الملك فيصل الاول والموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
والملك فيصل الاول ملك العراق الاول والاسبق ،
حكم العراق بين سنتي 1921و1933 . وهو ابن الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى
خلال الحرب العالمية الاولى 1914-1916 .دعا الى استقلال العرب وبناء دولتهم
المستقلة عن العثمانيين ، وعاونه الانكليز في الثورة التي فجرها سنة 1916 ، وتقدم الجيش العربي وحرر
دمشق وظهرت بعد الحرب العالمية الاولى المملكة الحجازية 1916-1925
والمملكة السورية المتحدة في دمشق 1918-1920
الاولى قضى عليها السعوديون سنة 1925 ، والثانية قضى عليها الفرنسيون في معركة
ميسلون 1920 وخرج الملك فيصل وكان ملكا على سوريا الى اوربا يدافع عن القضية العربية
وجرت مساومات وتسويات وتفاهمات واستجاب مؤتمر القاهرة 1921 الذي حضره عدد من
الدبلوماسيين البريطانيين وعدد من رجالات العراق ومنهم الفريق جعفر العسكري ، وساسون
حسقيل ممثل بغداد في البرلمان العثماني وكان يسمى ( مجلس المبعوثان ) لما كان
يطلبه العراقيون من خلال المؤتمر العراقي الذي انعقد في دمشق في اذار 1920 فأوصوا
بترشيح فيصل ملكا على العراق وتمت مبايعته من قبل العراقيين وتوج في 23 اب سنة 1921 ملكا على العراق .
كان الملك فيصل قائدا حكيما ، وملكا نبيلا ، وسياسيا
محنكا استطاع استيعاب كل تناقضات المجتمع العراقي ، وخلق الالفة بين العراقيين ، وقضى
على كل ما كان يعكر صفو حياتهم ، وبنى الدولة العراقية انه باني كيان العراق ومؤسس
دولته الحديثة .
ولعل مما نجح فيه انهاء مشكلة الموصل التي
طالبت بها تركيا وانتهى الامر بقرار لجنة
عصبة الامم بصيرورتها جزءا من الدولة العراقية الحديثة وعقد اتفاقية 1926 مع تركيا
ووضع خط بروكسل الذي حدد الحدود بشكل نهائي انهى مشكلة الموصل الى الابد .
الملك فيصل بذل جهودا جبارة من اجل ان يتحقق
هذا الهدف الوطني والسامي الكبير . والعلاقة بين الموصل والملك فيصل ليست جديدة
وانما تعود الى ايام الثورة العربية 1916 ‘ فهناك علاقات وثيقة بين فيصل والضباط
الموصليين الذين كانوا يخدمون في الجيش العثماني وبعد ذلك في الجيش العربي الفيصلي
ومنهم علي جودت الايوبي وجميل المدفعي
.فضلا عن عدد من السياسيين الموصلين الذين كانوا مقربين منه امثال ابراهيم كمال
ومكي الشربتي .وكل هؤلاء وغيرهم عاونوا فيصلا
في تحرير اجزاء من العراق خلال الثورة الكبرى
التي ابتدأت في تلعفر يوم 4 حزيران
1920 وامتدت لتبلغ ذروتها في الرميثة يوم 30 حزيران 1920 .
وكان من نتائجها ان تخلى الانكليز عن فكرة
حكم العراق حكما مباشرا والتفكير بأن يتولى احد انجال الشريف الحسين حكم العراق
بناء على طلب العراقيين .
وبعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة وتعرضها
للحركات العسكرية الكمالية التي استهدفت اجزاء من ولاية الموصل ، كان فيصل يعرف
جيدا كيف يوقف تلك العمليات العسكرية التي كان يقودها ضابط تركي اسمه ( اوزدمير ) وعند
البيعة تشكل وفد كبير من الموصل سافر الى بغداد وهنأ الملك فيصل .
كان الملك فيصل يعتبر الموصل واقصد هنا ولاية
الموصل التي كانت تضم الوية الموصل وكركوك والسليمانية واربيل ( رأس العراق ) .
كان يقول الموصل رأس العراق واذا انقطع
الرأس اي اذا فصلت ولاية الموصل عن العراق اصبح العراق جسما ميتا لاروح فيه .
لذلك كان يحث على ضرورة ان تكون الموصل
عراقية .
بعد ترشيح فيصل ملكا على العراق ووصوله الى بغداد في 29 حزيران سنة 1921 عقدت النخب المثقفة الموصلية اجتماعا في بهو بلدية
الموصل يوم 22 حزيران 1920 واسفر الاجتماع
عن الاتفاق على ارسال وفد كبير من رجالات الموصل منهم عثمان الديوه جي والدكتورداؤد الجلبي والسيد
محمد حبيب العبيدي وخير الدين العمري والشيخ عبد الله النعمة ومصطفى الصابونجي ،وعبد
العزيز عبد النور، وناظم المفتي ، وعلي خير الدين الامام وناظم العمري والدكتور حنا خياط وغيرهم لمقابلة الملك فيصل
في بغداد .
وقد استقبل الملك فيصل الاول الوفد الموصلي
والقى بينهم كلمة قدم فيها رؤاه وتصوراته السياسية بخصوص العلاقات مع تركيا
وبريطانيا الدولة المنتدبة على العراق
.كما تحدث عن مهامه في الحفاظ على وحدة العراق والنضال من اجل استقلاله .ودعاهم
للوحدة والتكاتف .
وذكر الوفد الموصلي بسنين الظلم والتخلف
والجهل التي عاشوها ضمن الدولة العثمانية وخاصة بعد سيطرة حزب الاتحاد والترقي سنة 1908 وخلع السلطان
العثماني عبد الحميد الثاني 1876-1909 .
ثم قال لهم ان الحكومة البريطانية جنحت الى
سياستها الرشيدة وعزمت كل العزم على الوفاء بوعودها التي ضربتها لوالده الشريف
حسين خلال الحرب العظمى لتتخذ لها من الشعب العربي حليفا صادقا في الشرق الاوسط
واضاف يقول : " إن ما وقع بيني وبين الفرنسيين من الحوادث المؤلمة قد اضطرني
الى مثابرة جهادي في سبيل هذه المهمة التي قمنا لاجلها في قطر عربي اخر .ولما كان
العراق يهمنا ويهم العرب جميعا انتدبني والدي بناءا على رغبة العراقيين للقيام
بهذه المهمة الخطيرة واطمئنكم ان العراق لايعيش
إلا مستقلا له حكومة دستورية ملكية تمثيلية خالية من كل الشوائب ..." .
وقد تحدثت عن هذا الوفد وما فعله في بغداد في
رسالتي للماجستير : (ولاية الموصل :دراسة
في تطوراتها السياسية 1908-1922 ) والتي قدمت الى كلية الاداب –جامعة الموصل 1975
وقلت ان الدكتور داؤد الجلبي وكان عضوا في جمعية العهد العراقي نشر
مقالا في جريدة الموصل (عدد 8 تموز 1921 )
بعنوان ( احساساتي في بغداد ) نفى فيه ان
يكون الوفد قد تألف بإيعاز من بغداد وقال : " ...ولذا يسرني اتحاد كلمة الامة
في الموصل كما في سائر البلاد العراقية على ان تكون حكومة بلادنا ملوكية يرأسها
فرع سلالة ذلك النبي العظيم ... كما
يسرني نبذ ذلك الخيال البعيد غير ممكن التحقيق (يقصد عودة الاتراك )
والتمسك بالحقيقة التي نصب اعيننا " .
ومما ينبغي الاشارة اليه ان ( المس كيرترود
لوثيان بل) السكرتيرة الشرقية لدار المندوب السامي البريطاني كتبت
رسالة الى والدها في 23 حزيران 1921 اشارت
فيها بتعجب الى ان مدينة الموصل ارسلت وفدا كبيرا لاستقبال فيصل وقالت ان
نوري السعيد ابلغها ان هذا الوفد يريد اعلان فيصل ملكا على العراق في الحال .
وخلال الاستفتاء او التصويت العام اذي جرى سنة 1921 لتأييد
ترشيح فيصل ملكا على العراق والذي ابتدأ في الموصل يوم 26 تموز 1921صوتت الموصل
لصالح فيصل ونشرت جريدة العراق (البغدادية ) في عددها الصادر في 15 اب سنة 1921
مقالا بعنوان : ( ماذا في الموصل الان ) وبتوقيع مستعار هو (موصلي ) واغلب الظن
انه خير الدين العمري قال فيه : " ان
من يؤيد عودة الاتراك في الموصل نفر قليل
ممن تربوا في نعمتهم وهؤلاء لا اهمية لهم
ولا كلمة
وليس هم من الرجال المعدودين في البلد ..." .
وقد اسفرت نتيجة التصويت لفيصل في العراق عن
(96 % ) من المشتركين انتخبوا فيصلا و(4% ) عارضوه .وقد جاءت النسبة الاخيرة في
الدرجة الاولى من السكان الاتراك والاكراد في كركوك .
وقد ارسلت الموصل وفدا كبيرا للمشاركة في
احتفالات تتويج فيصل ملكا على العراق ضم عددا من وجهاء الموصل ورؤساء الطوائف المختلفة ورؤساء العشائر العربية والكردية
واليزيدية ومن ابرز اعضاء الوفد : مصطفى الصابونجي وضياء بك ال شريف بك
وناظم العمري والسيد عبد الغني النقيب ومن رؤساء الطوائف المسيحية مار شمعون بطريارك
الاثوريين ومار يعقوب اوجين مطران الكلدان والدكتور يحيى سميكة رئيس الصحة في
الموصل ممثلا عن الطائفة اليهودية الموسوية ومن اقضية الموصل كل من الشيخ نور
الدين البريفكاني من رؤساء دهوك ومحمد اغا بن شمدين اغا رئيس عشيرة السليفاني
والسيد عبد الله السيد وهب من رؤساء تلعفر وسليمان اغا رئيس عشيرة الجرجرية وسعيد
بك رئيس الطائفة اليزيدية .
اما العناصر التي كانت تعمل في الحركة
الوطنية في الموصل وخاصة من اعضاء جمعيتي العلم والعد العراقي فقد الفوا من بينهم
وفدا اسموه (وفد الشبيبة الموصلية ) شارك
في احتفالات التتويج في بغداد وكان برئاسة امين الجليلي وعضوية كلا من مولود مخلص
ومصطفى العمري وسليمان فيضي وكان محمد رؤوف الغلامي قد ابرق لهم من الموصل وهم كانوا
في بغداد ان يؤلفوا الوفد على هذا الشكل .
لقد شهدت الموصل يوم التتويج احتفالات كبيرة
.اذ رفع العلم العربي، وعقدت الاجتماعات
العامة والخاصة ولعل من اشهرها الاجتماعان اللذان اشرفت بلدية الموصل عى اولها والشبيبة الموصلية على ثانيهما .
كان احتفال البلدية احتفالا كبيرا حضره
الكولونيل نولدر الحاكم السياسي في الموصل وختم بالهتاف لفيصل .اما اجتماع الشبيبة
الموصلية فعقد في مقهى الحمراء في باب السراي وهو مكان مستأجر اتخذه العاملون في الحركة
الوطنية مقرا لهم في 29 حزيران سنة 1921 . وكتبت عنه جريدة ( لسان العرب )
البغدادية في عددها الصادر يوم 9 ايلول 1921 وقالت ان من حضر الاحتفال رؤساء
الاصناف المهنية والتجار والاعيان والوجهاء والمثقين والقيت كلمات بالمناسبة وكلها
في تأييد فيصل ومن الذين تكلموا في الاحتفال محمد رؤوف الغلامي معتمد جمعية العهد
العراقي في الموصل ومحمد سعيد الجليلي ويحيى قاف الشيخ عبد الواحد وهما من اعضاء
جمعية العهد ايضا .
في 12 تشرين الاول سنة 1921 زار الملك فيصل
الاول مدينة الموصل التي استقبلته استقبالا
حافلا يليق به وكانت هذه اول زيارة له الى مدينة الموصل وقد اشار الاستاذ
الدكتور ذنون يونس الطائي في مقال له في مجلة (موصليات ) التي يصدرها مركز دراسات
الموصل بجامعة الموصل (العدد 17 في شباط
2007 ) الى ان حفل استقبال كبيرا اقيم له
في بهو البلدية وشارك فيه نخبة من وجوه المدينة واعيانها .وقد اقامت بلدية الموصل
حفلا كبيرا في ما كان يسمى (ميدان فانشو
نسبة الى الجنرال فانشو قائد القوات البريطانية التي دخلت واحتلت الموصل
يوم 10 تشرين الثاني 1918 ) مقابل حديقة ليوبولد ايمري (نسبة الى وزير المستعمرات
البريطاني وبعدها سميت حديقة الشهداء ) .
وقد القيت كثير من الكلمات والقصائد في هذا
الحفل وكلها رحبت بزيارة الملك فيصل الاول .وفي الكتاب الذي اصدرته مديرية الدعاية
العامة ببغداد وطبع في مطبعة الحكومة ببغداد سنة 1945 بعنوان فيصل: ( فيصل بن الحسين في خطبه واقواله ) ويقال ان
روفائيل بطي هو من جمعه ، نص كلمة الملك
فيصل الاول في حفل تكريم بلدية الموصل له يوم 12 تشرين الاول سنة 1921 ومما قاله
:" إخوتي ..إن كل ما اقوله للاعراب عن ما يخالج صدري من السرور مما وجدته في الموصل من آثار
المحبة التي تجلت في الكبير والصغير ،يثير في العواطف ..لااتمكن من ابرازها ،ولكني
اسأل الباري ان يمكنني من اظهارها بالعمل فيما يؤول الى تقدم الشعب واستعادة ماضيه
المجيد الذي كان نورا يستضئ به . إن الكلمات التي اقولها قليلة والله على ما اقول
وكيل .ولي الامل ان تبقى عواطفي التي يتعذر علي الاعراب عنها تجاه ولاء الموصليين
أبدية ،في الاعمال التي يوفقني الله اليها على ان هذه الاعمال لاتكون ناجحة الا
اذا كانت عواطف جميع ابناء الامة كالعواطف التي اراها هنا ،ولولا انني اخشى ان
يتأثر البعض من العراقيين لقلت ان الموصل فاقت على غيرها بما ابرزته من جميل
العواطف ،والله قادر على ان يقوي هذا الشعور ويؤيد نشاطي ونشاط كل فرد لكي يتجلى
القي في المجموع " .
وعن مفهومه لمهام الملك وواجباته امام الشعب
قال الملك :" ثم اني اسمع من كثير من ابناء
موطني تريد لفظة الملك وما يلحقها من التفوق وهي كلمات لا اشك في
ان الامة تقصد بها الاعراب عما في ضميرها واظهار شعورها لاستعادة المجد الذي يمثله
الملك وانا اعتقد ان الملك في نظر العامة يمثل الجبروت والعظمة التي هي خلاف
الطبيعة البشرية ،فأنا اشكر الامة على شعورها هذا واقول إني اقبل هذا اللقب بكل
فخر وسرور ولكني اذا تمكنت من الحصول على المحبة والاخلاص القلبي فذلك عندي هو
الملك الحقيقي .احب ان تكون كلمة ملك حاوية على معنى الاخلاص والحب وقد حوت هذا
بدليل مجيئي الى هذه البلاد بطلب من اهلها لذلك انا ممثل شعور الشعب وروح العراق والعراقيين
وشخصيتهم وارغب بأن ينظر الجميع الي بهذا المنظر ، انا اصغر فرد يخدم آمال الامة
لكي ينهض بها ويسعدها فأسأل الله ان يأخذ بيدي الى ما فيه السعادة والخير .وهنا
اشكر الهيئة الحاكمة في الموصل وكافة رجال الادارة على حسن النظام وعلى تشويق
الامة الى الرقي ... " .
وقد كتبت مجلة (النجم ) لصاحبها المطران سليمان صائغ عن زيارة الملك فيصل الاول
1921-1933 ملك العراق الاسبق الى (دير مار اوراها ) وتلبيته دعوة الغداء التي
اقامها غبطة البطريرك الكلداني يوسف السابع غنيمة بطريرك الكلدان هناك تكريما له ،
وارفقت بالخبر صورة للملك مع مضيفيه وهي صورة جميلة وتاريخية ونادرة .
عند ظهور مشكلة الموصل ومطالبة تركيا بها قام
الملك فيصل الاول بدور كبير في تنمية الوعي بأهمية ولاية الموصل للعراق وزار
الموصل للمرة الثانية في اواخر مايس –ايار سنة 1923 والقى
خطابا نقلته جريدة (العراق ) البغدادية في
عددها الصادر في 30 مايس 1923 واشار اليه الدكتور فاضل حسين في كتابه (مشكلة
الموصل ) 1967 ، تساءل فيه هل نسي الاتراك ان ديار بكر واورفة وماردين عربية في
جوهرها وقال طبيعي انه يحق للعراق والحالة هذه ان يطاب بتلك المنطقة اذا طالب
الاتراك بولاية الموصل بسبب وجود قليل من التركمان في اربيل وكركوك ولكن العراق لن
يقد هذا الطلب بل يرجو ان يمنح الاتراك عرب الاناضول الحريات الشخصية التامة التي
يتمتع بها اتراك العراق .
يقول الدكتور علاء جاسم محمد الحربي في كتابه
(الملك فيصل الاول :حياته ودوره السياسي في الثورة العربية وسورية والعراق
1883-1933 ) ،ان الملك فيصل كان يعد مشكلة الموصل من اخطر المشاكل التي واجهت
الدولة العراقية الحديثة وقد ابدى اهتماما استثنائيا بها لانها تمس اساس وحدة
البلاد الوطنية التي حرص فيصل على صيانتها وكان مستقبل النظام الملكي يعتمد على
حلها وقد اكد في زيارته الموصل في تشرين الاول سنة 1925 ان فصل الموصل عن العراق
يعد ضربة هائلة من شأنها ان تؤخر البلاد وتشل حركة التقدم فيها وانها ستكون سببا
في ان يبذل العراق نفقات عسكرية كبيرة وكان يقصد انه سيستخدم القوة اذا تطلب الامر
ذلك وذكر لمراسل جريدة ( الاهرام ) المصرية (14-10-1925 ) انه "من الصعب دخول
تالبيت من باب يرابط فيه الجنود " لكنه استبعد ان يهاجم الاتراك الموصل وذلك
بسبب مشاكلهم الداخلية .
واكد الملك فيصل ان الموصل غير تركية من جميع
النواحي القومية واللغوية والعادات واشار الى ان الاتراك خدعوا العالم بإدعائهم ان
اكثرية سكان الموصل من الاتراك لذلك انتدب الفريق الركن جعفر العسكري وزير الدفاع
لحضور مؤتمر لوزان سنة 1922 الذي عقد بين الحلفاء وتركيا لمناقشة المشاكل التي
ترتبت عليها الحرب العالمية الاولى ومنها مشكلة الموصل وقد رفض الملك السفر خارج
العراق ريثما تحسم مشكلة الموصل وسلم لجنة الحدود (جريدة العالم العربي 22-1-1925
) مذكرة اكد فيها ان الموصل هي مسألة حياة أو موت بالنسبة للعراق الذي سيواجه
الفوضى اذا اقتطعت منه الموصل واشار في نهاية المذكرة كما يقول الدكتور فاضل حسين
في كتابه (مشكلة الموصل ) الى ان "الموصل للعراق كالرأس للبدن ، وان مشكلة
الموصل هي مشكلة العراق بأجمعه " .
كما ابرق الى رئيس الجنة (دي فيرسن ) مؤكدا
ثقته بنوايا اللجنة الطاهرة التي تملأ العراق آمالا بتحقيق مطالبه التي
تتوقف عليها سلامته وسعادة شعبه " .
لقد كان الملك فيصل حكيما في سياسته الداخلية
، وسياسته الخارجية .. رفع شعار (خذ وطالب ) . كما رفع شعار المحبة والتآلف بين
العراقيين ، وتمسك بكل الاماني والمطالب
التي كان يريدها العراقيون ، وسعى من اجلها :
بنى جيشا قويا ، وحقق وحدة العراق وقوته ، وادخل العراق عصبة الامم دولة مستقلة في 3 تشرين
الاول سنة 1933 ، وقاوم كل الضغوط
والتحديات ، ووضع الاسس المالية ، والادارية ، والعسكرية ، والقضائية
للدولة العراقية ، وحقق التوازن بين قوى الشعب السياسية.. شجع المثقفين والصحفيين والقضاة والمربين
والاقتصاديين ، ودفعهم للعمل تحت قيادته .
رحم الله الملك فيصل فقد وضع اسس كيان الدولة
العراقية الحديثة وحفظ وحدة العراق وصان وجهه العربي ووطد علاقاته بمحيطه الاقليمي
والدولي ويحق لنا ان نفخر به ونتباهى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق