الخميس، 3 مارس 2022

مدافن العظماء في الموصل

                                                                      مرقد الشيخ قضيب البان 



مدافن العظماء في الموصل

ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

وقد يستغرب البعض من أن هناك في الموصل ( مدافن للعظماء ) من الادباء والشعراء والمحدثين والمؤرخين والفنانين ..نعم كانت في مدينة الموصل مدافن للعظماء أدركت بعضها ولم ادرك البعض الاخر .ومما لم أدركه ، أدركه اخي  الاستاذ يوسف ذنون الكاتب والباحث وشيخ الخطاطين الموصليين رحمة الله عليه وطيب ثراه  .فلقد  تناولنا هذا الموضوع اكثر من مرة ، ومما قاله واكده ان الموصل تضم مدافن لعظماء موصليين لكن للاسف هذه المدافن طُمرت وقسم منها تعمد المقاولون الذين كانوا قد تولوا انشاء بعض المباني في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي تحطيمها قبل ن تأتي دائرة الاثار وتمنعهم من اكمال العمل ومثل هذا حدث مثلا عندما كانوا يعملون في بناء ملعب الادارة المحلية أو ملعب قضيب البان سنة 1945 أو حتى عندما هدموا السور في الثلاثينات وفتحوا الشوارع في الاربعينات من القرن الماضي .

الذي اريد ان اقوله وانا اتحدث عن مدافن العظماء في الموصل ان لدينا اكثر من مدفن ومن ذلك ما كان يسمى في المصادر التاريخية (تربة غسان ) او مقبرة غسان  وسميت كذلك نسبة غسان بن الربيع الازدي الموصلي المتوفى سنة 229 هجرية وهو مدفون فيها . وفي هذه المقبرة دفن الفقيه يونس بن منعة المتوفى سنة 576 هجرية- 1181 ميلادية .  كما ان ابنه علامة عصره كمال الدين المتوفى سنة 639 -   1242 ميلادية مدفون في هذه التربة ايضا .وفي سنة 1970 رفعت القبور من هذه المقبرة وتأسست فوقها مدرسة .

كما في الموصل تربة تسمى ب( تربة العناز)  اي مدفن العناز التي دفن فيها كثير من عظماء الموصل منهم الشيخ رضي الدين ابو الفتح يونس وهو العلامة القطب اللوذعي الزاهد العابد هكذا تحدث عنه المؤرخ احمد بن الخياط الموصلي المتوفي سنة 1780 في كتابه (ترجمة الاولياء في الموصل الحدباء ) وقال انه درس في المدارس الزينية والنفيسية والعلائية وقد فوضت اليه جميع الاوقاف في الموصل وكان في غاية الورع والزهد توفي  سنة 576 هجرية -1181 ميلادية ،وقبره في مقبرة العناز يزار ويسميه العامة الشيخ يوسف رحمة الله عليه .

واذكر بأن الشيخ العناز رضي الله عنه كان من كبار الاولياء في الموصل توفي قبل سنة 500 للهجرة - 1107 ميلادية .  وله كرامات كثيرة مشهورة كما يقول صاحب كتاب ( ترجمة الاولياء ) كان الناس يزورونه ويتبركون به ويقصده اصحاب الحاجات والامراض والعاهات والنكبات فتضى حوائجهم بإذن الله تعالى وجاء في كتاب (منهل الاولياء ومشرب الاصفياء في سادات الموصل الحدباء ) للمؤرخ محمد امين العمري انه كان مكتوبا على قبره ان هذ قبر الشيخ الصالح العناز بن حماد المدني الثابي موقف هذه الجبانة توفي سنة 197 هجرية -813 ميلادية ، وظهر في صفر سنة 562 هجرية  1167 ميلادية تقبل الله منه وجدده الفقير الى رحمة الله تعالى محمد بن ابي طالب العلوي في شعبان سنة 605 هجرية – 1209 ميلادية  وجدد النقش سعد الدين بن سنبك دزدار قلعة الموصل سنة 657 هجرية – 1259 ميلادية .

وكما هو معروف فإن  تربة غسان خارج باب العراق كانت قريبة من تربة العناز كما يؤكد ذلك المؤرخ ابن خلكان في كتابه ( وفيات الاعيان ) وفي تربة غسان دفن كمال الدين بن يونس .وهناك مدافن قريش القريبة من جامع النبي جرجيس .كما كانت في محلة رأس الكور وقريبا من المسجد الجامع في الكوازين مقبرة الجامع العتيق  او الصحراء والذي يسمى اليوم بجامع  المصفي نسبة الى مجدده محمد مصفي الذهب القريب من (الزقاق الطويل ) المؤدي الى الميدان .

ولدينا مدافن  الباب العمادي  وهي تقع ظاهر الباب العمادي عند البارودخانة ومطبعة الجامعة في شارع ابن الاثير وتجاور مشهد بنجة علي وقد اتخذها الجيش العثماني مقبرة لجنوده خلال الحرب العالمية الاولى وسموها (مقبرة الشهداء ) وهناك (مدافن  الجصاصين)  ولدينا ( مدافن المعافى بن عمران الموصلي ) المتوفى سنة 185 هجرية -801 ميلادية ، وهذه المدافن كانت اكبر مقبرة في مدينة الموصل وتبدأ من محلة حمام المنقوشة وتغطي مساحة محلة المشاهدة جميعها تقريبا وتتجاوز سور الموصل ومن بقاياها القبور التي حول الامام الباهر ومن ثم امتداداتها حيث بقية مدافن الشيخ منصور والشيخ ابراهيم والشيخ عامر وغيرعهم وهذه المدافن تمتد الى جامع قضيب البان ابي عبد الله الحسين 471-573 هجرية الذي دفن فيها .

وفي الجزء الذي صار يعرف بمقبرة الشيخ قضيب البان وهو الجزء الذي يقع خارج السور الاتابكي الذي بني سنة 527 هجرية .

وفي هذا الجزء دُفن معظم علماء الموصل واعلامها المشهورين في العهد الاتابكي ( 521هجرية -660 هجرية ) ، وما بعده امثال :

1.   ابن الدهان الموصلي المتوفى سنة 569

2. محمد بن القاضي

3. كمال الدين الشهرزوري المتوفى سنة 610 هجرية

4. الطبيب ابن هبل المتوفى سنة 630 هجرية

5. محمد بن ابي العز الوراق الموصلي المحدث المتوفي سنة 727 هجرية .

6. عز الدين بن الاثير محمد بن عبد الكريم الشيباني  المؤرخ الموصلي الكبير .

الذي اريد ان اقوله ان قبر المؤرخ ابن الاثير هو وحده من نجا من التدمير خلال تسوية الاراضي في المنطقة الواقعة بين رأس الجادة وباب  سنجار وذلك بفضل المؤرخ الموصلي الكبير استاذ احمد الصوفي المعروف بكتبه عن الموصل وكان يعمل في دائرة الاثار انذاك  لكن للاسف الشديد وفي ضور خشيته من ان تسرق شواهد مدفن المؤرخ عز الدين بن الاثير قام بنقل الشواهد الاصلية الى دائرة الاثار في بغداد ورتبت للضريح شواهد جديدة  لكن حتى هذه الشواهد لم تسلم من ايدي عناصر داعش الذين جرفوها مع الضريح والقبة التي عليه وساووها بالارض .

هذه قصة بعض مدافن العظماء في الموصل رويتها لكم لتحكي مقصة ما تعرضت له اثارنا وتراثنا الذي لايزال للاسف الشديد عرضة للنسيان والاهمال والتخريب .

___________________________________

*قدمتها ايضا حلقة من برنامجي التلفزيوني (موصليات ) من على قناة ( الموصلية) الفضائية 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق