الأحد، 3 أبريل 2022

عبد السلام البارزاني في الموصل






عبد السلام البارزاني في الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل
منذ قرابة اربعين عاما كتبت رسالتي للماجستير عن ( ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية 1908- 1922 ) وتطرقت فيها الى حادثة اعدام الشيخ عبد السلام البارزاني في الموصل واتذكر ان استاذي الدكتور محمد محمد صالح رئيس جامعة السليمانية الاسبق واستاذ التاريخ الحديث في جامعة بغداد رحمه الله ، كثيرا ما كان يسألني عن بعض جوانب هذه القضية وطلب مني ان ارسل اليه كتاب المؤرخ الموصلي الكبير المرحوم الاستاذ عبد المنعم الغلامي والموسوم ( الضحايا الثلاث ) .
واليوم وانا اقرأ الكتاب القيم الذي اصدرته الاكاديمية الكوردية في اربيل سنة 2015 بعنوان (صفحات من تاريخ الكرد وكوردستان في الوثائق العثمانية 1840-1915) من تأليف الاخ الاستاذ الدكتور خليل علي مراد والاستاذ الدكتور عبد الفتاح البوتاني ، وجدت ان لابد من العودة الى هذا الموضوع خاصة وان الشيخ عبد السلام البارزاني الذي اعدم ودفن في الموصل يعد من الرجال الذين قاوموا التوجهات السياسية العنصرية التي مارسها حزب الاتحاد والترقي بعد انقلابهم على السلطان عبد الحميد الثاني 1876-1909 ومن ثم خلعه وحكم الدولة العثمانية وادخالها الحرب مع الالمان والتي نجم عن ذلك كله تفكك الدولة العثمانية وسقوطها وضياع ولاياتها خلال الحرب العظمى اي الحرب العالمية الاولى 1914- 1918 .
قضية الشيخ عبد السلام البارزاني واعدامه في الموصل ، كانت واحدة من القضايا المؤلمة التي لايزال الموصليون يتذكرونها وهم يرون قبره في الجانب الايمن من مدينة الموصل ، وفي المقبرة الخاصة بالبو بدران الواقعة في زقاق ضيق يؤدي الى ساحة وقوف الباصات في باب الطوب وهذه المنطقة هي محلة عمر المولى او محلة الصابونجية لان فيها جامع الصابونجي ، وعدد كبير من املاك محمد باشا الصابونجي وولده مصطفى الصابونجي . وهذه المقبرة التي دفن فيها الشيخ عبد السلام البارزاني مع رفاقة الثلاثة الاخرين تسمى ايضا (مقبرة الغرباء ) وكان الوالي والي الموصل سليمان نظيف ، قد اصر على مساواة القبر بالارض ، واخفاء معالم القبور .
وقد يكون من المناسب ان اشير الى ان المؤرخ الموصلي الاستاذ صديق الدملوجي ، وهو شاهد عيان على ماحدث كتب عن الحادثة قال ان الشيخ عبد السلام البارزاني ، وبعد انتهاء محاكمته في مجلس الديوان العرفي العسكري بتهمة الوقوف ضد الدولة العثمانية قال لصديق الدملوجي وكان قد عمل مديرا لعدد من النواحي في الموصل : " انتهى كل شيء وسيريقون دمي" . وكان الالم باديا على وجهه فقال له الدملوجي : " هون عليك ياشيخ والحكومة ليس من صالحها ان تعدم رجلا عظيما مثلك ووراء كل ضيق فرج فأجابني كلا وليس لي امل في الحياة وهذا الوالي قد صمم على قتلي " .. ثم فكر قليلا وقال : " ان دمهم سيكلفهم ثمنا غاليا وانا اخاف على اولادي واخوتي بعدي وظل يكرر هذه الكلمات " .
الشيخ عبد السلام محمد عبد السلام البارزاني وهذا هو اسمه من مواليد قرية بارزان سنة 1887 ، وقد خلف والده في قيادة الاسرة البارزانية وله من الاخوة أحمد ، ومحمد صديق ، وبابو ، والملا مصطفى رحم الله الجميع .
كان الشيخ عبد السلام البارزاني يدعو الى الاصلاح ، واعطاء الحرية لشعوب الدولة العثمانية .. وله افكاره التي تعتمد الاصول الاسلامية الحقيقية في المجالات الاجتماعية والدينية والثقافية ومنها تطبيق مصالحة الدم من خلال الزواج ومنع زواج البنات الصغيرات ، وممارسة الطقوس الدينية بكل حرية وانسيابية .وقد اجتمع مع عدد من الشيوخ والاغوات سنة 1908 وقدموا لائحة بالاصلاحات للحكومة في استانبول وهي حكومة حزب الاتحاد والترقي لكن الدولة في حينها عدتها تمردا على سلطاتها فاصطدمت به واستمر هذا من 1909 الى ان اعتقلته وحاكمته واعدمته سنة 1914 في الموصل مركز ولاية الموصل بتاريخ 14 كانون الأول 1914.
علمتُ ان كتابا قد صدر عنه بعنوان (حركة الشيخ عبد السلام البارزاني 1903-1914 ) تأليف الاستاذ متين فاضل طه ، ولم أر الكتاب بعد وهو رسالة ماجستير قدمت سنة 2017 الى قسم التاريخ بكلية المنصورة - جمهورية مصر العربية باشراف الاستاذ الدكتور ابراهيم العدل المرسي والدكتور رياض محمد الرفاعي . ومما جاء في مستخلص الرسالة التي اطلعت عليها ما يلي :" الرسالة تتألف من عدة فصول ، الفصل الأول بعنوان(الشيخ عبد السلام البارزاني النشأة والتكوين) حيث تضمن موطن الشيخ عبد السلام البارزاني ونشأته والعوامل المؤثرة في تكوين شخصيته . - الفصل الثاني بعنوان (أوضاع كردستان قبل ظهور حركة الشيخ عبد السلام البارزاني) وما كان يعانيه الشعب الكردي من أحوال اقتصادية سيئة وصراعات قبلية من قبل إيران وتركيا . - الفصل الثالث عنوان (الطريقة النقشبندية وبروز دور الشيخ عبد السلام البارزاني في جنوب كردستان) ، ويتضمن الفصل كيفية انتشار الطريقة الصوفية في كردستان العراق ، وكيف انتقلت الطريقة ومشيختها من الدولة العثمانية إلى شيوخ بارزان ومن ثم تسلم الشيخ عبد السلام مشيخة بارزان وما مدى تأثير تلك الطريقة على المنطقة في ظل وجود الطريقة القادرية . - الفصل الرابع بعنوان (حركة الشيخ عبد السلام البارزاني وأسسها الإصلاحية) حيث تضمن إصلاحات الشيخ عبد السلام البارزاني الاجتماعية والسياسية التي قام بها بعد أن تسلم الشيخ عبد السلام البارزاني الطريقة من والده الشيخ محمد، ومن هنا يبرز دور الشيخ عبد السلام البارزاني في المنطقة كداعية قومي، ويتضمن الفصل أيضاً مقدمات حركة الشيخ عبد السلام البارزاني وتجمع العشائر حوله . - الفصل الخامس عنوان (صعود حركة الشيخ عبد السلام البارزاني ونهايتها) ويتضمن الإعداد للحركة المسلحة ضد جماعة الاتحاد والترقي ، وحدوث معارك جانبية إلا أن حركة الشيخ عبد السلام لم تصمد كثيراً أمام القوات العثمانية المرابطة في ولاية الموصل بقيادة الوالي العثماني سليمان نظيف باشا مما أدى إلى إعدام الشيخ عبد السلام البارزاني، ويتضمن الفصل أيضاً تقييم حركة الشيخ عبد السلام بحسب كتابات المؤرخين له " .
رحم الله الشيخ الجليل المناضل عبد السلام البارزاني وطيب ثراه فقد خدم شعبه وأمته .


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فتح القسطنطينية ...................في كتاب

  فتح القسطنطينية ...................في كتاب -ابراهيم العلاف مما هو متوفر في مكتبتي الشخصية ، كتاب صغير بحجمه لكنه كبير بمضمونه ، صدر عن اله...