الدكتور أمير اسكندر الكاتب والناقد والصحفي والمناضل المصري وتحولاته الفكرية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس -جامعة الموصل
سألني عنه الاخ والصديق الاستاذ ياسر عبود العلواني ، وقال انه لم يجد الكثير مما يدونه عن سيرته وفكره ومؤلفاته . وما وجده قليل ، وقليل جدا فوعدته ان اكتب له مقالة وافية ، فأنا ابراهيم العلاف الكاتب والصحفي والمؤرخ بحكم عملي وتخصصي مهتم بما كان العراق والوطن العربي يشهده من كتابات ورموز وشخصيات اسهمت في تكوين المشهد الفكري والثقافي والسياسي والاقتصادي العربي المعاصر .
كان الدكتور أمير اسكندر ، رحمه الله ، كاتبا يساريا مناضلا قريبا من الماركسيين والحزب الشيوعي المصري ارتبطت مسيرته في الحياة والكتابة بالكثير من التحولات الفكرية ، والسياسية .كان رئيسا لتحرير مجلة (المنار) وكانت مجلة شهرية سياسية فكرية تصدر في باريس منذ سنة 1984 وشعارها (نحو العقل والحرية والمستقبل )، وكانت تُدعم ماليا ، وفكريا من قبل النظام السابق في العراق 1968-2003 ، وشارك في تحريرها نخبة من الكتاب والمثقفين العرب الكبار منهم السيد ياسين ، والاستاذ احمد عباس صالح ، والدكتور محسن خليل ، والاستاذ نبيل زكي ، والدكتور فؤاد مرسي ، والدكتور مراد وهبة ، والدكتورة منى ابو سنة ، والدكتور فتحي عبد الفتاح ، والدكتور عبدالمنعم سعيد والدكتور محمدحافظ دياب ، والاستاذ شوقي جلال وغيرهم وقد توقفت مع احداث دخول الجيش العراقي واجتياحه دولة الكويت في آب - اغسطس سنة 1990 .
ما اريد قوله ان الدكتور امير اسكندر 1934-2003 ، كان من رموز الكتاب اليساريين المصريين وكان يناضل من اجل التحرر والاستقلال وكان يعد من رموز الحركة الوطنية وقد اعتقل سنة 1959 في مصر وبقي معتقلا قرابة ثمانية شهور مع عدد من اليساريين المصريين في اطار الحملة المناوئة للشيوعيين . كان يعمل في جريدة (المساء ) القاهرية منذ سنة 1956 وعمل في جريدة (الجمهورية) وكان كاتبا فذا يمتلكقلما وفكرا.وجدت له عددا كبيرا من المقالات الفكرية والسياسية في صحف ومجلات عديدة من قبيل (الطليعة) و(الكاتب) و(الفكر المعاصر) المصرية و(الاداب ) و(قضايا عربية ) اللبنانية و(آفاق عربية ) العراقية .
كان ناقدا مسرحيا من الطراز الاول يشهد له بهذا الكاتب والصحفي الاستاذ سعد هجرس في مقالة له في موقع (الحوار المتمدن) عدد 12-8-2003 وكان" عميقا في التحليل ، رصينا في المنهج ، منحازا نحو المستقبل" .ومن كتبه الشهيرة كتابه الذي طبع اكثر من مرة وعنوانه ( تناقضات في الفكر المعاصر) وطبع في مصر كما طبع في دار الحرية ببغداد سنة 1974 وترون غلافه الى جانب هذه السطور .
القيادة العراقية السابقة 1968-2003 ساعده حين التجأ الى العراق بعد عقد معاهدة كامب ديفيد باكمال دراسته في باريس وحصوله على الدكتوراه من
من جامعة باريس الثالثة وكان عنوان أطروحته للدكتوراه في سوسيولوجيا الثقافة ( إشكاليات التكامل القومى فى الثقافة العربية ) .وكان في باريس يعمل مراسلا للصحف العراقية وبأجور مجزية .
كثيرون يلومونه ، عندما تحول فكريا من التوجه اليساري الماركسي الى التوجه نحو الكتابة عن الرئيس العراقي السابق صدام حسين واصداره عدة كتب عنه .مع انه استمر في حواره مع اليسار الاوربي ومع جورج لوكاش ويبدو ان فقر حاله دفعه الى هذا التوجه ؛ فسبل الرزق سُدت امامه وقرر الاستجابة لطلب المرحوم الاستاذ طارق عزيز وزير الخارجية العراقية والمعروف بتوجهاته الثقافية ، مع عدد من الصحفيين المصرين للانتقال الى العاصمة العراقية بغداد ، والعمل في الصحافة العراقية . ومما عرف عنه انه كان متمكنا من الكتابة غزيرا في الانتاج المعرفي والثقافي والسياسي .
الاستاذ علي العميم ، في مقال له بجريدة (عكاظ) وفي عددها الصادر يوم
في 11 آذار - مارس سنة 2016 https://www.okaz.com.sa/article/1047154 يقول عنه :" انه انموذج للمثقفين العرب الذين يبيعون انفسهم للسلطان ، وانه انقلب على مواقف في تاريخه النضالي الشخصي وتاريخ حزبه وتاريخ الحزب الشيوعي في العراق وفي سوريا، وأدان المواقف التي اتخذها الحزب الشيوعي في العراق في صراعاته مع حزب البعث مع عبدالناصر ومع القوميين الوحدويين " ..طبعا ادان حتى مواقف الاتحاد السوفيتي السابق بما اسماه ( نقدجمود النموذج السوفيتي وامتدح ما اسماه التجديد في اليسار الاوربي " .
.ويضيف :كان اسم الدكتور امير اسكندر " يتردد عند المثقفين بوصفه حالة صارخة من حالات بيع المثقف لنفسه مقابل سعر مغر. وكان اسمه يرد في سياق التنديد بتناقضات بعض المثقفين العرب وانتهازيتهم..." .وطبعا الاستاذ سعد هجرس ايضا يذهب المذهب نفسه في مقاله آنف الذكر فيقول بأن الدكتور امير اسكندر مات عندما فعل ذلك واضاف :" وبعد أن يرصد امير اسكندر المشهد الفكرى العربى يستنتج أننا "نحتاج إلى تأمل عميق .. إلى تأمل حر أساساً ، قادر على جرأة القطع مع المعطيات الفكرية الجامدة ، حتى نستوعب المتغيرات الجديدة ، فى وطننا العربى ، وفى العالم الكبير الواسع أيضاً.ويطالبنا بأن "نرفع عن عيوننا الغشاوات القديمة وأن نكف عن الدوران فى السواقى التقليدية الناضبة المياه ، وان ننظف تلافيف أذهاننا من عناكب الصيغ والمقولات التى امتصت رحيق شبابنا، وأعقمت قدرتنا على الخلق والابتكار ، وأن نتذكر دائماً أنه ما من أحد يمتلك الحقيقة المطلقة وان الكلمة الأخيرة هى تلك التى لم تقل بعد ، وأن ربيع الفكر والحياة يتجدد على الدوام ، بتجدد الفصول...لكن الدكتور امير اسكندر يفاجئنا بعد هذه المقدمة الرائعة بوضع رهاناته الفكرية والسياسية كلها على الرئيس العراقى السابق صدام حسين ، وكان ذلك فى 26 كانون الثاني- يناير سنة 1980 ، عندما أصدر كتابه الصدمة "صدام حسين مناضلا ومفكرا وانسانا" عن دار النشر الفرنسية : هاشيت).وهو كتاب صدمة بالنسبة لكثيرين من محبى وزملاء وأصدقاء أمير اسكندر لأنه مثل – فى رأينا فى ذلك الحين – انقلابا على جذوره ومنطلقاته الفكرية والسياسية ، وخيانة للمنهج العلمى والعقلانى الذى كان أمير اسكندر نفسه فى طليعة المدافعين عنه .
رصدتُ للدكتور أمير اسكندر ، عددا كبيرا من المقالات منشورة في اماكن عديدة منها مجلات ( الرسالةالجديدة) والثقافة ) و(الفكر المعاصر) و(الكتاب العربي) دارت حول موضوعات منها : الأسس الفلسفية لأدب كامو - جورج لوكاش ومغزى دراساته في الواقعية الأوربية - الأسس الفلسفية للنظرية المثالية في الجمال - رأي في الأسس الجمالية للواقعية الاشتراكية - الثورة والمسرح الدرامي في مصر- يونسكو ومأساة الاغتراب - تحية جبران في ذكراه - معذبو الأرض - منهج النقد الأيديولوجي - ألفريد فرج وجائزة الدولة التشجيعية في المسرح - تناقضات في صفوف الاشتراكية - ايديولوجية الغداء : اتجاهات ونماذج - مفاهيمنا الأخلاقية والعودة إلى النبع - الفلسفة المفتوحة والمجتمع المفتوح - العلوم الإنسانية ... بعد أن ذاب الجليد - لينين والثورة الثقافية - تناقضات في الفكر المصري المعاصر - لوسيان جولدمان.. الفكر والمنهج - الناصرية والعالم الثالث - البحث عن فلسفة للتعليم الجامعي
- محاولة للاقتراب من فكر لوكاتش - أزمة الصحف المصرية .
رجع الى مصر وانشأ مزرعة بما توفر له من مال جناه من العراق وحاول استثمارها لكنه فشل واستدان وتزايدت القروض ودخل في عالم التجارة الغامض لكنه تمرض وذهب الى لندن واجريت له عملية جراحية في قلبه وأنقذه الدكتور ذهنى فراج من موت محقق بجراحة إعجازية هناك . وخرج من المستشفى مصمماً على إعادة إصدار مجلة "المنار" وذهب الى باريس لهذا الغرض لكنه توفي في باريس وانتهى أمره.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين يسعدني أنا (الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف )أن ارحب بكم في مدونتي الثانية مدونة الدكتور ابراهيم خليل العلاف ..واود القول بانني سأخصص هذه المدونة لكتاباتي التاريخية والثقافية العراقية والعربية عملا بالقول المأثور : " من نشر علما كلله الله بأكاليل الغار ومن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار " .
الاثنين، 3 نوفمبر 2025
الدكتور أمير اسكندر الكاتب والناقد والصحفي والمناضل المصري وتحولاته الفكرية
الدكتور أمير إسكندر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل
في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل اقول تعليقا على ما كتبه اخي وصديقي العزيز الناقد والكاتب الاستاذ صباح سليم علي عن اولئك المنتقدين لجلسات...
-
مجلة (العربي) الكويتية الان بين يديك كل اعدادها PDF ومنذ صدورها سنة 1958الى سنة 1990 وعبر الرابط التالي : https://www.docdroid.net/.../aa...
-
(السسي) من جرزات الموصل المشهورة - ابراهيم العلاف * وعندما تحدثت عن جرزات او كرزات الموصل وقفت عند السسي ويبدو ان هناك من يحب السسي وسأل...
-
أهلا بنابتة البلاد ومرحبا جددتم العهد الذي قد أخلقا لاتيأسوا أن تستردوا مجدكم فلرب مغلوب هوى ثم إرتقى مدتْ له الامال من أفلاكها ...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق