كباب سيد بكر في الموصل
الكبابجي والكبابجية في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
واحدث مطعم للكباب في مدينتنا الجميلة الموصل ، وفي جانبها الايسر هو مطعم (سيد الكباب ) في حي النور . ومن المؤكد ان من يعمل به - وانا تذوقت واكلت من كبابه وهو لذيذ جدا - هم ممن لديهم خبرة ، وتاريخ في صنع الكباب واعداده .
واليوم ، وانا اكتب لكم عن هذه المهنة اقول ان الكباب اكلة موصلية ، لا بل هي اكلة مشرقية اشتهرت في بلدان الشرق ، وشاعت . والكباب اكلة شعبية تصنع من اللحم (لحم العجل والغنم ) لا بل من نوع خاص من اللحم ( من لحم الكتف او الرقبة ) ، ويضاف الى اللحم التوابل ، وتقدم الى الزبائن عن طريق الشوي على النار ، وبشكل ما نسميه (اشياش جمع شيش او اسياخ جمع سيخ) ، والكباب يشوى على الفحم ، ويدعى من يصنع الكباب (كبابجي ) ، واللاحقة التركية ( جي ) تعني صاحب ، فنقول ( الكبابجي) اي صاحب الكباب - كما يقول الاخ الاستاذ شعلان عبد فتحي - في كتابه الذي اصدره سنة 2018 بعنوان ( اللاحقة التركية ( جي) في اللهجتين الموصلية والبغدادية ) .
والكباب كلمة تعني (اللحم المشروح ) ، و(كبّب الكباب) أي حضر من اللحم المفروم مع السمن باستعمال (اشياش الشوي ) أو (اسياخ الشوي) ، وكلمة (كباب ) يقول البعض انها كلمة آرامية وهناك من يرجع الكباب كما يرجع الكبة الى المطبخ الاشوري في نينوى ، وهناك من يرجعها الى المطبخ الحلبي وفي تركيا كما في ايران يصنع الكباب ، وتتفنن كل مدينة بصنعه من خلال اضافة انواع من التوابل كالزعفران ، فهناك الكباب الاورفلي(من اورفة ) ، وهناك الكباب الانطاكي ( من انطاكية ) وهناك الكباب السلطاني في اسطنبول .
وانا اميل الى القول ان كلمة (كبابو) كلمة اشورية ، تعني ما يوضع على الفحم ليشوى ، وكما ان (الكبة) اكلة اشورية موصلية ، فأن الكباب ايضا اكلة اشورية موصلية عريقة ، وقد اشتهرت الموصل منذ زمن قديم وادركتها انا في الاربعينات من القرن الماضي بصنع الكباب وبيعه ، ولازلت اتذكر ( سيد بكر الكبابجي) ومطعمه في (سوق تحت البناغة) في باب الجسر و( البناغة) اي المنارة المقصودة هي منارة ( جامع الاغوات) الذي بناه الجليليون في مطلع القرن الثامن عشر . ولازال الموصليون في ذاكرتهم التاريخية ، يتحدثون عن كباب سيد بكر ، ويقولون انه كان يبيع ( الاربعة اشياش) مع الخبز و(طاسة الشربت) بخمسين فلسا فقط .
كتب الدكتور ذنون الطائي عن مهنة ( الكبابجي) في كتابه ( مهن وحرف موصلية قديمة ) وصدر سنة 2014 وقال ان الكباب من الاكلات الشعبية اللذيذة المنتشرة في بلدان الشرق ، وان كلمة الكباب انتقلت الى اوربا وهي تستخدم في كثير من اللغات الاوربية كالانكليزية ، والفرنسية ، والاسبانية ، والايطالية .
ومهنة (الكبابجي) مهنة معروفة في الموصل كانت ، ومازالت مهنة رائجة ويصنع الكباب من اللحم المثروم ، ويشوى بعد ان يوضع في (شياش جمع شيش) على نار فحم خشبي ، ويقدم للزبائن مع البصل والطمامة واحيانا تكون مشوية والسماق ، وشربت الزبيب أو الطرشي والخبز للزبائن .
وقد اشتهر من الكبابجية ايضا في الموصل فضلا عن (سيد بكر الكبابجي) ، الشيخ عبد الله الاربيلي وهو رجل دين وعالم معروف له دوره في تاريخ الموصل كان يعمل كبابجيا في دكانه في باب الطوب ثم في الساعة وفي يوم الجمعة يرتدي الجبة والعمامة ويخطب في الجامع ويؤم المصلين رحمة الله عليه .كما ان هناك اليوم مشويات الحاج توفيق الكبابجي في الجانب الايمن من الموصل في شارع الفاروق مقابل جامع الجويجاتي .
قصة الكباب وحكاية الكبابجية في الموصل وهم منتشرون وكثر قصة جميلة جديرة بأن يعرفها شاباتنا وشبابنا وطبعا الكباب يصنع من قبل ربات البيوت داخل المنزل لكن الزوج دائما يقول وبالفم الملآن وامام اهل بيته : " أن كباب السوق أطيب من كباب البيت والذ نكهة " ولا نعلم مدى صدق ما يقوله الزوج مع انني اؤيده واقول في كل مرة الرجال اكثر وافضل قدرة على الطبخ من النساء فهل هذا صحيح ؟! لاادري لعلكم تملكون رأيا مغايرا واردد :" لولا الاذواق لبارت السلع " .
_______________________________________________
*من حلقات البرامج التي اكتبها لقناة (الموصلية ) الفضائية ...ابراهيم العلاف
**صورة لدكان سيد بكر الكبابجي في الموصل وصورة من مطعم الحاج توفيق الكبابجي في شارع الفاروق بالموصلhttps://www.facebook.com/watch/?v=3859711347445627
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق