ابريل 2008 |
المصدر:
السياسة الدوليةhttp://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=222062&eid=5240
بقلم:
الاستاذ صفاء محمد احمد الملاح
تأتى أهمية هذا الكتاب كونه يوضح أهمية دراسة السياسة الخارجية الأمريكية نظرا لفعاليتها وتأثيرها فى الساحة العالمية ونظرا لاحتواء المؤسسات المعنية باتخاذ القرار على عقول مبدعة وقادرة على حل المشكلات التى تواجه الولايات المتحدة فى نطاقات انتشارها، حيث تتوزع أعباء السياسة الخارجية على أربعة مواقع رسمية، هى: الرئيس، وزارة الخارجية، مجلس الأمن القومى، ووزارة الدفاع ويشير الكاتب لمدرستين أساسيتين فى تحديد السياسة الخارجية الأمريكية، هما مدرسة المحافظية الجديدة ومدرسة الواقعية، ثم إجراء مقارنة بينهما من خلال طرح أفكار كيسنجر وبريجنسكى كبيرى مدرسة الواقعيين ورؤية كل منهما لموقع الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة وموقفه من فكر المحافظين الجدد يأتى الفصل الأول تحت عنوان "المحافظون الجدد السياسة الخارجية والشرق الأوسط" ويتكون من أربعة مباحث ويبدأ الكاتب حديثه عن مدرسة المحافظين الجدد بالعودة إلى أصولها التاريخية والفكرية من خلال أفكار الفيلسوف اليهودى الألمانى "ليو شتراوس"، وأهمها استبداد النخبة، والخطاب المزدوج لاقتناعه بقسوة الحقيقة وأن حاملى الحقيقة مضطهدون من قبل المجتمع وتمييز مفهوم الأخلاق والعدالة عن السياسة، خاصة سياسة القوة التى هى منبع القوة فالمحافظية الجديدة تقدم نفسها كمروج للمبادئ الأخلاقية، ورفض التاريخانية لاعترافها بتأثير التاريخ على الحاضر والمستقبل وصناعته لهما مما يقود إلى النسبية والعدمية وقد كان لمدرسة المحافظين الجدد رؤية خاصة تجاه مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى غير مهددة من قبل أى منافس، وقد أخذ المحافظون الجدد هذه الرؤية بالتفكير فى بناء القرن الحادى والعشرين على أساس السيادة الأمريكية على العالم، وتبلورت فكرة مشروع القرن الأمريكى الجديد وقد أشار الكاتب إلى دراسة وضعها هذا المشروع بعنوان ـ إعادة بناء الدفاع الأمريكى ـ والتى رأت أهمية إعادة بناء الدفاع العسكرى الذى يعد مصدر القوة والهيمنة الأمريكية فى الساحة الدولية، وذلك ضمن رؤية نقدية لمرحلة بوش وكلينتون لما بها من إهمال شامل للدفاع وتضمنت الدراسة مجموعة من التحديات التى تواجه الولايات المتحدة مع فجر القرن الحادى والعشرين وهى الاتحاد الأوروبى والصين وروسيا ففى ظل المخاوف الأمريكية من قيام تحالف أوراسى يضم القوى الفاعلة فى أكبر نطاق جغرافى فى العالم (أوروبا وآسيا) وأهم مصادر للثروات وأوسع الأسواق، رأى المحافظون الجدد ضرورة ضم أوروبا تحت جناح النفوذ الأمريكى وبالنسبة لروسيا، فعلى الولايات المتحدة تحجيم الترسانة النووية الروسية، والبحث عن مجالات عالمية للتعامل مع روسيا أما الصين، فينبغى على الولايات المتحدة إتباع استراتيجية متعددة المستويات مع الصين بالقيام بمشاريع مشتركة، وتشجيع التطور الاقتصادى والسياسى، وتقوية العلاقات العسكرية المتبادلة وقد تزايد اهتمام المحافظين الجدد بالشرق الأوسط بسبب علاقتهم الوطيدة باللوبى الصهيونى وباليمين المسيحى، وكون العديد من أبرز وجوههم ـ بالإضافة إلى ليو شتراوس ـ يهودا صهاينة وفى هذا الجزء، يطرح الكاتب رؤية تفسيرية حول تمركز اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى الأسباب وهى:
أولا: التحكم فى حقول النفط الأساسية فى العالم وممرات ناقلاته لصالح الاقتصاد الأمريكى، وثانيا: طبيعة أزمات الشرق الأوسط التى تراها الولايات المتحدة واقعا لانقلابات تأتى بقوى إسلامية معادية لها إلى السلطة، وثالثا: تأثير العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على رسم الأخيرة لسياستها الخارجية وفى هذا الإطار، يعرض الكاتب عددا من الاستراتيجيات العملية، التى تتحدد فى نشر الديمقراطية والفوضى الخلاقة والحرب الاستباقية ففيما يتعلق باستراتيجية نشر الديمقراطية، فهى تنطوى على أهداف عديدة: أولها تنفيس الضغط الداخلى على الأنظمة وثانيها منع وصول القوى الإسلامية المعادية للولايات المتحدة إلى السلطة، وثالثها استقطاب الفئات المحايدة لناحية العداء للولايات المتحدة، ورابعها محاولة دمج الإسلاميين فى النظام الديمقراطى ذى الأسس العلمانية، وأخيرا ترك الساحة للصراع بين العلمانيين والإسلاميين والذى سيؤدى إلى التوازن فى السياسات الداخلية والخارجية للدول الإسلامية أما الاستراتيجية الثانية، فهى سياسة الفوضى الخلاقة التى اتبعتها الخارجية الأمريكية فى سعيها للسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط، حيث تؤمن سياسة جورج بوش الابن بأن حدوث الاستقرار فى الشرق الأوسط يمثل مشكلة وعقبة أمام تحقيق المصالح الأمريكية فى هذه المنطقة، فالفوضى فى النهاية تسمح للعناصر المعادية للولايات المتحدة بالتحرك بحرية والمثال الأبرز لتطبيق الفوضى الخلاقة هو ما جرى فى لبنان وسوريا أما الاستراتيجية الثالثة، فهى الحرب الاستباقية، فالهدف النهائى للسياسة الخارجية الأمريكية هو استخدام القوة المتوافرة بشكل فردى إذا لزم الأمر لنشر الأسواق الحرة الديمقراطية على امتداد العالم تقع فكرة استباق ظهور التهديدات الكامنة بتسديد ضربة إليها، فى لب العقل المحافظ الجديد ففى رؤيتهم لعالم ما بعد الحرب الباردة، تطلعوا لاستباق حركة التاريخ التى قد تحمل منافسيهم إلى مواقع النفوذ العالمى، فبدأت الولايات المتحدة حربا للسيطرة على الشرق الأوسط لتقليل نمو اقتصاده، وشنت حربا استباقية من نوع آخر ضد الحركات الإسلامية الحالمة بالوصول إلى السلطة فى بلدانها وذلك عبر سياستى نشر الديمقراطية والفوضى الخلاقة، قبل أن تجتمع ظروف تساعد هذه الحركات على تحقيق طموحاتها أما على المستوى العسكرى، فقد أعادت الولايات المتحدة النظر فى فعالية مبدأ الردع والردع النووى أما الفصل الثانى، فيأتى تحت عنوان ـ المدرسة الواقعية فى فكر كيسنجر وبريجنسكى ـ ويستعرض فيه الكاتب تعريف المدرسة الواقعية بأنها الانطلاق فى اتخاذ القرار وتحقيق أهداف الذات بغض النظر عن الوسائل ثم يتناول الكاتب نموذجين لفكر المدرسة الواقعية من خلال قراءة تجربة رجلين أساسيين فى تلك المدرسة، هما هنرى كيسنجر وزبجنيو بريجنسكى عرض الكاتب رؤية كيسنجر للدور الأمريكى بعد الحرب الباردة، وقد ظلت نظرية توازن القوى عماد رؤيته فى إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، وتركزت استراتيجيته الدبلوماسية على أن أفضل ضمان للسلام هو التوازن وتبرز واقعيته فى مقارنة قضية العلاقة مع الصين، فقد أجرى تقييما للخيارات الممكنة حول المقاربة الدبلوماسية للتخاطب مع الطرف الصينى، فكان أمامه أربعة خيارات أساسية وحدد إيجابيات وسلبيات كل منها وقد كان الخيار الأول هو الاستعداد لمناقشة تطبيع العلاقات مع بكين استنادا إلى تفاهم على العلاقات السلمية بإعادة التجارة فى السلع غير الاستراتيجية والخيار الثانى هو الاستعداد للخوض فى نقاشات أو مفاوضات جدية مع استثناء قضية تايوان وإعادة النظر فى الوجود العسكرى الأمريكى فى تايوان مقابل وعد صينى بعدم استخدام القوة لحل هذه الأزمة والخيار الثالث هو تقديم خيار التعايش السلمى للصين وعدم الإقدام على أى خطوة قبل الاستماع إلى الصينيين والخيار الرابع هو توجيه ضربة قوية للصينيين كرد فعل على تجاوزاتهم السابقة بما سيغلق الباب أمام أى إمكانية لإعادة فتح علاقات طبيعية مع الصين وتعتبر قضية كيسنجر فى اختراق المعسكر الشيوعى وفتح العلاقات الدبلوماسية مع الصين إحدى التجارب الناضجة للمدرسة الواقعية وكان لقضية إيران محل كبير فى نقد كيسنجر لمنهجية المحافظين الجدد القائمة على أساس التساهل فى اللجوء إلى القوة والاعتماد عليها كخيار أولى، حيث رأى كيسنجر أن حل قضايا الانتشار النووى يعتمد على قدرة الدبلوماسية على تقديم ضمانات أمنية للبلد الذى يطلب منه التخلى عن أسلحته النووية، وأبدى تحمسه لخيار اللعب على أوتار الداخل الإيرانى كبديل للعمل العسكرى وفى مواجهة الأزمة العراقية، حاول كيسنجر فى كتاباته طرح مقاربة مختلفة تقوم على أساس استجلاب حلفاء أو شركاء مرحليين للولايات المتحدة فى حل المشكلة عبر تخويف بعض الدول من تداعيات استمرار الأزمة العراقية ورغم إعلان كيسنجر لتأييد إسقاط صدام، إلا أنه اعتبر أن أى عملية سياسية فى الشرق الأوسط لن تتم عبر العمل العسكرى فقط، فالدبلوماسية ينبغى استخدامها للخروج من الأزمة العراقية لذلك، يمكن القول إن كيسنجر، فى مواجهته أزمات الشرق الأوسط والملف الإيرانى فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حاول طرح الحلول السياسية من خلال مبدأ التوازن بين القوى، ولذلك كانت لديه رؤية مختلفة لدور الولايات المتحدة فى العالم، منتقدا منهجية التفرد وأحادية القطب حاول كيسنجر تغليب الواقعية والتوازن على التطرف الأيديولوجى والتفرد دون أن يعارض مبدأ الحرب الاستباقية ككل، ولكنه حاول التنظير لرؤية واقعية تلاقى بين استقرار النظام الدولى وبين التفرد والقيام بحروب استباقية ضد التهديدات المحتملة ثم تطرق الكاتب لعرض رؤية بريجنسكى للدور الأمريكى بعد الحرب الباردة، هذه الرؤية الواقعة على طرف النقيض مع رؤية المحافظين الجدد وينبع اختلاف بريجنسكى عن المحافظين الجدد من تناقض بين المنهجية الكلاسيكية التى اتبعها وبين المنهجية الثورية التغيرية التى حاول المحافظون فرضها على صناعة القرار فى السياسة الخارجية وقد انتقد بريجنسكى مفهوم الإرهاب الذى اعتمدته إدارة بوش كشعار للحرب التى خاضتها لمنع القوى الصاعدة من الوصول إلى منابع الطاقة وقد حذر بريجنسكى من إعلان أن الحرب ضد الإرهاب تساوى الحرب على الإسلام، موضحا أن هذا سيخلق مخاطر على صعيد رد فعل العالم الإسلامى، تتمثل فى كراهية هائلة للولايات المتحدة مؤكدا أن قلب الأزمة التى خلقتها أيديولوجيات المحافظين الجدد يتجلى فى حالة العزلة التى جلبتها الولايات المتحدة لنفسها عن طريق تفردها وقد تعرض بريجنسكى بالنقد لمشروع نشر الديمقراطية على أساس أنه لا يلائم المرحلة التاريخية القائمة التى تتميز باليقظة السياسية للشعوب فالديمقراطية كان يمكن أن تكون حلا لفاقدى العدالة الاجتماعية فى العصر الأرستقراطى، لكن من غير الممكن أن تكون الحل فى عصر اليقظة السياسية ومن ناحية أخرى، ينتقد بريجنسكى رؤية المحافظين الجدد للصراع مع الإسلام، ويرى أن سياستهم تعانى من خلل فى رؤية تفاعل الواقع معها ورد فعل الأطراف الأخرى، فيقول ـ إن منهجية المحافظين الجدد، التى تمتلك إسرائيل مثيلاتها فى بنيتها السياسية هى شديدة الضرر للولايات المتحدة وخطيرة جدا على إسرائيل لقد حولت هذه المنهجية الأغلبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط إلى موقع العداء للولايات المتحدة وإذا استمرت الإدارة فى إتباع سياسات المحافظين الجدد، فإن الولايات المتحدة ستطرد من المنطقة وسيكون هذا إيذانا ببداية نهاية إسرائيل كذلك ـ مستشهدا فى ذلك بدروس العراق وإيران، فالمشروع الأمريكى فى العراق الذى أثر بالسلب على الولايات المتحدة على المستويين الإقليمى والدولى فالانعكاسات الأولية للأزمة العراقية كانت إلى الداخل الأمريكى، حيث أثرت فى العلاقة بين الجمهور والسلطة وفى قدرة الأخيرة على الإقناع والتوجيه، وجعلت الولايات المتحدة بلدا أقل أمنا حيث أوجدت أعداء جددا، وأصبحت نسبة العدائية تجاه الولايات المتحدة عالية على الساحة العالمية وقد رأى بريجنسكى فى الحرب على إيران مدخلا لمستنقع جديد أكثر اتساعا وعمقا من العراق، واعتبر أن الولايات المتحدة تعانى من مشكلة فهم إيران ودورها الإقليمى ودينامياتها الخارجية بسبب غيابها لوقت طويل عن التواصل مع إيران والوجود داخلها وأكد بريجنسكى أنه على المدى البعيد، ستكمن مصلحة الولايات المتحدة فى تحقيق الاستقرار فى الخليج عبر إشراك إيران فى مفاوضات مع جيرانها للتوصل إلى إنشاء منظمة تضمن التعاون الإقليمى والاستقرار والأمن للشرق الأوسط طرح بريجنسكى رؤيته للحل ضمن استراتيجية أمريكية من المفاوضات الجادة وليس الشعارات ويطرح سيناريوهات الجزرة، والعصا وليس العصا والجزرة، حيث تقع الأولوية للمحفزات على العقوبات والتهديد، وإجراء مفاوضات فى قضايا الاستثمارات الأمريكية فى إيران مع أطراف اقتصادية إيرانية من أجل التخفيف من أحادية التيار الدينى فى السلطة، عبر تقوية القطاعات الخاصة وتقوية موقع الطبقة الوسطى فى البلاد، وإيجاد فرصة لتصدير القيم الأمريكية إلى الداخل الإيرانى يعتقد بريجنسكى أن على الولايات المتحدة أن تختار بين القيادة والهيمنة، حيث يرى أن مغامرة المحافظين الجدد بتلقف فرصة مرحلة أحادية القطب عقب الحرب الباردة، والدخول فى مشروع السيطرة على موارد النفط فى العالم بشكل كامل، كخطوة أولى للسيطرة على الاقتصاد العالمى ـ هذه المغامرة أدخلت الولايات المتحدة فى نفق العزلة، وبالتالى فإن اتخاذ الولايات المتحدة لموقع المهيمن على الاقتصاد العالمى سيضر بسياستها الخارجية، الأمر الذى يمكن تفاديه عبر اتخاذ الولايات المتحدة لصفة القيادة والتخلى عن طموحات الهيمنة غير الواقعية وقد كانت هذه الرؤية موضوع كتابه ـ الاختيار ـ ويرى بريجنسكى أنه لابد للولايات المتحدة فى عالم ما بعد الحرب الباردة من رسم خريطة علاقات مع القوى الكبرى الأساسية على أساس الحفاظ على موقع الولايات المتحدة لمنع تشكيل استقطابات معادية وتخفيف وطأة ضغوطها إذا وجدت.
أولا ـ العلاقات مع الصين:
هذه العلاقة ينبغى مقاربتها على مستويين، هما الاحتواء الاقتصادى، والتقليل من الهواجس فأى انكسار فى هذه العلاقة سيؤدى إلى انهيار دراماتيكى لتدفق رءوس الأموال الخارجية.
ثانيا ـ العلاقات مع روسيا:
اهتم بريجنسكى بالتنظير للشراكة معها، نظرا لما تمثله من قوة ذات نفوذ فى أوراسيا ولثقلها الاقتصادى العالمى، فهى تضم أكبر مخزون غاز فى العالم.
ثالثا ـ العلاقات مع أوروبا:
رأى بريجنسكى دوما فى أوروبا شريكا ضروريا للولايات المتحدة فى عالم ما بعد الحرب الباردة، حيث تحتاج الولايات المتحدة لشريك ناضج فى أوراسيا ومن ناحية أخرى، يرى أن دخول الولايات المتحدة الحرب ضد العالم الإسلامى سيولد انكسارا فى العلاقة مع أوروبا التى تضم بين جوانبها الجغرافية والديموغرافية أقلية سريعة التنامى من السكان المسلمين ويختم الكاتب مؤلفه بمجموعة من الاستنتاجات، هى:
1 ـ إن الصراع بين مدرسة المحافظين الجدد والداعين إلى الهيمنة الأمريكية من جهة وبين المدرسة الواقعية والداعين إلى القيادة الأمريكية من جهة أخرى سيستمر خلال عهد الرئيس الأمريكى المقبل، الذى سيكون ديمقراطيا فى الغالب.
2 ـ ستحاول قوى وشخصيات أمريكية رسم استراتيجية جديدة لعصر ما بعد حرب العراق، تقع فى مكان وسط بين المدرستين، وتهدف إلى إعادة ترميم المصداقية الأمريكية، أو ـ بكلام آخر ـ الموقع الأمريكى الفريد، الذى ينبغى أن يجنح نحو قيادة العالم لا الهيمنة عليه، بحسب بريجنسكى وكيسنجر.
3 ـ سيستمر استعمال الشعارات والمقولات الدينية ـ بشكل أو بآخر ـ لتحصيل تأييد التيار الإنجيلى البالغ التأثير فى الولايات المتحدة، دون أن يكون ذلك بالضرورة داعيا إلى رسم سياسة خارجية فى إطار دينى، كما حصل فى عهد بوش الابن.
4 ـ ستتم فى المرحلة المقبلة عملية إعادة نظر شاملة فى موقع رئيس الولايات المتحدة ودوره فى السياسة الخارجية، كما ستظهر نظريات ورؤى جديدة على مستوى فلسفة القيادة الأمريكية للعالم.
تأتى أهمية هذا الكتاب كونه يوضح أهمية دراسة السياسة الخارجية الأمريكية نظرا لفعاليتها وتأثيرها فى الساحة العالمية ونظرا لاحتواء المؤسسات المعنية باتخاذ القرار على عقول مبدعة وقادرة على حل المشكلات التى تواجه الولايات المتحدة فى نطاقات انتشارها، حيث تتوزع أعباء السياسة الخارجية على أربعة مواقع رسمية، هى: الرئيس، وزارة الخارجية، مجلس الأمن القومى، ووزارة الدفاع ويشير الكاتب لمدرستين أساسيتين فى تحديد السياسة الخارجية الأمريكية، هما مدرسة المحافظية الجديدة ومدرسة الواقعية، ثم إجراء مقارنة بينهما من خلال طرح أفكار كيسنجر وبريجنسكى كبيرى مدرسة الواقعيين ورؤية كل منهما لموقع الولايات المتحدة بعد الحرب الباردة وموقفه من فكر المحافظين الجدد يأتى الفصل الأول تحت عنوان "المحافظون الجدد السياسة الخارجية والشرق الأوسط" ويتكون من أربعة مباحث ويبدأ الكاتب حديثه عن مدرسة المحافظين الجدد بالعودة إلى أصولها التاريخية والفكرية من خلال أفكار الفيلسوف اليهودى الألمانى "ليو شتراوس"، وأهمها استبداد النخبة، والخطاب المزدوج لاقتناعه بقسوة الحقيقة وأن حاملى الحقيقة مضطهدون من قبل المجتمع وتمييز مفهوم الأخلاق والعدالة عن السياسة، خاصة سياسة القوة التى هى منبع القوة فالمحافظية الجديدة تقدم نفسها كمروج للمبادئ الأخلاقية، ورفض التاريخانية لاعترافها بتأثير التاريخ على الحاضر والمستقبل وصناعته لهما مما يقود إلى النسبية والعدمية وقد كان لمدرسة المحافظين الجدد رؤية خاصة تجاه مكانة الولايات المتحدة كقوة عظمى وحيدة بعد انهيار الاتحاد السوفيتى غير مهددة من قبل أى منافس، وقد أخذ المحافظون الجدد هذه الرؤية بالتفكير فى بناء القرن الحادى والعشرين على أساس السيادة الأمريكية على العالم، وتبلورت فكرة مشروع القرن الأمريكى الجديد وقد أشار الكاتب إلى دراسة وضعها هذا المشروع بعنوان ـ إعادة بناء الدفاع الأمريكى ـ والتى رأت أهمية إعادة بناء الدفاع العسكرى الذى يعد مصدر القوة والهيمنة الأمريكية فى الساحة الدولية، وذلك ضمن رؤية نقدية لمرحلة بوش وكلينتون لما بها من إهمال شامل للدفاع وتضمنت الدراسة مجموعة من التحديات التى تواجه الولايات المتحدة مع فجر القرن الحادى والعشرين وهى الاتحاد الأوروبى والصين وروسيا ففى ظل المخاوف الأمريكية من قيام تحالف أوراسى يضم القوى الفاعلة فى أكبر نطاق جغرافى فى العالم (أوروبا وآسيا) وأهم مصادر للثروات وأوسع الأسواق، رأى المحافظون الجدد ضرورة ضم أوروبا تحت جناح النفوذ الأمريكى وبالنسبة لروسيا، فعلى الولايات المتحدة تحجيم الترسانة النووية الروسية، والبحث عن مجالات عالمية للتعامل مع روسيا أما الصين، فينبغى على الولايات المتحدة إتباع استراتيجية متعددة المستويات مع الصين بالقيام بمشاريع مشتركة، وتشجيع التطور الاقتصادى والسياسى، وتقوية العلاقات العسكرية المتبادلة وقد تزايد اهتمام المحافظين الجدد بالشرق الأوسط بسبب علاقتهم الوطيدة باللوبى الصهيونى وباليمين المسيحى، وكون العديد من أبرز وجوههم ـ بالإضافة إلى ليو شتراوس ـ يهودا صهاينة وفى هذا الجزء، يطرح الكاتب رؤية تفسيرية حول تمركز اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى الأسباب وهى:
أولا: التحكم فى حقول النفط الأساسية فى العالم وممرات ناقلاته لصالح الاقتصاد الأمريكى، وثانيا: طبيعة أزمات الشرق الأوسط التى تراها الولايات المتحدة واقعا لانقلابات تأتى بقوى إسلامية معادية لها إلى السلطة، وثالثا: تأثير العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على رسم الأخيرة لسياستها الخارجية وفى هذا الإطار، يعرض الكاتب عددا من الاستراتيجيات العملية، التى تتحدد فى نشر الديمقراطية والفوضى الخلاقة والحرب الاستباقية ففيما يتعلق باستراتيجية نشر الديمقراطية، فهى تنطوى على أهداف عديدة: أولها تنفيس الضغط الداخلى على الأنظمة وثانيها منع وصول القوى الإسلامية المعادية للولايات المتحدة إلى السلطة، وثالثها استقطاب الفئات المحايدة لناحية العداء للولايات المتحدة، ورابعها محاولة دمج الإسلاميين فى النظام الديمقراطى ذى الأسس العلمانية، وأخيرا ترك الساحة للصراع بين العلمانيين والإسلاميين والذى سيؤدى إلى التوازن فى السياسات الداخلية والخارجية للدول الإسلامية أما الاستراتيجية الثانية، فهى سياسة الفوضى الخلاقة التى اتبعتها الخارجية الأمريكية فى سعيها للسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط، حيث تؤمن سياسة جورج بوش الابن بأن حدوث الاستقرار فى الشرق الأوسط يمثل مشكلة وعقبة أمام تحقيق المصالح الأمريكية فى هذه المنطقة، فالفوضى فى النهاية تسمح للعناصر المعادية للولايات المتحدة بالتحرك بحرية والمثال الأبرز لتطبيق الفوضى الخلاقة هو ما جرى فى لبنان وسوريا أما الاستراتيجية الثالثة، فهى الحرب الاستباقية، فالهدف النهائى للسياسة الخارجية الأمريكية هو استخدام القوة المتوافرة بشكل فردى إذا لزم الأمر لنشر الأسواق الحرة الديمقراطية على امتداد العالم تقع فكرة استباق ظهور التهديدات الكامنة بتسديد ضربة إليها، فى لب العقل المحافظ الجديد ففى رؤيتهم لعالم ما بعد الحرب الباردة، تطلعوا لاستباق حركة التاريخ التى قد تحمل منافسيهم إلى مواقع النفوذ العالمى، فبدأت الولايات المتحدة حربا للسيطرة على الشرق الأوسط لتقليل نمو اقتصاده، وشنت حربا استباقية من نوع آخر ضد الحركات الإسلامية الحالمة بالوصول إلى السلطة فى بلدانها وذلك عبر سياستى نشر الديمقراطية والفوضى الخلاقة، قبل أن تجتمع ظروف تساعد هذه الحركات على تحقيق طموحاتها أما على المستوى العسكرى، فقد أعادت الولايات المتحدة النظر فى فعالية مبدأ الردع والردع النووى أما الفصل الثانى، فيأتى تحت عنوان ـ المدرسة الواقعية فى فكر كيسنجر وبريجنسكى ـ ويستعرض فيه الكاتب تعريف المدرسة الواقعية بأنها الانطلاق فى اتخاذ القرار وتحقيق أهداف الذات بغض النظر عن الوسائل ثم يتناول الكاتب نموذجين لفكر المدرسة الواقعية من خلال قراءة تجربة رجلين أساسيين فى تلك المدرسة، هما هنرى كيسنجر وزبجنيو بريجنسكى عرض الكاتب رؤية كيسنجر للدور الأمريكى بعد الحرب الباردة، وقد ظلت نظرية توازن القوى عماد رؤيته فى إدارة السياسة الخارجية الأمريكية، وتركزت استراتيجيته الدبلوماسية على أن أفضل ضمان للسلام هو التوازن وتبرز واقعيته فى مقارنة قضية العلاقة مع الصين، فقد أجرى تقييما للخيارات الممكنة حول المقاربة الدبلوماسية للتخاطب مع الطرف الصينى، فكان أمامه أربعة خيارات أساسية وحدد إيجابيات وسلبيات كل منها وقد كان الخيار الأول هو الاستعداد لمناقشة تطبيع العلاقات مع بكين استنادا إلى تفاهم على العلاقات السلمية بإعادة التجارة فى السلع غير الاستراتيجية والخيار الثانى هو الاستعداد للخوض فى نقاشات أو مفاوضات جدية مع استثناء قضية تايوان وإعادة النظر فى الوجود العسكرى الأمريكى فى تايوان مقابل وعد صينى بعدم استخدام القوة لحل هذه الأزمة والخيار الثالث هو تقديم خيار التعايش السلمى للصين وعدم الإقدام على أى خطوة قبل الاستماع إلى الصينيين والخيار الرابع هو توجيه ضربة قوية للصينيين كرد فعل على تجاوزاتهم السابقة بما سيغلق الباب أمام أى إمكانية لإعادة فتح علاقات طبيعية مع الصين وتعتبر قضية كيسنجر فى اختراق المعسكر الشيوعى وفتح العلاقات الدبلوماسية مع الصين إحدى التجارب الناضجة للمدرسة الواقعية وكان لقضية إيران محل كبير فى نقد كيسنجر لمنهجية المحافظين الجدد القائمة على أساس التساهل فى اللجوء إلى القوة والاعتماد عليها كخيار أولى، حيث رأى كيسنجر أن حل قضايا الانتشار النووى يعتمد على قدرة الدبلوماسية على تقديم ضمانات أمنية للبلد الذى يطلب منه التخلى عن أسلحته النووية، وأبدى تحمسه لخيار اللعب على أوتار الداخل الإيرانى كبديل للعمل العسكرى وفى مواجهة الأزمة العراقية، حاول كيسنجر فى كتاباته طرح مقاربة مختلفة تقوم على أساس استجلاب حلفاء أو شركاء مرحليين للولايات المتحدة فى حل المشكلة عبر تخويف بعض الدول من تداعيات استمرار الأزمة العراقية ورغم إعلان كيسنجر لتأييد إسقاط صدام، إلا أنه اعتبر أن أى عملية سياسية فى الشرق الأوسط لن تتم عبر العمل العسكرى فقط، فالدبلوماسية ينبغى استخدامها للخروج من الأزمة العراقية لذلك، يمكن القول إن كيسنجر، فى مواجهته أزمات الشرق الأوسط والملف الإيرانى فى مرحلة ما بعد الحرب الباردة، حاول طرح الحلول السياسية من خلال مبدأ التوازن بين القوى، ولذلك كانت لديه رؤية مختلفة لدور الولايات المتحدة فى العالم، منتقدا منهجية التفرد وأحادية القطب حاول كيسنجر تغليب الواقعية والتوازن على التطرف الأيديولوجى والتفرد دون أن يعارض مبدأ الحرب الاستباقية ككل، ولكنه حاول التنظير لرؤية واقعية تلاقى بين استقرار النظام الدولى وبين التفرد والقيام بحروب استباقية ضد التهديدات المحتملة ثم تطرق الكاتب لعرض رؤية بريجنسكى للدور الأمريكى بعد الحرب الباردة، هذه الرؤية الواقعة على طرف النقيض مع رؤية المحافظين الجدد وينبع اختلاف بريجنسكى عن المحافظين الجدد من تناقض بين المنهجية الكلاسيكية التى اتبعها وبين المنهجية الثورية التغيرية التى حاول المحافظون فرضها على صناعة القرار فى السياسة الخارجية وقد انتقد بريجنسكى مفهوم الإرهاب الذى اعتمدته إدارة بوش كشعار للحرب التى خاضتها لمنع القوى الصاعدة من الوصول إلى منابع الطاقة وقد حذر بريجنسكى من إعلان أن الحرب ضد الإرهاب تساوى الحرب على الإسلام، موضحا أن هذا سيخلق مخاطر على صعيد رد فعل العالم الإسلامى، تتمثل فى كراهية هائلة للولايات المتحدة مؤكدا أن قلب الأزمة التى خلقتها أيديولوجيات المحافظين الجدد يتجلى فى حالة العزلة التى جلبتها الولايات المتحدة لنفسها عن طريق تفردها وقد تعرض بريجنسكى بالنقد لمشروع نشر الديمقراطية على أساس أنه لا يلائم المرحلة التاريخية القائمة التى تتميز باليقظة السياسية للشعوب فالديمقراطية كان يمكن أن تكون حلا لفاقدى العدالة الاجتماعية فى العصر الأرستقراطى، لكن من غير الممكن أن تكون الحل فى عصر اليقظة السياسية ومن ناحية أخرى، ينتقد بريجنسكى رؤية المحافظين الجدد للصراع مع الإسلام، ويرى أن سياستهم تعانى من خلل فى رؤية تفاعل الواقع معها ورد فعل الأطراف الأخرى، فيقول ـ إن منهجية المحافظين الجدد، التى تمتلك إسرائيل مثيلاتها فى بنيتها السياسية هى شديدة الضرر للولايات المتحدة وخطيرة جدا على إسرائيل لقد حولت هذه المنهجية الأغلبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط إلى موقع العداء للولايات المتحدة وإذا استمرت الإدارة فى إتباع سياسات المحافظين الجدد، فإن الولايات المتحدة ستطرد من المنطقة وسيكون هذا إيذانا ببداية نهاية إسرائيل كذلك ـ مستشهدا فى ذلك بدروس العراق وإيران، فالمشروع الأمريكى فى العراق الذى أثر بالسلب على الولايات المتحدة على المستويين الإقليمى والدولى فالانعكاسات الأولية للأزمة العراقية كانت إلى الداخل الأمريكى، حيث أثرت فى العلاقة بين الجمهور والسلطة وفى قدرة الأخيرة على الإقناع والتوجيه، وجعلت الولايات المتحدة بلدا أقل أمنا حيث أوجدت أعداء جددا، وأصبحت نسبة العدائية تجاه الولايات المتحدة عالية على الساحة العالمية وقد رأى بريجنسكى فى الحرب على إيران مدخلا لمستنقع جديد أكثر اتساعا وعمقا من العراق، واعتبر أن الولايات المتحدة تعانى من مشكلة فهم إيران ودورها الإقليمى ودينامياتها الخارجية بسبب غيابها لوقت طويل عن التواصل مع إيران والوجود داخلها وأكد بريجنسكى أنه على المدى البعيد، ستكمن مصلحة الولايات المتحدة فى تحقيق الاستقرار فى الخليج عبر إشراك إيران فى مفاوضات مع جيرانها للتوصل إلى إنشاء منظمة تضمن التعاون الإقليمى والاستقرار والأمن للشرق الأوسط طرح بريجنسكى رؤيته للحل ضمن استراتيجية أمريكية من المفاوضات الجادة وليس الشعارات ويطرح سيناريوهات الجزرة، والعصا وليس العصا والجزرة، حيث تقع الأولوية للمحفزات على العقوبات والتهديد، وإجراء مفاوضات فى قضايا الاستثمارات الأمريكية فى إيران مع أطراف اقتصادية إيرانية من أجل التخفيف من أحادية التيار الدينى فى السلطة، عبر تقوية القطاعات الخاصة وتقوية موقع الطبقة الوسطى فى البلاد، وإيجاد فرصة لتصدير القيم الأمريكية إلى الداخل الإيرانى يعتقد بريجنسكى أن على الولايات المتحدة أن تختار بين القيادة والهيمنة، حيث يرى أن مغامرة المحافظين الجدد بتلقف فرصة مرحلة أحادية القطب عقب الحرب الباردة، والدخول فى مشروع السيطرة على موارد النفط فى العالم بشكل كامل، كخطوة أولى للسيطرة على الاقتصاد العالمى ـ هذه المغامرة أدخلت الولايات المتحدة فى نفق العزلة، وبالتالى فإن اتخاذ الولايات المتحدة لموقع المهيمن على الاقتصاد العالمى سيضر بسياستها الخارجية، الأمر الذى يمكن تفاديه عبر اتخاذ الولايات المتحدة لصفة القيادة والتخلى عن طموحات الهيمنة غير الواقعية وقد كانت هذه الرؤية موضوع كتابه ـ الاختيار ـ ويرى بريجنسكى أنه لابد للولايات المتحدة فى عالم ما بعد الحرب الباردة من رسم خريطة علاقات مع القوى الكبرى الأساسية على أساس الحفاظ على موقع الولايات المتحدة لمنع تشكيل استقطابات معادية وتخفيف وطأة ضغوطها إذا وجدت.
أولا ـ العلاقات مع الصين:
هذه العلاقة ينبغى مقاربتها على مستويين، هما الاحتواء الاقتصادى، والتقليل من الهواجس فأى انكسار فى هذه العلاقة سيؤدى إلى انهيار دراماتيكى لتدفق رءوس الأموال الخارجية.
ثانيا ـ العلاقات مع روسيا:
اهتم بريجنسكى بالتنظير للشراكة معها، نظرا لما تمثله من قوة ذات نفوذ فى أوراسيا ولثقلها الاقتصادى العالمى، فهى تضم أكبر مخزون غاز فى العالم.
ثالثا ـ العلاقات مع أوروبا:
رأى بريجنسكى دوما فى أوروبا شريكا ضروريا للولايات المتحدة فى عالم ما بعد الحرب الباردة، حيث تحتاج الولايات المتحدة لشريك ناضج فى أوراسيا ومن ناحية أخرى، يرى أن دخول الولايات المتحدة الحرب ضد العالم الإسلامى سيولد انكسارا فى العلاقة مع أوروبا التى تضم بين جوانبها الجغرافية والديموغرافية أقلية سريعة التنامى من السكان المسلمين ويختم الكاتب مؤلفه بمجموعة من الاستنتاجات، هى:
1 ـ إن الصراع بين مدرسة المحافظين الجدد والداعين إلى الهيمنة الأمريكية من جهة وبين المدرسة الواقعية والداعين إلى القيادة الأمريكية من جهة أخرى سيستمر خلال عهد الرئيس الأمريكى المقبل، الذى سيكون ديمقراطيا فى الغالب.
2 ـ ستحاول قوى وشخصيات أمريكية رسم استراتيجية جديدة لعصر ما بعد حرب العراق، تقع فى مكان وسط بين المدرستين، وتهدف إلى إعادة ترميم المصداقية الأمريكية، أو ـ بكلام آخر ـ الموقع الأمريكى الفريد، الذى ينبغى أن يجنح نحو قيادة العالم لا الهيمنة عليه، بحسب بريجنسكى وكيسنجر.
3 ـ سيستمر استعمال الشعارات والمقولات الدينية ـ بشكل أو بآخر ـ لتحصيل تأييد التيار الإنجيلى البالغ التأثير فى الولايات المتحدة، دون أن يكون ذلك بالضرورة داعيا إلى رسم سياسة خارجية فى إطار دينى، كما حصل فى عهد بوش الابن.
4 ـ ستتم فى المرحلة المقبلة عملية إعادة نظر شاملة فى موقع رئيس الولايات المتحدة ودوره فى السياسة الخارجية، كما ستظهر نظريات ورؤى جديدة على مستوى فلسفة القيادة الأمريكية للعالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق