الاثنين، 27 نوفمبر 2017

الشيخ الدكتور فيضي الفيضي ....عنوانا للشهادة





الشيخ الدكتور فيضي الفيضي ....عنوانا للشهادة
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
في 22 من تشرين الثاني - نوفمبر 2004 استشهد العلامة الكبير الاستاذ الدكتور الشيخ فيضي محمد أمين الفيضي ( 1963-2004 ) رحمة الله عليه وجزاه خيرا على ما قدم .والشيخ الدكتور فيضي الفيضي لم يكن انسانا عاديا فحسب ، بل كان شيخا جليلا ، وعالما جهبذا، وإنسانا نبيلا .
ومن حسن الحظ ان والده  الشيخ محمد أمين الفيضي  روى جانبا من سيرته وحياته ، وارخ لولادته وقال انه تفاءل به ، واستبشر كانت له طلعة مهيبة . وقد التقيت به اكثر من مرة بحضور صديقي الشيخ الدكتور ريان توفيق ، كما التقيت بأخية الدكتور بشار في الموصل وعمان  خاصة عندما كنت اعاج ابنتي الشهيدة المهندسة السيدة هبة في مركز الحسين للسرطان وكانت شقتها مقابل شقته في تلاع العلي بعمان  .
 لقد كنت ومنذ زمن بعيد اعرف من اية دوحة هما هذين الفيضيين الكريمين فيضي وبشار  واعرف ما  قدمه جدهما الشيخ عبد الله الفيضي  وا قدمته الاسرة الفيضية  للموصل وللاسلام وللعراق وللامة وانا المهتم برموز الموصل .
وانا اقرأ ما قاله  والده ، وهو يرى ولده الشهيد  مسجى أمامه علمت قيمة ان ينذر الانسان ولده للشهادة الحقيقية ، ولخدمة المجتمع والبلد والناس . ثم وقفت عند دراسته وخطواته الاولى ومرافقته لوالده وسماعه دروس الوعظ وهو طفل صغير بعد ان شفي من وعكة اصابته في جامع حمو القدو وعمره اذ ذاك لم يتجاوز الرابعة وكان جده كلما يراه يقول : " هذا خليفتي من بعدي" .
 وتوفي جده وهو ابن سبع سنين واكمل دراسته الاولية والتحق بالمعهد الاسلامي في الفلوجة ودرس  على ايدي شيوخ اجلاء منهم الشيخ خليل الفياض ..كان معهدا على الطراز القديم القريب من الطراز الازهري شكلا وموضوعا ؛ فالتلميذ منذ ان يقبل في هذا المعهد يعتمر العمامة ويلبس الجبة وكان معه اخوه بشارا وكان والدهما يتردد عليها كل اسبوعين فيسمع ثناء المشايخ والاساتذة عليهما .
وخلال العطلة  الصيفية  ، كان الوالد يعلم الولدين كيف يصعدان  المنبر ، وكيف يقفان ، وكيف يخطبان بين الناس ويحاول ان يقرن التعليم بالتطبيق في البيت .
وانتهى الشيخ الصغير السن فيضي من دراسته في المعهد واكمل  البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وعاد الى الموصل وعمل في جامع  حسيب زكريا وشاء الله ان يظل الدكتور فيضي في الموصل لينال الشهادة ، وكان خطيبا مفوها وكان الجامع  يغص بالناس الذين كانوا يأتون لسماع خطبته ، وكانت متميزة عن غيرها من الخطب في انها كانت تخاطب العقول قبل القلوب .
مما هو معروف في سيرة الشهيد فيضي أنه ُمنح الاجازة العلمية في العلوم العقلية والنقلية من الشيخ الكبير عبد الكريم الدبان..  كما اجازه والده بالخلافة في الطريقة القادرية النورية فصار علما من اعلام هذه الطريقة ، ورمزا من رموزها كان ذلك في سنة  1409 هجرية (1989 م ) منحه الخلافة في احتفال مهيب حضره جمع طيب من اهل الموصل كان لقبه (فيض الله ) وكان اهلا لهذا اللقب .. كان  وجهه صبوحا وكانت الابتسامة تعلو وجهه صباح مساء .. كان نشيطا ، دؤوبا ، صابرا ، جادا ، حريصا .
عرفته يقرن القول بالسلوك .. عرفته هادئا متواضعا يحب وطنه ويحب دينه ويحب امته  ويحب الانسانية .. كان يعرف ان الامة لاتنهض الا عندما تتوحد وكان يقول اننا لكي ينهض لابد ان نكون يدا واحدة ، وقلبا واحدا وهكذا كان اهلنا ايام نور الدين وصلاح الدين .
كان يعرف ان طريق النهوض ، هو طريق الشهادة  لذلك لم يكن منزويا ولم يهرب طلبا للامن والاستقرار..  واجه الطغاة ، وواجه الغلو ، وواجه التطرف .. وسقط صريعا لكنه اكد كل معاني البطولة وعمق المبادئ .
علمنا كيف يجب ان نكون شجعانا في قول الحق ، وعلمنا كيف نقتحم الصعاب ، ولانترك الميدان لمن لايستحقون الحياة .. كان طريقه صعبا لكنه اصر على المبدأ واصر على ان يكون في مواطن الخطر .. لم يؤثر السلامة  الشخية والائلية  ، بل كان يؤثر الاصطدام بكل من لايعرف للانسان ولا لكرامته قيمة .
وهكذا فالشيخ فيضي كان ولما يزل عنوانا للشهادة الحقة على طريق الحق والعدل والخير والعز .
________________________________________

*وفي الصورة المرفقة الاول من اليسار وهو يجلس الى جنب عالم الدين الكبير الشيخ عبد الوهاب الشماع حفظه الله ومتعه بالعافية والبركة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....