افزعتني. ففي كلا الموقفين اعتقدت لوهلة أن العرب قد عادوا إلى الأندلس أو أن فلسطين تحررت، بينما لم يبلغ الشابين أحد بأي من هذين التطورين الكبيرين.
لم امتلك عندها إلا التوقف وســــؤال الشابـــين الفزعين عن سر الغضب وثورة النفس واستشاظة الروح؟ فكانت إجابتهما مدوية عبرا من خلالها عن الحزن الشديد لتعطل الفيسبوك !
نعم توقف الفيسبوك لساعة أو يزيد بقليل قبل أيام بصوررة أشعرنا البعض فيها بان مسيرة الكون قد تعطلت، وأن نمو البشرية قد توقف، بينما اختار البعض الآخر مساحات أخرى للتعبير بالفكاهة والتندر عن هذا التطور !
في كلتا الحالتين أدركت جازما ما قاله أحد الشبان بعد العاصفة الثلجية التي حلت مؤخرا في بلادنا، مؤكدا لي على أنه لم يكن يمانع غياب الماء والطعام وبقاءه شخصيا أسير الإقامة الجبرية في المنزل، لكنه كان سيموت حزنا لو توقفت خدمات الإنترنت. نعم لقد وصل العالم إلى الشعور الواثق بأن لا حياة بلا انترنت ولا حياة بدون صفحات الإعلام الاجتماعي ولا حياة بدون التواصل مع البشر .
وبهذا باتت حياتنا انترنت وخبزنا انترنت وماؤنا انترنت، في تحد واضح لكل الذين تندروا ذات يوم على رواد الفضاء الإلكتروني وما يصاحب ذلك من الالتصاق بالأجهزة المختلفة كجزء أصيل من حياة الناس .
اذن اليوم لا يمكن أن نستمر بالقول بأن المعلومات قوة وأن من يملك المال يملك القرار فقط، بل أن الاتصالات والتواصل أيضا قوة، ومن لا يملك الاتصال والحضور الإلكتروني لا يملك تلك القوة،.لذا نعيش اليوم ولادة القرية الكونية التي أرادها مؤسس الانترنت بشكلها المعاصر «تيم بيرنرز لي»، قرية يحتدم فيها التواصل بصورة قفزت عن مساحات «الكيلو والميغا والغيغا والتيرا بايت»، كيف لا ونحن بتنا نمارس حياتنا كلها تقريبا على الشبكة العنكبوتية . فساعات العمل الطوال والاجتماعات وتحضير البيانات ومراجعة البريد الشخصي ومتابعة الاعلام الاجتماعي وحتى اجتماعياتنا باتت كلها انترنت، لكن بيرنرز لي وفي لقاء مع «بي بي سي» مؤخرا وعلى هامش اجتماعات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، اشتكى بأن حقيقة امتلاك اربعين بالمئة من سكان العالم لإمكانية التواصل عبر الانترت لم تجعل الستين بالمئة الباقية أكثر سعادة ورخاء وتطورا، بل أن همومهم وجوعهم وحروبهم قد زادت .
وبما أننا لم نعد أصحاب الخيار في إدارة وتوجيه الانترنت، فان حديثنا في هذا الإطار ودعمنا لوصول مجتمعاتنا الى الحيز الرقمي والفضاء الإلكتروني بات يقتصر اليوم على اسداء النصيحة بأننا وفي استخدامنا للشبكة العنكبوتية ننشد أملا عربيا ملحا بانتاج المعرفة وتطوير مجتمعاتنا وتقديم حرف الضاد على حروف الوجع والنحيب والصياح، فإما انترنتي يسر الصديق أو تلك التي تصد العدى !
كل انقطاع فيسبوك وانتم بخير !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ويومكم مبارك ورمضانكم كريم

  ويومكم مبارك ورمضانكم كريم ونعود لنتواصل مع اليوم الجديد ............الجمعة 29-3-2024 ............جمعتكم مباركة واهلا بالاحبة والصورة من د...