اسحاق الموصلي ..الموسيقار الموصلي الكبير 742-804
ميلادية
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة
الموصل
من ابرز الموسيقيين العرب الذين اضافوا
الكثير للمدرسة الموسيقية العربية والاسلامية ولد سنة 742 ميلادية ، وعاش منذ صغره في الموصل ، وتوفي في بغداد سنة 804 ميلادية ، وسيرته
وما كتبه عنه ابو الفرج الاصفهاني في كتابه الموسوعي (الاغاني ) يعطينا فكرة واضحة عن هذا الموسيقار
الشهير والذي ذاع صيته في كل ارجاء الدنيا وكان قريبا من الخليفة العباسي الكبير
هارون الرشيد والذي نادمه وغنى له حتى ان هارون الرشيد كناه بأبو صفوان وهو الذي
كان يسميه اهل الموصل ابن النديم الموصلي وليس كما يقال في بعض المصادر فهو عربي
قح وهو من قبيلة تميم العربية العريقة وكان والده ابراهيم بن نُسك الموصلي وكان ولده ابراهيم ......
والده ابراهيم تميمي أرجاني واسحق الموصلي لم يكن موسيقارا فحسب بل كان اديبا
اخبارا يروي اخبار التاريخ وكان عالما واديبا
وتشير المدونات التاريخية التي اعتمدناها في الحديث عنه الى انه كان راوية للأخبار
منشدا للقصائد له معرفة بالفلسفة وعلم الكلام ، وكان عازفا ماهرا على آلة العود
وكان جميل الصوت يغني باللغتين العربية
والفارسية واسرة اسحاق الموصلي كلها عرفت واشتهرت بالموسيقى وتخصصت بالعزف على
العود واختراع الالحاق .لم يكن مقلدا لغيره من المغنين بل كان اصيلا في غناءه وكان
معظم ما يغنيه من القصائد المشهورة لكبار الشعراء العرب واسحاق كان يسمى اسحاق
المغني وقد تفوق على زملاءه من المطربين ومنهم (سناط ) و(فيلح بن العوراء ) . وقد اشار
ابو الفرج الاصفهاني في كتابه : (الاغاني ) الى ان الغناء كان " أصغر علوم
إسحاق وأدنى ما يوسم به، وإن كان الغالب عليه وعلى ما يحسنه، فهو الذي صحح أجناس
الغناء" أي ضروب وانواع الغناء المعروفة في عصره . ومن المناسب القول ان
الخليفة المأمون بن هارون الرشيد قال لولا انه قد اشتهر بالغناء لوليته القضاء
لعلمه وسعة افقه وعدالته ونزاهته وعفته وامانته .
كان اسحاق الموصلي يمتلك مكتبة غنية بالكتب،
وكان قارئا نهما حتى انه اصيب بالعمى
اواخر عمره وقيل قبل سنتين من وفاته ومن شعره :
يا سرحة الماء قد سدّتْ
موارده
أما إليك سبيلٌ غيرُ مسدود
لحائمٍ حامَ، حتى لا حوامَ به
مُحَلأ عن سبيل الماء مطرود
ينقل الاستاذ
عبد الله محمود حسين في مقال له في (الموسوعة العربية ) عن كتاب (الاغاني)
أن الأصمعي دخل مع إسحاق الموصلي يوماً على الخليفة هارون الرشيد فرأياه ضيق النفس
ـ فأنشد إسحاق:
وآمرةٍ بالبخل قلتُ لها اقصري
فذلك شيءٌ ما إليه سبيلُ
أرى الناسَ خِلاّنَ الكرامِ ولا أرى
بخيلاً له حتى المماتِ خليلُ
وإني رأيت البخل يُزري بأهله
فأكرمتُ نفسي أن يُقالَ بخيلُ
ومن خير حالات الفتى لو عَلمْته
إذا نالَ خيراً أنْ يكونَ يُنيلُ
فِعالي فِعالُ المكثرينَ تجمّلاً
ومالي كما قد تعلمينَ قليلُ
وكيف أخافُ الفقرَ أو أُحرمُ الغِنى
ورأيُ أمير المؤمنينَ جميلُ
فرد الخليفة هارون الرشيد على ذلك بالقول :" لا تخف إن شاء
الله" ، ثم قال: " لله درُّ أبياتٍ تأتينا بها، ما ألذَّ أصولها، وأحسن
فصولها، وأقلَّ فضولها"، وأمر له بخمسين ألف درهم، فقال له إسحاق: " وَصْفُكَ
والله لشعري أحسن منه، فعلام آخذ الجائزة؟" فضحك الرشيد، وقال: " اجعلوها مئة ألف
درهم، قال الأصمعي: فعلمت يومئذٍ أنَّ إسحاق أحذق بصيد الدراهم مني!" .
عندما توفي اسحاق الموصلي شيع تشييعا مهيبا
في بغداد حتى ان الخليفة المأمون صلى عليه وهذا دليل على ما كان يتمتع به من
احترام وتقدير .
ترك
اسحاق الموصلي قرابة (900) لحنا موسيقيا
وغنائيا وقد قيل انه كان يمزج او يزاوج في
موسيقاه بين الطرب والصفاء الروحي بمعنى انه كان يؤثر ويتلاعب في المشاعر ولم يكن
في موسيقاه تقليديا قديما بل كان مبتكرا واصيلا
. رحم الله اسحاق الموصلي وجزاه خيرا على ما قدم للموسيقى العربية الاصيلة
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق