الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم وصدام حسين
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل -العراق
أول عبارة قالها الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم نائب رئيس دولة الامارات العربية المتحدة - رئيس مجلس الوزراء - حاكم دبي في كتابه الجديد ( خمسون قصة في خمسين عاما ) ... لا أحدا يربح في الحرب . وتطرق في كتابه الى لقاءاته بالرئيس العراقي السابق صدام حسين ولأهمية ذلك اسرد لكم ماقاله للتاريخ وللتاريخ فقط واستنادا لما نشره الصحفي غسان خروب عن الكتاب الجديد في (https://www.albayan.ae/culture.../books/2021-04-13-1.4140372) يقول الشيخ محمد بن راشد ال مكتوم : " ما زلت أذكر عندما رحلت الحرب المنهكة ما بين العراق وإيران والتي خلفت وراءها أكثر من مليون قتيل. وعندما ترحل حرب من مكان ؛ فهي لا ترحل سريعة كما جاءت، بل يظل ثقلها باقياً لسنوات، هكذا رأيت العراق" ، بهذا التعبير يبدأ بسرد تفاصيل حكاية (لا أحد يربح في الحرب) ، والتي تحمل الرقم ( 41) أي القصة (41) من القصص ال ( 50) في كتابه (قصتي.. 50 قصة في خمسين عاماً) الذي يكشف في هذه القصة عن طبيعة العلاقة التي جمعته مع الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ويقول: " في تلك الفترة كان الرئيس العراقي صدام حسين في قمة مجده وكبريائه. أذكر ذلك الموقف الذي حدث بيني وبينه ؛ حيث صرح للشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رحمه الله بشعوره وتحفظاته تجاهي : إنه يميل للغرب، ولا يعامل العرب معاملة جيدة.. " . واضاف لقد طلب مني الشيخ زايد ، بعدها مقابلة صدام حسين .ويقول: " التقيت مع صدام في أحد الاجتماعات، وابتدأ الحديث فيما بيننا بنوع من المجاملة، ثم قال صدام : لدي تقرير يفيد بأنك كنت تدعم إيران بطرق مختلفة، ووضع تقريراً أمامي.. أجبته: إنني لا أحتاج للتقرير ، وها أنا ذا معك، إذا كنت تقصد شحنات من الأسلحة ، فأتحدى أي شخص أن يثبت ذلك، أما إذا كنت تقصد تلك الشحنات من المواد الغذائية ، فنعم: ولن تحتاج لتلك التقارير ؛ لأن سفننا تذهب إلى هناك ، وإلى العراق أيضاً، ولا يمكنني أن أوقف شيئاً إنسانياً يتجه نحو الشعوب" ، ويضيف: " ظهرت علامات المفاجأة على وجهه، لأن كلامي كان جريئاً. كان معتاداً على سماع ما يود سماعه، وربما كان ردي مفاجئاً له ؛ لأنه اعتقد أنني أضعف من تلك الصورة الذهنية التي رسمها عني" ، ويؤكد سمو الامير أن تلك المواجهة كانت كفيلة بأن تُغير كل شيء، حيث يقول: " بعد تلك المواجهة أصبحنا صديقين" .
وعن غزو الكويت يقول :" جاء غزو العراق للكويت، وانهار التواصل. لكن في عالم السياسة لا بد أن تُبقي على شعرة معاوية لأوقات الأزمات». بعد تحرير الكويت، كان العراق قد تعب من الحروب التي ظلت نيرانها مشتعلة، ويقول: «في عام 2003، عاد الأمريكيون إلى الشرق الأوسط. أرادوا بناء نموذج يتماشى مع رؤيتهم" ، مؤكداً في الوقت ذاته إدراكه بأن " غزو العراق كان ضمن أهداف الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن" ، ويقول:" حاولنا إقناعه بألا يجتاح العراق، طلبتُ منه أن يستثمر أمواله في مساعدة الشعب العراقي، لكنني عرفت أنه عزم على قرار استخدام القوة".
عندئذ قرر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، زيارة العراق، أملاً بإيقاف الحرب، وهنا يقول : " عزمت الذهاب إلى صدام بنفسي.. تقابلنا في أحد الأمكنة التي كان يلجأ إليها، ثم بدأنا حديثاً صريحاً وواضحاً" . يقول : " ذكرته بشبح الحرب وأنا أعرف أنني أعظ رجلاً أفنى شطراً كبيراً من حياته في الحروب. كان من الواضح أنه لا يمكن أن يربح الحرب ضد الأمريكيين، وإن لم يفعل شيئاً لتجنب الهجوم القادم، فسوف يخسر العراق كل شيء" . ويواصل: " همست له: لو اقتضى الأمر رحيلك عن الحكم من أجل العراق ارحل، ودبي مدينتك الثانية أهلاً بك فيها دائماً.. نظر إليَّ ثم قال: لكنني يا شيخ محمد أتحدث عن إنقاذ العراق وليس نفسي.. كبُر في نفسي بعد كلامه ذاك" .
قبيل الغزو الأمريكي للعراق، حاول قادة العرب في قمة شرم الشيخ لم الشمل العربي، وهنا يشير سموه إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عرض " على صدام اللجوء إلى أبوظبي في محاولة أخيرة لتجنب الطوفان القادم" ، ويواصل سموه: " كان الوقت متأخراً، وكانت الولايات المتحدة قد اتخذت قرارها ببدء الغزو.. حضرت أمریكا تصحبها بريطانيا بتلك الجيوش الجرارة، ثم نزف العراق مرة أخرى. أخطأ صدام في حساباته، فقد ظن أن زرع الخوف والذعر كان الطريقة الأفضل في إدارة الأمور" . آنذاك كان البحث عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، يتصدر العناوين، وفي هذا الإطار يقول الشيخ محمد : " لم نصدق أنه يملك أسلحة دمار شامل، كما كان يزعم الحلفاء. حتى الجنرال كولن باول، الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية الأمريكي في ذلك الحين، عبَّر في وقت لاحق عن أسفه حيال الدمار في العراق، مقراً بأن المفتشين لم يعثروا على أثر لأسلحة الدمار الشامل المزعومة" . ويختتم سموه قصته بالقول: " خسر العراق الكثير من أبنائه، والعقود من تنميته. وخسر الأمريكيون أكثر من تريليون دولار وآلاف القتلى، كما خسرت المنطقة عقوداً من التنمية، والسلم المجتمعي، لم يربح أحد من الحرب، تماماً كما يخبرنا التاريخ مراراً وتكراراً، لا أحد يربح في الحرب" .
نعم لااحد يربح من الحرب وها نحن وبعد كل تلك السنوات الصعبة ندفع الثمن .
Omar Fa
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق