قحطان حبيب الملاك : أتمنى عودة الروح إلى دور السينما في العراق
* http://www.faceiraq.com/inews.php?id=327586
|
|
بتاريخ : الأحد 26-02-2012 02:23 مساء |
|
حاوره - مازن لطيف شيئاً فشيئاً مع إنهيار الثقافة في أواخر العهد الصدامي خلت تلك الدور من مرتاديها وأصبحت لا تعرض غير أفلام الأكشن والإغراء ثم استطاعت تجارة الفيديو والأقراص الليزرية أن تقصم ظهر هذه الدور لتحولها إلى دور “خاوية على عروشها”... لا يرتادها غير أعداد قليلة من الناس الذين لا علاقة لهم بالثقافة أو الفن على الإطلاق! ورغم استحواذ وسائل الإتصال الحديثة على أذهان وأبصار المشاهدين.. إلا أن تلك الدور في أغلب بلدان العالم مازالت عامرة.. وتنبض بما تجود به كبريات شركات الإنتاج السينمائي في العالم. دور السينما في العراق لها تاريخ عريق يستعرض بعض جوانبه في هذا الحوار الأستاذ قحطان حبيب الملاّك الذي يحتفظ بارشيف ضخم عنها خلفه له والده المرحوم حبيب الملاّك الذي يعد من المؤسسين الأوائل لدور السينما في العراق. متى بدأت أول العروض السينمائية في بغداد .. وهل كانت ثمة دار سينما في ذلك الوقت؟ - كان أول عرض لفيلم سينمائي في العراق ليلة 26 تموز 1909 في دار الشفاء بجانب الكرخ وبعد مرور عامين شهدت منطقة العبخانة عرضاً آخر نظمه تاجر يهودي متخصص في إستيراد المكائن اسمه “بلوكي” وعندها أقيمت أول سينما في بغداد أطلق عليها “سينما بلوكي” وبعد الحرب العالمية الأولى شهد العديد من مناطق بغداد عروضاً سينمائية في الهواء الطلق نظمتها “دائرة الإستعلامات البريطانية” بجهاز عرض (16ملم) كانت تنتقل به إلى مناطق عديدة من المدن العراقية، وفي عام1920 أنشأ تاجر آخر سينما سنترال في منطقة حافظ القاضي في شارع الرشيد ليستبدل اسمها فيما بعد إلى سينما الرافدين. هذه الدار التي إلتهمها حريق فيما بعد شهدت أيضاً نزالاً بالمصارعة بين المصارع العراقي مجيد لولو والألماني الهر كريمر عام1925. شيدت بعد ذلك العديد من دور السينما منها سينما العراق في شارع كان يسمى بشارع الصابونجية قرب ساحة الميدان ثم سينما الوطني عام1927.. ثم افتتحت سينما رويال التي حلّت محلها عمارة وقوف السيارات عند نفق الرصافي سينما رويال كان فيها مسرح قدمت عليه العديد من الفرق أعمالها كفرق حقي الشبلي وبشارة واكيم ويوسف وهبي وفاطمة رشدي وجورج أبيض. ومتى شهدت دور السينما تطوراً نوعياً في العراق؟ - كان ذلك قد بدأ في الثلاثينات فشيدت سينما الزوراء في المربعة والرشيد الشتوي والصيفي في شارع الرشيد ثم بنى المرحوم إسماعيل شريف العاني سينما الحمراء التي إحترقت فيما بعد. في الثلاثينات أيضاً بنيت سينما الهلال التي شهدت إفتتاح أولى حفلات أم كلثوم في 17 تشرين الثاني عام1932 وكان فيها جناح خاص بالنساء.. لتقيم بعد ذلك سينما “سنترال” حفلات خاصة للنساء إستمرت لسنين عدة، وفي عام1936، مع تقدم العمران في شارع الرشيد شيدت عائلتا “سودائي وبيت مسيّح” مجمع سينما روكسي على أنقاض ثكنة عسكرية ونصب فيها تمثالان جميلان لآلهة الجمال وفي عام1937 بنيت سينما غازي في الباب الشرقي من قبل شاؤول وكامل قوبي “بيت عيزر”.. كانت هذه الدار تتميز بفخامتها وروعتها المعمارية وروعة الافلام التي كانت تعرضها حيث قدمت روائع السينما العالمية مثل أفلام “ذهب مع الريح” و”رمل ودم” و”السباحات الفاتنات”... في الأربعينات أصبح الباب الشرقي مجمعاً لدور السينما فأقيمت سينما تاج الصيفي وديانا الشتوي والصيفي وفي عام1947 قام المرحوم والدي ببناء سينما النجوم في الموقع الذي كانت تحتله وزارة الإعلام السابقة، ثم أقيمت سينما مترو “شتوي وصيفي” في محلة الفضل وسينما الفردوس والشرق ثم سينما هوليوود في ساحة الطيران... بعد الحرب العالمية الثانية وفي أوائل الخمسينات بنيت سينما الخيام وكانت هذه الدار الأحدث والأكثر تطوراً ليس في العراق فحسب بل في الشرق الأوسط فقد كانت جدرانها محلاة بلوحات فسفورية صممت خصيصاً في إيطاليا وإستوردت كراسيها المتحركة من الولايات المتحدة، في الصالحية أفتتحت في تلك الفترة سينما فيصل وفي الجهة المقابلة بنى الدكتور يوسف القاضي سينما “ريجنت” التي إمتازت بعمارتها البديعة ثم بنى قدري الأرضروملي سينما الأرضروملي في علاوي الحلة التي تحول إسمها إلى سينما بغداد والتي مازالت قائمة. في الخمسينات شهد العراق تطوراً نوعياً في القضايا السياسية والإجتماعية والإقتصادية وأصبح العمل السينمائي يمتاز بالتنظيم والذوق والتنوع. كيف كان يتم الإعلان عن الفيلم والترويج له.. هل ثمة مواقف طريفة في تلك الفترة.؟ - لهذا الأمر أهمية خاصة لدى بعض دور العرض فسينما “سنترال” مثلاً كان لديها شخص يركب في “عربانة” ويدق جرساً وطبلاً كبيرين لكي يحدث ضجيجاً في الشارع فيتجمهر الناس والأطفال حوله ليعلق بأعلى صوته عن فيلم الفرسان الثلاثة أو غيره من الأفلام، كان لكل سينما منادٍ خاص يطوف الشوارع مع جوقته، وفي البصرة كان هناك شخصان يعملان في سينما الحمراء يستعرضان صوتيهما في سوق الصبا، هذان الشخصان هما “تومان” و”عباس عيونة” كان تومان يعزف على الناي بطريقة غريبة بواسطة أنفه! ومن أطرف المواقف في تلك الفترة أن البعض يفضل الدخول إلى المواقع القريبة جداً من الشاشة لأنهم يعتقدون أنهم سيشاهدون الراقصات بشكل أفضل!! جميع الأفلام في تلك الفترة كانت صامتة وبلا موسيقى تصويرية ومؤثرات.. كيف كانت تثير تفاعل المشاهد معها؟ - لإيصال مضمون الفيلم إلى المشاهد كان صاحب الدار يهيئ عازفين أحدهما على البيانو، مهمتهما التأثيرفي الجمهور خلال أحداث الفيلم بالعزف من خلال متابعة إيقاع الفيلم، ففي مشاهد المطاردة كان العزف يشتد ويتسارع مع تسارع مشاهد الحركة.. وفي المشاهد العاطفية يكون العزف هادئاً أما في مشاهد الرعب والترقب فإن صوت البيانو يكون حاداً. والترجمة؟ - مشكلة اللغة والترجمة خلّت تدريجياً بعد أن كان الفيلم الأجنبي يعرض بالصورة والحركة فقد بدأت تأتي مع الأفلام سلايدات فيها جمل مكتوبة بالإنكليزية تعرض بجانب الشاشة توضج مجريات الفيلم.. فمثلاً بعد حوار يستمر لمدة خمس دقائق تعرض بجانب الشاشة عبارة تقول “قرر البطل أن ينتقم من أعدائه”.. او”خاصم الشاب حبيبته” وإستمر الحال إلى أن أصبحت السينما ناطقة ثم تطورت وسائل الترجمة بعد تأسيس شركات متخصصة ليصبح الحوار مترجماً على الشريط الفيلمي. ماذا يأمل الأستاذ قحطان حبيب الملاّك من دور السينما العراقية بعد هذه الرحلة الطويلة؟ - ما أتمناه هو عودة تلك الحياة إلى تلك الدور السينمائية التي كانت تشع بهجة وتثير السرور والفرح في قلوب الناس، لا أن تصبح خرائب وأطلالاً يكتنفها الغبار والإهمال.. لم يقتل التلفزيون والإنترنت السينما في العالم، بل بالعكس أصبحت دور السينما ذات طراز خاص تتسم بشروط العصر، فتحولت دور السينما الكبيرة التي تتسع لألف أو ألفي شخص إلى مجمعات سينمائية ، كل منها يعرض فيلماً معيناً، بل وزادت عن ذلك في بعض المدن الأوربية أن أصبحت مجمعات لأكثر من عشرين دار عرض في مجمع واحد تعمل على مدار الساعة ليستأنس الناس في راحتهم وحياتهم الخاصة.. ومن المؤسف أن يصبح العكس عندنا في السنوات الأخيرة إذ تقلصت دور السنيما، وأغلق البعض منها أبوابه وتحولت الأخرى إلى مواخير ودور عرض مشبوهة تعرض الأفلام المشبوهة والمخلّة بكل الآداب ومن دون أيّة رقابة، والدور الكبيرة أغلقت أبوابها، ونأمل أن لا تتحول إلى مجمعات تجارية مثلما حدث لسينما الرشيد والجزء الكبير من سينما الوطني. |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق