عبد الاحد جلو وحفرياته المثيرة
بقلم : إدمون لاسو
يشكل الباحث عبد الاحد جلو ظاهرة ثقافية
جديرة بالدرس والاهتمام لما يمثله منجزه المعرفي المخطوط في معظمه من فرادة مدهشة
و تفرد مذهل كما سنرى بعد ان نتكلم قليلا ً على حياته .
أولا ً: سيرته : ولد عبد الاحد موسى داؤد جلو الذي تعود جذوره التاريخية إلى قبيلة جيلو
الاشورية في شمال ما بين النهرين , ولد في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة السورية
عام 1942 , درس الابتدائية والمتوسطة في مدينته وأكمل دراسته الحرة بجانب عمله ,
ثم نال شهادة الدبلوم متوسط في ادارة الاعمال عام 1958 , كما اكمل دراسة خاصة في
دمشق , ونال شهادة الدبلوم متوسط في التاريخ عام 1961. تعين في دوائر حكومية مختلفة حتى
تقاعده عام 1986. هاجر إلى المانيا عام 1989 ومازال مقيما فيها بمدينة كيسن .
ثانياً : نشاطه
الفني : للباحث عبد الاحد جلو بالاضافة إلى منجزه
الثقافي نشاط فني يذكر يتمثل باقامة معارض فنية لطوابع وصور ونقود . إذ اقام في
السنوات 1954-1984 عدة معارض لطوابع تذكارية في سوريا , كما اقام معرضا ً خاصا ً
في (الموصل) العراقية عام 1964 واحرز المرتبة الثانية فيه . كما اقام عام 1964
معرضا ً ثقافيا ً تاريخيا ً وفنيا ً خاصا ً للأدب العربي و علاقته بالأدب السرياني
في مجال الشعر والقصة و ادب الرسالة والخطبة .عام 1966 اقام معرضا ً لصور قديمة و
حديثة التقطت من على صخور واحجار و كتب قديمة و حديثة لأثار سورية و عراقية
ولبنانية و اردنية و تركية و نال شهادة وجائزة تقديرية . عام 1971 اقام معرضا ً
للنقود القديمة والحديثة لعدد من دول
العالم ونال جائزة تقديرية.
ثالثا ً:
تحليقاته الكتابية المخطوطة : للباحث عبد الاحد جلو
تحليقات تاريخية مهمة لم ينشر منها سوى نتف ومقالات قليلة سنأتي على ما وقعنا عليه
في الفقرة التالية .
فمن مؤلفاته المخطوطة نذكر :
1-
الموجز في تاريخ قبائل سوريا القديمة .
2-
الموجز في تاريخ قبائل العراق القديمة .
3-
الموجز في تاريخ قبائل مدينة بازبدي .
4-
الموجز في تاريخ قبائل مدينة حلب .
5-
الموجز في تاريخ قبائل مدينة ألقوش بالعراق .
6-
الموجز في تاريخ قبائل قرية صدد ( بسورية ) .
7-
مدينة افحل و قبائلها القديمة ( بمحافظة ماردين ) .
8-
قرية أركح و قبائلها القديمة ( بمحافظة ماردين ) .
9-
قرية بيدارو و قبائلها القديمة ( بالعراق ) .
10- رجال في ذاكرة الزمن .
11- نساء في ذاكرة الزمن .
رابعا ً: بعض حفرياته المنشورة : يعد الباحث عبد الاحد جلو من الكتاب المقلين جدا ً في النشر مما جعله في
الظل من اهتمام الباحثين والدارسين و ما نشره هنا وهناك من نتف ومقالات كان بحث و
تشجيع من بعض اصحاب الغيرة الفكرية و القومية .
ففي
عام 1997 نشر في مجلة ( حويودو ) المهجرية السويدية بحثا ً موسعا ً بعدة
حلقات عن افراهاط الفارسي الحكيم . وفي عام 2000 نشر بحثا ً اخر في المجلة ذاتها
عن الرائد القومي الاشوري نعوم فائق ( 1868- 1930 ) . وفي عام 2004 نشر في ( حويودو
) ايضا ً مقالة اخرى عن شخصية اشورية ماردينية من القرن السابع عشر هي الشماس مراد
يوسف قندقجي ( 1649 – 1731 ) . و في عام 2005 نشر مقالة مذهلة في ( حويودو
) ايضا عن شخصية نسائية رهاوية بعيدة عن زماننا من القرن الثاني الميلادي هي (
سالومة بنت فيتئل آشور ) المتوفاة في ايلول عام 125 م . والمترجم لها هي من "
بطلات الجيش الاشوري الذي كان تحت إمرة افراهاط بن يعقوب اشخانا و مركز قيادته في مدينة الرها".
يحيلنا الكاتب في ذيل المقالة على مصادره المخطوطة المذهلة هي الاخرى المحفوظة لدى
بعض العشائر الاشورية و العربية و الكردية واليزيدية و التركية و الفارسية ,
شاهدها بأم عينيه خلال جولاته و رحلاته
في سوريا و العراق ولبنان و الاردن و تركيا و ايران مثل ( تاريخ الرها و امد و
ماردين ) للشماس أداد سنحاريب ( بالسريانية ) و ( زهرة العشائر السريانية و
الكردية ) لشتينو اوزال , و ( جغرافية الممالك الارامية ) للقس ميخائيل عيناداب , و
مصدر مطبوع هو ( علماء الادب السرياني ) للراهب عبد النور الامدي ( ماردين 1718 ) .
وفي تعقيب على المقالة لرئيس تحرير ( حويودو) الاستاذ
ميخائيل ممو
يقول مشيدا ً: " لا يسعنا في هذا المجال التوثيقي النادر الذي يسعفنا به
زميلنا الباحث عبد الاحد جلو الا ان نثمن جهوده القيمة و همته العالية و دأبه
الحثيث بتسليطه الضوء على أسماء نادرة لم نجد لها ذكرا ً في نتاجات أدابنا
المعاصرة , وكان لها وقعها في تاريخ أبناء شعبنا في القرون الأولى بعد بزوغ فجر
المسيحية".
وفي
عام 2006 نشر مقالة اخرى في ( حويودو ) ايضا ً عن شخصية نسائية نوهدرية ( نوهدرا –
دهوك ) من القرن السابع الميلادي هي (
الشماسة هيلانة بنت شمعون اسرحدون 611 – 697 م ) . يقول الكاتب : "
عندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها أرسلها والدها لدى خالها الملفان (آشور آل ممو )
في منطقة القوش لرقي مدارسها انذاك في علوم السريانية" . ثم يقول: " وفي
ربيع عام 630 م عادت إلى منطقة سكناها في نوهدرا فشمرت عن ساعديها لتعليم ابناء
قريتها علوم الادب و التاريخ . وقالت في احدى خطبها بين اهالي نوهدرا والقرى
المتاخمة صباح عيد الفصح العظيم " علينا جميعا ً نحن ابناء نوهدرا ان نقدم كل
ما لدينا من جهد وعطاء لاجل خدمة اطفالنا و شبيبتنا الاشورية بجميع قبائلها دون ان
نضع حواجز بين فئة واخرى . وتواصل القول
في عبارة بليغة " كلنا امة واحدة , احفاد من وضع اسس دولة اشور التي دوخت
العالم بالقوة و الحضارة و المعرفة ". وفي
عام 2005 نشر مقالة مذهلة اخرى عن شاعرة القوشية مجهولة ومعمرة من القرن الرابع
عشر الميلادي هي ( ايسيغا ايلاني 1350 –
1459 م ) يقول الكاتب : " هي ايسيغا بنت ميخائيل ايلاني من مواليد بلدة القوش
سنة 1350 م و ان اصلها العائلي هو من قبيله اودو ( حكيم ) . ثم يقول : " بدت
على ايلاني تباشير الفطنة والذكاء و العبقرية منذ نعومة اظفارها حيث انطلق لسانها
وهي تتكلم عبارات مؤثرة و كأنها شاعرة
حكيمة و كاتبة جديرة بالتقدير والوقار". ثم يقول : " احرزت ايسيغا قسطا
ً واسعا ً من علوم الدين من خلال دراستها الناجحة في المدارس , اضافة لإلمامها
بعلوم اللغات السريانية والعربية واليونانية والفارسية. كما ونالت قليلا ً من اللغة الروسية
على ايدي آل ( خوشو ) الذي ينسبون إلى جدهم الروسي الاصل والمعروف بأسم ( ميخائيل
تشرشينكو ) حيث هاجروا من روسيا إلى قرية ( آشوت ) من اعمال منطقة جيلو بالعراق
وذلك سنة 141 ق.م و في عام 311 م نزحوا إلى بلدة القوش". ويقول الباحث: " في ربيع عام 1377 ذهبت مع شقيقها (
اورنامو ) إلى مدينة نينوى ( الموصل ) ليصار إلى كسبهم مزيداً من علم اللاهوت في
المدارس العليا , وبعد ستة اشهر عادا إلى منزل والديهما بالقوش". ويقول كان لها " دورها الناشط في (جمعية
نمرود الثقافية) التي أسسها الكاتب و المؤرخ ( هرمز بانيبال نعمان آل جيلو 1307 –
1396 م) من القوش " . ثم ينقل لنا الكاتب وصفا ً للمؤرخ صموئيل زيا في كتابه السرياني
المخطوط ( قبائل آشور – ارام – ارفكشاد ) يصف فيه ايسيغا بالقول : " ناضلت
البطلة المثقفة ايسيغا ايلاني نضال الابطال بسلاحها وقلمها إذ علمت اجيالاً من
الشباب والفتيات حتى غدت مربية للشبيبة بعلمها و صمودها و وقوفها إلى جانب حقوق المرأة في المجتمع
الاشوري , فاصبحت امثولة لجميع فتيات القوش , كما ارست قواعد الفكر القومي في قلوب
قبائلها " . ثم يحيلنا الكاتب إلى مصادره المخطوطة النادرة مثل مخطوطة
بالسريانية للشماس بتيو يوسف آل ككا في القوش 1381 م يقول الكاتب " شاهدتها اثناء لقائي
بالمدعو خوشابا عمانوئيل بدمشق بتاريخ 30 آب 1962 " . ومخطوطة ( الكنز الكبير
للقبائل الاشورية ) لدانيال هارصو عواد ( كركوك 1463 ) . كما يحيلنا الكاتب إلى
مجلة نادرة مجهولة كانت تصدر في تكريت بأسم ( الشرق ) لعام 1821 م لمحررها صليبا
جرير.
وفي
عام 2004 نشر في مجلة ( رنيو حيرو ) السويدية, وجريدة ( نيشا) العراقية
مقالة مهمة ايضا ً عن شخصيه صحفية مذهلة ماردينية من القرن السادس عشر هي ( سعيد
حمورابي ملكي آل جوخجي 1506 – 1599 م ) . إذ يذكر بأن الناشط القومي سعيد جوخجي
اصدر في عام 1530 م بماردين مجلة قومية رائدة بأسم ( بيث نهرين ) مسطرة في
كتابة اليد , يساعده فيها شقيقه الملفان ارشنجال وشقيقته ايلونا باللغات السريانية
و العربية والتركية . كما اصدر بعد سنتين في عام 1532 في تكريت مجلة رائدة اخرى هي
( صوت اثور وآرام ) باللغات
السريانية و العربية والفرنسية , والتي دامت سنتين و توقفت لأسباب مالية . ان ما ذكره
الباحث جلو استناداً إلى مصادر خطية نادرة مثل ( السريان في طور عبدين 1400 – 1600
) لحنو قادان و ( مذكرات ) الشماس كوريا خوشابا الحسكي يجعلنا نتوقف طويلا ً امام
هاتين الصحيفتين الرائدتين إلى جانب مجلة ( الشرق ) المذكورة قبل قليل,
بحيث نعيد أرخنة صحافتنا السريانية أو الاشورية أو السورثية ونؤخر ترتيب صحيفة (
زهريرا دبهرا ) الصادرة في اورمية الايرانية عام 1849م إلى سياقها التاريخي الصحيح , والتي كانت تعد
حتى هذه اللحظة باكورة صحافتنا القومية , كما ذكرت ذلك في مناسبات سابقة . ان
صدور مطبوع في تركيا ثم في العراق في ذلك الوقت المبكر ليس بدعة أو خيال , إذ بعد
اختراع المطبعة من قبل غوتنبرغ في ماينز بالمانيا عام 1445م استقبلت تركيا الطباعة
في فترة مبكرة قبل غيرها من بلدان الشرق . يقول خليل صابات في كتابه ( تاريخ
الطباعة في الشرق العربي ) القاهرة 1958 : "عرفت تركيا الطباعة قبل غيرها من
بلاد الشرق الادنى و الاقصى و بعد اختراعها بحوالي اربعين سنة وإلى اليهود
المقيمين في الأستانة يعود فضل ادخال الفن المطبعي إلى تلك المدينة " . كما
يؤكد نزهت سليم في كتابه ( تاريخ الطباعة في تركيا ) نقلا عن أورام غالانتي في
مؤلفه ( الاتراك و اليهود ) : " ان اليهود اتوا إلى تركيا من اسبانيا
بمطبعتهم عام 1492م " . ( أنظر د.خالد عزب و احمد منصور , الكتاب العربي
المطبوع , القاهرة 2009) . علماً
أن كوريا عرفت الطباعة بالحروف المعدنية المتحركة قبل غوتنبرغ بحوالي قرنين من
الزمان , كما يؤكد المصدر السابق , وايضاً مجلة ( رسالة اليونسكو ) العدد
211 ( شباط ,1979 ) .
خامساً: نتف تنشر للمرة الأولى : والأن وتتويجا ً لكل ما تقدم ننشر ادناه نتفتين ثمينتين لشخصيتين القوشيتين
من القرنين الثالث والرابع الميلادي بعثهما الي االكاتب في رسالة خاصة مؤرخة في
24/3/2011 .
الشاعرة والمعلمة بابل بنت
خوشو( ؟ - 298 م )
من مواليد
مدينة القوش العراقية من عشيرة ( نغو ) الآشورية, والدتها تدعى مريم من عشيرة ممو
الآشورية من مدينة تكريت . كانت المترجمة لها من المعلمات النشيطات والبطلات في
القوش .توفيت سنة 298م و دفنت بساحة كنيسة ماراسطيفانوس الشهيد بالقوش .(1)
تعليق : من
هذه النتفة البعيدة عن زماننا نستنتج بأنه كانت هناك في القوش كنيسة بأسم ( مار
اسطيفانوس الشهيد ) أي قبل قدوم مارميخا النوهدري ( 309 – 429 ) شفيع البلدة إليها
عام 414 م . (لاسو) .
الرسام انكيدو بيل
( 308 – 418 م )
ولد الفنان
أنكيدو بن بيل من قبيلة (شكوانا) الآشورية سنة 308م في مدينة القوش الواقعة في
بلاد أشور ما بين النهرين . والدته تدعى عشتار بنت خوشابا من عشيرة برحذبشبا من
مدينة بابل , وزوجته تدعى لريسام من عشيرة بدي أصلاً قرية باشبيتا العراقية .
علم أنكيدو مئات من فتيات و فتيان القوش و غيرها من
القرى المجاورة فن الرسم اليدوي على الحجارة وجلود الحيوانات والنحت الحجري . وله عشرات
الأعمال الفنية من نقوش جدران الكنائس والمعابد المسيحية وصور وهياكل حجرية لملوك
أشور وسومر القديمة , وهياكل للعديد من آباء الكنيسة المسيحية . توفي الفنان
أنكيدو سنة 418 م بالقوش . (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القبائل الأشورية في بلاد مابين النهرين : ليونادم أوشيا 1311م أنطاكيا – سوريا ( مخطوط بالسريانية ) .
(2) المصدر السابق , ص 57 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق