الأربعاء، 10 فبراير 2021

اليعقوبي ........المؤرخ والجغرافي الكبير



 اليعقوبي ........المؤرخ والجغرافي الكبير

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس – جامعة الموصل
لعل من ابرز ما كان يميز عصر الحضارة العربية الاسلامية النزعة الموسوعية التي كان يتميز بها العلماء فترى الطبيب الفيلسوف والفلكي والمؤرخ الجغرافي والشاعر السياسي وهكذا .
وبين يدي كتاب طبع سنة 1980 ببغداد بعنوان ( اليعقوبي المؤرخ والجغرافي ) صدر عن وزارة الثقافة والاعلام العراقية - دار الرشيد للنشر . والكتاب بالأصل رسالة ماجستير قدمها الاستاذ ياسين ابراهيم علي الجعفري بإشراف المؤرخ المصري الكبير الاستاذ الدكتور علي حسني الخربوطلي .
كان احمد بن احمد بن ابي يعقوب اسحق بن وهب بن واضح الاخباري العباسي المعروف باليعقوبي ، والمتوفى في حدود سنة 292 هجرية -905 ميلادية من اعلام الجغرافية والتاريخ العربي يعرف كذلك ب(ان الواضح ) ، وهو من مؤرخي العصر العباسي الثاني ، وهو من مواليد بغداد وكان والده موظفا كبيرا في دائرة البريد في حين كان جده حاكما على مصر وقد عاش لفترة في ارمينيا وخراسان ايام الدولة الطاهرية وبقي حتى سنة 873 ميلادية ومن المؤكد ان وجوده في تلك الاماكن ساعداه على توطيد مركزه مما شجعه على معرفة تلك الاماكن والكتابة عنها بعد حصوله على المعلومات كشاهد عيان وهذا ما اعطى لكتاباته قيمة حقيقية من حيث دقتها وقيمتها العلمية .
لليعقوبي كتاب (البلدان ) ومن كتبه (مشاكلة الناس لزمانهم )وكتاب (في اسماء الامم السالفة) .ويذكر المؤلف ان اليعقوبي انفرد بمنهج واسلوب جديد في البحث ميزه عن غيره والمؤلف تحدث عن حياة اليعقوبي وعصره وآثاره ومصادره وشيء جميل ان يقول المستشرق فرانز روزنثال ان (فكرة ) اليعقوبي التاريخية جاءت قريبة جدا من الافكار التاريخية الحديثة وقال المستشرق مارغليوث ان اليعقوبي كان يتبع المنهج العلمي التاريخي ، وكان بنظر المستشرق كراتشكوفسكي مجددا في علم الجغرافية ، حتى ان البروفيسور الهندي نفيس احمد وصفه بأنه (أبو الجغرافية العربية) .
دائما اقول ان هناك من الف كتبا في الجغرافية لغايات قسم منها ذو طابع سياسي استخباري ، فهو مكلف بتقديم دراسات تفيد صانع القرار واليعقوبي كان عباسيا تقلد مناصب مهمة منها انه عمل واليا على ارمينيا وواليا على اذربيجان في عهد المنصور وفي عهد المهدي عين واليا على مصر وكان من الطبيعي ان يكتب في التاريخ وفي الجغرافية .
مما يجب ان نذكره ان البلداني محمد بن حوقل كان يعتبر اليعقوبي استاذا له ولم يكن ابن حوقل وحده يعتبره استاذا بل كثير من البلدانيين والمؤرخين كانوا يعدونه كذلك منهم ابن الفقيه وابن رسته والمسعودي والاصطخري والمقدسي فاليعقوبي – بحق – كان استاذا كان ابن حوقل يقول عنه انه معلما جغرافيا للمسلمين بسبب ما كان يتمتع به من رجاحة عقل وسعة اطلاع وثقافة متنوعة شاملة كان موسوعيا في توجهاته ولم يكن يحصر نفسه في زاوية علم معين وضيق .
كان اليعقوبي خبيرا في الجغرافية كما كان خبيرا في التاريخ وكان عندما يسافر الى بلد يبقى فيه لفترة يدقق ويحقق ويبحث ويسأل سافر الى فارس والهند وارمينيا والشام ومصر والمغرب والاندلس .
وفيما يتعلق بمنهجه التاريخي اقول انه وصل الى حقيقة ثبتت صحتها في ايامنا هذه وهي ان ان الجغرافية توجه التاريخ وكبلداني جغرافي اهتم بالتاريخ وربط بينهما فالتاريخ اقصد احداث التاريخ تحتاج الى مسرح لهذا قسم الممالك وفقا للبعد الجغرافي والبعد التاريخي فابتدأ من الامم القديمة وتاريخ اليمن القديم وماقبل الاسلام وظهور الاسلام والرسالة والتاريخ الراشدي والاموي واخيرا العباسي .
وتشير بعض المصادر التاريخية المتداولة الى ان اليعقوبي كتب دون اسناد ودون ان يشير الى الرواة وكان يهتم بالخبر اكثر من اهتمامه بمن نقله فهو نفسه مصدر وهو نفسه شاهد عيان .لكن اليعقوبي وهو ينتهج هذا المنهج لم يتخلى عن النقد القائم على التحليل والمقارنة والاستنتاج فقال ان تاريخ فارس غني بالاساطير لذلك لابد من الحذر عند روايته وقال ان كثيرا من هذه الاساطير تسربت الى كتابات العرب والمسلمين واعتمد اليعقوبي على ما ورد في التوراة أي العهد القديم وخاصة ما يتعلق بأصول التاريخ البشري والانبياء كما اعتمد على الانجيل أي العهد القديم واعتمد على القرآن الكريم .
• كان اليعقوبي علوي الهوى تحامل على الامويين واعتمد على المؤرخين الذين كتبوا ضدهم وهنا يتهم البعض من المؤرخين المعاصرين اليعقوبي انه كان مؤرخا منحازا لكن الدكتورة شيخة احمد الخليفي اجرت دراسة على منهج اليعقوبي التاريخي سنة 2001 وبعنوان ( اليعقوبي والعصر الاموي في كتابه تاريخ اليعقوبي ) ، نشرت في مجلة مركز الوثائق والدراسات الانسانية في الدوحة بدولة قطر عدد 2001
وقالت ان اليعقوبي انطلق في كتابة التاريخ من زاوية عصره ومن تكوينه الفكري وهذا ديدن الكثير من الكتاب في عصره وكان اليعقوبي يعرف ما كان يشهده العالم الاسلامي من صراعات مذهبية وسياسية وهو عندما كتب حاول ان يجعل القارئ يشعر باستبداد وظلم بنو امية وتصرفهم كملوك وليسوا خلفاء كما يدعون .
من مؤلفات اليعقوبي (تاريخ اليعقوبي ) وكتاب (البلدان) وكتاب (اخبار الامم السالفة ) وكتاب ( فتح افريقية ) وكتاب (المسالك والممالك ) وكتاب ( مشاكلة الناس لزمانهم ) .
توفي اليعقوبي في حدود سنة 292 هجرية أي 905 ميلادية . رحمة الله عليه وجزاه خيرا وللكتابة عنه لابد من العودة ايضا الى كتبه ومؤلفاته وخاصة كتابه (البلدان ) .كما لابد من العودة الى كتاب (معجم الادباء ) لياقوت الحموي وما كتبه عنه الاستاذ محمد فارس في (موسوعة علماء العرب والمسلمين ) . وكتاب اليعقوبي الموسوم ( تاريخ اليعقوبي ) نشر بتحقيق الاستاذ عبد الامير مهنا ببيروت كما نشرته المكتبة الحيدرية في النجف .ولابد من الرجوع الى ما كتبه الاستاذ شحادة بشير بعنوان ( اليعقوبي ..المؤرخ والجغرافي صاحب الاسفار ) في الموقع الالكتروني التالي ورابطه : https://www.taree5com.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....