#العراق في سياسة الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث والمعاصر المتمرس - جامعة الموصل
كتبت قبل ان يصل الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن الى البيت الابيض في كانون الثاني - يناير 2021 ، وقلت ان العراق سيظل الركيزة الاساسية للستراتيجية الامريكية المعاصرة في الشرق الاوسط ، وقد خالفت اولئك الذين كانوا يقولون ان اهتمام الولايات المتحدة الامريكية بالعراق سيقل او سينحسر او سيعود الى المستويات المدونة وسبب تأكيدي على ان العراق سيظل الركيزة الاساسية في الاستراتيجية الامريكية ، هو ان العراق ومنذ اواخر القرن التاسع عشر كان يعد في نظر الستراتيجيين الامريكان آنذاك (مفتاح المنطقة) .
وهذا ما كتبته في كتابي الموسوم( العراق والولايات المتحدة الامريكية) ، وقد اصدرته منذ عشر سنوات واضفت الى ذلك ما توصلنا اليه انا واخي تلميذي النجيب الاستاذ الدكتور عادل محمد العليان في اطروحته للدكتوراه التي اشرفت عليها وكانت عن (العراق في الاستراتيجية الامريكية ) ، والولايات المتحدة حتى عندما غزت العراق واحتلته فلم يكن ذلك من اجل اسقاط نظام الرئيس السابق صدام حسين وانما من اجل (النفط ) و( أمن حليفتها الرئيسة اسرائيل ) ، وهذه حقائق معروفة بذلت من اجلها الولايات المتحدة الكثير لكي تنافس بريطانيا وتخرجها من العراق منذ اواسط الخمسينات من القرن الماضي .
الرئيس الامريكي الجديد جو بايدن افتتح السجل السياسي الخارجي الامريكي الجديد على صفحة العراق وكان السيد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي هو اول رئيس وزراء في الشرق الاوسط اتصل به الرئيس الامريكي جو بايدن ، طبعا بعد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل .
ومن يطلع على ما جرى في الاتصال بين الرئيسين مصطفى الكاظمي وجو بايدن يصل الى نتيجة هي ان العراق يحتل المقدمة في السلوك السياسي الخارجي تجاه الشرق الاوسط ، وان التأكيد كان على (تأكيد وحدة العراق )و( ضمان ابعاد العراق عن النفوذ الايراني) و( محاربة فلول داعش ) .
وهنا لابد ان نؤكد ان تحرك حلف الناتو لم يكن عشوائيا او اعتباطا بل كان محكوما بحسابات دقيقة وركز حلف الناتو على توسيع مهامه في العراق وزيادة تواجده والتصدي لكل التحديات التي يواجهها العراق .
واذا ما عدنا الى ما قاله الرئيس العراقي برهم صالح مؤخرا في مداخلته الاخيرة وضمن ندوة الحوار الاستراتيجي نجد ان العراق هو الرقم واحد في الستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط ، وان ثمة تنسيقا دقيقا بين السياستين الخارجية العراقية والخارجية الامريكية . وأية مراجعة لسجل وسير المسؤولين الامريكان الجدد ، تنبئ ان من اختارهم الرئيس بايدن هم ممن يعرف العراق جيدا ، وهم من عملوا به ابتداء من وزير الدفاع وانتهاء بوليم بيرينز المرشح لتولي مسؤولية وكالة المخابرات المركزية وهو يتقن اللغة العربية .
الولايات المتحدة الامريكية دولة عظمى وهي من خطط ونفذ احتلال العراق ومسألة تخليها عن العراق لصالح اي كان غير واردة البتة وهي مطمئنة ان النفط ينساب وهي مطمئة ان العراق لم يعد يهدد اسرائيل وهي مطمئنة ان لها انصارا في العراق وهي تراهن على ثورة الشباب وهي ليست متعجلة من امرها فهي تعمل على كل الاصعدة سياسيا واقتصاديا واعلاميا وثقافيا وهي تدعم منظمات المجتمع المدني وهي تنفذ مشروع الشرق الاوسط الكبير ليس في العراق وانما في كل المنطقة وقد كتبت في هذا كثيرا وما كتبته متوفر على شبكة المعلومات العالمية - الانترنت ولااريد الدخول في التفاصيل والارقام والاحداث فهي كثيرة ، واستطيع ان اؤلف كتابا عنها ، لكن ما يفيدنا اليوم كعراقيين أن نحسن العمل من اجل ضمان مصالح العراق ليس في الاستقرار والامن ، والنأي عن الصراعات في المنطقة فقط ، وان لانجعل بلدنا ساحة لهذه الصراعات ، بل ان ما يجب ان يهمنا هو كيف نطور بلدنا ، وكيف نضمن مصالحنا ، وكيف نعمر ، وكيف نحسن وضع المواطن العراقي من النواحي الاقتصادية ، والاجتماعية ، والصحية ، والعمرانية ويكفينا ما حل بنا من مأسي ونكبات . كما يجب علينا ان نقول للجميع ان وحدة بلادنا هي المهمة ، ورقي بلادنا هو المهم ، ورفاهية مواطننا هي المهمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق