قصيدتان*
سعدي يوسف
محكمة عسكرية
خمسون مرّتْ منذُ أن أدخلتَني ، بـــــ ‘ معسكرِ التاجيّ ‘ في بغداد
مغلولاً
ومرتعشاً
أُحاكَمُ …
كان حكّامي الثلاثةُ ، مثل ما قرّرتَ ، ضبّاطاً
وكانوا يلمعونَ
نظافةً
وقيافةً …
أمّا أنا ، المغلولُ والـمُضنى ، فقد كنتُ الأسيرَ
وكان حرّاسي الذين تناوبوا ضربي اختفَوا …
وحدي مع الضبّاط !
لم أكُ خائفاً ؛ لَكأنَّ طيراً كان ينقرُ جبهتي ويقولُ :
إرفعْ رأسَكَ !
الرجُلُ الذي هوَ مَن ستحيا : وقفةٌ !
أرجوكَ
إرفعْ رأسَكَ …
الشعراءُ والأشجارُ أعلى !
طنجة 24.04.2013
May Day in Morisplaz-Berlin
أوّل أيّار في موريس بلاتسه ( برلين )
قالت لي جْوانُ :
الليلةَ نســهرُ حتى منتصفِ الليلِ
فقد نلقى ســاحرةً في عَتْمةِ منعطَفٍ …
( لَـيلَـتُهُنَّ’ ! )
وفي الصبحِ
الصبحِ العالي
سنسيرُ إلى ساحة موريسَ’ ، لننضمَّ إلى العمّالِ
ونهتفَ تحت الراياتِ الحمراءِ …
…………………….
…………………….
…………………….
كان الليلُ عجيباً في برلينَ الشرقيةِ
( لا أسهرُ في الغربيةِ )
كان الليلُ شــوارعَ من موسيقى الجازِ
وأنهاراً’ لقناني البيرةِ .
أغلقت الشرطةُ بضعةَ أحياءٍ .
( كان مئاتٌ من شرطةِ منْعِ الشغَبِ انتشــروا …)
قلتُ :
جْوانْ’ …
إنْ كان الليلُ عنيفاً هذا العنفَ ، فكيف، إذاً ، سيكونُ الصبحُ ؟
……………………..
……………………..
……………………..
الراياتُ الـحُمْــرُ ، الراياتُ الخفّاقةُ ، راياتُ الأيّامِ الذّهَبِ
التأسيسِ ، وكارل ماركس ، وإرنَسْتْ تَلْــمان ، بْرَيْخْت ،
الكابارَيت . الراياتُ المرفوعـةُ أعلى من أبراجِ الكاثدرائياتِ
وأعلى من تاريخِ التاريخِ . الراياتُ الدفّاقةُ في كلِ ذراعٍ شُهُباً.
تلك الراياتُ سنشهدُها ، صبحاً في الساحـةِ ، آنَ نُفِيــقُ !
*
كان الوقتُ ضحىً . بُرْجُ الساعةِ لم يشهدْ بَعدُ مواعيدَ العشّاقِ.
أَمْ أن الناسَ ، جميعاً ، في الساحةِ حيث مُظاهرةُ الأوّلِ من أيّارَ؟
وفي هذا العامِ التاسعِ بعدَ الألفَينِ ، القلعةُ تهتزُّ . العمّالُ بلا عملٍ.
سيكونُ الناسُ جميعاً في الساحةِ !
أمواجُ بَيارقِنا
وهديرُ حناجرِنا
في الساحةِ …
*
سيّاراتُ الشّــرْطةِ ، ساكنةٌ . لا صوتَ ، ولا شــرْطةَ .
والساحةُ ( أعني موريس بلاتسهْ ) بَدَتْ فارغةً إلاّ من متسكِّعةٍ
‘أفرادٍ. أحسستُ بأني في غيرِ مكاني . قلتُ : جْوان … أنحْنُ
وصلْــنا؟
‘قالت: طبعاً !
*
عجباً !
حتى التركيُّ
الكرديُّ التركيُّ
استبدلَ بالبيرقِ ، دكّانَ كَبابٍ !
لا مطرقةُ ستالينَ’ ، ولا منجلُ ماو …
العمّالُ الألمانُ يعومون ، سعيدينَ ، بأنهارِ البيرةِ ،
ثمّتَ شمسٌ ساخنةٌ
والفتياتُ تمدّدنَ على العشبِ .
لندن *29.05.2009http://www.alquds.co.uk/?p=39692
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق