شارع حلب في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
شارع جميل ..وشارع تاريخي له قصة وحكاية
...له هوية وهويته معروفة ومحفوظة ...يذكرني بشارع المتحف في حلب الشهباء حبث فندق
اليرموك محط سكن ابناء الموصل قرب المتحف السوري وقرب ساحة جمال عبد الناصر .
شارع حلب باشرت بلدية الموصل بفتحه وتبليطه سنة 1933 وشارع حلب اسم اطلقه الاهالي على هذا الشارع الذي
لايتجاوز ال ( 500) متر ويربط بين شارعي العدالة والجمهورية في أيمن الموصل
.البلدية في الموصل اطلقت عليه اسما لعله شارع السعدون لكن لااحدا يعلم بهذا الاسم
ولا احدا يستخدمه وكما هو معروف فالتسمية الرسمية له هي شارع السعدون تخليدا لعبد المحسن السعدون رئيس الوزراء العراقي السابق الذي انتحر سنة 1929 .
كتب عنه الاستاذ عبد الوهاب النعيمي وكتب عنه
الاستاذ عصام البكري وتحدث عه الاستاذ واثق الغضنفري في برنامجه ( بالمصلاوي )
الذي كان يقدم على قناة الموصلية ، فأجادوا بما كتبوا ، ولعل هناك آخرين كتبوا عنه لااعلم بهم ونكتب
ونتحدث عنه اليوم لنذكر به وهو الذي يحتل مكانة كبيرة في الذاكرة الشعبية الموصلية
.
الناس لايسمونه الا جادة حلب وهذه هي التسمية
التركية للشارع ولدينا في الموصل جادة نينوى ورأس الجادة ولو دخلنا الى شارع او
جادة حلب من جهة الاعدادية الشرقية لرأينا ستوديو آكوب وهو من المصورين الموصليين
الرواد وهو خال المصور الفوتوغرافي العالمي الكبير مراد الداغستاني وفي نهاية
الشارع من الجهة اليمنة ستوديو نوار لشيخ الفوتوغرافيين الموصليين الان الاستاذ
نور الدين حسين .
وكان في وسط الشارع من الجهة اليمنى سينما الملك
فيصل الثاني والتي سميت بعد ثورة 14 تموز 1958 اسم سينما السعدون . وفي الجهة
اليسرى من الشارع كانت هناك سينما صيفية لازلت اتذكر كيف وفد الموصل فريق من السيرك الاجنبي ونصبت في
السينما الصيفية كرة حديدية كبيرة يتحرك داخلها مغامر يركب دراجة هوائية (موتور
سيكل ) ويصعد الى الاعلى وينزل الى الاسفل ويدور على الجوانب بحركات لولبية حتى
كنا نسمي ذلك في حينه كرة الموت حيث ان اي قلة في سرعة الموتور سيكل تؤدي الى سقوط
هذا المغامر ومقتله .كنت في حينها في الصف الخامس الابتدائي ولاانسى ايضا ونحن
داخل سينما الملك فيصل كيف سرت اشاعة حريق السينما فخرج الناس من السينما في حركة
فوضى وصرنا تحت الاقدام ولم ننجو الا بإعجوبة كان ذلك في الخمسينات من القرن
الماضي .
كان شارع حلب شارعا للرجال فقط ولم تدخله
إمرأة ولم يكن من المسموح اجتماعيا في الموصل ان تدخل اليه إمرأة من البيوتات
المعروفة لانه – ببساطة – كان شارع المقاهي والسينمات والحانات والملاهي وكان
قريبا من المبغى العام قبل غلقه نهائيا اوائل الستينات من القرن الحالي .هذا
المبغى الذي يعود الى العهد العثماني وكان يسمى ( النوزتية) نسبة الى ضابط عثماني كان يرتاده اسمه نوزت بك
. وكان موقع المبغى في محلة تقع وراء او في ظهر شارع حلب اسمها محلة الشيخ عمر
المولى وهي الان ساحة لوقوف الباصات .
نعم كان الكثير من رواد شارع حلب هم من محبي
الفن ففيه ما يلبي احتياجاتهم وهذا لايعني ان الشارع كان في بداية انشاءه خاليا من
الدور التي يملكها اناس معروفون ينتمون الى اسر عريقة منهم ال الصابونجي وال حديد وال الجراح .كانت
هناك دور جميلة في الاربعينات من القرن الماضي لكن نظرا لتحوله الى شارع تجاري فقد
حورت تلك الدور لتكون محلات لبيع الملابس والقمصان والاحذية وهذا الامر لم يحدث
لشارع حلب بل لكثير من الشوارع في الموصل ومنها شارع نينوى وشارع غازي والعملية
مستمرة حتى يومنا فالدور الفارهة بدأ تحور في بعض الاحياء لتصبح محلات ومطاعم .
وكان في شارع محلات لبيع الالبان والقيمر كما
كان هناك اكبر محل لبيع المعجنات يحمل اسم (سافوي ) وهو اسم اكبر شركة للمعجنات في فرنسا وفي اوربا
كلها .
وكان في بداية شارع حلب من جهته اليسرى مطعم كبير هو مطعم السعدون . كما
كان هناك دكان لبيع الجرزات يديره رجل
ارمني اسمه كره بيت .وكان هناك محل كبير للتجهيزات الغذائية والمنزلية يقع في منتصف شارع
حلب في الجهة المؤدية لمبنى محافظة نينوى وقد تحول بعد ذلك الى حانة .
وكان
في شارع حلب دكانين لبيع المشروبات
الكحولية .
وكان هناك ملهى قريب من شارع حلب هو ملهى
السفراء كما كان هناك ملهى يقع خلف الاعدادية الشرقية وفي فرع يؤدي الى شارع حلب
من جهة وشارع الجمهورية من جهة اخرى وكانت ملكية ذلك الملهى تعود الى فاطمة .
وكان بالقرب من شارع حلب حمام الصابونجي في
محلة الشيخ عمر المولى التي يخترقها شارع
حلب وكان للشيخ عمر المولى جامع يقع امام مكتب بريد بلاط الشهداء وفي نفس موقع
غرفة نقابة سواق باصات خطوط الجانب الايسر
في باب الطوب .
وعندما نتحدث عن شارع حلب لايمكن ان ننسى
الخياطين الذين يقومون بتقريم الملابس وخاصة الملابس العسكرية وكذلك الاسكافية
الذين يتخصصون بترقيع الاحذية وصبغها وخاصة العسكرية منها ولاننسى ايضا محلات بيع
الباجة الموصلية وبيع الكباب ومحلات بيع الاقمشة والالبسة الجاهزة ومحلات لبيع
الجرزات والحلويات .
كما كانت هناك دكاكين للحلاقين على جانبي
الشارع وكذلك محلات لغسل وكوي الملابس .وخلال الحرب العراقية –الايرانية 19801988
وفد الى الموصل عدد كبير من اخواننا المصريين للعمل ففتحوا المطاعم التي كانت تقدم
الاكلات الشعبية المصرية في شارع حلب كما سكنوا في الفنادق التي كانت موجودة في
هذا الشارع والشوارع المجاورة .لذلك اصبح الشارع يعج بالزبائن نهارا والى ساعات
متأخر من الليل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق