الثلاثاء، 15 مارس 2022

الحلاقة والحلاقون في الموصل بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

 

                                                            ابوب ابو صابر اقدم حلاقي الموصل 


الحلاقة والحلاقون في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

ولقد سبق ان كتبت عن حلاقي الموصل وقدمت حلقة من برنامجي ( موصليات) والذي اقدمه من على قناة (الموصلية ) الفضائية عن حلاقي الموصل ورابط ما قدمته هو التالي : https://www.youtube.com/watch?v=aA4gte04SGY

واليوم اريد ان اتحدث عن مهنة الحلاقة باعتبارها من المهن العريقة في الموصل وكانت ولاتزال تتطور حسب الزمن . والحلاق هو من يحلق الشعر ومهنة الحلاقة مهنة محترمة ومقدسة لها مكانتها في المجتمع العربي والاسلامي والامام علي بن ابي طالب عليه السلام ورضي الله عنه مارس الحلاقة وما يُعطى للحلاق كما دائما اقول لايعتبر اجورا بل مكافأة فالحلاق ينتظر من الزبون ان يكرمه . والحلاق معروف في المحلة وكان في كل محلة في الموصل حلاق او حلاقين او اكثر حسب سعة المحلة واتذكر عندما كنت طفلا في الاربعينات من القرن الماضي وكنا في محلة رأس الكور كان هناك اسمه جاسم يعمل ايضا في المستشفى الملكي (الجمهوري لاحقا) وحلاق اخر اسمه ذنون  اللولجي في شارع المكاوي فضلا عن الحلاق فاضل الصوفي في سوق الشعارين  والحلاق ايوب ابو صابر في شارع النجفي  .

والحلاق وجه اجتماعي وله خبرة برجالات المحلة والحلاق ايضا كان يقوم مقام المضمد واحيانا يمارس الجراحة البسيطة وخاصة  جراحة الدمامل والقروح والحروق بواسطة المراهم والدهونات الخاصة او من خلال  استخدام (دودة العلق) التي تقوم بامتصاص الدم حتى ينتهي ودودة العلق تربى في قناني من الفخار او الزجاج وقد اشار اليها الاخ الدكتور ذنون الطائي في كتابه ( مهن وحرف موصلية قديمة) وكان الحلاق ايضا يعالج التهاب العين كما كان يقوم بختان الاطفال وقلع الاسنان .

الحلاقة يقينا ارتبطت بالنظافة والموصليون مهووسون بالنظافة وكثيرا ما يذهبون الى  صالون الحلاقة في مناسبات معينة وفي اوقات محددة وطبعا منها ايام الاعياد ومناسبات الزواج والحلاق سابقا كان يقتصر على حلاقة الرأس او تشذيب اللحية لكن اليوم تطورت الى غسل الشعر وقصه بطرق مختلفة ووفق موديلات معروفة ومشهورة في العالم .وقد ادركت عددا من الحلاقين في الاربعينات يعملون كحلاقين متجولين . ولدي قائمة بأسماء صالونات الحلاقة في بعض محلات واحياء الموصل ومنها  حلاقة مجيد بربر وحلاقة محمد نوري وحلاقة الرياحين وحلاقة الخيام  وحلاقة انور وحلاقة الصوفي وحلاقة ابو عبد الله  وحلاقة سالم وحلاقة بشير توفيق وحلاقة جاسم وحلاقة رشيد حسن النعيمي وحلاقة عبد المنعم في باب البيض  وحلاقة الامير وغير ذلك من صالونات الحلاقة .

وتنتشر اليوم  اقصد عن كتابة هذه السطور 2018 صالونات الحلاقة للنساء منها صالون حلاقة رموش للسيدات وصالون حلاقة صالون ساڤو بيوتي Savoo beauty salon  في حي الفارابي (حي الرفاق سابقا) في الموصل ، وصالون حلاقة صالون نوفيا بيوتي _ novia beauty salon في حي المهندسين . وثمة اليوم مؤسسات واكاديميات لتعليم الحلاقة وفق احدث الاسس الفنية .

ولايستطيع احدنا ان يستغني عن الحلاق فقد يعوده كل شهر مرة واليوم الشباب يرتادون الحلاقين اكثر من مرة في الشهر بسبب موديلات قص الشعر وهم يقلدون الفنانين والممثلين وغيرهم في نوعية قصات الشعر وعلى الحلاق ان يتطور ليواكب متغيرات المودة مودة قصات الشعر واليوم هناك صالونات لحلاقة الرجال وصالونات النساء .

اعود لاقول انني ومنذ سنوات اشرفت على اطروحة دكتوراه في جامعة الموصل قدمها الاخ الدكتور نمير طه ياسين الصائغ بعنوان ( الاصناف والتنظيمات المهنية في الموصل منذ اواخر القرن 19 حتى عام 1958) وفيها تحدث عن قيام عدد من حلاقي الموصل بتشكيل جمعية للحلاقين في الموصل سنة 1930 وكان وراء ذلك شيخ صنف الحلاقين في الموصل السيد نجم بن سيد حمو وكان مختارا لمحلة القنطرة وهو من مواليد سنة 1888 وابنه السيد عاصم حلاق في باب العراق ورث مهنته وقد تأسست الجمعية وكان هدفها ترقية مهنة الحلاقة وتحسين خدمتها للمواطنين والحلاق كان يجاز من قبل دائرة الصحة ويلزم بمراعاة النظافة والوقاية واستخدام المطهرات  وارتداء الصدرية  وكان على كل كرسي اضافي رسوم اضافية كما كان للافتة لافتة الحلاق ايضا رسوم  .

وكان  لجمعية الحلاقين مقر في شارع الملك فيصل الاول وهو شارع العدالة الان وقد كان لها دورها المهني والاجتماعي والوطني وقد وجدت قائمة باسماء الحلاقين تقول ان عددهم في الخمسينات من القرن الماضي كان بحدود ال (400) حلاق في الموصل وفي الدليل الرسمي العراقي للسنة 1936 اسماء عدد من الحلاقين منهم ابراهيم عمر وسيروب زادويان وعبد القادر فتحي ومحمد بكر ومحمد عبد الرحمن ويوسف حنا في شارع غازي وابراهيم محمد علي واسماعيل الحلاق وحسين سلطان وخطاب حسين وفرج علي في شارع حلب وسلطان داؤد في شارع النجفي ومهران مارتوز وكيرام ارتين  وغزال عبد الرحمن في شارع الملك فيصل الاول .وكان الحلاق مهران مارتوز حلاقا للنساء ايضا وخلفه تلميذه محمد نوري في الخمسينات .

لدي اسماء عدد من الحلاقين وقسم كبير منهم اعرفهم شخصيا وكنت احلق عندهم منهم الحلاق الحاج محمد صبري حسين  1929- 2012 في باب العراق والحلاق سالم جرجيس ابو داؤد وهو من اقدم الحلاقين في محلة الباب الجديد .

ادوات الحلاق بسيطة او كانت بسيطة والان دخلت مكائن الحلاقة وتعمل بالكهرباء – الشحن وهناك المقص وفيه انواع والفرش والكريمات ومواد التطهير وامواس الحلاقة الجاهزة وسابقا كان الحلاق يستخدم نوع من الجلد لإبقاء موس الحلاقة جاهزا للاستعمال وكرسي الحلاق دوار وهناك اليوم صالونات جميلة في حين كانت في زماننا في الاربعينات والخمسينات بسيطة ومتواضعة تحياتي لكل الحلاقين وتمنياتي لهم بالتوفيق والتقدم .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق