الخميس، 2 مايو 2013

في جريدة القدس العربي : قصيدتان* سعدي يوسف

قصيدتان*

سعدي يوسف

محكمة عسكرية
خمسون مرّتْ منذُ أن أدخلتَني ، بـــــ ‘ معسكرِ التاجيّ ‘ في بغداد
مغلولاً
ومرتعشاً
أُحاكَمُ …
كان حكّامي الثلاثةُ ، مثل ما قرّرتَ ، ضبّاطاً
وكانوا يلمعونَ
نظافةً
وقيافةً …
أمّا أنا ، المغلولُ والـمُضنى ، فقد كنتُ الأسيرَ
وكان حرّاسي الذين تناوبوا ضربي اختفَوا …
وحدي مع الضبّاط !
لم أكُ خائفاً ؛ لَكأنَّ طيراً كان ينقرُ جبهتي ويقولُ :
إرفعْ رأسَكَ !
الرجُلُ الذي هوَ مَن ستحيا : وقفةٌ !
أرجوكَ
إرفعْ رأسَكَ …
الشعراءُ والأشجارُ أعلى !

طنجة 24.04.2013

May Day in Morisplaz-Berlin

أوّل أيّار في موريس بلاتسه ( برلين )
قالت لي جْوانُ :
الليلةَ نســهرُ حتى منتصفِ الليلِ
فقد نلقى ســاحرةً في عَتْمةِ منعطَفٍ …
( لَـيلَـتُهُنَّ’ ! )
وفي الصبحِ
الصبحِ العالي
سنسيرُ إلى ساحة موريسَ’ ، لننضمَّ إلى العمّالِ
ونهتفَ تحت الراياتِ الحمراءِ …
…………………….
…………………….
…………………….
كان الليلُ عجيباً في برلينَ الشرقيةِ
( لا أسهرُ في الغربيةِ )
كان الليلُ شــوارعَ من موسيقى الجازِ
وأنهاراً’ لقناني البيرةِ .
أغلقت الشرطةُ بضعةَ أحياءٍ .
( كان مئاتٌ من شرطةِ منْعِ الشغَبِ انتشــروا …)
قلتُ :
جْوانْ’ …
إنْ كان الليلُ عنيفاً هذا العنفَ ، فكيف، إذاً ، سيكونُ الصبحُ ؟
……………………..
……………………..
……………………..
الراياتُ الـحُمْــرُ ، الراياتُ الخفّاقةُ ، راياتُ الأيّامِ الذّهَبِ
التأسيسِ ، وكارل ماركس ، وإرنَسْتْ تَلْــمان ، بْرَيْخْت ،
الكابارَيت . الراياتُ المرفوعـةُ أعلى من أبراجِ الكاثدرائياتِ
وأعلى من تاريخِ التاريخِ . الراياتُ الدفّاقةُ في كلِ ذراعٍ شُهُباً.
تلك الراياتُ سنشهدُها ، صبحاً في الساحـةِ ، آنَ نُفِيــقُ !
*
كان الوقتُ ضحىً . بُرْجُ الساعةِ لم يشهدْ بَعدُ مواعيدَ العشّاقِ.
أَمْ أن الناسَ ، جميعاً ، في الساحةِ حيث مُظاهرةُ الأوّلِ من أيّارَ؟
وفي هذا العامِ التاسعِ بعدَ الألفَينِ ، القلعةُ تهتزُّ . العمّالُ بلا عملٍ.
سيكونُ الناسُ جميعاً في الساحةِ !
أمواجُ بَيارقِنا
وهديرُ حناجرِنا
في الساحةِ …
*
سيّاراتُ الشّــرْطةِ ، ساكنةٌ . لا صوتَ ، ولا شــرْطةَ .
والساحةُ ( أعني موريس بلاتسهْ ) بَدَتْ فارغةً إلاّ من متسكِّعةٍ
‘أفرادٍ. أحسستُ بأني في غيرِ مكاني . قلتُ : جْوان … أنحْنُ
وصلْــنا؟
‘قالت: طبعاً !
*
عجباً !
حتى التركيُّ
الكرديُّ التركيُّ
استبدلَ بالبيرقِ ، دكّانَ كَبابٍ !
لا مطرقةُ ستالينَ’ ، ولا منجلُ ماو …
العمّالُ الألمانُ يعومون ، سعيدينَ ، بأنهارِ البيرةِ ،
ثمّتَ شمسٌ ساخنةٌ
والفتياتُ تمدّدنَ على العشبِ . 

 لندن *29.05.2009http://www.alquds.co.uk/?p=39692

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة

زقورة عقرقوف من المعابد العراقية في العصور القديمة وهذه صورة للزقورة وفيها مكان للمعابد العراقية وترتفع بالانسان المتعبد الى الاعلى حيث السم...