الاستاذ قاسم حمودي صاحب جريدة (الحرية) البغدادية
ا.د.
ابراهيم خليل العلاف
أُستاذ
التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وقد
استغربت لأن اخي وصديقي المرحوم الاستاذ حميد المطبعي رحمة الله عليه ، لم يكتب
عنه في (موسوعة اعلام وعلماء العراق في القرن العشرين ) بجزئيها ، مع ان الاستاذ
قاسم حمودي من ابرز الصحفيين العراقيين ، ومن اشهرهم ، ومن رواد الصحافة الملتزمة
بالمبادئ الوطنية والقومية العربية . كان مدرسة في الوطنية والقومية ، ولا ادري ان
كُتبت عنه رسالة ماجستير او اطروحة دكتوراه أم لا واغلب الظن انني لم اجد شيئا كتب عنه مع العلم
ان هناك اكثر من رسالة كتبت عن جريدته (الحرية ) .
اليوم
الجمعة الاول من نيسان 2022 قررتُ ان اكتب عنه تعبيرا عن الوفاء ،فقد تعلمنا
ابجديات المبادئ الوطنية والقومية عبر صفحات جريدته (الحرية) ، ولا انسى كيف كنا
نتلاقفها اواخر الخمسينات من القرن الماضي ونحن في شارع النجفي - شارع المكتبات في
الموصل .
الاستاذ
قاسم حمودي الصحفي الرائد (1910-1992) ، من مواليد بغداد - الكرخ 1910 بعد انهاءه
الدراسة الثانوية دخل كلية الحقوق وتخرج في السنة الدراسية 1939-1940 وكانت
الاستاذة صبيحة الشيخ داؤد رائدة النهضة النسوية في العراق وصاحبة كتاب (اول
الطريق الى النهضة النسوية في العراق) ، من زميلاته لهذا كان من رواد صالونها الثقافي
فيما بعد .
ومما
يميز حياته السياسية ، أنه كان عروبيا قحا دافع عن مبادئ الحرية والتقدم ، وقد
مارس التدريس بعد تخرجه في مدرسة التفيض الاهلية ، وتعرض للعنت والاعتقال من
السلطة بتهمة تحريض الطلاب على المعارضة ، وعندما تأسس (حزب الاستقلال) سنة 1946 بزعامة الشيخ
محمد مهدي كبة ، كان هو من مؤسسي الحزب واركانه مع الاستاذ محمد صديق شنشل ، والاستاذ
فائق السامرائي .
ادار
جريدة (لواء الاستقلال) ، وهي لسان حال حزب الاستقلال وكانت كما جاء في
ترويستها (جريدة يومية سياسية مديرها المسؤول المحامي قاسم حمودي صاحبها حزب الاستقلال
صدرت ببغداد يوم الاحد الرابع من شهر آب سنة 1946 .وقد عالجت قضايا حرية الفكر وحرية الصحافة وادانت اجراءات السلطة
تجاه حقوق المواطنين اذلك تعرضت للتعطيل وقد اشار الدكتور قيس عبد الحسين الياسري
في كتابه ( الصحافة العراقية والحركة الوطنية من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى
ثورة 14 تموز 1958 ) ، الى ان جريدة (لواء الاستقلال ) استأنفت الصدور في 16 كانون
الثاني 1952، بعد ان كانت معطلة لمدة سنة تناولت في ذلك العدد موضوع الحريات ، ومحاربة
السلطة لحرية الفكر .وقد عطلت في 28 كانون الثاني سنة 1952 اي بعد حوالي اسبوعين من
عودتها الى الصدور ، وبلغت مدة تعطيل جريدة (لواء الاستقلال) ثلاث سنوات من مجموع
الاربع سنوات الاخيرة ، كما جاء ذلك في مقال نشرته جريدة (صدى الاهالي) ، في عددها
29 كانون الثاني سنة 1952 .
عادت
جريدة لواء الاستقلال الى الصدور منذ 5 من تشرين الاول سنة 1953 ، كما جاء في
الجزء السادس من الموسوعة الصحفية العربية التي اصدرتها في تونس المنظمة العربية
للتربية والثقافة والعلوم سنة 1997، وقد استمرت جريدة (لواء الاستقلال ) بالصدور ،
حتى جمدت الاحزاب وتوقفت الصحف في عهد وزارة الفريق الاول الركن نور الدين محمود
رئيس اركان الجيش في 23 تشرين الثاني سنة 1952 والذي سمي ب(الجنرال) تهكما على
قراراته بإعلان الاحكام العرفية وانزال الجيش في الشوارع والساحات العامة واغلاق
الصحف الوطنية والاحزاب السياسية وشن حملة اعتقالات واسعة شملت المعارضة الوطنية
والقومية .
في
سنة 1951 تقول الاخت الاستاذة زاهدة ابراهيم في (كشاف الجرائد والمجلات العراقية)
وصدر سنة 1976 اصدر الاستاذ قاسم حمودي جريدة (الحرية) وجاء في ترويستها انها جريدة يومية سياسية وفي 17كانون الاول 1956
الغي امتيازها ثم عادت للصدور وكان لها دورها في تأجيج الروح القومية العربية ،
ونصرة ثورة 14 تموز 1958 التي قلبت النظام الملكي وأسست جمهورية العراق لكنها اي
الجريدة جريدة الحرية وقفت مع القوى القومية في مواجهة الحزب الشيوعي وتوجهاته في
دعم الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963
في الانفراد بالسلطة واعدام الضباط القوميين سنة 1959 اثر فشل الحركة الانقلابية
المسلحة التي قادها في الموصل العقيد الركن عبد الوهاب الشواف امر موقع الموصل في
8 اذار 1959 وقد هاجمت عناصر من الشيوعيين جريدة الحرية واحرقت مقرها والغي
امتيازها في 21 اب سنة 1961 لكنها استأنفت الصدور واستمرت حتى انقلاب 8 من شباط
-14 رمضان 1963.وتوجد مجاميع منها تعود الى السنوات 1951-1969 في المكتبة الوطنية
والمكتبة المركزية بجامعة بغداد .
اصدر
الاستاذ قاسم حمودي جريدة اخرى هي جريدة (الطليعة ) لكن امتيازها الغي سنة 1971 .
الاستاذ
قاسم حمودي كان من الداعين والعاملين من اجل ان تكون للصحفيين نقابة ونجح وزملاؤه
في ذلك .. كما كان من الداعين الى ان تسود قيم الحرية ومن هنا سمى جريدته (الحرية
) وسمى جريدته الثانية (الطليعة ) كان يؤمن بفكرتي الحرية والتقدم ، لكن التيار
المضاد كان واسعا وقويا وكثيرا ما تعرض الى العنت والاضطهاد والاعتقال ؛ ففي سنة
1947 مثلا اعتقل وقدم الى المحاكمة مرتين مرة بسبب نشر جريدة (لواء الاستقلال)
معلومات عن قمع اضرابات عمالية حدثت في كاور باغي بكركوك ومرة ثانية بتهمة نشر
الجريدة (قصيدة) فسرت على انها تنتقص من هيبة الملك فيصل الاول والطريف ان هذه
المحاكمة شهدت سجالات ادبية جديرة بأن تدرس فقد تمت الاستعانة بخبراء في اللغة
والشعر والادب لتفسير ما كان الشاعر يقصده .كما احتجز في عهد الزعيم عبد الكريم
قاسم 1958-1963 وجرى التحقيق معه عدة مرات بسبب ما كانت تنشره جريدته (الحرية ) .
بعد
الغاء امتياز جريدته ( الطليعة ) سنة 1971 من قبل نظام حزب البعث القائم آنذاك ،
ولكبر سنه ، ومرضه قرر اعتزال الصحافة ، والتوقف عن ممارسة المحاماة وانصرف
للقراءة والتعبيد حتى وافاه الاجل سنة 1992 ويكفيه انه والد المرحوم الاستاذ سعد
قاسم حمودي رئيس تحرير جريدة (الجمهورية ) ونقيب الصحفيين والامين العام لاتحاد
الصحفيين العرب سابقا رحم الله الاستاذ قاسم حمودي وطيب ثراه وجزاه خيرا على ما قدم
.. لم يكن صحفيا عاديا ، بل كان مدرسة في الصحافة الملتزمة بقضايا الوطن والامة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق