بريطانيا والعراق حتى عام 1914 دراسة في التاريخ الدولي والتوسع الاستعماري للاستاذ الدكتور زكي صالح *
المقدمة
1- سيرة الكتاب
في ربع قرن (1941-1966):
منذ أواسط عام 1941 ظهرت الفصول الخمسة الأولى من هذا الكتاب مستقلة تحت عنوان "منشأ النفوذ البريطاني في بلاد ما بين النهرين"، وكانت في اللغة الانكليزية على هيئة أطروحة لشهادة الدكتوراه، بأشراف رئيس قسم التاريخ في جامعة كولمبيا، الأستاذ كارلتون هيز ( C.J.H. HAYES) فلما تسلم هذا المؤرخ المعروف نسخة من البحث مهداة اليه بعد تخرجي من الجامعة بزمن يسير، كتب يقول:" وما أن أعدت قراءته وهو في وضعه الحاضر الكامل حتى ازددت يقينا بما له من صفة علمية دقيقة. فلك التهنئة الصميمة على قيامك بعمل من الطراز الأول في تاريخ العراق".
ومن ثم عادت تساورني فكرة التوسع في البحث والتقدم به من " منشأ" النفوذ البريطاني إلى تطوره بعد ذلك حتى الحرب العالمية الأولى.
ولكن تحقيق هذه الفكرة تأجل سنين عديدة، كنت خلالها بعيدا عن أمهات المكتبات ودور السجلات، والى تلك السنين العديدة نلتفت قليلا لكي نضع بين يدي القارئ طرفاً من (سيرة المؤلف) إلى جانب سيرة الكتاب.
فلقد اشتغلت معظم العقدين (1941-1961) استاذاً للتاريخ الحديث ورئيساً لقسم العلوم الاجتماعية في دار المعلمين العالي في بغداد. ثم رئيساً لقسم التاريخ بعد انفصاله عن باقي العلوم الاجتماعية. وبقيت كذلك حتى أصبحت دار المعلمين العالية تدعى بكلية التربية، على اعتبارها واحدة من كليات جامعة بغداد المؤسسة حديثاً. فلما توحدت أقسام التاريخ في كليات الجامعة اختارني زملائي رئيساً للقسم الموحد (الذي أصبح يدعى بدائرة التاريخ). وأخيرا قدمت استقالتي من رئاسة القسم في الكلية أولا، ومن القسم الموحد في الجامعة ثانياً، قبلت الأولى في صيف 1960، والثانية في صيف 1961، وبقيت بعدئذ أستاذاً للتاريخ الحديث.
وفي تلك الحقبة أسهمت في تأليف كتب التاريخ للمدارس الابتدائية، والمتوسطة، والثانوية. وكتبت رسالة عن "فلسطين والتقرير الانجليزي- الأمريكي لعام 1946" قصدت بها نقد التقرير والتعريف بالقضية الفلسطينية اجمالاً. وكتاباً عن رحلتي إلى الهند في منتصف القرن العشرين، وما لاحظته من شؤون. وبحثاً وجيزاً عن " اليونسكو وتدريس التاريخ" قامت مؤسسة اليونسكو بترجمته من العربية إلى الفرنسية. وكتاباًُ تحت عنوان "مقدمة في دراسة العراق المعاصر" ما بين عام 1914 وتاريخ صدور الكتاب في سنة 1953. ورسالة في اللغة الانكليزية كتبتها دفاعاً عن المؤرخ العلامة آرنولد توينبي في وجه حملة قلمية عنيفة شنّها عليه (تريفور- روبر) أستاذ التاريخ الحديث في جامعة أوكسفورد.
وكان صدور الكتاب الذي بين أيدينا (بهيئته الحاضرة) بعد تلك البداية بما يناهز الخمسة عشر عاما. فلقد استطعت التفرغ للبحث سنة كاملة في سبيل جمع المادة من المكتبات ودور السجلات الانكليزية أولاً، والأمريكية ثانياً، حيث قضيت سنة _1954-1955) زميل بحاثه ( Research Associate) في جامعة كولمبيا بولاية نيويورك. ثم قمت بتنسيق المادة وكتابتها في اللغة الانكليزية بعد عودتي إلى العراق، حيث صدرت طبعة الكتاب سنة 1957، وطبعته الثانية بعد ذلك بتسع سنين.
وهو اليوم يظهر لأول مرة (كاملا) في اللغة العربية، بعد صدوره (مجملا) على هيئة محاضرات ألقيتها في معهد الدراسات العربية العالية في القاهرة سنة 1966، تحت عنوان "مجمل تاريخ العراق الدولي في العهد العثماني".
ولا ننسى بأن السياسة البريطانية كانت في ذلك المجمل، كما في هذا المفصل، هي محور الموضوع.
مراحل الموضوع
1- تبدأ الفصول التالية منذ بداية التوسع الأوربي في أرجاء العالم، وذلك في إعقاب الاكتشافات الجغرافية، وما نجم عنها خلال القرن السادس عشر من ثورة تجارية دفعت بطلاّب الثروة والنفوذ إلى مشارق الأرض ومغاربها. فانشأوا فيما وراء البحار مراكز تجارية ومستعمرات في ظل حكوماتهم التي أخذت ترعى هذه المكاسب النائية، كما أخذت تعنى عناية خاصة بسلامة الطرق المؤدية لها.
فلقد حدث منذ حوالي سنة 1580 أن حصلت الملكة اليزابيث على تعهد من الباب العالي بحماية التجار البريطانيين ومعاملتهم بالحسنى في أثناء مرورهم أو إقامتهم في الأراضي العثمانية وعندئذ كانت بداية مرور التجار البريطانيين في العراق إلى بلاد الهند.
وكان على أثر ذلك إن تغلب البريطانيون في حوض الخليج العربي على البرتغاليين أولاً، وعلة الهولنديين ثانياً والخليج العربي هو المنفذ الوحيد للعراق، وهو بمثابة حجر الزاوية لنفوذ بريطانيا في بلاد الشرق الأوسط على وجه الإجمال. ثم حدث عند اضمحلال المنافسة البريطانية- الهولندية إن ترعرت في أرجاء المحيط الهندي منافسة بريطانية- فرنسية أصبح معها مدخل الخليج العربي من أهم مراكز الصراع بين الدولتين. فتلك هي الحركات البريطانية الأولى التي تناولها الفصل الأول والثاني من هذا الكتاب.
2- على إن مصلحة بريطانيا في شؤون الإمبراطورية العثمانية لم تبلغ حداً خطيراً حتى سنة 1798، السنة التي أقدم فيها نابليون بونابرت على غزو مصر، فكانت البداية لما ندعوه بالعصر النابوليوني في بلاد الشرق. ولقد كان لهذا العصر النابوليوني ابلغ الأثر في العلاقات البريطانية بالبلاد المترامية ما بين القسطنطينية وكلكتا، حتى المدة ما بين سنة 1798 و 1809 أصبحت في الواقع هي المدة التي استقر خلالها نفوذ بريطانيا في الدولة العثمانية وفي دولة فارس وكذلك في إرجاء الهند. فكانت هذه الحوادث المذكورة في الفصل الثاني والثالث تمهيداً واسع النطاق لتأسيس نفوذ بريطانيا في العراق.
ثم تلت ذلك فترة دامت عشرين عاماً (1810-1830) تقوّي في أوائلها النفوذ البريطاني في بلاد فارس، وتأسس في الخليج العربي. وحدث في أواخرها انتهاء دور المماليك في العراق، وأمتداد سيطرة السلطان الفعلية إلى هذه الربوع، كما يشير الفصل الرابع الذي أصبح فيه النفوذ البريطاني على أبواب وادي الرافدين.
فكان خلال المدة (1830-1860) أن تأسس نفوذ بريطانيا في العراق، نظراً لما قام به البريطانيون هاهنا من أعمال خطيرة كانت بالدرجة الأولى مدفوعة بعامل التخوّف من امتداد نفوذ روسيا إلى هذه الربوع ومنها إلى الخليج العربي. وهذا هو موضوع الفصل الخامس الذي كانت سنة 1878 حداً لنهايته، ونظراً للسبب المشار اليه في خاتمة الفصل.
3- ولقد أخذت المصالح البريطانية في العراق تنمو وتتفرع خلال المدة (1878-1914). فالمصلحة الستراتيجية ظلت تحتل المنزلة الأولى في نظر البريطانيين، إلى جانب علاقات فكرية "رومانسية"، ومصالح اقتصادية متوقعة وأخرى واقعية. وهذا ما احاط به الفصل السادس الذي جاء مفسراً لارتياب البريطانيين واستيائهم من نشأة المصالح الألمانية إلى جانب مصالحهم النامية في الدولة العثمانية.
غير ان المصالح الألمانية في الدولة العثمانية لم تتبين خطورتها، على الرغم من بوادرها المبكرة، إلا منذ قيام القيصر وليم الثاني بزيارته الشهيرة للسلطان عبد الحميد سنة 1898. فمنذ هذا الحين أخذت نزعة الألمان التوسعية تتضح وتشتد حتى اندلاع الحرب العالمية الأولى. وعلى هذا فقد حفلت المدة (1898-1914) بأعمال ألمانية وأخرى بريطانية، يدعم بها كل جانب مسعاه، مثيراً بذلك حفيظة الجانب الأخر. وهذا ما تناوله الفصل السابع بالإيضاح، موجهاً في ذلك انتباها خاصاً لما تعلق منه بالعراق.
وفي نطاق تلك المصالح الألمانية-البريطانية المتعارضة بلغت المنافسة بين الطرفين ذروتها خلال المدة (1903-1914) فكان ذلك نتيجة لما حدث من اتصالات ودية بين ألمانية وتركيا، وحصول المانيا على امتياز سكة حديد بغداد، وقيامها بتنفيذ الامتياز، وشعور بريطانيا منذ عام 1903 بالخطر على مصالحها الحيوية من جراء ذلك. وهذه هي الحوادث الأخيرة التي تناولها الفصل الثامن بما لها من علاقة وثيقة بالعراق، وما صحبها من مراوغات دبلوماسية، وانحدار إلى أتون الحرب العالمية الأولى.
4- فاذا ما لاحظ القارئ بأن قسماً كبيراً من البحث متعلق بشؤون هندية، وبأخرى عثمانية، فان السبب في ذلك يعود إلى أن العراق كان طوال تلك الأجيال جزء من الإمبراطورية العثمانية، كما وان الهند كانت ذات أثر بليغ في تعلق بريطانيا بربوع هذا الوادي.
وإذا ما كان نصيب بلاد فارس، والخليج العربي، كبيراً في القصة التي بين أيدينا فذلك لأنهما (بالإضافة إلى العراق) كانا يؤلفان منطقة نفوذ واحدة ظلت تعتبر كذلك حتى الحرب العالمية الأولى. فلم يكن هنالك بد من استقصاء منشأ النفوذ البريطاني في أرجاء الشرق الأوسط اجاملاً، كما تناولته فصول (الباب الأول)، تمهيداً لنشأة ذلك النفوذ واستقراره بعدئذ في العراق.
ثم بعد إن تركز الموضوع في العراق نفسه، فظهرت للقصة نواحي لا تقل عن سباقاتها سعة وتعقيداً. فظهرت المنافسة البريطانية- الروسية، ثم تلتها المنافسة البريطانية- الألمانية بما فيها من نزعات فكرية، ومصالح اقتصادية وإستراتيجية، وما نجم عن ذلك كله من مشاكل دولية واسعة النطاق. وهذا الدور الأخير اتضحت خطورة موقع العراق في المواصلات النهرية والبرية، كما يبدو في (الباب الثاني) الذي بدأت فصوله باستعمال البواخر في مياه الرافدين وانتهت بمشروع سكة حديد بغداد.
د. زكي صالح
B. A., A.M., Ph. D
استاذ في جامعة بغداد، ورئيس دائرة التاريخ فيها سابقاً،
زميل بحاثة (1954- 1955)، في جامعة كولمبيا بمدينة نيويورك،
استاذ زائر ( 1960- 1961)، في جامعتي اوكسفورد، وكمبردج- انكلترا.
تفصيل محتويات الكتاب
تمهيد، خارطة، خواطر
المقدمة، 1- سيرة الكتاب في ربع قرن مراحل الموضوع، 2- مغزى الكتاب.. المغزى الاستعماري- المغزى الدولي، 3- منزلة الكتاب في التاريخ الدبلوماسي- بعض الآراء.
الباب الأول: السبل المؤدية إلى العراق
الفصل الأول/ ظهور الانكليز على مسرح الشرق الأوسط، 1- منشأ الامتيازات البريطانية في الدولة العثمانية، 2- بدء تجارة المرور (الترانسيت)، 3- بدء التفوق البريطاني في الخليج العربي.
الفصل الثاني/ التنافس البريطاني- الفرنسي في الشرق الأوسط (منذ البداية إلى سنة 1801)، 1- المقدمات حتى عام 1798، 2- النصر البريطاني الأول على نابوليون (1798- 1801).
الفصل الثالث/ التنافس البريطاني- الفرنسي في الشرق الأوسط (1802- 1809)،1- زوال الارجحية البريطانية (1802- 1807)، 2- النصر الحاسم لبريطانيا على نابوليون ( 1808- 1809).
الفصل الرابع/ على أبواب العراق ( 1810- 1830)، 1- تعزيز النفوذ البريطاني واتساعه، 2- أواخر عهد المماليك في العراق.
الباب الثاني: الشؤون الخاصة بالعراق
الفصل الخامس/ ظهور الخطر الروسي، واستقرار النفوذ البريطاني ( 1830- 1878)، 1- الحركات الروسية الأولى، 2- منشأ الملاحة البريطانية في مياه الرافدين، 3- العراق يصبح منطقة نفوذ بريطانية (1830- 1878).
الفصل السادس/ تنوع المصالح البريطانية (1878- 1914)، 1- الرومانسية، والتخمين، 2- علاقات بريطانيا الاقتصادية.
الفصل السابع/ مصالح المانيا وقلق بريطانيا (1890- 1914)، 1- المقدمات، 2- نزعة المانيا التوسعية (1890- 1914)، 3- مواقف الأضداد.
الفصل الثامن/ التنافس البريطاني- الألماني ( 1903- 1914)، 1- صداقة المانيا وتركيا [وعواملها الأساسية]، مشكلة سكة حديد بغداد، 3- الدبلوماسية والحرب.
نخبة المصادر، الكشاف (lndex).
تفصيل تخريج وتوثيق الكتاب
د. زكي صالح، بريطانيا والعراق حتى عام 1914 دراسة في التاريخ الدولي والتوسع الاستعماري، ساعدت جامعة بغداد على طبعه، مطبعة العاني، بغداد، 1968م.
- مطالعة وإيجاز ونشر الكتروني: السفير انترناشونال ضمن مشروعها: ببليوغرافيا أراكي أبجدية الحرف والكلمة والتدوين - بغداد تكتب.. تطبع.. تقرأ.
- بريطانيا والعراق حتى عام 1914 دراسة في التاريخ الدولي والتوسع الاستعماري، كتاب يقع 296 صفحة.
TEL: 964 -07901780841
تفصيل نخبة المصادر
SELECT BIBLIOGRAPHY
OFFICAL DOCUMENTS: 33
CONTEMPORARY MEMOIRS, NARRATIVES, ETC: 16
BOOKS AND MONOGRAPHS: 108
PERIODICALS: 43
*http://alsafeerint.blogspot.com/2010/02/1914.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق